التاريخ: تموز ٤, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: عون يتهيّأ للشارع قبل جلسة الخميس
واضعو الطائف لتداعي النواب إلى الانتخاب دون دعوة من بري
الى أين يتجه المأزق الحكومي عقب التأزيم التصاعدي الذي ارتسم غداة الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، وفي ظل مسارعة رئيس الوزراء تمّام سلام امس الى دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد الخميس المقبل؟

تبلّغ الوزراء قبل ظهر الجمعة، وفي صورة غير مألوفة، الدعوة الى عقد الجلسة الخميس، إذ جرت العادة أن توجه الدعوة بعد ظهر الجمعة أو قبل ظهر السبت. واعتبرت مصادر وزارية أن هذه الخطوة "تمثل رداً غير مباشر على تصعيد رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون. ولفتت الى أن دوائر رئاسة مجلس الوزراء وزعت امس أيضا قرار دعم الانتاج الزراعي وفي صورة استثنائية رداً على التشكيك في أن مجلس الوزراء لم يتخذ هذ القرار. وأشارت الى "أن دعماً عربياً ودولياً غير مسبوق تلقاه الرئيس سلام امس من خلال اتصالات تأييداً لجهوده في معاودة جلسات مجلس الوزراء".

واذا كان من السابق لأوانه إطلاق العنان للتوقعات والسيناريوات المسبقة للجلسة قبل ستة ايام من موعدها، فإن ذلك لا يحجب حقيقة أن الازمة الحكومية صارت تنذر بتفريخ مزيد من المعارك السياسية ما لم يتم تدارك الامر في قابل الايام .

تبعاً لذلك، يفترض ان تتحرك محركات الوساطات والمشاورات الحثيثة من الاثنين المقبل سعياً الى تجنب الصدام الجديد، وإن يكن معظم الافرقاء يحاذرون الحديث عنه سلفاً، ذلك ان ترك الوضع على حاله حتى موعد الجلسة من دون تفاهم معين سيعني أنه واقع فعلاً. وتشير المعطيات الاولية في هذا السياق الى انه ليس هناك بعد طرح محدد لدى أي من المعنيين لاجتراح وصفة تشكل مخرجاً من شأنه بدء تبريد المنحى التصعيدي لدى العماد عون الذي دعا أنصاره امس الى الاستعداد للنزول الى الشارع الاسبوع المقبل. لكن المساعي ستنطلق مجدداً في سباق مع الايام الفاصلة عن الخميس المقبل علها تبلور مخارج ممكنة. حتى ان بعض المراهنين على امكان تبريد الاجواء يبرز أهمية انخراط "حزب الله" في هذه المساعي، نظرا الى ما تراءى لكثيرين من انه على رغم دعمه للعماد عون وشروطه لا يرغب في تصاعد الازمة الحكومية الى حدود تتجاوز معها الخطوط الحمر بما يهدد الواقع الحكومي كلاً. ويستدل هؤلاء على ذلك من كلام اكتسب دلالات لنائب الامين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، في كلمة ألقاها في افطار الهيئات النسائية في الحزب وتناول فيه الوضع الحكومي. ومما قال: "نحن كحزب الله حريصون على استمرار الحكومة ولكن عليها ان تتحمل مسؤولياتها بجدارة وهذا ما سنعمل عليه مع المخلصين، وفي المقابل ندعو الى عدم تشبيك المؤسسات بما يؤدي الى تعطيلها جميعا كما حصل في تعطيل مجلس النواب بحجة عدم انتخاب رئيس الجمهورية، لان في هذا تعطيلا لمصالح الناس وخطر على بنية البلد".

عون: الى الشارع
في غضون ذلك، لوح العماد عون بالنزول الى الشارع، وقال في كلمة له في احتفال لهيئة "التيار الوطني الحر" في المتن مساء امس: "يحاولون وضع اليد على مواقع المسيحيين في الدولة لكي تحزموا حقائبكم وترحلوا. نحن لن نرحل ولن نكتفي بالكلام وما حصل في مجلس الوزراء أول من امس وما سيحصل الخميس المقبل يستدعي منا القوة. نحن مدعوون للنزول الى الشارع وخصوصا المسيحيين، والاسبوع المقبل تعلمون ما يجب ان نفعل".

وعلمت "النهار" ان العماد عون دعا نواب "التيار الوطني الحر" ومسؤولي المناطق ومنسقي الأقضية الى اجتماع قبل ظهر اليوم في الرابية للبحث في الوضع الحكومي، ولدرس وسائل التصعيد ميدانياً، اضافة الى "تحفيز اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً للتحرك عندما تدعو الحاجة". ووفق مصادر عونية، فإن عنوان هذا التحرك هو "رفض تكريس سابقة خطرة تقوم على تجاوز موقع رئاسة الجمهورية وصلاحيات الرئاسة من خلال اختصارها ببدع أكثرية وأقلية تشكل مخالفة دستورية وميثاقية خطرة كما حصل في جلسة الحكومة السابقة، وأن التصعيد سيكون في الشارع، اذ لا استقالة ولا اعتكاف لوزراء تكتل التغيير والإصلاح". وبالنسبة الى مقولة عدم قدرة عون على تحريك الشارع كما كان يفعل في السابق، تقول المصادر: "سنرى، فالعماد عون أمضى حياته السياسية يحتكم الى الشعب ولم يخذله يوماً، وهو في ذلك يحصّن إرادة الشعب المدعو اليوم لقول كلمته في مفصل تاريخي من مفاصل الحياة السياسية في لبنان، ألا وهو رفض تغييب إرادة اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً".

المشنوق
في المقابل، صرح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لـ"النهار" بأن جلسة الحوار الـ14 بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" مساء اول من امس في عين التينة تخللها "كلام صريح وواضح شمل سرايا المقاومة والخطة الامنية والوضع السياسي والوضع التشريعي والحكومي ولم يبق شيء لم نتحدث فيه في شكل واضح والرئيس نبيه بري كان داعماً ثم انسحب، لكن بداية الكلام كان في حضوره".

وعن توجيه الرئيس سلام الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس، قال: "لم يعد قادرا على التراجع. إنهم أخطأوا في التوقيت في اختيار الشخص. ماذا يمكن أن تقول عن تمّام سلام؟ إنه غير ميثاقي وليس رجل العيش المشترك؟ ما حدث البارحة أن الميثاق والعيش المشترك والشركة صارت مهددة بسبب عدم إقرار بند التعيينات الامنية! ما هذا الكلام؟ ساعة يقول لك بالتوافق، قلت له يا سيدي بالتوافق، فقال نعم. في المرة الماضية طرحناها ولم يكن هناك توافق عليها. إذا بالتوافق مش ماشي الحال، ماذا نعمل؟ ما هذا الكلام؟ هل من أحد يضع الميثاق والعيش المشترك والشركة في الميزان من أجل تعيين؟".

وعن موضوع مرسوم الدورة الاستثنائية، قال: "سيمشي قريباً وقبل الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ولم يبق سوى توقيع وزير واحد. أصلا الرئيس ميشال سليمان يجتهد من دون مبرر وكأن الامر عنده يقع تحت تأثير العماد عون".

واضعو الطائف لتداعي النواب إلى الانتخاب دون دعوة من بري

مي عبود ابي عقل
سنة ونيف مرت على الفراغ في رئاسة الجمهورية، ومسرحية الدعوة الى الانتخاب تتوالى فصولاً، مستخفة بعقول الناس ومصير البلد ومصالح المواطنين. تتقاطع الادوار بين القوى السياسية، والنتيجة واحدة باهتراء سياسي-اقتصادي- اجتماعي - معيشي وتعطيل تتحمل جميعها مسؤوليته بالتكافل والتضامن. يتجاوزون الدستور ويقفزون فوق وثيقة الطائف، ويبتكرون بدعا جديدة، من حكومات رؤساء الجمهورية، الى تشريع الضرورة، الى فتح دورة استثنائية، فيما البلاد تنهار، والمؤسسات الدستورية تسقط الواحدة تلو الاخرى، والحل واضح وحاضر: انتخاب رئيس جمهورية، فتنتظم الامور وتعود دورة الحياة السياسية ومعها دورة الحياة الطبيعية.

يتلطون باتفاق الطائف، ولا ينفذون شيئا منه، يجتمع فريقا 8 و 14 آذار ويبتدعون نصوصا وقواعد تحفظ مصالحهم ومناصبهم، بذريعة الوفاق والتوافق، رغم وجود نصوص دستورية واضحة لا تحتمل التأويل. نصاب الثلثين، والحق الدستوري في التغيب عن الجلسات، وضرورة التوافق على الرئيس قبل النزول الى الجلسة، واستطلاعات الرأي، ونغمة الرئيس القوي وممثل المسيحيين والوفاقي والتوافقي، وغيرها من الحجج الواهية والشعارات الفارغة، يطرحها الافرقاء لتعطيل الدستور وتخريب البلاد، الى حين تحقيق اهداف ومآرب لا تمت الى مصلحة لبنان واللبنانيين.

يتفق "الكبار" ويفتي الرئيس نبيه بري فتصبح فتواه هي الدستور، في تجاهل واضح لآراء الاختصاصيين بالدستور والقانون وأهل الطائف انفسهم. وفي ظل "تغييب" محاضر وثيقة الطائف وتسجيلاتها لدى الرئيس حسين الحسيني، وهي التي تعطي تفاصيل الاتفاقات والتفاهمات التي تم التوصل اليها، تبقى الكلمة الفصل في تفسير النصوص للنواب الذين كانوا حاضرين، ويستعاض عن هذا الاخفاء المتعمد من الرئيس الحسيني، الذي لم يكن رئيسا للمجلس النيابي في الطائف بل اوكلت اليه ادارة الجلسات، باللجوء الى هذه المصادر الحية التي وضعت هذه الوثيقة، وهم النواب السابقون والحاليون الذين شكلت آراؤهم مادة محاضرها، وصاغوها مادة مادة على مدى شهر كامل، وفي مقدمهم ادمون رزق وميشال معلولي الذي يرأس اليوم "رابطة النواب السابقين" التي تضم نحو 170 نائبا سابقاً يجتمعون دوريا ويصدرون بيانات "تفسيرية"، لكن لا حياة لمن تنادي.

يلفت معلولي الى ان "الفراغ الرئاسي لم تشهده الساحة السياسية اللبنانية يوما، وانتخبنا 5 رؤساء جمهورية في أوج الحروب والاوضاع الامنية السيئة والظروف السياسية الضاغطة اقليميا ودوليا، هم: الياس سركيس وبشير الجميل وأمين الجميل ورينه معوض والياس الهراوي، وانتخبوا جميعا خارج مقر مجلس النواب في ساحة النجمة، اذ كان المهم بالنسبة الينا تطبيق الدستور وانتخاب رئيس جمهورية، ايا كان الوضع".

أمام النص الدستوري لا مكان للاجتهاد، ونص المادة 49 واضح ولا يحتمل اي تأويل :" ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الاولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي". يشرح معلولي ان الدستور لم يتحدث عن نصاب الحضور بل عن نصاب الانتخاب، واتفقنا في الطائف على وجوب نيل نصاب الثلثين للفوز في الجلسة الاولى، وبالنصف زائد واحد في الجلسة الثانية وما يليها. وبالتالي كل كلام عن ضرورة تأمين وانتظار اكتمال حضور ثلثي النواب، في غير محله.

وبالاستناد الى المادة 73 التي تقول انه "قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدة شهر على الاقل، او شهرين على الاكثر يلتئم المجلس بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد، واذا لم يدع المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق اجل انتهاء ولاية الرئيس"، يكون على النواب التداعي الى عقد جلسة لانتخاب الرئيس، وحتى من دون دعوة من رئيس المجلس النيابي، والبقاء في المجلس حتى حصول الانتخاب". ويشير الى المادة 75 التي تنص على ان " المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، ويترتب عليه الشروع حالا في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة او اي عمل آخر".

يجمع النواب الذين صاغوا وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، ومن بينهم النائب عبد اللطيف الزين عضو "كتلة التنمية والتحرير" التي يترأسها الرئيس بري، وفي بيانات عدة اصدروها تباعا، على ان " النصوص المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية، خصوصا المواد 49 و73 و74 و75 من الدستور توضح بما لا يقبل الشك ان المجلس النيابي، منذ 15 أيار 2014 ، اي قبل 10 أيام من نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، بات في حالة الاجتماع حكما، وعليه ان يجتمع فورا، وبدون دعوة، في جلسة مستمرة حتى انتخاب رئيس للجمهورية"، بل يعتبرون ان " عدم اجتماع المجلس حكما لانتخاب رئيس هو مخالفة صريحة للدستور، كما ان الفراغ هو تعطيل لمؤسسات الدولة وبالتالي تهديد لوحدة لبنان وأمنه ومصيره". ويأملون أن "يبادر النواب الى الاجتماع بدون ابطاء، بحكم الدستور، في جلسة حتى انتخاب رئيس للجمهورية بالاكثرية المطلقة، اي 64 صوتا من اصل 127 يؤلفون المجلس حاليا، وهذه الاكثرية هي النصاب الكافي للانعقاد، بحسب النص الواضح للمادة 49 معطوفة على المادة 34 من الدستور، ولا تحتمل اي اجتهاد او تأويل".

فإذا كان واضعو الدستور اجمعوا على حق النواب التداعي تلقائيا لانتخاب رئيس، بالنصف زائد واحد، بعدما سبق عقد جلسة اولى بنصاب الثلثين، فما الذي يمنع الحرصاء على تطبيق الدستور والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، من القيام بواجباتهم لانقاذ البلاد والعباد من السقوط والاهتراء، بانتخاب رئيس للجمهورية؟ 13 شهرا مدة كافية، أظهرت لمن لم يقتنع بعد، اهمية وجود رأس واحد للدولة، واكدت انه رغم تقليص صلاحياته، يبقى رئيس الجمهورية السدّ المنيع امام الانهيار الذي يطال البلاد على كل المستويات.

ماذا يعني "تشريع الضرورة" بين هامش السياسة وحدود الدستور؟

ألين فرح
لم يوقع الوزراء بعد مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب من اجل تشريع الضرورة. البعض يرفض التشريع في غياب رئيس الجمهورية ويعتبر ان مجلس النواب في حال انعقاد دائم لانتخاب رئيس، وثمة مخالفة في تشريع اي قانون آخر، والبعض الآخر يرى فيه ضرورة لتسيير شؤون المواطنين والمرافق العامة. ماذا يعني تشريع الضرورة؟ وهل هذا الامر وارد في الدستور؟

في دراسة عن التشريع أعدها النائب نقولا فتوش، اعتبر ان "لا وجود اطلاقاً في الدستور لما يسمى "تشريع الضرورة"، لأن التشريع من حقوق السيادة، وان سلطة التشريع اصيلة ومطلقة وتتعلق بالسيادة. واشار في دراسته الى "ان التشريع يعني تنظيم الحياة العامة ومصالح الافراد والمجموعات، وهو، في ذلك، يتكيف مع مقتضيات هذه الحياة والمصالح ومستلزماتها وتطورها، بحيث يوفر لها الاطر القانونية التي تضمن سلامة ممارسة الحقوق وحمايتها، كما يوفر احترام المصلحة العامة وحمايتها. هكذا يفترض ان يكون التشريع، هادفاً الى حماية المصلحة العامة والحقوق المشروعة للافراد والمجموعات التي يتكون منها الاقليم الذي تمارس عليه سيادتها".

وقال ان مجلس النواب هو سلطة التشريع الاصلية والمطلقة ما دام الدستور يحصر بمجلس النواب وحده سلطة الاشتراع، ولن يرسم حدوداً لصلاحياته، معتبراً أن "تشريع الضرورة بدعة وهرطقة ومخالفة للدستور ولحق السيادة والصالح العام. ولا يجوز ان تتوقف سلطة دستورية عن القيام بمهمتها في حال استقالة سلطة دستورية اخرى، لأن الدستور ينظم ذلك، وتشريع الضرورة مخالفة جسيمة لمبدأ فصل السلطات وتعاونها ومخالفة لأحكام الدستور وتعطيل لمجلس النواب".

ويرى رئيس لجنة الادارة والعدل النائب روبير غانم في مقولة "تشريع الضرورة" التي اخترعها الرئيس نبيه بري، موضوعاً سياسياً اكثر مما هو دستوري. "صحيح انه في الدستور لا شيء ينص على تشريع الضرورة، لكن هذا الموضوع جاء فيما هناك تجاذب حول انعقاد الجلسة وجدول أعمالها. فجاء هذا الوضع كي لا تحصل سابقة أو عرف أنه غياب رئيس الجمهورية او لدى شغور مركز الرئاسة يشرّع المجلس كأن شيئاً لم يكن، وهذا حق المجلس دستورياً ولا شيء يمنع في الدستور ان يجتمع ضمن حدود معينة".

وفي رأي غانم ان اجتماع المجلس ضروري لبت بعض مشاريع القوانين والاقتراحات التي تهم مصلحة المواطنين وتسهل أمور الناس، منها القروض الممنوحة للبنان والتي يجب ان تقرّ، الى مشروع الموازنة والسلسلة. "لذا جاء هذا الامر من معطى سياسي وليس من معطى دستوري. لذا ان شاء الله يحصل توافق لفتح دورة استثنائية لتسهيل عمل المؤسسات وتسيير عمل المرافق العامة وليس لتعطيلها وتأخير عملها". وانطلاقاً من هذه الثوابت، ارتئي عقد بعض الجلسات لإقرار بعض المشاريع والاقتراحات الضرورية، وسميت "تشريع الضرورة".

لرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان مقاربة تقول ان "تشريع الضرورة" حالة استثنائية غير مذكورة في الدستور في شكل محدد، "لأنها تتعلق بأهمية حصول شغور في موقع رئاسة الجمهورية، وبالتالي اعتبار رئيس الجمهورية هو الضامن للدستور والمرجعية الاخيرة التي توقّع القوانين او تردها. وهذه صلاحية مرتبطة بشخص الرئيس ولا تجيّر. وبالتالي في غيابه، وفق المنطق الديموقراطي والمؤسساتي لا رئيس ولا تشريع. لكن اليوم هناك بعض التشريعات التي ترتبط بتكوين السلطة وبالمصلحة الوطنية العليا ولا ضرورة لينص عنها الدستور تشكل استثناء في اي ظرف وتفرض نفسها وتتخطى بعض الأحيان الشروط المنطقية لسير عمل المؤسسات، وبالتالي يجوز التشريع. وهذا الامر سميناه تشريع الضرورة، أي الضرورة الوطنية، أي قوانين كيانية مثل قانون الانتخاب والموازنة العامة وقانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني على سبيل المثال وبعض القوانين المالية الملحة، وعدا ذلك لا يجوز التشريع في غياب رئيس الجمهورية لانه المرجع التنفيذي الأخير بإحالة أي قانون يقر في مجلس النواب على الجريدة الرسمية او ردّه الى المجلس لإعادة درسه".

وسأل كنعان جميع الذين لا يعترفون بتشريع الضرورة "بماذا يبررون انتخاب رئيس للجمهورية عام 2008 لموظف من الفئة الاولى خلافاً للمادة 49 وفي ظل شغور رئاسي؟ أيهما أسهل، تبرير مخالفة دستورية او محاولة احترام موقع رئاسة الجمهورية من ضمن إطار تأمين استمرار الدولة كيانياً؟ لذا يعتبر تشريع الضرورة من اهم المصطلحات التي تؤدي الى هذا الهدف الذي هو من جهة تنبيه بعدم تخطي دور رئيس الجمهورية وفي الوقت عينه لا يمنع المؤسسات من ان تتكون وتستمر، ولا مخالفة للدستور في ذلك".

أما الخبير الدستوري حسن الرفاعي فرأى في القول ان ثمة قوانين ضرورية وأخرى غير ضرورية في مجلس النواب، "خطأ كبيراً في حق الوطن والمواطنين، فمجلس النواب ينعقد من اجل كل القوانين ولا مجال للاجتهاد في هذا الموضوع".