التاريخ: آب ٢٩, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
أوروبا عاجزة والبحر المتوسط يواصل ابتلاع المهاجرين
ضحايا شاحنة الموت 71 مهاجراً وغرق 105 قبالة السواحل الليبية
من شاحنة الموت في النمسا الى قوارب الهلاك التي تنطلق من الشواطئ الليبية، المأساة واحدة، شبكات تستغل يأس الفقراء واللاجئين وتسلبهم مدخراتهم القليلة وتقذف بهم الى الموت، اختناقاً أو غرقاً.

ونقلت الجثث من الشاحنة – المقبرة الى فيينا لتشريحها. وفتحت الشرطة النمسوية ونظيرتها المجرية تحقيقاً مشتركاً لأن الشاحنة مسجلة في المجر وتحمل شعار شركة سلوفاكية للدواجن. وأوقف ثلاثة أشخاص. أحدهم بلغاري لبناني الأصل قد يكون مالك الشاحنة.

وفي البحر، أمضت قلة من ناجين تسع ساعات تتشبث بالحياة بفضل قطع خشبية، بينما انتُشلت مئة وخمس جثث قبالة زوارة على الساحل الليبي.
وقال ابرهيم العطوشي، وهو مسؤول الهلال الاحمر في المدينة: "نعمل من دون أي شيء. يساعدنا بعض الصيادين بقارب. لا نملك سوى سيارة اسعاف واحدة".

ويذكر أن أكثر من 170 الف مهاجر غير شرعي وصلوا من افريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا الى ايطاليا عام 2014 بعد انقاذهم في البحر الأبيض المتوسط. وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين أن أكثر من 300 ألف مهاجر عبروا المتوسط منذ كانون الثاني، في حين قضى 2500 لدى محاولتهم الانتقال الى أوروبا.

ورأى الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست أن أزمة المهاجرين تثبت أن على أوروبا التصدي للمهربين وشبكات الاتجار بالبشر، وأن الأزمات في الشرق الأوسط خلّفت أثراً تجاوز المنطقة. غير أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل استبعدت عقد قمة أوروبية طارئة قبل اتفاق وزراء الداخلية لدول الاتحاد على اجراءات معينة. 

ضحايا شاحنة الموت 71 مهاجراً معظمهم سوريون وغرق 105 في قارب قبالة السواحل الليبية

شاحنة الموت في النمسا، كانت قبراً جماعياً لنحو 71 مهاجراً، معظمهم سوريون، بينما قضى 105 مهاجرين على الأقل في غرق قاربهم بعد ابحاره من السواحل الليبية، في فصل جديد من فصول مأساة عابرة للمحيطات والقارات لا يزال العالم يتفرج عليه من دون معالجات جدية.

سُحبت 71 جثة من الشاحنة، هي لـ59 رجلاً وثماني نساء وأربعة أولاد، بينهم طفلة في سنتها الأولى. وعُثر فيها على وثائق سفر سورية، الامر الذي حمل المحققين على الاعتقاد أن المجموعة تتألف "على الأرجح" من لاجئين سوريين، ولكن "مع ذلك، لا نستطيع أن نؤكد أنهم جميعا سوريون. وفي إمكاننا ان نستبعد احتمال ان يكونوا أفارقة".
واستغرق المحققون وقتاً في تعداد الجثث بسبب تفسخها وتكدسها بعضها فوق البعض.

وأوضح مصدر نمسوي مطلع على التحقيق أنه لم يتم التأكد من تاريخ وفاة المهاجرين، ولا من سبب الوفاة، إلا أن "ثمة احتمالا" أن يكونوا قضوا اختناقا. ويبدو انهم توفوا قبل أيام، إذ لاحظ رجال الشرطة لدى اقترابهم من الشاحنة "سوائل ناتجة من تحلل جثث" تسيل منها وانبعثت رائحة قوية عند فتح الأبواب.
وبدا رجال الشرطة، حتى الأكثر خبرة منهم، متأثرين وهم يصفون المشهد بأنه "جريمة تثير الصدمة".

ونقلت الجثث الى فيينا لتشريحها، سيستغرق ذلك وقتاً قبل صدور النتائج. ومن المتوقع دفن الضحايا في ولاية بورغنلاند قرب المجر وسلوفاكيا حيث عثر عليها.
والحصيلة، ويا للأسف، أعلى بكثير من التقديرات الأولية التي تحدثت عن 20 الى 50 قتيلاً في الشاحنة التي عثر عليها صباح الخميس مركونة بجانب الطريق السريع "اي 4" في ولاية بورغنلاند الشرقية.

وفتحت الشرطة النمسوية ونظيرتها المجرية تحقيقاً مشتركاً بعد العثور على الشاحنة المسجلة في المجر والتي تحمل شعار شركة دواجن سلوفاكية للدواجن.
وصرح الناطق باسم الشرطة بأن سبعة اشخاص أوقفوا في المجر من حيث انطلقت الشاحنة، وهم على علاقة بالحادث، و"نعتقد أننا وجدنا خيطاً" قد يوصلنا الى المهربين. وأُطلق أربعة من السبعة.

وقال إن الثلاثة الذين لا يزالون معتقلين، هم بلغاري من أصل لبناني قد يكون صاحب الشاحنة، و"من شبه المؤكد" أن يكون الاثنان الآخران سائقي الشاحنة، وهما بلغاري وشخص يحمل أوراقاً ثبوتية مجرية. وأضاف أنه من المرجح أن يكونوا "أعضاء غير مهمين في عصابة لتهريب البشر من بلغاريا والمجر، وليسوا هم زعماء العصابة".

في البحر
وفي مأساة جديدة، أمضى عشرات تسع ساعات متعلقين بقطع خشبية في البحر قبالة ساحل ليبيا قبل ان يصل مركب خفر السواحل الليبي لإنقاذهم، بينما قضى كثيرون غيرهم.
105 شخصاً على الأقل لفظوا أنفاسهم في المياه قبالة مدينة زوارة على مسافة نحو 160 كيلومتراً غرب طرابلس، على ما أفاد الناطق باسم الهلال الأحمر الليبي محمد المصراتي. وأمكن إنقاذ 198 شخصاً من جنسيات عربية وأفريقية في المكان، ولا يزال عشرات في عداد المفقودين.

وليست لدى الهلال الاحمر الليبي او المسؤولين في زوارة حصيلة بالعدد الفعلي للمهاجرين الذين كانوا في المركب، مع العلم أن مسؤولاً في جهاز خفر السواحل قدر عددهم بـ400 شخص، هذا يعني أن حصيلة القتلى ستكون كارثية.

وروى أحد الناجين، وهو جراح عظام عراقي، أنه دفع 3000 أورو (3385 دولاراً) للسماح له بالصعود الى السطح في رفقة زوجته وطفله البالغ من العمر سنتين.

ويذكر أن أكثر من 170 ألف مهاجر غير شرعي وصلوا من افريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا الى ايطاليا عام 2014 بعد إنقاذهم في المتوسط. اما مجموع الذين وصلوا في 2015 فقد بلغ حالياً 108 آلاف.

واعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين أن اكثر من 300 الف مهاجر عبروا البحر الأبيض المتوسط منذ كانون الثاني بينما قضى 2500 لدى محاولتهم الانتقال الى اوروبا.
ورست سفينة تابعة لخفر السواحل الأسوجي مساء الخميس في صقلية وهي تحمل جثث 52 مهاجراً انتُشلت الأربعاء بعدما ظل المركب الذي كان ينقلهم هائماً فترة طويلة في البحر.

البحث عن حل
وتزامنت الكارثتان، في البر والبحر، مع مشاركة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في فيينا في قمة لزعماء دول البلقان الغربي. وقالت: "صدمنا جميعا بهذه الانباء الفظيعة" التي هي "تحذير لكي نبدأ العمل ونحل هذه المشكلة ونبدي تضامناً".

وصرحت في برلين أمس بأن زعماء الاتحاد الأوروبي جاهزون لعقد اجتماع طارئ إذا لزم الأمر لمناقشة أزمة اللاجئين، مشيرة إلى أن وزراء الداخلية للدول الأعضاء يعملون بدأب لإيجاد حلول للأزمة.

وأضافت أن عقد قمة طارئة سيكون له معنى، فقط إذا كانت هناك قرارات يجب أن يتخذها زعماء الاتحاد بعد أن ينهي وزراء الداخلية عملهم. وأشارت إلى أنه "لحسن الحظ، هناك فعلاً درجة كبيرة من الاتفاق بين ألمانيا وفرنسا تبعث لدي كثيراً من الأمل في أننا سنكون قادرين على الوصول إلى حلول".

ورأت وزيرة الداخلية النمسوية يوانا ميكل - ليتس أن الوسيلة الفضلى للتعامل مع أزمة اللاجئين هو إنشاء طرق قانونية الى أوروبا بدل القيود الصارمة على الحدود.
ولم تتفق الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي حتى الآن على تقديم حصص ملزمة لتوزيع اللاجئين.

ودعا زعيم حركة "خمس نجوم" الإيطالية المعارضة بيبي غريللو إلى اعتماد "خطة مارشال" لمواجهة ظاهرة تدفق اللاجئين، وذلك من طريق تقديم فرص حياة أفضل لهم في بلدانهم عبر تخصيص نسبة مئوية من الناتج المحلي للدول الأعضاء في الاتحاد للدول الأفريقية، مع قيام لجنة رقابة للإشراف على إنفاق الأموال.