التاريخ: آب ١, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
العمليّة العسكريّة التركيّة تبدّل الخريطة السياسيّة والانتخابات تلوح
الملاحقة القضائية تطال شريكة دميرطاش في زعامة حزبه
المصدر: (و ص ف، رويترز، أ ب)
يوماً بعد يوم تتزايد احتمالات الانتخابات المبكرة في تركيا لإنقاذ البلاد من الجمود الراهن، استنادا الى الرئيس رجب طيب أردوغان، بينما تؤجج الغارات الجوية على مواقع المقاتلين الأكراد في شمال العراق وتنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا المشاعر القومية.

كان التحرك العسكري الذي يستهدف معسكرات "حزب العمال الكردستاني" في شمال العراق قوبل باستحسان من حزب الحركة القومية المعارض الذي يرفض عملية السلام مع المقاتلين الأكراد، الأمر الذي أثار احتمال تأييده حكومة أقلية لا تستمر طويلاً بقيادة حزب العدالة والتنمية.

وجدد الرئيس رجب طيب اردوغان أمام الصحافيين المرافقين له في جولته الآسيوية تحذيره من مخاطر تأليف ائتلاف هش، وعدد مزايا حكم الحزب الواحد. وقال: "إذا شهدنا نتائج إيجابية من محادثات الائتلاف، فليكن، ولكن إذا لم يحصل ذلك، فسوف نتوجه الى الإرادة الشعبية فوراً، وسندع الشعب يقرر كي ننقذ أنفسنا من الوضع الراهن". وأضاف: "ما أعارضه هو وجود حكومة أقلية دائمة. تأليف حكومة أقلية شرط أن تقود البلاد الى الانتخابات أمر ممكن تماماً"، مشيراً إلى أن حكومة كهذه يمكن قيامها بدعم من حزب معارض واحد على الأقل.

وأمام الأحزاب التركية مهلة حتى 23 آب للاتفاق على ائتلاف، وفي غير هذه الحال سيدعو أردوغان إلى انتخابات جديدة. ويرى منتقدون للرئيس التركي أن الانتخابات الجديدة هي خياره المفضل لأنه يتيح فرصة لحزب العدالة والتنمية لاستعادة غالبيته المطلقة في مجلس النواب والحكم بمفرده. وإذا فاز الحزب بثلثي مقاعد المجلس، فقد يستطيع تعديل الدستور كما يريد أردوغان.

ويجري حزب العدالة والتنمية محادثات مبدئية مع حزب الشعب الجمهوري المعارض، لكن من المقرر أن تنتهي الاثنين ولم تظهر مؤشرات تذكر لتقدم ملموس.
وأفاد مسؤولون كبار في حزب العدالة والتنمية أن الحزب سيجري استطلاعاً للرأي العام بين الأول من آب والعاشر منه ليحدد على أساسه ما اذا كان سيمضي قدماً في مساعي تأليف الائتلاف أو يتجه الى الانتخابات المبكرة. وفي كل الأحوال، تنحصر خيارات الائتلاف بحزبي الشعب الجمهوري أو الحركة القومية.

وسبق لحزب الحركة القومية أن لمح إلى أنه لا يريد اقتسام السلطة مع حزب العدالة والتنمية. لكن احتمال انهيار محادثات السلام مع الأكراد يدفعه الى الموافقة على اتفاق قصير المدى على الأقل يقود إلى انتخابات جديدة. وقد تبدأ اجتماعات بين العدالة والتنمية والحركة القومية الأسبوع المقبل. وصرح زعيم الحزب الأخير دولت باهتشلي بأنه "إذا انتهت عملية السلام ونفذت شروطنا، فسنقوم بكل التضحيات اللازمة".

واتهم زعيم حزب الشعوب الديموقراطي صلاح الدين دميرطاش، أردوغان الخميس بالقيام بعمل عسكري في سوريا والعراق للانتقام من المكاسب التي حققها الأكراد. وقدم حزبه أداء قوياً في انتخابات حزيران وحرم حزب العدالة والتنمية غالبيته.

وبدأت السلطات التركية تحقيقاً قضائياً يستهدف الرئيسة الثانية لحزب الشعوب الديموقراطي فيجن يوكسيكداغ المتهمة بـ"ترويج مجموعة إرهابية"، وذلك غداة فتح تحقيق في حق دميرطاش بتهمة "الإخلال بالنظام العام" و"التحريض على العنف". وما يؤخذ عليه يعود الى تشرين الأول 2014، قامت تظاهرات يدعمها حزب الشعوب الديموقراطي دعما لأكراد سوريا الذين يهددهم تنظيم "الدولة الاسلامية".

إلى ذلك، نفى أردوغان أن تكون تركيا تساعد "الدولة الاسلامية"، متهماً "قوى سوداء" بنشر دعاية إعلامية خاطئة عن تركيا. وقال في أندونيسيا إن أنقرة تكبدت "خسائر كبيرة" في معركتها مع الإرهابيين، وهي مصممة على مواصلة القتال، في اشارة الى العمليات العسكرية التي تشنها منذ أيام.

وأضاف أن "الأكراد السوريين سعوا الى "ايجاد ممر من أقصى الشرق الى البحر المتوسط"، غير أن "الدولة الإسلامية" أعاق خططهم. واستدرك بأن "تركيا لن تسمح بلعبة الارهابي الجيد والارهابي السيئ. فالإرهابي هو إرهابي".

الأمن
وقتل أمس رجلان من الشرطة التركية بالرصاص صباحاً في منطقة أضنه بجنوب البلاد في هجوم جديد نسبته السلطات الى "التمرد الكردي"، وسط مخاوف من عودة الأيام القاتمة لذروة التحرك الكردي الانفصالي في تسعينات القرن الماضي.
وهاجم مقاتلو "حزب العمال الكردستاني" مفوضية مدينة بوزانتي، ورد عليهم رجال الشرطة، وقتل اثنان منهم في تبادل النار، الى أحد المهاجمين.
ومنذ تفجر موجة العنف الأخيرة في 20 تموز، قتل 13 جندياً وشرطياً على الأقل، ثلاثة منهم في مكمن استهدف الخميس قافلة عسكرية.

وقتل عامل في شركة خطوط السكك الحديد التركية وأصيب آخر في هجوم بالأسلحة مساء الخميس في منطقة ساريكاميس في اقليم كارس بشرق تركيا.
والخميس شنت نحو 30 طائرة تركية من طراز "ف - 16" موجة جديدة من الغارات على أهداف لـ"حزب العمال الكردستاني" بشمال العراق، وأكد رئيس الوزراء احمد داود اوغلو أن بلاده لا تعتزم وقف الهجوم.

"التيار التركي"
وفي موسكو، كشف الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دميتري بيسكوف أن الرئيس سيلتقي أردوغان في الخريف للبحث في مشروع مد خط أنابيب الغاز "توركيش ستريم" (التيار التركي).

وأبلغ السفير التركي لدى موسكو وكالة أنباء "سبوتنيك" الروسية أن المحادثات المتعلقة بخط الأنابيب الذي سينقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا لا تزال جارية. وأوضح وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن المحادثات مستمرة مع أنقرة في شأن مشروع خط أنابيب الغاز "التيار التركي"، وأن موسكو وافقت من حيث المبدأ على حسم بنسبة 10,25 في المئة من سعر إمدادات الغاز لتركيا.