التاريخ: أيلول ٥, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
خلافات تضرب غالبية الأحزاب المصرية
القاهرة – أحمد مصطفى 

عاد شبح الانقسامات الداخلية ليخيم على الأحزاب المصرية مع دخول الانتخابات التشريعية التي تنطلق الشهر المقبل مرحلة تلقي أوراق المرشحين، فيما أعلن حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية لـ «الجماعة الإسلامية»، مقاطعته الاستحقاق.

ولم تفلح حتى الآن محاولات ترميم التصدع التنظيمي لأحزاب في مقدمها «الوفد» الذي انقسم بين جبهة يقودها رئيسه السيد البدوي و «تيار إصلاح الوفد» بزعامة منافسه فؤاد بدراوي، وأعلنت الأخيرة المنافسة في التشريعيات منفردة. كما استمرت الخلافات في صفوف حزب «المؤتمر» الذي أسسه الديبلوماسي المخضرم عمرو موسى واستقال أخيراً نائب رئيسه صلاح حسب الله ومساعدو رئيس الحزب معتز محمد وتامر الزيدي وعدد من أمناء الحزب.

وتهدد الخلافات أيضاً حزب «الدستور» الذي أسسه نائب الرئيس السابق محمد البرادعي، على خلفية استقالة رئيسة الحزب هالة شكر الله، وما تبعها من استقالة الناطق باسمه خالد داود. كما لم يكن حزب «الحركة الوطنية» بزعامة المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، بمنأى عن الانقسامات الداخلية بين جبهتي نائب رئيس الحزب يحيى قدري وأمينه العام صفوت النحاس، وتوجت الخلافات بإعلان قدري استقالته من منصبه أول من أمس، عازياً قراره إلى «حروب داخلية حاولت أن أعبرها».

وقال قدري: «أديت دوري بالقدر المستطاع خلال المرحلة الماضية، وأصبح التواجد ليس له مدعاة»، مؤكداً أن شفيق «يزاول نشاطه في إدارة الحزب من الخارج وشكل لجنة لإدارة الحزب». وأعلن فشل مفاوضات اندماج «تحالف الجبهة الوطنية» الذي يقوده حزبه مع قائمة «في حب مصر» التي يقودها مسؤولون أمنيون سابقون وقريبون من الحكم، لتشكيل قائمة موحدة.

وتقدم رئيس الحزب «المصري الديموقراطي الاجتماعي» محمد أبو الغار باستقالته من منصبه، عازياً قراره في بيان إلى أنه «اتضح لي بعد تحمل مسؤولية صعبة في ظروف صعبة في مصر، أن تصوري لكيفية تقدم الحزب على أن تكون أيديولوجيته الواضحة هي الديموقراطية الاجتماعية وأن يكون حزباً كبيراً له شعبية ويكون له تمويل ذاتي معقول، أصبحت مستحيلة في ظل الخلافات المحتدمة».

وأوضح موجهاً حديثه إلى أعضاء حزبه: «لقد بذلتم جميعاً كل وفق قدراته ووقته شيئاً مفيداً للحزب، وقد حاولت أقصى جهدي أن أقوم برأب الصدع وشرحت وجهة نظري للجميع مرات عدة وبينت المخاطر الموجودة أمام الحزب، وكذلك قمنا مع بعض قيادات الحزب بإدخال شخصيات متميزة للعمل معنا وحاولت قدر الإمكان ونجحنا إلى حد ما في تحسين الوضع الاقتصادي للحزب بتبرعات من الأصدقاء والمعارف».

وأضاف: «دعوت أربعين شخصية قيادية من الحزب إلى اجتماع تشاوري شرحت فيه كل المشاكل التي واجهت الحزب منذ تأسيسه لمحاولة إيجاد حلول لفك الشللية الحزبية التي أدت إلى الاستقطاب وكثير من المشاكل، وتشكلت لجنة من زياد بهاء الدين وكامل صالح وحسين جوهر بذلت مجهوداً كبيراً لمحاولة حل المشاكل وتوصلت إلى اقتراحات محددة، لكن للأسف كانت هناك صعوبة في تطبيقها». وتابع: «رأيت كرئيس مسؤول عن الحزب، أنني لا أستطيع أن أكمل العمل في هذه الظروف وأعتذر لكل من وعدته بالمساعدة والتأييد في الانتخابات المقبلة عن العمل في هذه الظروف الصعبة والمستحيلة».

ويتوقع أن تؤثر تلك الانقسامات في حصص الأحزاب في الانتخابات التشريعية لمصلحة المستقلين. وعزز تلك التوقعات غياب الأحزاب عن مشهد تقديم أوراق الترشح الذي دخل يومه الثالث أمس على 3417 مرشحاً محتملاً، غالبيتهم من المستقلين.

وأوضح الناطق باسم اللجنة المشرفة على الانتخابات القاضي عمر مروان في بيان أمس، أن عدد الراغبين في الترشح الذين تقدموا أول من أمس بطلبات ترشحهم بلغ 672 شخصاً، ليصبح بذلك إجمالي من تقدموا على مدى اليومين الماضيين (أول أيام الترشح وثانيها) 3417 شخصاً، بينهم 142 امرأة. وأشار إلى «استمرار العمل في لجان تلقي وفحص الطلبات كل يوم جمعة خلال فترة الترشح، وتم تشكيل لجنة تتولى متابعة انتخابات المصريين المغتربين، من بعض أعضاء الأمانة العامة للجنة العليا والسفراء ممثلي وزارة الخارجية وبعض الجهات المعاونة». وعقدت اللجنة اجتماعها الأول أمس وبحثت خلاله في الترتيبات المقترحة لتسهيل عملية تصويت المغتربين مع استخدام التقنية الحديثة في الإجراءات.

وعزا مروان التزاحم الشديد على لجان تلقي طلبات الترشيح خلال اليومين الماضيين إلى «رغبة كثيرين من طالبي الترشح في اختيار الرمز الانتخابي الذي يفضله كل منهم، على رغم أن الجدول الخاص بالرموز الانتخابية فيها الكثير من الرموز المميزة. الرمز لم يكن قط السبب في نجاح المرشح، ومن ثم فلا يوجد ما يستدعى التزاحم بين راغبي الترشح».

وأضاف أنه «تم استبعاد الرموز التي قد يساء فهمها مثل رمزي النجمة وقناة السويس، منعاً لأي إيحاءات وحرصاً على تأكيد حياد اللجنة في عملها وتطبيق القواعد الموضوعية على الجميع». وأكد أن «تلقي طلبات الترشح في شمال سيناء وجنوبها يسير في شكل طبيعي، وهناك متابعة يومية».

وأعلن حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية لـ «الجماعة الإسلامية»، مقاطعة الانتخابات النيابية. وعزا الناطق باسم الحزب خالد الشريف قرار حزبه الذي يواجه دعاوى قضائية لحله، إلى «حال القمع والاستبداد والإقصاء التي تمارسها السلطات بحق المعارضين». وتوقع أن تفرز الأوضاع الجارية «برلماناً هزيلاً ومجرد ديكور وسيكون امتداداً لنظام (الرئيس السابق حسني) مبارك ورموز الحزب الوطني المنحل، وسيلعب المال السياسي دوراً كبيراً في الحصول على أصوات الناخبين». وتوقع خلو البرلمان المقبل من الشباب «بعد إصابتهم بالإحباط من الأوضاع الحالية».

من جهة أخرى، اختتم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس زيارته الرسمية إلى العاصمة الصينية بكين، بحضور عرض عسكري شاركت فيه فرقة مشاة مصرية لمناسبة ذكرى «يوم النصر» في الحرب العالمية الثانية. وأعلن إجراء تدريب مشترك بين سلاحي البحرية المصري والصيني، بالتزامن مع زيارة قوة من 3 سفن حربية صينية تابعة للأسطول الشرقي الصيني يقودها نائب قائد الأسطول، ميناء الإسكندرية أمس. وتستمر الزيارة إلى الأحد المقبل «في إطار دعم العلاقات المتميزة بين القوات البحرية المصرية والبحرية الصينية»، وفقاً لبيان عسكري مصري أوضح أن مراسم استقبال السفن الحربية الصينية «تمت في حضور أعضاء الجالية الصينية في الإسكندرية، قبل أن يلتقي نائب قائد الأسطول الصيني قائد القوات البحرية المصرية اللواء أسامة منير ربيع، في حضور نائب السفير الصيني».

وأشار إلى أن اللقاء «ناقش المواضيع محل الاهتمام المشترك ودعم العلاقات الثنائية بين البحريتين والتدريبات المشتركة وتبادل زيارات السفن والضباط كما تم تبادل الهدايا التذكارية»، ولفت إلى أن «من المخطط تنفيذ تدريب بحري مشترك عابر بين عدد من وحدات القوات البحرية المصرية والسفن الحربية الصينية أثناء مغادرة الوحدات الصينية ميناء الإسكندرية».

ويصل السيسي اليوم إلى إندونيسيا في آخر محطات جولته الآسيوية التي بدأها مطلع الأسبوع. ومن المقرر أن يعقد لقاء مع نظيره الإندونيسي جوكو ويدودو، يليه اجتماع موسع بحضور وفدي البلدين، سيخلص إلى التوقيع على مذكرات تفاهم في مجالات عدة. ووفقاً لبيان رئاسي مصري، فإن السيسي التقى على هامش العرض العسكري الصيني «عدداً من رؤساء الدول والحكومات الذين حضروا الاحتفال، وعرض أهم جوانب العلاقات الثنائية مع دولهم».