التاريخ: آب ١, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
مقايضة أميركية - تركية على «المنطقة الآمنة»
واشنطن - جويس كرم 
يعكس التحرك الأميركي - التركي في شمال غربي سورية الذي ستترجمه إقامة «منطقة آمنة» هدفها الأساسي إبعاد «داعش» عن الحدود التركية، «لقاء حاجة» بين أنقرة وواشنطن لاحتواء الحريق السوري وابتكار نماذج جديدة تلتقي مع مصالح البلدين. ويعبر عن هذه المصالح اليوم نوع من المقايضة السياسية بفتح أنقرة المجال التركي الجوي أمام طائرات التحالف ضد «داعش»، مقابل تلقيها الضوء الأخضر والدعم الأميركي في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني وتدريب المعارضة السورية.

تفاصيل المنطقة الآمنة لم يتم الانتهاء من تحديدها بعد، وهناك شعور في واشنطن بأن تركيا استبقت حليفتها بالإعلان عن المنطقة قبل الإنجاز الكامل للاتفاق ولحشر الجانب الأميركي. إلا أن مهامها وفي الشكل المطروح ووفق خبراء تحدثت إليهم «الحياة» محصورة «بتنظيف المنطقة من داعش» و «امتحان نموذج جديد مع الثوار السوريين» ولإدارة النزاع.

ويقول الخبير في معهد وودرو ويلسون هنري بركي لـ «الحياة» أن الخطة المطروحة تستند إلى «مقايضة تقديم الدعم لتركيا في ضرب الكردستاني ومنع إقامة دولة كردية مقابل فتح قاعدة انجرليك التركية أمام التحالف». وتختصر القاعدة مسافة الطيران لضرب الرقة والموصل بين ٥٠٠ و٩٠٠ كلم تباعاً، وهي تسمح للتحالف بطلعات جوية أكثر بعد عام من الاعتماد على قواعد في الدوحة والكويت لضرب التنظيم.

ويرى السفير السابق لدى تركيا والخبير في معهد «أتلانتيك كاونسل» فرانسيس ريتشاردوني أن صغر حجم «المنطقة الآمنة» يحد من التوقعات حولها، ويجعل من الصعب تحولها إلى مكان كاف لاستيعاب اللاجئين السوريين. ويقول لـ «الحياة» أن الخطوة «تعد بتحسين العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة بعد عامين من التشنج بسبب الحرب ضد داعش والأزمة السورية». ويرى أن المنطقة «قد تكون نموذجاً لامتحان دعم المعارضة السورية، فهي ستوفر وللمرة الأولى منذ بدء الأزمة في ٢٠١١ مساحة تحظى بحماية جوية لأطياف المعارضة لمحاربة داعش».

وسيراقب الغرب عن كثب طريقة تعاطي الثوار مع هذا النموذج ونجاحهم أو فشلهم في الحكم المدني والتنسيق في ما بينهم ومع طائرات التحالف. وتشير مصادر ديبلوماسية إلى أنه فيما ينحصر دور الثوار الذين دربتهم واشنطن وتركيا ودول إقليمية في محاربة «داعش»، إلا أن هذه الشروط «لا تنطبق على كتائب قد ينضم إليها هؤلاء» أو على باقي الثوار. وتضطر واشنطن ولأسباب قانونية مرتبطة بتفويض الكونغرس، في حصر المهام العسكرية للثوار. في الوقت نفسه هناك أمل لدى الغرب بأن نجاح هؤلاء في المنطقة الآمنة شمالاً سيساعد في توسيعها وتطبيقها في أطراف أخرى.

في طبيعة الحال، فإن المنطقة الآمنة تنقل واشنطن وأنقرة إلى موقع جديد أكثر عسكرة في سورية، تبقى أولويته محاربة الإرهاب سواء من «داعش» أو حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا إرهابياً مع استبعاد مواجهة مع الأسد. ويتعاطى هذا النهج مع واقع أن الحرب السورية طويلة المدى، وأن احتواءها عسكرياً حيث فشلت الحلول السياسية بات أكثر إلحاحاً أمام تمدد «داعش» وتنامي نفوذ المجموعات الكردية.