التاريخ: آب ١٣, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
هدنة في الزبداني والفوعة وكفريا ومجلس الأمن يدعم دو ميستورا
العواصم - الوكالات نيويورك - علي بردى 
بوساطة تركية وايرانية، دخل اتفاق لوقف النار مدة 72 ساعة حيز التنفيذ امس في بلدة الزبداني، آخر معاقل المعارضة على الحدود مع لبنان، وفي بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين في شمال غرب سوريا.
 
وقال مصدر أمني سوري لـ"وكالة الصحافة الفرنسية": "قبلنا بالهدنة لأننا نريد إنهاء هذه المعركة بأقل خسائر ممكنة، ولكن لن نرضى ببقاء المسلحين داخل الزبداني بعد اليوم". وأضاف ان "التسوية تشمل خروجهم من المدينة بشكل كامل".

لكن مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن، الذي يتخذ لندن مقراً له، اوضح انه "لم يتم التوصل بعد الى اتفاق نهائي يتعلق بخروج آمن للمقاتلين من الزبداني وادخال المواد الطبية والغذائية الى الفوعة وكفريا".

ووصف ثلاثة مسؤولين قريبين من دمشق الهدنة بأنها نتيجة وساطة قامت بها تركيا التي تدعم مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الرئيس بشار الأسد وايران التي تسانده بقوة.
وتمثل هذه الخطوة أحدث المؤشرات حتى الآن لظهور نهج جديد في المنطقة حيال الصراع المستمر منذ اربع سنوات ونصف سنة.

وفي تطور سبق وصول وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى دمشق ولقائه الاسد، أفاد المرصد السوري ان 37 شخصاً قتلوا من جراء الغارات الجوية التي شنتها قوات النظام السوري على مناطق في الغوطة الشرقية، فيما قتل 13 آخرون بقذائف استهدفت أحياء في دمشق. 
 
تركيا
وفي أنقرة، أبدى مسؤول في وزارة الخارجية التركية طلب عدم ذكر اسمه استعداد انقرة لان تشن بالتعاون مع القوات الاميركية هجوماً واسع النطاق على تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش)، بعدما جمدت عملياتها ضد التنظيم الجهادي بطلب من واشنطن بهدف "تنسيق الاهداف".

وقال ان "تركيا والولايات المتحدة ستنسقان عملياتهما. لقد اوقفنا موقتاً هجومنا بعيد بدئه لان الاميركيين طلبوا منا الانتظار ريثما ننسق الاهداف". وأضاف ان تركيا التي شنت في 24 تموز "حرباً على الارهاب" جمدت هجومها على "داعش" بعدما طلبت الولايات المتحدة من حليفتها في حلف شمال الاطلسي ان تشنا الغارات الجوية معاً.

وأوضح انه، فضلاً عن الغارات الجوية على "داعش"، توصلت انقرة وواشنطن الى اتفاق على اقامة منطقة آمنة في سوريا خالية من جهاديي التنظيم المتطرف والمتمردين الاكراد على حد سواء. وأعرب عن أمل أنقرة في اقامة هذه المنطقة الآمنة بمساندة من مقاتلين سوريين معارضين لنظام الاسد ممن تمّ "تدريبهم وتجهيزهم" في اطار برنامج مشترك تركي - اميركي. وأكد ان "عدد هؤلاء المقاتلين يزداد"، مشيراً الى ان عددهم اليوم تضاعف بعدما كان عند بدء برنامج التدريب 54 مقاتلاً.

في غضون ذلك، قال المبعوث الاميركي الخاص الى المنطقة المكلف شؤون مكافحة "داعش" بريت ماكغورك، في تغريدة بموقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، إنه عاد الى انقرة "للمضي في التعاون" مع المسؤولين الاتراك.

وكشف الجيش الأميركي أن الولايات المتحدة شنت أولى غاراتها الجوية بطائرات حربية على أهداف لـ"داعش" انطلاقاً من قاعدة انجرليك الجوية في تركيا. وسبق للائتلاف الدولي أن شن غارات بطائرات من دون طيار انطلاقاً من هذه القاعدة.
 
تحوّل روسي
وفي نيويورك، قال ديبلوماسي غربي إن العمل جار لإصدار بيان رئاسي دعماً لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا، على رغم اعتراض إحدى الدول من غير الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس على اللغة المستخدمة في إحدى فقرات البيان، مشيراً الى أن الخلاف يتعلق "بحجم الضغط على الحكومة السورية وببيان جنيف الذي يشكل من وجهة نظرنا جزءاً مكملاً للتسوية الشاملة".

وأعلن ديبلوماسي عربي أن فنزويلا اعترضت على عبارة خاصة بالهيئة الحكومية الإنتقالية باعتبارها "غير دستورية".

وأوضح الديبلوماسي الغربي أن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والمعونة الطارئة ستيفن أوبراين سيزور دمشق خلال الأيام القريبة. ولاحظ أن "هناك تحولاً لا بأس به في طريقة تحدث الروس" عن الأزمة السورية، ولكن "لا أريد تضخيم الأمر". وذكر أنه "في بعض المحادثات، لا يتكلم الروس عن الأسد بل عن استمرارية المؤسسات الحكومية. نحن نقرأ في ذلك تحولاً". وأكد أنه "لا يمكن أن يقود الأسد حكومة في نهاية العملية الانتقالية".

وأفاد ديبلوماسيون ان الرئيس الاميركي باراك اوباما سيستضيف في نيويورك في نهاية ايلول المقبل قمة لزعماء الدول المنضوية في اطار الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد "داعش". وأوضحوا ان القمة المخصصة للبحث في سبل مكافحة التطرف العنيف ستعقد في 29 ايلول، أي بعد سنة من الخطاب الذي ألقاه اوباما أمام الأمم المتحدة وتعهد فيه القضاء على التنظيم الجهادي.

الهدنة
أعلن الأطراف المتحاربون في سوريا وقفا للنار مدته 48 ساعة في الزبداني بريف دمشق وفي بلدتي الفوعة وكفريا بريف ادلب، بعد شهر من جهود للوساطة لم يسبق لها مثيل قامت بها تركيا وايران. واجرى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف محادثات مع الرئيس السوري بشار الاسد. وسبقت وصول الوزير الايراني موجة من القصف المتبادل بين الغوطة الشرقية والعاصمة دمشق أوقعت عشرات القتلى والجرحى.
 
أوقفت الهدنة القتال بين مقاتلي المعارضة من جهة والجيش السوري ومقاتلي "حزب الله" المتحالف معه من جهة أخرى في بلدة الزبداني الخاضعة لسيطرة المعارضة وفي بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يغلب على سكانهما الشيعة. والمنطقتان معقلان للجانبين يتعرض كلاهما لهجوم شرس من الجانب الآخر.

وقالت مصادر مطلعة على المحادثات التي تجرى منذ أسابيع انه يمكن تمديد الهدنة لاعطاء وقت للمفاوضات المستمرة التي تهدف الى إجلاء المدنيين والمقاتلين.
ووصف ثلاثة مسؤولين قريبين من دمشق الهدنة بأنها نتيجة وساطة قامت بها تركيا التي تدعم مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الأسد وايران التي تسانده بقوة.

وتمثل هذه الخطوة أحدث المؤشرات حتى الآن لظهور نهج جديد في المنطقة حيال الصراع الذي أسفر عن مقتل ربع مليون شخص وتشريد عشرة ملايين وأدى الى سقوط أجزاء كبيرة من سوريا في أيدي متشددي تنظيم "الدولة الإسلامية" وأثار خلافات بين دول المنطقة وانقسامات بين دول الشرق الاوسط على أساس طائفي.

وبعد أربع سنوات لم تحرز فيها الجهود الديبلوماسية تقدما نحو السلام، اتجهت الدول التي تدعم الأسد ومعارضيه الى البحث في سبل إنهاء الحرب والتعامل مع التهديد المشترك المتمثل في "الدولة الإسلامية" (داعش).

وقبل وصول ظريف الى دمشق، قصف مقاتلو المعارضة العاصمة بالصواريخ وشنت الحكومة غارات جوية على مواقع قريبة للمعارضة. وقال "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له ان 13 شخصا قتلوا وأن 20 أصيبوا بصواريخ المعارضة، بينما قتل 31 في الغارات الجوية للحكومة.

وكانت مصادر من الجانبين في الحرب الاهلية قد أبلغت "رويترز" في وقت سابق أن من المقرر أن يبدأ وقف النار في السادسة صباحا بالتوقيت المحلي (03:00 بتوقيت غرينيتش). وستستمر المفاوضات بين الجانبين في مواضيع أخرى. وقادت المفاوضات من جانب المعارضة "حركة أحرار الشام" الإسلامية حليفة "جبهة النصرة" جناح تنظيم "القاعدة" في سوريا.

وقال أبو وليد الزبداني، وهو مقاتل مع "أحرار الشام" في الزبداني، أنهم أوقفوا اطلاق النار وان وقف النار تم من الجانبين. واضاف أنهم كمقاتلين على الارض غير مهتمين بهذا الوقف للنار، لكنه جاء من قادتهم وعليهم التزام الاوامر. وقال معارض آخر ان هناك 200 جريح من مقاتلي المعارضة في البلدة.

وقال "حزب الله" ان مسلحي "الدولة الاسلامية" (داعش) اطلقوا النار في الزبداني في محاولة لانتهاك الهدنة، لكن الجماعات المسلحة الاخرى تدخلت لمنعهم.

وتحدثت مصادر في الجانبين عن مفاوضات في شأن إجلاء محتمل للمدنيين من الفوعة وكفريا وانسحاب مقاتلي المعارضة من الزبداني. وتم الاتفاق على اجلاء الجرحى ذوي الاصابات البالغة ولكن لا يزال يجري الاتفاق على الامور اللوجستية.
 
غارة على "جيش السنة"
على صعيد آخر، أعلن المرصد مقتل ثمانية مدنيين على الاقل بينهم خمسة اطفال الى عشرة مقاتلين في غارات جوية شنها الائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن على مستودع للذخيرة تابع لـ"جيش السنة" في منطقة أطمة بريف إدلب.
وينضوي "جيش السنة" ضمن "جيش الفتح" الذي يضم مجموعة من الفصائل الاسلامية المقاتلة و"جبهة النصرة". وتمكن ائتلاف الفصائل هذا خلال الاشهر الاخيرة من طرد قوات النظام من معظم محافظة ادلب الحدودية مع تركيا بعد سيطرته على مدن ومواقع رئيسية.
 
الاسد استقبل ظريف
في غضون ذلك، افادت الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" انه "في بداية اللقاء هنأ الرئيس الأسد مجددا الشعب الإيراني بالانجاز الذي حققه من خلال التوصل الى الاتفاق النووي مع الدول الكبرى"، ورأت أن توصل إيران الى الاتفاق النووي "ما كان ليتم لولا صمود شعبها وتمسكه باستقلالية قراره ووقوفه وراء قيادته وهذا يؤكد أن الإرادة والثبات هما الطريق الأفضل لتحقيق مصالح الشعوب".

واضافت: "كما تم تبادل الآراء في أفضل السبل لإيجاد حل سلمي للحرب التي تتعرض لها سوريا حيث أكد ظريف أن إرادة الشعب السوري يجب أن تكون بوصلة أي أفكار تطرح في هذا الصدد وبعيدا من أي تدخل خارجي وبما يحافظ على وحدة أراضي سوريا واستقلالية قرارها، مشددا في الوقت ذاته على تصميم إيران على المضي في دعم وتقديم كل ما من شأنه تمكين صمود الشعب السوري وتخفيف معاناته في مواجهة الحرب المسعورة التي تشنها التنظيمات الإرهابية عليه (...) وعبر الرئيس الأسد عن تقديره للدعم الإيراني الثابت لسوريا كما أعرب عن ترحيبه بالجهود الصادقة التي تبذلها إيران والدول الصديقة لوقف الحرب على سوريا والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها. وأكد الجانبان أن على جميع الدول في المنطقة وخارجها أن تدرك أن مصيرها ومستقبل شعوبها ليس في مأمن في ظل الانتشار السرطاني للإرهاب وأنه يتوجب على الجميع العمل بشكل جدي وصادق من أجل مكافحة هذا الخطر الداهم عبر تنسيق الجهود وتبني سياسات مبنية على الحقائق وأوسع أفقا والتوقف عن دعم المجموعات الإرهابية أو توفير الغطاء السياسي لها".