تزداد مظاهر تفكك الدولة يوما بعد اخر، في ظل غياب حلول او اجراءات حاسمة في معظم الملفات العالقة رغم كل الحوارات الجامعة والثنائية، والتي يتخوف كثيرون من ان لا تبلغ نهايتها السعيدة في ظل وضع اقليمي متوتر، رغم تأكيد الرئيس نبيه بري بان الحوار ممنوع من الفشل. وفي ظل التأزم الواضح محليا، يتجه رئيس الحكومة تمام سلام الى عدم دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد اذا لم ينفذ شيء من خطة النفايات والتي يؤكد الوزير وائل ابو فاعور ان كل الاطراف وافقوا عليها، مستغربا عدم سلوكها طريق التنفيذ.
وفيما يعتبر متابعون ان موافقة "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" على الخطة جاءت شكلية وهي مرتبطة بترقية العمداء الستة الى رتبة لواء، نفى التيار هذا الربط وقال الوزير السابق غابي ليّون لـ"المركزية" ان "التيار" لا يتصرف هكذا، ونحن ندحض هذه التحليلات ونرفضها. النفايات موضوع آني بيئي يضر كل المواطنين، والابتزاز ليس من نمط تعاطينا كفريق سياسي ولا من شيمنا"
لكن كل الكلام الجميل لا ينفي ان النفايات في الشوارع ولا قدرة للحكومة حتى اليوم على تطبيق قراراتها بفتح مطامر في مناطق عدة في ظل تحركات شعبية رافضة لكل شيء، تعددت معها اهداف التحركات في الشارع وتشتت الاهداف ودخلت عليها احزاب . امس عقدت لجنة متابعة "حراك 29 آب" مؤتمرا صحافيا رفضت فيه خطة الوزير اكرم شهيب للنفايات ولاحظت ان "تدابير الفترة الإنتقالية جاءت مخالفة للخطة المعلن عنها"، وطالبت باعلان حال الطوارئ البيئية، مشيرة الى ان "خطة شهيب عادت لتعتمد على المطامر من دون فرز، وكأن الحكومة لم تتعلم من تجربة مطمر الناعمة القاسية ، كما ان اختيار المطامر بالخطة يستهدف المناطق الاكثر اهمالا وفقرا، مقابل رشوتها".
وفي الشارع ايضا حراك تحت عنوان "جايي التغيير" عمل على ازالة السياج الشائك حول منطقة الدالية قبالة صخرة الروشة ودخول المعترضين الى الشاطيء. وقدعمل هؤلاء على "اقتحام" منطقة "زيتونة باي" فادخلوا معهم مأكولاتهم وافترشوا الارض عند الرصيف الخشبي قبالة اليخوت لتناولها، في مشهد استفز كثيرين من رواد المنطقة والمتابعين عبر الاعلام، وقد حاول قائد شرطة بيروت ثنيهم عن الخطوة بالاقناع، وعندما فشل رضخ للواقع تنفيذا لاوامر وزير الداخلية بعدم التصادم مع المعترضين. وتحدث مصدر امني لـ" النهار" فقال ان القوى الامنية لا تريد المواجهة شرط ان يلتزم المتظاهرون عدم التعرض للاملاك العامة والخاصة، وهم لم يعمدوا امس الى التخريب، ما فعلوه عدم التزام قوانين حددتها شركة خاصة للمنطقة التي تديرها، وقد وافقت ادارتها على دخولهم من دون القيام بأعمال شغب، وهو ما تم الاتفاق عليه مع المشاركين في الحملة".
وقال مصدر متابع " ان الحراك يقوم بدفع من الحزب الشيوعي اللبناني، وهو لا يحظى بدعم من جهات اخرى. وهذا الدعم لا يفيد كثيرا في اطالة امد الحراك لانه يسبغ عليه طابعا سياسيا لا مطلبيا". وسأل " اليس من املاك بحرية مصادرة على طول الشاطيء اللبناني او معتدى عليها بحكم التوسعة والردم واستعمال مساحات اضافية وتجاوز حد الاستثمار، ومنها استثمارات لشيوعيين؟".
وفي الاطار الامني ايضا، سجل اعتداء على حرم مطار رفيق الحريري الدولي، بعدما حاول عدد من الاشخاص من ال السبع، الدخول عنوة الى مكتب رئيس مصلحة الجمارك في المطار سامر ضيا، في الحرم الجمركي، في محاولة للاعتداء عليه، اثر ضبط الجمارك ألبسة مهربة من تركيا، كانوا يحاولون امرارها ببيانات مزورة. وتدخلت دورية من الجيش وقبضت على اثنين منهم، وتم حجز البضاعة التي كانوا يحاولون تهريبها. واستدعت الحادثة اتصالات سياسية تولاها وزير المال علي حسن خليل بالتنسيق مع وزير الداخلية نهاد المشنوق.
"حراك 29 آب" يرفض خطة شهيب
أعلنت لجنة متابعة "حراك 29 آب" رفضها خطة وزير الزراعة أكرم شهيب التي أُقرّت أخيراً في مجلس الوزراء، فقد توقف الحراك في مؤتمر صحافي عند بعض الايجابيات الواردة في قرار مجلس الوزراء وأهمها "وقف عقود معالجة النفايات وطمرها مع الشركات المشغلة، تثبيت حق البلديات ولو مؤجلة، توزيع أموال الخليوي على البلديات ولو لفظيا، التأكيد على سقوط صفقة المحاصصة...ومن أهمّ الايجابيات التي تمّ التراجع عنها: الفرز عند المصدر والإسراع في إقرار مشروع القانون المتعلق بالإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة وتحرير جميع أموال البلديات من دون إستثناء. وهذا الأمر يؤكد أن ايجابيات الخطة لم تكن الا خدعة وقناعاً أبيض لتضليل الرأي العام تمهيداً للتراجع عن الايجابيات ونسف بشكل شبه كامل".
الا ان الحراك سجل اعتراضات عدة، فبحسب البيان "الحكومة اعتمدت أسلوب المراوغة من خلال التمسّك بمدّة انتقاليّة تصل الى 18 شهراً. فبعد إعلان موافقتها على عناوين وتوجهات الخطة لجهة مبادئ اللامركزية في معالجة النفايات (وكلها أصلا مبادئ نص عليها قانون البلديات الساري المفعول منذ 1977)، منحت نفسها فترة سماح طولها 18 شهراً للإلتزام بها، بدل أن تعلن خطة طوارئ للمسارعة في تنفيذها."، مضيفاً ان المقررات لم تقم أي اعتبار للبيئة، وأضرت بها في جوانب عدة مما يعرض صحة اللبنانيين للخطر، فقد اعتمدت مجددا طريق المطامر من دون فرز.. كما تم اختيار اماكن المطامر يستهدف المناطق الأكثر إهمالا وفقرا والمقرّرات خلتْ من أي التزام بمبدأ الفرز عند المصدر أو بأيّ خارطة طريق لضمان تطبيق هذا المبدأ .. كما امتنعت الحكومة عن أي إشارة الى مشروع القانون المتعلق بالادارة المتكاملة للنفايات الصلبة".
وأشار الحراك الى أن المقررات أبقت حقوق البلديات وصلاحياتها هشة خلافا للقوانين الضامنة لها، كما افسحت مجالا واسعا للاحتكار وهدر المال العام"، معتبراً أن "مقرراتها عكست استهتارا بشأن العاملين في الشركات المشغلة، الذين يبلغ عديدهم الآلاف".
|