التاريخ: حزيران ٦, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
طائرات النظام تحاول وقف «توغّل داعش» في الحسكة
«جيش الإسلام» يحاكم مبايعي «داعش» ويعد بإطلاق «المغرر بهم»
قصفت طائرات حربية سورية أمس الجمعة مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) حاولوا التوغل في مدينة الحسكة الواقعة في شمال شرقي البلاد في هجوم يزيد من الضغوط على الرئيس بشار الأسد. وجاء ذلك فيما شهدت جبهات القتال في مختلف أنحاء البلاد مزيداً من المواجهات بين قوات النظام وفصائل المعارضة وسُجّل قصف بالبراميل والصواريخ الفراغية على محافظتي حلب وإدلب (شمال وشمال غربي سورية).

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن معارك ضارية نشبت أيضاً بين عناصر تنظيم «الدولة» المتشدد والجيش النظامي المدعوم من ميليشيات متحالفة معه على المشارف الجنوبية لمدينة الحسكة، مركز المحافظة التي تحمل الإسم ذاته. وبدأ تنظيم «الدولة الإسلامية» هذا الأسبوع هجوماً كبيراً يستهدف الجزء الذي تسيطر عليه الحكومة السورية في الحسكة المنقسمة إلى مناطق تديرها الدولة وإدارة كردية لها مقاتلون منظمون في إطار وحدات الحماية الشعبية.

ويأتي الهجوم بعد هزائم ثقيلة مني بها التنظيم في شمال شرقي سورية الشهر الماضي على أيدي وحدات الحماية الشعبية الكردية.

وإذا سقطت مدينة الحسكة في أيدي تنظيم «الدولة»، فإنها ستكون مركز المحافظة الثالث الذي يخرج عن سيطرة النظام بعد مدينتي الرقة الواقعة تحت سيطرة التنظيم المتشدد، وإدلب التي استولى عليها «جيش الفتح» المكون من «جبهة النصرة» وفصائل اسلامية في 28 آذار (مارس) الماضي.

وتتركز المعارك حالياً جنوب مدينة الحسكة التي بات التنظيم على بعد حوالى 500 متر منها. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن ان «قوات النظام تواصل استقدام تعزيزات إلى المدينة».

وذكر ناشطون لوكالة «فرانس برس» أن عائلات نزحت من الاحياء الجنوبية والشرقية للحسكة التي يسيطر عليها النظام في اتجاه أحياء المدينة الغربية والشمالية التي يسيطر عليها الاكراد خوفاً من دخول التنظيم الى المدينة، أو من تعرض مناطقهم لقصف بقذائف الهاون.

ولم يتدخل المقاتلون الأكراد حتى الآن في المعارك، بحسب المرصد. وكانت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات انتقدت الخميس «تخاذل» الأكراد عن مساندة قوات النظام.

وقال المرصد السوري الجمعة «لا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة بين قوات النظام مدعمة بكتائب البعث وقوات الدفاع الوطني والمسلحين الموالين لها من طرف وتنظيم الدولة الإسلامية من طرف آخر في المشارف الجنوبية لمدينة الحسكة». وأشار إلى أن «المنطقة تشهد منذ صباح اليوم (أمس) قصفاً عنيفاً ومكثفاً من الطيران الحربي على تمركزات للتنظيم في محيط المدينة وجنوبها».

وأسفرت العمليات العسكرية منذ اندلاعها عن مقتل 71 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها بينهم قائد كتائب البعث في الحسكة، و48 عنصراً على الأقل من تنظيم الدولة الإسلامية، بينهم 11 فجروا انفسهم بعربات مفخخة في مواقع لقوات النظام.

وتعرض النظام خلال الشهرين الاخيرين لسلسلة خسائر على الارض، وهو يشن منذ أيام حملة قصف جوي بالطائرات الحربية أو البراميل المتفجرة على مناطق عدة خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سورية وجنوبها وشرقها. وتسبب هذا القصف «غير المسبوق»، بحسب ما وصفه عبدالرحمن، بمقتل 94 شخصاً خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية. ووثّق المرصد مقتل عشرين طفلاً بين هؤلاء و16 امرأة «إضافة الى إصابة مئات آخرين بجروح ودمار في الممتلكات».

وواصل الطيران المروحي التابع للنظام الجمعة إلقاء البراميل المتفجرة على الاحياء الشرقية في مدينة حلب. وتسبب برميل سقط على حي الميسر بمقتل ثلاثة اشخاص هم والد ووالدة وطفلهما. وأفاد مصور لوكالة فرانس برس ان الدفاع المدني يبحث عن ضحايا آخرين محتملين تحت الانقاض.

والبراميل المتفجرة عبارة عن براميل محشوة بالمتفجرات والمواد المعدنية ولا يمكن التحكم بدقة بأهدافها كونها غير مزودة بصواعق تفجير، وبالتالي تكون اصاباتها عشوائية.

وأحصت منظمة العفو الدولية في العام 2014 مقتل ثلاثة آلاف مدني نتيجة القصف الجوي من طائرات النظام. وقتل المئات غيرهم منذ مطلع العام الحالي.

وبدأت قوات النظام استخدام هذه البراميل في نهاية العام 2013 على مدينة حلب وريفها، ما أثار انتقادات عنيفة من منظمات دولية وغير حكومية.

على جبهة أخرى إلى أقصى الشمال في محافظة حلب، تتواصل المعارك بين تنظيم «الدولة الاسلامية» وفصائل المعارضة المسلحة ومعها «جبهة النصرة» في محيط بلدة مارع. وكان التنظيم الجهادي استولى الاسبوع الماضي على بلدة صوران القريبة من مارع والواقعة على طريق امداد رئيسي للمعارضة من تركيا الى حلب.

وفي إطار متصل، ذكرت وكالة «مسار برس» المعارضة أن طيران النظام استهدف أمس بالصواريخ الفراغية شركة الكهرباء بمدينة سلقين في ريف إدلب الغربي، ما أدى إلى مقتل «١٢ مدنياً وجرح العشرات»، مشيراً إلى أن بعض الجثث ما زال تحت الأنقاض. ولفتت أيضاً إلى استهداف الطيران الحربي الخميس قرى معرة حرمة ومعرتماتر ومعرزيتا وكنصفرة والبارة والرامي وأبلين في ريف إدلب، كما ألقى الطيران المروحي ما لا يقل عن 7 براميل متفجرة على مدينة معرة النعمان في الريف الغربي لإدلب.

وأشارت الوكالة إلى أن «كتائب الثوار تحاول التقدم إلى نقاط جديدة بالقرب من بلدة محمبل جنوب مدينة أريحا»، مضيفة «أن منطقة تل أعور جنوب جسر الشغور شهدت معارك عنيفة بين الثوار وقوات الأسد التي تمكنت من التقدم باتجاه التل بعد قصفه بالمدفعية والصواريخ والبراميل المتفجرة والألغام البحرية ... وما زالت الاشتباكات على أشدها بين الجانبين».

وفي منطقة القلمون شمال دمشق، أفاد المرصد عن مقتل ثمانية عناصر من «حزب الله» اللبناني وقوات النظام في صاروخ اطلقته جبهة النصرة الخميس على مواقع لهم. ويقاتل «حزب الله» الى جانب قوات النظام السوري في مناطق عدة من سورية، فيما أفادت مصادر أمنية سورية والمرصد السوري عن وصول آلاف المقاتلين العراقيين والايرانيين أخيراً إلى سورية لمساندة قوات النظام على الحفاظ على المناطق الخاضعة لسيطرتها، بعد التراجع الميداني القاسي الذي شهدته اخيراً.

وانسحب مقاتلو المعارضة من منطقة القلمون السورية في نيسان (ابريل) 2014 بعد معارك عنيفة مع قوات النظام مدعومة من «حزب الله». الا ان مجموعات من المقاتلين وبينهم جهاديون لجأوا الى المناطق الجبلية حيث تحصنوا في مغاور وكهوف، وتسللوا الى جرود بلدة عرسال اللبنانية المحاذية وذات الغالبية السنّية.

ويقاتل «حزب الله» الذي ينقل السلاح والرجال عبر الحدود اللبنانية الى سورية من أجل محاولة إبعاد خطر هؤلاء عن الحدود. وقد صعّد منذ أسابيع عملياته العسكرية في المنطقة، وصولاً إلى استهداف المسلحين داخل الاراضي اللبنانية في عرسال قبل يومين.

وفي محافظة درعا بجنوب سورية، ذكر المرصد أن الطيران المروحي ألقى براميل متفجرة عدة على مناطق في بلدات الكرك الشرقي والمزيريب وام العوسج وناحتة ونمر، ما أدى إلى مقتل طفل في بلدة المزيريب وسقوط جرحى. وأضاف أن «اشتباكات تدور بين لواء شهداء اليرموك من طرف، والفصائل الاسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من طرف آخر، في محيط قرية عين ذكر بريف درعا الغربي، وانباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين». ويُعتبر لواء شهداء اليرموك امتداداً لتنظيم «الدولة الاسلامية» في الجنوب السوري.

وفي محافظة دير الزور (شرق سورية)، قال المرصد إن ثمانية أشخاص قُتلوا اثر قصف شنه الطيران الحربي على بلدة البوليل بريف دير الزور، «في حين تدور اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف وعناصر تنظيم «الدولة الاسلامية» من طرف آخر في محيط مطار دير الزور العسكري، ما أدى إلى مقتل عنصر من قوات النظام، وأنباء عن المزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين».

«جيش الإسلام» يحاكم مبايعي «داعش» ويعد بإطلاق «المغرر بهم»

بعد أيام من الاحتجاجات التي شهدتها الغوطة الشرقية لدمشق ضد جماعة «جيش الإسلام»، أفيد أمس بأن اجتماعاً حصل بين ممثلين للمحتجين وآخرين عن «جيش الإسلام» الذي يقوده زهران علوش تناول موضوع سجناء محسوبين على تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) تحتجزهم جماعة علوش في مناطق سيطرتها قرب العاصمة السورية.

وأفادت «شبكة الثورة السورية» أن الاجتماع بين الطرفين حصل أول من أمس و «وضع الخطوط العريضة للحل». وأوضحت الشبكة المعارضة أن «جيش الإسلام» هو من أرسل وفداً يمثله لمقابلة أهالي المحتجزين لديه والموضوعين في ما أُطلق عليه «مركز التوبة» في مدينة سقبا قرب العاصمة.

وأوضحت أن أهالي المعتقلين شرحوا أن خروجهم في التظاهرة الأخيرة ضد «جيش الإسلام» كان بسبب «إشاعة» انتشرت بينهم ومقادها «أن جيش الإسلام قام بإعدام اثنين من الموقوفين لديه»، مضيفة أن وفد «جيش الإسلام» أوضح للأهالي «لبُس هذا الموضوع» وأكد «أن جميع ملفات الموقوفين لديه من جيش الأمة ومن المفسدين» بحسب وصفه، «موجودة لدى القضاء». وتابع وفد «جيش الإسلام» أنه «بدأ بإرسال ملفات الأشخاص المنتمين الى تنظيم الدولة (داعش) إلى القضاء».

وتابعت الشبكة أن ممثلي «جيش الإسلام» تحدثوا عن المعتقلين لديهم والذين وُصفوا بـ «الموقوفين على ذمة التحقيق» بأنهم «إخوان ... وسيتم تحويل جميع الموقوفين إلى القضاء حفاظاً على مصلحتهم ومصلحة الغوطة». ومعلوم أن «جيش الإسلام» يُعتبر التنظيم المهيمن عسكرياً في الغوطة ولديه آلاف المقاتلين، لكن تنظيم «داعش» حاول في الفترة الأخيرة مد نفوذه هناك وخاض مقاتلوه معارك ضد «جيش الإسلام» في أكثر من منطقة من مناطق الغوطة.

وتابعت «شبكة الثورة السورية» أنه «تم الاتفاق بين الوفد والأهالي على اطلاق سراح من وصفهم («جيش الإسلام») بالمغرر بهم والذين لم يبايعوا التنظيم بدءاً من يوم السبت (اليوم) وتحويل من تبقى من الموقوفين الى القضاء ليصدر الحكم الشرعي بحقهم».

وأوضح «جيش الإسلام»، بحسب الشبكة، أنه «تمت محاسبة أحد الذين أساؤوا التعامل بحق الأهالي وفصله من رأس عمله ... واعتذر وفد جيش الإسلام عن كل إساءة أو خطأ بدر من أفراد الجيش تجاه الأهالي».

وذكرت الشبكة أن «قدوم الوفد لاقى قبولاً وترحيباً من الأهالي» وتم «التأكيد على انهم إخوة وفي خندق واحد في مواجهة النظام ومواجهة تنظيم الدولة (داعش) وانهم (الأهالي) يقفون مع القضاء في وجه الفساد والتجار المحتكرين».