التاريخ: تموز ٢٦, ٢٠١٥
المصدر: جريدة المغرب التونسية
ليبيا: إخوان ليبيا يفرضون سياسة الأمر الواقع ويتجاهلون ضغوطات المجتمع الدولي
مصطفى الجريئ 
طلب الوسيط الدولي لدى ليبيا مجددا من وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي ممارسة الضغط على الأطراف المعرقلة لمسار الحوار الليبي تمهيدا لتشكيل حكومة وحدة وطنية ومن ثمة السعي لإعادة الأمن

والاستقرار المفقود إلى البلاد التي أنهكتها الصراعات السياسية والنزاعات المسلحة. لكن السؤال المطروح إلى أي مدى يمكن ان تجدي الضغوطات الدولية؟ والى أي مدى يمكن أن تدعم الدول العظمى ذلك المنهج ؟؟

وبقطع النظر عن طبيعة الإجابة يبدو أن تيار الإسلام السياسي في ليبيا يصر أكثر من أي وقت مضى على الحفاظ على صلابة موقفه ورفضه المطلق التفريط في حزمة المكاسب التي حققها بعد انقلابه على نتائج الانتخابات البرلمانية وإنشاء تنظيم فجر ليبيا الذي امن وأعاد المؤتمر الوطني المنتهية ولايته ، حيث لم يُعر إخوان ليبيا من خلال كتلهم داخل المؤتمر أيّ اهتمام لندءات احترام شرعية صندوق الانتخابات فاقتحموا كما هو معلوم عاصمة الدولة مما اجبر حكومة عبد الله الثني على اللجوء إلى مدينة البيضاء حوالي -ألفي كلم عن طرابلس- بحثا عن الأمن . وإجبار مجلس النواب المنتخب أيضا على الاستقرار بصفة مؤقتة بمدينة طبرق وليس ببنغازي مثلما ينص الإعلان الدستوري.

رغم ذلك أصرّ إخوان ليبيا مرّة أخرى على عرقلة البرلمان الشرعي بعد إقناعهم لحوالي 34 نائبا بمقاطعة الجلسات وهم الذين عرفوا بالنواب المقاطعين، لتأتي من هناك مبادرة الأمم المتحدة للحوار الذي بلغ شهره الثامن دون تحقيق نتائج ملموسة.

وفي الواقع استغلّ تيار الإسلام السياسي غياب جهاز الجيش الوطني والأمن ليفرض نفوذه وسلطته من خلال اذرعه العسكرية على حوالي 80 % من مساحة ليبيا ، ثم حاول لاحقا السيطرة على المواقع النفطية فيما يعرف بمنطقة الهلال النفطي غير انّ عدة أسباب حالت دون ذلك أولها استمالة حرس المنشآت النفطيّة والتيّار الفيدرالي في الدفاع عن الهلال النفطي .سيما وان قبائل الشرق الليبي تبدو غير مستعدة للتّفريط في أحقيتها بالتمتع بإيرادات النفط الموجود في مناطقها وتسليمه إلى طرابلس مهما كلفهم ذلك .وثانيا بسبب ظهور تنظيم 'داعش' بقوة وإعلانه رسميا نيته السيطرة على الثورة النفطية فكان انسحاب عناصر عملية الشروق من محيط الهلال النفطي.

ومع ذلك تمادى المؤتمر الوطني الممثل للإخوان المسلمين في سياسة لي الذراع وفرض سياسة الأمر الواقع من خلال المطالبة حينا بالاعتراف بحكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا وحل مجلس النواب وأحيانا أخرى بضرورة اخذ بعثة الدعم بمقترحات وتعديلات المؤتمر كشرط للتوقيع على الاتفاق السياسي.

مواقف المجتمع الدولي ضبابية
لئن اعتبر المراقبون في البداية صمت المجتمع الدولي والأمم المتحدة حيال انقلاب تيار الإسلام السياسي على نتائج الانتخابات البرلمانية واستيلاءه على العاصمة أمرا ظرفيا ومؤقتا إلا انه وبمرور الزمن. أيقن المراقبون أنّ شيئا ما يطبخ لدى الساسة الغربيين بخصوص ليبيا ، مما يدل على تواطؤ المجتمع الدولي والغرب على وجه التحديد مع سلوك إخوان ليبيا من خلال مساواتهم فيما بعد بين مؤتمر فاقد للشرعية ومجلس نواب شرعي من خلال توجيه الدعوة الى المؤتمر بحضور حوار جينيف بعدما انطلق حوار غدامس بين وفدي النوّاب المداومين ونظرائهم المقاطعين.

ماذا بعد ؟؟
بمبرر التمسك بخيار الحوار تنازل مجلس النواب عن تطبيق النظام الداخلي ورضخ لتعليمات الوسيط الدولي وذهب لحوار جنيف ثم الصخيرات المغربية ولم يتأخر أعضاء وفد مجلس النواب في الجلوس وجها لوجه مع وفد المؤتمر الفاقد للشرعية خلال الجولة السادسة، لكن تعنت المؤتمر كان يزداد من جلسة إلى أخرى والمحصلة تعثر مسار الحوار وقلق متضاعف لدى دول الجوار والإقليم وتلويح بفرض عقوبات تبدو غير ذات فاعلية على الإطلاق.

ومضى تيار الإسلام السياسي في فرض سياسة الأمر الواقع متحديا الأعراف والقوانين الدولية.

وأخر تحديات تيار الإسلام السياسي وأذرعه المسلحة ما صرح به القيادي صلاح بادي من أن مصراتة تضمّ 130 ألف مسلّح يحملون الرقم العسكري يجب أن يكونوا ضمن تركيبة المؤسسة العسكرية المقبلة بعد التسوية السياسية، وكان صلاح بادي صرح بذلك التصريح المثير وهو واثق مما يقول مؤكدا أن مسودة الأمم المتحدة تنصّ على أن يكون لمصراتة نصيب الأسد ضمن الجيش الوطني القادم. وهو ما يغذي وجود تواطؤ من القوى العظمى لمسايرة إخوان ليبيا في إحكام سيطرتهم على ليبيا في سياق تبادل المصالح.

يشار الى أنّ الحلف الأنغلو-امريكي أي الولايات المتحد الأمريكية وبريطانيا هو من يدعم تنظيم الإخوان ولحقت بهما فرنسا في حين تقف ألمانيا – ايطاليا – اسبانيا على مسافة اقرب لمواقف روسيا والصين وعربيا مصر والإمارات والمتبنية لمبدأ محاربة الإرهاب ومناهضة تنظيم الإخوان المسلمين ومساندة الشرعية في ليبيا أي مجلس نواب طبرق والحكومة المنشقة عنه فرئيس الحكومة المؤقتة زار موسكو مرة وزار مصر فيما لا يقل عن خمس مناسبات والإمارات أربع مناسبات .

داعش يروّع الأهالي في سرت
إلى ذلك تعرف مدينة سرت الواقعة تحت نفوذ مايعرف بتنظيم «داعش» منذ أول أمس حالة من التوتر والاحتقان بسبب إقدام الدواعش على قتل احد شباب المدينة وصلبه لاحقا وسط إحدى ساحات المدينة وتعتبر الواقعة الأولى من نوعها التي يقوم بها الدواعش في سرت المعلنة إمارة إسلامية والتي تسعى حكومة طرابلس الى تحريرها.

المتحدث باسم مديرية امن سرت كشف أن داعش يصر كل مرة على إظهار وحشيته وبطشه لترهيب الأهالي وإذلالهم ليضمن أما حياديتهم وقبولهم بالأمر الواقع أو الالتحاق بصفوف التنظيم الإرهابي. إضافة إلى حادثة قتل داعش لاحد شبان سرت وصلبه فيما بعد وسط أصوات التكبير من عشرات الدواعش أعلنت مصادر أمنية سقوط قتلى وجرحى جراء اندلاع مواجهات بالأسلحة الخفيفة بالمدينة على خلفية نزاع ومشاجرة على قطعة ارض بين عائلتين.

أما جنوب البلاد التي يعلو فيها صوت الرصاص على صوت العقل والحكمة وتحديدا بسبها فقد أعلن الشيخ حسن الرقيق عضو شورى أعيان المدينة عن إقرار هدنة مبدئية بين التبو والطوارق برعاية وفد أعيان ليبيا ودعم من حكومة طرابلس والمؤتمر الوطني وبمقتضى اتّفاق الهدنة الأولى تم الاتفاق بين طرفي الصّراع على فتح الطّرقات أمام كبار السن وممرات لنقل المصابين وإدخال المواد التنموية والأدوية.