التاريخ: أيلول ٢, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
50 ناشطاً احتلوا وزارة البيئة 6 ساعات
صعدت حملة «طلعت ريحتكم» الشبابية تحركها أمس ضد السلطات اللبنانية، فاحتلت مجموعةٌ منها مكاتب وزارة البيئة في وسط بيروت بينما كان الوزير محمد المشنوق في مكتبه، وظلت فيها زهاء 6 ساعات، مطالبة باستقالته، لمسؤوليته عن ملف النفايات وأزمتها الحالية، الى أن أخرجتها قوة من مكافحة الشغب منها عند الغروب، بعدما أصرت على البقاء في الوزارة الى حين تنفيذ مطالبها، رافضة التفاوض مع الوزير. وبلغ عدد المحتلين زهاء 50 شاباً.

وجاء دخول «طلعت ريحتكم» مقر وزارة البيئة قبل ساعات من انتهاء مهلة الـ72 ساعة التي كانت أعطتها مع مجموعة «بدنا نحاسب» لتنفيذ مطالبها باستقالة المشنوق ومحاسبة زميله وزير الداخلية نهاد المشنوق وحل أزمة النفايات وإجراء انتخابات نيابية، وتزامن هذا التصعيد مع توجيه رئيس البرلمان نبيه بري الدعوات الى 17 قيادياً من رؤساء الكتل النيابية الى اجتماع هيئة الحوار الوطني في مقر المجلس النيابي الأربعاء المقبل 9 أيلول (سبتمبر) الجاري من أجل «محاولة الإنقاذ» من الأزمة السياسية الراهنة التي يعيشها لبنان.

وشاهد اللبنانيون عملية دخول الناشطين مقر وزارة البيئة واحتلال مكاتبها في الطبقة الثامنة من مبنى اللعازارية الفسيح المخصص للمكاتب، على شاشات التلفزة، التي تمكن مراسلوها من الوصول الى المقر، ما حوّل العملية الى ما يشبه «تلفزيون الواقع»، والتي نقلت رفض قادة الناشطين التفاوض مع المشنوق الذي بقي في مكتبه بحماية القوى الأمنية المتواجدة داخل المكاتب بكثافة بقيادة قائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي، الذي سعى بدوره الى مفاوضة المعتصمين فقوبل برفضهم وإصرارهم على استقالة الوزير المشنوق. ورافق احتلال وزارة البيئة تجمع عدد من الناشطين الآخرين في الشارع للتضامن مع رفاقهم، وما لبثوا أن تكاثروا، فسارعت القوى الأمنية الى تعزيز وحداتها في المنطقة وقطعت الطرقات المؤدية الى المبنى ومداخله السبعة لمنع انضمام مزيد من الناشطين الى محتلي الوزارة.

وكان من بين ما شاهده اللبنانيون، خلافات بين بعض الناشطين البيئيين الذين رفضوا احتلال وزارة البيئة وبين حملة «طلعت ريحتكم» و «بدنا نحاسب»، كما رفضت هيئات أخرى الخطوة على رغم أنها شاركت في احتجاجات سابقة. ومهدت القوى الأمنية لإخراج المحتلين قبيل السادسة بإجبار الإعلاميين ومصوري التلفزيونات على مغادرة الطبقة الثامنة من المبنى حيث مكاتب الوزارة، بعدما كانت وزارة الداخلية أنذرت المحتلين الثالثة بعد الظهر بوجوب المغادرة، لكن المحتلين رفضوا هذا الإنذار وأخذوا يهتفون: «سلمية، سلمية». وبرر وزير الداخلية إنذاره بأن الدخول الى مرفق عام مخالف للقانون والدستور.

وإذ تحدث الإعلاميون الذي أُخرجوا عن التعاطي بشدة معهم، بدأ إخراج المعتصمين بعيد السادسة مساء الواحد تلو الآخر، فكان رفاقهم المتجمعين في أسفل يستقبلونهم بمزيد من الهياج. وتحدث بعضهم عن تعرضه للضرب أثناء محاولة فصل بعضهم عن بعض حين شبكوا أيديهم جميعاً. وعالج الصليب الأحمر اللبناني وهيئات إسعاف أخرى المصابين في باحة المبنى، فيما نقل المخرج لوسيان بورجيلي الى المستشفى لإصابته في كتفه وظهره، وكذلك نعمت بدر الدين وجريح آخر. ولم توقف القوى الأمنية أياً من الذين احتلوا المبنى وأُخرجوا بالقوة.

ودعت «طلعت ريحتكم» المتضامنين معها من المواطنين الى التجمع مساء في باحة اللعازارية احتجاجاً على ما حصل، ورشق المعتصمون لاحقاً العناصر الأمنية بالمفرقعات وقناني المياه والحجارة، وأفادت مصادر وزارة الداخلية ليلاً، بأن حوالى 14 شاباً من الناشطين رفضوا الخروج بعد إنزالهم الى الطبقة الثالثة من المبنى، وهم من القياديين، على رغم إرسال وزير الداخلية ضباطاً لمفاوضتهم كي يغادروا من دون إجبارهم بالقوة.

وعلى صعيد مبادرة الحوار الوطني، وجّه الرئيس بري أمس الدعوات الى الشخصيات المدعوة عبر نواب من كتلته أوفدهم إليها.

وجاء في نص الدعوة التي وجهها بري للحوار، كما أبلغ أحد المدعوين «الحياة»: «من أجل محاولة الخروج مما نحن فيه ولابتكار حلول تنبع من رغبات شعبنا، بعد التعطيل الذي طاول المؤسسات، الأمر الذي أصاب الدولة باليتم». وأكد بري أنه «لم يعد هناك إلا الحوار بين قيادات لبنان سبيلاً نحو مستقبل أفضل». ومددت الدعوة جدول الأعمال كالآتي: رئاسة الجمهورية، استعادة عمل البرلمان، وعمل مجلس الوزراء، ماهية قانون الانتخابات النيابية، قانون استعادة الجنسية، قانون اللامركزية الإدارية وتعزيز الجيش والقوى الأمنية.

وفيما قالت مصادر مقربة من بري إنه أضيفت الى جدول الأعمال عبارة ما يستجد من أمور طارئة، أفادت المعلومات بأن الدعوات وصلت الى 17 شخصية. وتبيّن أنه أضيف الى أسماء رؤساء الكتل التي كانت ذكرتها «الحياة» في عددها أمس، أسماء كل من نائب رئيس البرلمان فريد مكاري ووزير الاتصالات بطرس حرب، ولم توجه دعوة الى كتلة حزب «البعث» نظراً الى وجود خلاف على زعامة الحزب بين قيادتين. وأشارت المصادر الى أن دعوة حرب ومكاري تمت لإحداث توازن بين قوى 8 آذار (7 قيادات) و14 آذار (7 قيادات) فيما هناك 3 شخصيات مستقلة أو وسطية.

وكان احتلال وزارة البيئة مدار تعليقات أبرزها من رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط، الذي رأى أن الاحتلال ليس حلاً لمشكلة النفايات، فيما قال رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون إنه مع الشباب «الذين يتظاهرون بنية سليمة لكن علامة الاستفهام هي حول من يحرك هؤلاء». وقال: «أنا خائف على لبنان من الربيع العربي الذي كان جهنم العرب... تحضيراً للفوضى الخلاقة التي أخبرونا عنها». وأضاف: «إياكم أن تصدقوا أن الفوضى الخلاقة تبني». ودعا الى التظاهر بعد ظهر الجمعة في ساحة الشهداء.

وليلاً صدر عن كتلة «المستقبل» النيابية بيان اعتبرت فيه أن «عودة اللبنانيين الى التظاهر سلمياً للتعبير عن وجعهم حراك ديموقراطي يساهم في فتح الباب على آفاق رحبة لتفعيل النظام اللبناني في اتجاه الدولة المدنية». لكن الكتلة رأت في دخول وزارة البيئة ما يخدم من يتوسل الفوضى. وشددت على وجوب استمرار الحكومة بحيث لا تسقط أو تستقيل طالما استمر الشغور الرئاسي. ورفضت «المستقبل» «الضغط لإقالة أي وزير أو مسؤول بهذه الطريقة الانقلابية الخطيرة التي يحاولها البعض». ورحبت بدعوة بري للحوار.

عون للمتظاهرين: مطالبكم محقة لكن الربيع العربي يخيفنا

أكد رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون «أننا سنشارك في طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري»، مشيراً إلى «أن لدينا مشاريع حلول لكل القضايا المطروحة ونريد أن نرسخ شرعية ثابتة لا شرعية مزورة، ولذلك أعددنا دراسات قانونية ووجدنا المخرج الذي يثبت شرعية جديدة تتولى الحلول المطلوبة للمشكلات المطروحة على الوطن والشعب». وقال بعد الاجتماع الأسبوعي للتكتل، إن «رئيس الجمهورية يجب ألا يكون مرهوناً لأحد، ونريد رئيساً صنع في لبنان وبرضا اللبنانيين، ولا يمكننا الحصول عليه إلا بانتخابات مباشرة، ومن يفرض الرئيس من الخارج، يبقى مرهوناً للخارج. ونعمل لتحرير الرئيس من الارتهان الداخلي والخارجي والشعب الذي ينتخبه هو من يحرره».

وذكّر عون بأن «المطالب التي يرفعها المتظاهرون نطالب بها من سنين عديدة، تريدون كهرباء ومياه وان تتخلصوا من الفساد والفاسدين، معكم حق (...)، ولن نسأل لماذا لم تدعمونا عندما عرقلوا مشروعنا للكهرباء، المهم أنكم «وعيتو».

أضاف: «نحن مع الشباب الذين يتظاهرون، ومن المؤكد انهم يتظاهرون بنية سليمة، لكن علامة الاستفهام الكبيرة هي حول من يحرك هؤلاء، ولم تأت من فراغ، فعندما يساوى بين من عمل مشاريع وبين من عرقلها، هناك علامة استفهام كبيرة، لأن التعميم ليس هدفه تجهيل الفاعل وإنما غير بريء أبداً، لأنه يغطي على الفاسدين ويضرب ثقة الناس بعضهم ببعض وبالمؤسسات تحضيراً للفوضى، هذه الفوضى الخلاقة التي أخبرونا عنها والتي شاهدنا صورها البشعة في كل الدول التي مرت عليها»، لافتاً إلى «أنني أخشى الربيع العربي، وأخاف على لبنان من هذا الربيع الذي كان في الحقيقة جهنم العرب، وكويت بناره شعوب كثيرة، وما يخيفني أكثر هو بشارة الـ «سي أن أن» بأن لبنان صار على أبواب الربيع».واعتبر أن «الفوضى ليست الحل، بل هي خراب ودمار ولن ينجو منها أحد. وإذا كنتم تريدون الحل فطالبوا بالانتخابات التي وحدها يمكنها أن تغير الطقم السياسي، انتخبوا انتم نوابكم، وطالبوا بأن تنتخبوا رئيسكم، فالانتخابات الحل وليس ضرب المؤسسات وتركها من دون مرجع ولا ضوابط. إذا كنتم تريدون أن تتغير الطبقة السياسية فطالبوا بقانون انتخابي يعبر عن إرادتكم، وحدها الانتخابات تنظف كل الوسخ الذي لا يعجبكم».

ودعا المتظاهرين الى مشاركة «التيار الوطني الحر» في التنظيف، ولاقونا الجمعة في الخامسة والنصف في ساحة الشهداء. لنميز بين المحسن والمسيء».