صنعاء - علي سالم تشاهدهم في الشوارع والأسواق ووسائل النقل العامة ومقاهي الانترنت، شبان وأطفال، الكلاشنيكوف يلازمهم اينما حلوا وارتحلوا. «لوثة انتجها الحوثيون والرئيس المخلوع» يقول مروان سعيد (33عاماً) متحسراً على تلاشي قيم النضال السلمي التي افرزتها ساحات الثورة في 2011.
وخلافاً لحال التوافق الهش الذي شهدته البلاد منذ توقيع المبادرة الخليجية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 حتى لحظة اجتياح ميليشيا الحوثيين صنعاء في ايلول (سبتمبر) الماضي وسيطرتها على معظم المدن اليمنية أتسع القتال وتفشت ظاهرة حمل السلاح الذي كان وما زال يعد جزءاً من هوية الميليشيا الموالية لايران.
ثقافة «سوق الطلح»
«بذلنا جهوداً غير عادية لإخراجهم من اريحيتهم واقناعهم بحمل السلاح» يقول مسلح حوثي مشيراً بذلك الى أبناء صنعاء الاصليين المعروف عنهم ميلهم الى نمط العيش المترف، لكن هؤلاء الشبان صاروا ترساً في ألة الحرب التي تشنها ميليشيا الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي يقود منذ الصيف الماضي ثورة مضادة.
وافادت مصادر متطابقة أن ميليشيا الحوثيين وصالح وزعت السلاح على سكان الحارات في صنـــعاء وفقاً للهوية المذهبية. فيـــما اشتكـــى شبــــان مـــن مضايقات علـــى خلفية انتمائهم الى محافظات شهدت مسيرات تؤيد قصف طيران التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية مواقع لميليـــشيا الحوثيين وصالح المتهمة بارتكاب جرائم ابادة في عدن وتعز.
ويقدرعدد الاسلحة الصغيرة في اليمن باكثر من 60 مليون قطعة. ويعد حمل السلاح جزءاً من الحياة اليومية لأبناء مناطق شمال الشمال. ويعتبر «سوق الطلح» في صعدة المعقل الرئيس للحوثيين، من أشهر أسواق بيع السلاح. ولحظة سيطرتها على صعدة في عام 2011 عينت جماعة الحوثيين تاجر السلاح الشهير فارس مناع محافظاً لصعدة.
دولة القبيلة
«يبدو أننا في قبيلة وليس في مدينة صنعاء « تقول الطالبة الجامعية لمياء المرتضى، معبرة عن استيائها من انتشار المسلحين في شكل غير مسبوق. ويرى مروان ولمياء أن اجتياح «ثقافة سوق الطلح» لشبان المدن مثل عدن وصنعاء وتعز يرجع الى عدم تجذر الثقافة المدنية في المجتمع اليمني.
وكان الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح عمد خلال فترة حكمه التي استمرت 33عاماً، الى تدعيم المكونات التقليدية على حساب المجتمع المدني حتى صارت الدولة «قبيلة كبيرة» بحسب وصف باحثين. كما دعم صالح ميليشيات شيعية وسنّية واتخذ من التنظيمات المتطرفة مثل «القاعدة» ورقة سياسية للمساومة والابتزاز وفق تقارير غربية.
طيور الجنة
وخلافاً لثورة 11 شباط (فبراير) الشبابية السلمية التي شجعت عدداً من رجال القبائل على ترك سلاحهم والانضمام الى ساحات الاحتجاج السلمي، يمجد الحوثيون القتال ويسخرون من أساليب الاحتجاج السلمية. وبات واضحاً أن ميليشيا «انصارالله» لم تكن سوى غطاء غير رسمي استخدمه الرئيس المخلوع في شن 6 جولات قتال خلال الفترة بين عامي 2004 و2009 ضد الحكومة لإنهاك القوة العسكرية لخصومه داخل النظام مثل اللواء علي محسن الاحمر قائد الفرقة الأولى المدرعة.
وإبان احتجاجات 2011 المطالبة باسقاط النظام، وزع حزب المؤتمر الشعبي الحاكم حينها كميات كبيرة من السلاح على أنصاره وانشأ معسكرات ضمت من أطلق عليهم «البلطجية» ووفر لهؤلاء وجبات طعام وقات وما لايقل عن 2000 ريال (10دولارات) في اليوم. وانتشر في عدن اسم «طيور الجنة» ويقصد بهم فتيان واطفال من ابناء الفئات الأشد فقراً سلحهم حزب صالح واستخدمهم لإشاعة الفوضى ومهاجمة ساحات الاحتجاج.
ويشكّل «البلطجية» والحوثيون وقوات الحرس الجمهوري عماد القوة الانقلابية التي حاصرت صنعاء قبل اجتياحها في ايلول الماضي لتتمدد بعد ذلك الى مختلف مناطق البلاد.
ويقول شبان في مدن رافضة للإنقلاب مثل عدن وتعز والضالع أن «غزو» ميليشيا الحوثيين والرئيس المخلوع لمدنهم أجبرتهم على حمل السلاح للدفاع عنها وتحريرها من «الميليشيا الطائفية « بحسب وصفهم. وتظهر صور نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فتيات يمنيات يحملن السلاح ويتدربن عليه.
وبات السلاح وسيلة للتفاهم وحل المشكلات داخل المدارس والجامعات وسجلت حوادث اطلاق نار من قبل طلاب ومعلمين. وفي شباط الماضي هاجم طالب مسلح في مدينة عدن مقر ادارة مدرسته فقتل طالباً وأصاب آخر ووكيل المدرسة. وتفيد معلومات أن هجوم الطالب جاء على خلفية رسوبه في امتحانات نهاية العام الدراسي. |