التاريخ: حزيران ٦, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
السيسي: التنسيق قائم بين كل المنظمات «الإرهابية»
اعتبر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن هناك «تنسيقاً قائماً بين كل المنظمات الإرهابية»، ملمحاً بذلك إلى تورط جماعة «الإخوان المسلمين» التي تدرجها القاهرة على لوائح الإرهاب في الاتصال بجماعات مسلحة، أبرزها جماعة «ولاية سيناء»، الفرع المصري لتنظيم «داعش».

ويتهم النظام المصري جماعة «الإخوان» التي تعتبر أبرز خصومه بالتورط في عمليات العنف التي تشهدها البلاد. لكن حديث السيسي عن «التنسيق بين كل المنظمات الإرهابية» يعد أوضح اتهام بوجود علاقات بين «الإخوان» التي تنفي عن نفسها تهمة العنف، والجماعات التي تتبنى المسؤولية عن العمليات المسلحة.

وعقد السيسي أمس محادثات مع رئيس وزراء هنغاريا (المجر) فيكتور أوربان في بودابست التي وصلها مساء أول من أمس بعدما اختتم زيارته إلى برلين. وركزت المحادثات على ملفي «الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، والتعاون الاقتصادي بين مصر وهنغاريا».

وأعقبت المحادثات الثنائية جلسة مشاورات موسعة بحضور وفدي البلدين. وافتتح السيسي منتدى الأعمال المصري - الهنغاري المشترك، بمشاركة وزير الاستثمار المصري أشرف سلمان ووزير التجارة الهنغاري بيتر سيارتو وممثلي شركات كبرى من الجانبين.

وشهد السيسي وأوربان مراسم التوقيع على مذكرة تفاهم لتوريد 700 عربة قطار من هنغاريا إلى مصر، كما وقع البلدان مذكرة تفاهم بين وزارتي الداخلية في شأن التعاون الأمني المشترك. وناقش مسؤولو البلدين إنشاء مدينة طبية هنغارية في مصر وسبل تطوير الطب البيطري ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. وستعقد اللجنة المشتركة بين حكومتي البلدين الشهر الجاري في بودابست للتوقيع على مزيد من اتفاقات التعاون الثنائي.

وقال السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أوربان في ختام محادثاتهما إن «المشاورات حققت النتيجة المثمرة والمرجوة، وأثبتت نتائجها أنها تستند إلى أساس عميق وممتد من العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين».

ولفت إلى أن المشاورات شهدت «عرض التطورات في الشرق الأوسط وأوروبا، وأكدنا أهمية التعاون الثنائي بين البلدين، بما في ذلك في المجالات التجارية والاقتصادية». وأضاف: «أوضحت الموقف المصري إزاء قضية مكافحة الإرهاب، والتنسيق القائم بين كل المنظمات الإرهابية، ورؤية مصر لحل الأزمة الحالية في ليبيا، كما ناقشنا أيضاً الأزمة السورية والوضع في العراق».

وأوضح أن المشاورات أظهرت «مدى تقارب الرؤى بين البلدين الذي وصل في أحيان كثيرة إلى حد التطابق». وشدد على أن «الشعب المصري عازم على تحقيق الازدهار لمصر الديموقراطية»، لافتاً إلى اعتماد دستور جديد وعقد الانتخابات الرئاسية. وأوضح أن المسؤولين في هنغاريا أكدوا أنهم «سيواصلون التضامن مع مصر في حربها ضد الإرهاب، وسعيها إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف: «أعربت عن شكري وامتناني لموقف بودابست الإيجابي من عملية الانتقال الديموقراطي في مصر رغم الموقف السلبي لبعض الدول الأخرى التي تجاهلت التحديات التي تواجه مصر في التعامل مع التهديدات الإرهابية في سيناء وعلى طول حدودها الغربية»، لافتاً إلى أنه طلب من هنغاريا «أن تساهم في شكلٍ إيجابي في دعم مصر داخل إطار الاتحاد الأوروبي من خلال التعبير عن حجم الصعوبات والتحديات التي تواجه مصر في الوقت الحالي، وكذلك حجم الإنجازات التي تحققت بالفعل».

وأوضح أن المحادثات تناولت «فتح آفاق أكبر أمام تعزيز العلاقات التجارية والصناعية بين البلدين بحيث تكون على الوتيرة ذاتها من تقدم العلاقات السياسية الودية بيننا».

وأشاد رئيس وزراء هنغاريا بالدور المصري في منطقة الشرق الأوسط وبزيارة السيسي إلى بلاده. وقال إن بودابست «استقبلت رئيساً مميزاً لبلدٍ مميز ومهم». ورأى أنه «من دون استقرار مصر، لن تستقر منطقة الشرق الأوسط ولا أوروبا»، معرباً عن سعادته «لمضي مصر قدماً في الطريق الصحيح، والعمل على بناء دولة ديموقراطية وتطوير الاقتصاد بالكامل».

ووقّع السيسي وأوربان «بياناً مشتركاً» يؤكد عمق العلاقات بين البلدين ويضع أساساً للتعاون بينهما في مختلف المجالات. وذكر البيان أن الجانبين «أعربا عن ارتياحهما لما حققته علاقاتهما من إنجازات، وأكدا تطلع شعبيهما إلى الحفاظ على علاقات التعاون التي تحقق مصالحهما المتبادلة وتعميقها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية، فضلاً عن تحقيق التواصل الشعبي، وعبّرت الدولتان عن التطلع إلى إجراء حوار سياسي وإستراتيجي رفيع المستوى في شكل منتظم، بما يسمح بتحديد فرص التعاون الجديدة وتنسيق جهودهما ومناقشة المواضيع الدولية ذات الاهتمام المشترك».

وأشار البيان إلى ترحيب هنغاريا «بنجاح مصر في تحسين الوضع السياسي والاقتصادي والأمني، فضلاً عن التقدم المحرز على صعيد عملية الانتقال السياسي، وإعرابها عن الدعم السياسي الكامل للسلطات المصرية في حربها ضد الإرهاب والتطرف».

وأضاف: «يعلن الجانبان بوضوح أن الإرهاب ليست له عقيدة ولا دين، وأنه عدو مشترك لكل الدول المحبة للسلام. وتلتزم هنغاريا، بوصفها دولة عضواً في الاتحاد الأوروبي، بدعم تطلعات مصر لتعزيز علاقاتها مع الاتحاد». ورحبت بودابست بـ «الدور الإستراتيجي المتنامي لمصر في الشرق الأوسط وأفريقيا، كما شجعتها على مواصلة الجهود الرامية إلى تعزيز السلام و الاستقرار في المنطقة».

في المقابل، أعربت مصر عن «تقديرها للنجاحات التي حققتها حكومة هنغاريا في مجال الإصلاح الاقتصادي منذ العام 2010، وترحيبها بسياسة الحكومة في شأن الانفتاح شرقاً، وتمنياتها بنجاح السياسة المعلنة أخيراً بالانفتاح جنوباً».

وعبّر البلدان عن «القلق البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني في ليبيا والتهديد المتصاعد للإرهاب فيها، والذي يؤثر أيضاً في أمن واستقرار الدول المجاورة». وأكدا أنهما «يدعمان بقوة تنفيذ إستراتيجية لمكافحة الإرهاب بالتوازي مع الحوار السياسي وعملية المصالحة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ويؤيدان جهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، ويدعمان المؤسسات الشرعية، بما في ذلك الحكومة الحالية في مدينة البيضاء التي شكلها مجلس النواب إلى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية». وأكدا «تنسيق جهودهما في شكل نشط في الحرب العالمية ضد الإرهاب».

وأكد الجانبان «استعدادهما لإبداء اهتمام خاص بتعزيز علاقاتهما الاقتصادية، والسعي إلى زيادة حجم ومستوى التبادل التجاري، والاستمرار في تشجيع الشركات المصرية والهنغارية على تعزيز التعاون بينها بما يحقق مصالحها المتبادلة، وزيادة استثماراتها، وإنشاء شركات مشتركة».

وشجعت مصر الشركات الهنغارية على «المشاركة والاستثمار في المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقتها الحكومة المصرية أخيراً، خصوصاً إقامة منطقة اقتصادية جديدة في إطار مشروع تنمية منطقة قناة السويس وبناء عاصمة جديدة وتحديث السكك الحديد ومجالات البنية التحتية الأخرى ومنشآت الطاقة المتجددة». كما دعت هنغاريا الشركات المصرية إلى أن تعتبرها «مركزاً إقليمياً لنشاطاتها واستثماراتها في أوروبا».

اشتباكات بين الشرطة وأنصار «الإخوان» في القاهرة

اندلعت اشتباكات بين أنصار جماعة «الإخوان المسلمين» والشرطة في القاهرة، فيما فرقت قوات الأمن تظاهرات لأنصار الجماعة في محافظات عدة.

وشهدت تظاهرات «الإخوان» أمس مواجهات مع الشرطة كان أعنفها في حي المطرية (شرق القاهرة) الذي يعد مركز تجمع لأنصار الجماعة في العاصمة، وغالباً ما يشهد مصادمات عنيفة قُتل في إحدى جولاتها أكثر من 20 شخصاً خلال احتجاجات نظمتها الجماعة في الذكرى الرابعة للثورة في كانون الثاني (يناير) الماضي.

وتجمع أمس مئات من أنصار «الإخوان» في شارع رئيس في المطرية بعد صلاة الجمعة تلبية لدعوة الجماعة إلى التظاهر كل جمعة، ونظموا مسيرة شهدت إطلاق ألعاب نارية في الهواء، وحدثت احتكاكات مع بعض الأهالي تدخلت على اثرها الشرطة التي أطلقت وابلاً من الغاز المسيل للدموع صوب مسيرة «الإخوان»، ففرقتها.

وطاردت قوات الأمن المتظاهرين في الشوارع الجانبية، وألقت القبض على عدد منهم. وغالباً ما يلجأ «الإخوان» إلى التظاهر في شوارع جانبية، تجنباً لمواجهة قوات الأمن.

وفي حي العمرانية في الجيزة وقعت مناوشات مماثلة لكن أخف حدة، إذ فر المتظاهرون فور وصول قوات الأمن إلى موقع تظاهرهم، بعدما اشتبك عدد من الأهالي مع المسيرة.

وقالت وزارة الداخلية في بيان إنها ألقت القبض على 10 من «القيادات الوسطى لتنظيم الإخوان والموالين لهم المتهمين في قضايا التعدي على المنشآت العامة والخاصة والمشاركين في الأعمال العدائية والتحريض عليها على مستوى محافظات الجمهورية»، فضلاً عن توقيف 7 من «العناصر المتطرفة» في محافظات مختلفة.

وأحرق مجهولون سيارة رئيس محكمة بني سويف أثناء توقفها أمام منزله في مدينة الفيوم (100 كلم جنوب القاهرة). وأفاد شهود عيان بأن النيران شبت في السيارة فجأة، إلى أن تفحمت تماماً، ومنعت قوات الإطفاء امتداد الحريق إلى بقية السيارات.

وامتدت موجة العنف التي تشهدها مصر أخيراً إلى القضاة وممتلكاتهم، إثر عقوبات مشددة بحق قادة جماعة «الإخوان المسلمين» ومسؤولي حكم الرئيس السابق محمد مرسي. وقتل الشهر الماضي ثلاثة قضاة في العريش برصاص مسلحين مجهولين. ونجا قضاة آخرون من محاولات اغتيال.