أعلنت الحكومة السورية أمس، وصول طائرتي شحن روسيتين تحملان أطناناً من «المساعدات الإنسانية للشعب السوري» إلى مطار في محافظة اللاذقية الساحلية، بعد يوم واحد من تأكيد الرئيس باراك أوباما أن الدعم الذي يقدّمه الروس الى الرئيس بشار الأسد «محكوم عليه بالفشل». واستضافت برلين ليلة السبت اجتماعاً لثلاثة وزراء خارجية أوروبيين مع نظيرهم الروسي سيرغي لافروف قال ديبلوماسيون إن سورية ستكون محوراً أساسياً على جدول أعماله، إلى جانب الأزمة الأوكرانية.
في غضون ذلك، تواصلت المواجهات على مختلف الجبهات في سورية، وسُجّل سقوط عشرات القتلى في قصف استهدف دمشق ومعارك في غوطتها الشرقية وقرب مدينة الزبداني على الحدود اللبنانية، فيما استمر هجوم تنظيم «داعش» على مواقع القوات الحكومية في مدينة دير الزور ومطارها العسكري بشرق البلاد، وسُجّلت حشود للتنظيم في محافظة الحسكة القريبة وسط توقعات بهجوم وشيك على مدينة الحسكة التي تتقاسم السيطرة عليها القوات النظامية و «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وأكد ناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية أن اجتماع برلين سيناقش على الأرجح الملف السوري، على رغم أن محوره الأساسي الأزمة الأوكرانية. ويضم الاجتماع وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير ونظيره الفرنسي لوران فابيوس ونظيره الروسي سيرغي لافروف، إضافة إلى وزير الخارجية الأوكراني.
وقال فابيوس عشية الاجتماع إنه سيستوضح لافروف عن نيات موسكو من إرسالها مساعدات عسكرية وإنسانية إلى نظام الأسد، علماً أن الروس كرروا في الأيام الماضية أنهم يعتبرون الجيش السوري طرفاً أساسياً في قتال «داعش» ودعوا الدول الغربية إلى التنسيق معه في مهمة مكافحة هذا التنظيم المتشدد الذي يسيطر على أرجاء واسعة من سورية والعراق، وهو أمر ترفضه العواصم الغربية.
ميدانياً، قُتل 11 شخصاً وجرح 20 آخرون إثر سقوط قذائف أطلقتها المعارضة على حي الدويلعة في دمشق، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» السبت. أما وكالة الأنباء السورية «سانا»، فأشارت إلى مقتل أربعة وجرح 25 في حي الدويلعة وإلى سقوط قذائف أخرى على أحياء القصاع وباب توما والقيمرية والحميدية ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 12. ويأتي قصف المعارضة على دمشق في ظل معارك عنيفة في عدرا في الغوطة الشرقية حيث يقع سجن دمشق المركزي، والذي تمكن فصيل «جيش الإسلام» من اقتحام أجزاء منه. وذكر «المرصد» أن ما لا يقل عن 15 من قوات النظام و9 من المعارضة قُتلوا في معارك عدرا ومنطقة تل كردي القريبة.
وفي الزبداني على الحدود مع لبنان، تحدث «المرصد» عن مقتل 12 من قوات النظام وحلفائه بينهم 5 على الأقل من «حزب الله» اللبناني، في حين قُتل ما لا يقل عن 8 من «الفصائل الإسلامية وجبهة النصرة».
وفي شرق سورية جرت «اشتباكات عنيفة» بين «داعش» وقوات النظام في منطقة تل الجحيف وبلدة عياش بريف دير الزور الغربي، وفي محيط مطار دير الزور العسكري الذي يشن «داعش» منذ أيام هجمات متواصلة للسيطرة عليه.
وأوردت وكالة «مسار برس» المعارضة من محافظة الحسكة أن تنظيم «داعش» سيطر أمس على المدرسة الدولية وحاجز أبيض جنوب غربي مدينة الحسكة إثر «هجوم مباغت» شنه ضد مواقع الجيش النظامي. وتابعت أن التنظيم شن أيضاً هجوماً على وحدات الحماية الكردية و «جيش الصناديد» جنوب الحسكة وتمكن من تحقيق تقدم في اتجاه حاجز «صباح الخير». وتابعت «مسار برس» أن «مدينة الحسكة تشهد حالة من الارتباك والفوضى بسبب ورود أنباء عن عزم تنظيم الدولة اقتحام المدينة»، علماً أن «داعش» كان بالفعل قد اقتحم المدينة واستولى على أحياء عدة فيها قبل أن يُضطر إلى الانسحاب خارجها بفعل غارات طائرات التحالف لمساعدة القوات الكردية، إضافة إلى استقدام النظام تعزيزات عسكرية من خارج الحسكة.
وأعلنت «حركة أحرار الشام الإسلامية» أمس تعيين مهند المصري (أبو يحيى الحموي) قائداً عاماً لها خلفاً لجابر الشيخ (أبو جابر) الذي انتهت فترة ولايته ورفض تمديدها.
طائرتي «مساعدات إنسانيّة» إلى اللاذقيّة
ذكرت وسائل إعلام رسمية في سورية، أن طائرتين روسيتين تحملان 80 طناً من المساعدات الإنسانية، وصلتا إلى مطار بمدينة اللاذقية أمس السبت.
وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا)، على موقعها: «وصلت طائرتان روسيتان اليوم، إلى مطار الشهيد باسل الأسد الدولي في اللاذقية، تحملان على متنهما 80 طناً من المساعدات الإنسانية مقدّمة من دولة روسيا الاتحادية إلى الشعب السوري».
ووصلت الطائراتان الروسيتان بعد يوم من قول الرئيس الأميركي باراك أوباما، أن زيادة تدخّل روسيا العسكري في سورية مؤشّر الى قلق الرئيس بشار الأسد ولجوئه الى المستشارين الروس لمساعدته. كما قال أوباما أن الولايات المتحدة ستتواصل مع روسيا، التي قد يساهم دورها العسكري في إجهاض أي حل سياسي تسعى إليه واشنطن من أجل إنهاء حكم الأسد.
وأضاف أوباما، في لقاء مع أفراد الجيش الأميركي في قاعدة فورت ميد العسكرية بولاية ميريلاند (شرق)، إحياءً لذكرى هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على نيويورك وواشنطن، أن الولايات المتحدة ستتواصل مع روسيا لتبلغها بأن دعمها للأسد «محكوم عليه بالفشل».
وتابع أوباما: «نتقاسم مع روسيا الرغبة في مكافحة التطرف العنيف». وأضاف: «إذا كانوا (الروس) مستعدين للعمل معنا ومع الدول الـ60 التي يتألف منها التحالف، عندها ستكون هناك إمكانية للتوصل الى اتفاق انتقالي سياسي» في سورية. ولفت الرئيس الأميركي الى «أن الخبر السيئ هو مضيّ روسيا بالاعتقاد أن الأسد شخص يستحق الدعم»، واعداً بنقل رسالة واضحة الى روسيا مفادها: «لا يمكنكم المضي في اعتماد استراتيجية آيلة الى الفشل».
وقال أوباما أيضاً أن الأسد شخص «مدمّر لشعبه»، وحوّل بلاده إلى منطقة تجذب «الجهاديين من كل المنطقة».
وكانت الولايات المتحدة أعلنت أن روسيا أرسلت خلال الفترة الأخيرة، عتاداً وجنوداً إلى منطقة قريبة من اللاذقية، حيث معقل الرئيس السوري غرب سورية. ونفت موسكو أن تكون عززت وجودها العسكري في سورية. إلا أن وزير الخارجية سيرغي لافروف، أعلن أن الطائرات الروسية المتوجّهة الى سورية تنقل أيضاً معدات عسكرية، إضافة الى المساعدات الإنسانية.
ودعت روسيا الجمعة، التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة، إلى التنسيق مع النظام السوري في توجيه الضربات إلى تنظيم «داعش».
أول مهمة للطيران الأسترالي فوق سورية
أعلنت وزارة الدفاع الأسترالية، أن الطيران الأسترالي قام بمهمته الأولى فوق سورية ليلة الجمعة - السبت. وكشفت كانبيرا عن هذا الأمر بعد أيام على إعلانها توسيع تدخّلها إلى أبعد من العراق، من أجل التصدّي في شكل افضل لتنظيم «داعش».
وأعلنت وزارة الدفاع الأسترالية في بيان، أن الطيران الأسترالي «قام بمهمته العملانية الأولى في سورية هذه الليلة، وعاد الى قاعدته في الشرق الأوسط». وأضافت: «لم يتم استخدام أي سلاح خلال المهمة».
وأوضح البيان أن الطائرات التي استخدمتها القوات الجوية الملكية الأسترالية هي طائرتا أف/ آي-18 آي هورنت، وطائرة - خزان كاي.سي-30 آي، وطائرة رادار آي-7آي.
وقال الجنرال ستو بلينغام، قائد السرب الأسترالي في الشرق الأوسط، أن طائرتي الهورنت كانتا تبحثان عن أثر لنشاط معاد في شرق سورية.
وأستراليا جزء من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة «داعش» في العراق، لكنها قررت هذا الأسبوع توسيع عملياتها الجوية الى سورية، مبررة هذا القرار بأن المتشددين لا يحترمون الحدود.
وكان رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت، قال لدى الإعلان عن توسيع العمليات الأسترالية: «لا يمكن التغلّب على داعش في العراق من دون التغلّب أيضاً على داعش في سورية».
وأوضح الجنرال بلينغام أن «داعش يسيطر على جزء واسع من الأراضي في شرق سورية، تُستخدم مصدراً للتجنيد والعائدات النفطية، وقاعدة يواصل منها أيضاً شنّ هجمات في العراق». |