التاريخ: تموز ٥, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
تونس تقر بتقصير أمني في هجوم سوسة وتمنح صلاحيات واسعة للجيش والشرطة
تونس - محمد ياسين الجلاصي 
أقرّ رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد بحصول تباطؤ في تدخل الشرطة خلال هجوم سوسة الذي أسفر عن مقتل 38 سائحاً أجنبياً من بينهم 30 بريطانياً، فيما تواصلت حملات الدهم والاعتقالات في صفوف «عناصر تكفيرية» يُشتبَه في انتمائها إلى خلايا مسلحة.

وقال رئيس الحكومة، في حوار مع تلفزيون «بي بي سي» البريطاني مساء أول من أمس، إن هناك تباطؤاً في تدخل الشرطة، معتبراً أن «الوقت الذي استغرقه رد الفعل هو المشكلة»، مضيفاً أن وحدات الأمن أُصيبت بالجمود في ذلك اليوم.

وتُعدّ هذه التصريحات الأولى من نوعها التي يقر فها مسؤول تونسي بتقصير أمني أو تباطؤ في تدخل قوات الشرطة. وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي تعهد سابقاً بفرض «عقوبات على الفور في حال ثبوت وجود ثغرات أمنية وراء الهجوم». وكشفت التحريات وتصريحات الشهود أن وحدات الأمن تدخلت للقضاء على المسلح بعد مرور 35 دقيقة على إطلاقه أولى رصاصاته على السياح، مما سمح لمه بالتجول بحرية على الشاطئ وداخل الفندق وقتل عدد كبير من الأجانب.

وتحدثت مصادر أمنية عن إمكان اجراء تغييرات كبرى في وزارة الداخلية تشمل قيادات أمنية عليا، وذلك على خلفية الخسائر الجسيمة بالأرواح (38 قتيلاً) التي خلفها هجوم سوسة. وتواصل السلطات التونسية تحقيقاتها وعمليات التمشيط والاعتقالات تحسباً لتنفيذ هجمات أخرى وسط تحذيرات من قيادات أمنية من أن الأيام القادمة قد تشهد عمليات مماثلة.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن «عنصراً خطيراً» يُدعى حسين معيج (35 سنة) في منطقة «بن قردان» (محافظة مدنين جنوب شرق) قُتِل أثناء نقله إلى مؤسسة صحية في المنطقة بعد أن أطلق النار على رأسه أثناء دهم منزله فجراً، رغم أن العملية تمت من دون أن تطلق قوات الأمن النار.

وذكرت مصادر أنه تم العثور لدى معيج المطلوب لدى السلطات التونسية بتهم تتعلق بالإرهاب وتسفير الشباب للقتال في سورية وتهريب الأسلحة، على مسدس وقنبلة يدوية.

في سياق آخر، قررت رئاسة الحكومة التونسية عزل رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عبدالله لوصيف من مهامه «لتجاوزه صلاحياته».

وكان رئيس المجلس الاسلامي الاعلى واجه حملة انتقادات واسعة بعد طلبه من الإذاعة التونسية ايقاف برنامج ديني حضاري بعنوان «عيال الله» للفيلسوف والمفكر الاسلامي التونسي المثير للجدل يوسف الصديق. واعتبر المجلس أن «هذا المفكر يقدم قراءة خاطئة للإسلام ويتبع منهج المستشرقين المعادي للدين».

وواجه المجلس الاسلامي الأعلى اعتراضاً من النقابات والإعلاميين بسبب ما اعتبروه «تدخلاً سافراً في شؤون الاعلام والمؤسسات الإعلامية العامة والخاصة».

إقالة مسؤولين 

أعلن أحد مستشاري رئيس الوزراء التونسي أمس (السبت)، أنه تمت إقالة عدد من المسؤولين التونسيين اثر هجوم 26 يونيو (حزيران) الماضي في سوسة والذي أسفر عن مقتل 38 سائحاً، وبين هؤلاء والي سوسة.

وقال المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء ظافر ناجي: «مثلما أن هناك ثغرات أمنية هناك ثغرات سياسية»، مضيفاً أنه «تمت إقالة والي سوسة، المنطقة التي وقع فيها الهجوم، بالإضافة إلى مسؤولين في الشرطة».

صلاحيات واسعة للجيش والشرطة في تونس

بعد مرور أسبوع على الهجوم الذي نفذه الارهابي سيف الدين الرزقي في فندق بمحافظة سوسة وأسفر عن مقتل 38 سائحاً غالبيتهم بريطانيون، أعلنت الرئاسة التونسية أمس، قرار الرئيس الباجي قائد السبسي اعلان حال الطوارئ في البلاد.

وجاء القرار مفاجئاً، إذ أن السلطات كانت تُعلن حالة الطوارئ مباشرة بعد كارثة أو هجوم إرهابي أو تهديد خطير. وذُكر أن مجلس الأمن القومي، الذي انعقد مباشرة إثر هجوم سوسة، شهد نقاشاً بين أعضائه حول إمكان اللجوء إلى اعلان حال الطوارئ في البلاد، لكن الرئيس عارض الفكرة لأن في رأيه ليس هناك ما يدعو إليها، خصوصاً مع بذل جهود لإنقاذ الموسم السياحي.

وقال مصدر في رئاسة الجمهورية لـ «الحياة» أن السبسي التقى وفداً من خلية الأزمة المكلفة متابعة ملف هجوم سوسة، ضم وزراء وقيادات أمنية وعسكرية، تمكن من اقناعه بضرورة إعلان الطورائ لفترة موقتة، على رغم موقفه الرافض.

وذكر المصدر ذاته أن عمليات الدهم التي نفذتها الوحدات الأمنية، ضد عناصر يُشتبه بعلاقتها بالارهاب كشفت عن حواجز تعترض عمل الشرطة في ملاحقة المشتبهين على غرار طلب إذن قضائي قبل الدهم، ما يُعتبر تعطيلاً لعمل الشرطة في الظروف الاستثنائية.

وتمنح حال الطوارئ الجيش والشرطة صلاحيات ونفوذاً أكبر وتمنع التجمعات والتظاهرات والاحتجاجات. وتسمح للجيش بالانتشار في المدن.وليل أمس قال المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء رئيس الوزراء التونسي لوكالة «فرانس برس» انه تمت اقالة عدد كبير من المسؤولين اثر الهجوم الارهابي، وبين هؤلاء والي سوسة وعدد من مسؤولي الشرطة.

ويتخوف جزء من الرأي العام التونسي من احتمال أن تكون حال الطوارئ مدخلاً للحد من الحريات وانتهاك حقوق المواطنين في التعبير والتظاهر، بحجة محاربة الارهاب.

ودأبت السلطات التونسية، منذ الاطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير) 2011، على تمديد العمل بقانون الطوارئ لفترات تراوح بين شهر و3 أشهر، وامتدت فترة الطوارئ حتى آذار (مارس) من العام الماضي.

ويجيز القانون التونسي «اعلان حال الطوارئ على كل الأراضي التونسية أو جزء منها، في حال الخطر الداهم الناتج عن مسّ خطير بالنظام العام وإما في حال حصول احداث تكتسي بخطورتها طابع الكارثة العامة». ويمكن لرئيس الجمهورية تمديد حال الطوارئ أو إنهاءها.

ويعطي قانون الطوارئ وزير الداخلية صلاحيات «وضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية، ومنع الاجتماعات، وحظر التجول، وتفتيش المحلات ليلاً ونهاراً ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الاذاعي والعروض السينمائية والمسرحية، من دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء».

إلى ذلك، قال مسؤول حكومي رفيع أمس، إن تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور والموالي لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» يقف وراء الهجوم الدموي على فندق سوسة، على رغم تبنيه من «داعش».

واضاف: «من المؤكد الآن أن انصار الشريعة هو مَن يقف وراء هجوم سوسة». وأضاف أن «سيف الدين الرزقي الذي قتل السياح، تلقى تدريبات في معسكر صبراتة الذي تشرف عليه قيادات من أنصار الشريعة الذين فروا من تونس الى ليبيا مستفيدين من تفشي الفوضى وغياب الأمن».