التاريخ: حزيران ١, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: "لواء القلعة" عربة "حزب الله" إلى عرسال وبري يُفرمل توجّهاً إلى تعطيل العمل الحكومي
"لقاء سيّدة الجبل": لا تمييز في الإرهاب وحماية المسيحيّين ليس بتحالف الأقليّات
لا تصعيد يطيح حكومة الوحدة الوطنية بل مزيد من الضغوط في مختلف الاتجاهات السياسية والميدانية توحي بأن حزيران سيكون ساخناً منذ بدايته تزامناً مع عملية المفاوضات الاميركية - الايرانية وما تشهده من شد حبال وإمساك بالاوراق الاقليمية، كما مع التدهور السريع للنظام السوري والتخوف من تداعيات سقوطه. ويترجم ذلك تعثر كل الاتصالات في عطلة نهاية الاسبوع على أكثر من محور سياسي في محاولة لتذليل العقبات من أمام جلسة مجلس الوزراء، في ظل تمسك رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون بموقفه الرافض لتأجيل بت بند التعيينات والاكتفاء بالبحث في الجزء المتعلق منها بانتهاء ولاية المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص. لكن مصادر وزارية اكدت لـ"النهار" ان لا تعطيل من اليوم، إذ ان جلسة الخميس المقبل تتضمن جدول أعمال من 81 بنداً يجعل جميع الأطراف حرصاء على تمريرها لأن في هذه البنود مصالح لهم في الشؤون الصحية والمالية والاجتماعية والانمائية.
وفي معلومات لـ"النهار" ان المعادلة "الذهبية" التي اتفق عليها "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"، استنادا الى مطلعين، تقضي بمضي الحزب مع التيار في تعطيله العمل داخل الحكومة وعدم الاستقالة منها، في مقابل الحملة الداعمة من التيار للحزب في مضيه بمعارك عرسال، وهي حملة بدأت في خطب مسؤولي التيار، وآخرها تصريحات الوزير جبران باسيل أمس من قرى بعلبك التي زارها.

وفي إطار التصعيد، بدأ الحزب يترجم كلام أمينه العام السيد حسن نصرالله الذي ركّز على تحرك "اهالي بعلبك - الهرمل" في منطقة جرود عرسال، وبعد اللافتات التي رفعت باسم "الاهالي"، أعلنت "عشائر وعائلات بعلبكية" عن قيام "لواء القلعة" المشابه لـ"الحشد الشعبي" في العراق، وأكد "أنه لن يسمح بوجود أي تكفيري في الجرود"، وانه "ملتزم أي قرار يصدر عن السيد حسن نصرالله"، مشدداً على ان "معادلة الجيش والشعب والمقاومة هي معادلة ذهبية تحكم تحركنا وخطواتنا اللاحقة ونعتبرها الوسيلة الوحيدة للمواجهة".
 
بري
في المقابل، بدا الرئيس نبيه بري مغرداً خارج سرب 8 آذار، معلناً دفاعه عن الحكومة، وداعياً الى تأجيل استحقاق تعيين قائد للجيش. ذلك ان رئيس مجلس النواب، كما نقل زواره، لا يؤيد كل هذه الضجة التي تسبق جلسة اليوم. وهو يردّد انه "سأدافع عن الحكومة بكل ما أوتيت من قوة. وتنازلت في مجلس النواب وجرى تعطيله بسبب مراعاتي لموقف النواب الموارنة ولم أذهب الى عقد جلسة تشريعية ولم أرفع السقف الى الحد الاقصى حتى لا أبدو أنني أدافع عن مؤسسة أرأسها، أما بالنسبة الى مجلس الوزراء، فإنني سأكون في مقدم المدافعين عنه".

وعن عرسال قال: "ملف البلدة قيد المعالجة وجرى سحبه من الحساسية المذهبية، والجيش هو المسؤول عن أمنها. وفي شأن الجرود أقول على رأس السطح وأكرر موقفي اليوم ان اي شبر من الاراضي اللبنانية المحتلة جنوباً وشرقاً او غرباً من حق الدولة والجيش والشعب والمقاومة تحريره. في اختصار أردّد انا مع المقاومة حتى الموت".

ورفض بري "تعريض المؤسسة العسكرية لأي خضة. أنا مع تعيين قادة الاجهزة الامنية، وفي حال عدم تحقيق هذا الأمر، فلا مفر من التمديد تلافياً للفراغ على رأس المؤسسة العسكرية". وتساءل: "هل من المنطق ان نعيّن اليوم قائداً للجيش وولاية العماد جان قهوجي تنتهي في ايلول المقبل؟ ولماذا يطرح الموضوع منذ الآن، وقت يخوض الجيش مواجهة كبيرة ضد الارهاب والجماعات التكفيرية؟ واذا افترصنا ان التعيين تم غداً سيصبح عندنا قائدان للجيش، لان ولاية قهوجي تنتهي في ايلول، وهل المطلوب ان نقول للرجل اذهب الى منزلك؟ ان ما يحصل لا يصب في مصلحة الجيش".

وأضاف: "حسنا يفعل وزير الداخلية نهاد المشنوق لأنه سيبت موضوع المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص في اليوم الاخير من الولاية الممددة له سواء بالتمديد له او تعيين خلف له".
 
زيارة السعودية
وأفادت مصادر سياسية مطلعة ان تحالف "الحزب - التيار" لم يشأ تعطيل العمل الحكومي عشية توجه رئيس الوزراء تمام سلام الى المملكة العربية السعودية غدا، فتتكرر تداعيات اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري خلال دخوله البيت الابيض.
وعلمت "النهار" أن الوفد الرسمي الذي سيرأسه سلام يضم وزراء الدفاع سمير مقبل والداخلية نهاد المشنوق والخارجية جبران باسيل والصحة وائل أبو فاعور والشباب والرياضة عبد المطلب الحناوي والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير ورئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر.

ورأى السفير السعودي علي عواض عسيري أن الزيارة للمملكة "تشكل مناسبة لتأكيد قيادتها متانة العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط الدولتين والشعبين الشقيقين، ودعم الحكومة اللبنانية وكل مؤسسات الدولة وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، بحيث تحث المملكة القوى السياسية اللبنانية على التوافق وانتخاب رئيس جديد في أقرب فرصة ممكنة، إضافة الى تفعيل الحوار الداخلي وتغليب المصلحة العليا للبنان على كل المصالح، عبر إبعاده عن التوترات المحيطة به وتهدئة الساحة الداخلية وعدم استجلاب مواضيع خلافية خارجية لا علاقة له بها".
 
جنبلاط
على صعيد آخر، علمت "النهار" أن رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط أوفد قبل أيام الى الاردن ثم الى تركيا الوزير وائل ابو فاعور من أجل درس التطورات المتلاحقة في جبل العرب حيث السكان في غالبيتهم من الدروز، في ضوء انسحاب قوات النظام السوري من المنطقة وانتقالها الى أمكنة أخرى. ثم عاد النائب جنبلاط وأوفد الوزير أكرم شهيب الى عمان لإجراء محادثات مع المسؤولين الاردنيين تناولت التطورات في المناطق المحاذية للحدود الاردنية.
 
مهرجان في الحمراء
وفي مقابل كل التصعيد، مساحة من الفرح، نظمتها جمعية "أحلى فوضى" من خلال مهرجانها السنوي الثاني امس في شارع الحمراء. وحمل المهرجان هذه السنة عنوان" توت توت عَ بيروت". وانطلق برنامج المهرجان بنشاطات خاصة بالأطفال والمراهقين، وتواصل خلال النهار بفصول من الأوبرا والموسيقى العالمية، وعروض لفرق لبنانية، واختتم بمشاركات لعدد من الفنانين: أحمد قعبور، باسكال صقر، جو أشقر، جهاد عقل، باسم فغالي، برونو وسينتيا وغيرهم، وتنافس 16 راقصاً Break Dance أمام لجنة تحكيم دولية.

"لقاء سيّدة الجبل": لا تمييز في الإرهاب وحماية المسيحيّين ليس بتحالف الأقليّات

عقد "لقاء سيدة الجبل" خلوته السنوية الـ 11 في دار سيدة الجبل في فتقا، بعنوان "انتخاب رئيس جديد واجب ومسؤولية وطنية مشتركة". وتوالى على الكلام المطران يوسف بشاره ممثلا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الذي ذكر باصدار الكنيسة المارونية "منذ تسعة اعوام الوثائق المجمعية التي تتضمن نصا بعنوان "الكنيسة المارونية والسياسة". وقال: "لان مضمون هذا النص يجيب في تساؤلات المسيحيين واللبنانيين وهواجسهم، ستنحصر مداخلتي على تبيان هذه المفاصل والثوابت التي ابرزتها في ما بعد شرعة العمل السياسي في ضوء تعليم الكنيسة، وخصوصية لبنان والمذكرة الوطنية التي اصدرها الكاردينال الراعي دون اغفال المواقف الوطنية المشتركة والجريئة التي عبر عنها الكاردينال البطريرك نصر الله صفير".

وعدد مضمون الفصل الاول الذي "يتناول المسار التاريخي للكنيسة المارونية في المجال السياسي منذ البدايات حتى المرحلة المعاصرة منذ 1920 الى اليوم"، متوقفاً عند الاستقلال والميثاق الوطني مرورا باحداث 1958 وسنوات الحرب 1975 – 1989 (...) وفي فصل ثان يعالج النص مرحلة ما بعد الحرب واتفاق الطائف الذي كان للكنيسة دور في ارسائه". ويتطرق الفصل الثالث الى التحديات مركزا على العيش المشترك وبناء دولة ديموقراطية حديثة".

وتابع: "بالنسبة الى المصالحة مع السياسة، يتضمن هذا الباب ثلاثة عناوين هي المشاركة في ادارة الشان العام والتزام القيم الايجابية لتجدد روحي لدى الموارنة في الالتزام السياسي وتفعيله، وتجديد القيادات ومحاسبتها ثم تعزيز الثقافة والممارسة الديموقراطية مع تركيز على دور الشباب والمرأة".

بدوره، أشار الامين العام لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد الى ان انتخاب رئيس جديد للبلاد هو "مسؤولية وطنية مشتركة، واذا نجحنا في وضعها حيث يجب ان تكون فسننتخب رئيسا من دون انتظار موازين القوى الاقليمية والمصالح الدولية".

وتطرق الدكتور البير رزق الله الى "النقاط الواردة في المذكرة الاقتصادية التي صدرت عن البطريركية المارونية والتي تبدو صالحة لتكون أساساً لبرنامج وطني اصلاحي مشترك". ولفت الى ان "الاقتصاد متعاف رغم تدفق النازحين السوريين الكبير والذي سبقه نزوح عراقي وقبله فلسطيني، وقد حقق الاقتصاد نموا ايجابيا خلال السنوات الماضية (...)".
وتمنى احمد الغز ان "يكون هذا اللقاء بمثابة اعادة تجديد الهوية الوطنية".

وتحدث النائب السابق سمير فرنجية عن دور المسيحيين في مواجهة الاستحقاقات الداخلية والتطورات الاقليمية، وقال: "حماية الوطن تتطلب منا ألا نكرر اخطاء الماضي فنربط الاستحقاقات الدستورية بالصراعات على السلطة وألا نحولها ورقة يستخدمها الخارج خدمة لمصالحه، بل ان نقدم فورا على انتخاب رئيس للجمهورية مهمته الاولى منع انهيار المؤسسات".
ولاحقاً، تلي البيان الختامي الذي تضمن التوصيات الآتية:

"اتفق المشاركون على إنشاء لجنة تحضيرية، مهمتها الإعداد لإطلاق كتلة لبنانية عابرة للطوائف تعمل من أجل حماية لبنان، وذلك على الاسس الآتية:

أولاً: لا تمييز بين ارهاب وارهاب، لا يمكن ان نشعر بالاشمئزاز من جرائم "داعش" ونتغاضى عن جرائم الأسد.

ثانياً: الارهاب يطال الجميع، الاقليات كما الاكثرية. صحيح ان المسيحيين والاقليات يتعرضون للارهاب والتهجير على يد "داعش" الا ان معظم ضحايا "داعش" هم من المسلمين. ومن يتعرض للقتل في سوريا منذ ثلاث سنوات ليست الاقليات وإنما الاكثرية.

ثالثاً: حماية المسيحيين لا تكون من خلال تحالف الاقليات، وهو تحالف يضع المسيحيين في مواجهة عدائية، بل في حالة حرب، مع الاغلبية المسلمة. ان ربط مصير المسيحيين في الشرق بأنظمة أقلوية مستبدة، تحت شعار تحالف الاقليات، يشوه طبيعة الوجود المسيحي كشريك للمسلمين في بناء انظمة مدنية ديموقراطية.

رابعاً: ليس هناك حل مسيحي خاص لمشاكل المسيحيين، بل حل شامل لكل مشاكل المنطقة، وللمسيحيين دور فاعل فيه.

خامساً: ان التجربة اللبنانية في العيش معا يمكن ان تقدم للمجتمعات العربية التعددية نموذجا يحتذى، كما ان لبنان المعافى، بانفتاحه وحيويته الفكرية، قد يصبح مصدر إلهام لعالم عربي متجدد. حرية المعتقد التي كفلها الدستور اللبناني منذ 1926 اعتمدتها اليوم تونس ومصر، ويتوجب تعميمها على العالم العربي".