التاريخ: أيار ٣١, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
«البراميل» تقتل عشرات في حلب والمعارضة تواصل معارك إدلب وتشكيل «درع الساحل» لحماية العلويين
قتل 71 مدنيا في قصف جوي بـ «البراميل المتفجرة» على مدينة حلب وريفها في شمال سورية، وهي حصيلة بين الأضخم خلال الأشهر الماضية في المنطقة التي تشهد معارك متواصلة على جبهات عدة، في وقت استمر مقاتلو المعارضة بهجومهم للسيطرة على ما تبقى من النقاط العسكرية للنظام في ريف إدلب في شمال غربي البلاد.

وسقط العدد الأكبر من الضحايا في مدينة الباب في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة حلب الواقعة تحت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، إذ بلغ عدد القتلى 59، وهو مرشح للارتفاع، بينما قتل 12 شخصاً في حي الشعار في شرق حلب الواقع تحت سيطرة مقاتلي المعارضة.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن «ارتفاع حصيلة الضحايا الذين سقطوا في قصف جوي بالبراميل المتفجرة من طيران مروحي تابع للنظام على مناطق في مدينة حلب وريفها إلى 71»، بعد أن كانت حصيلة أولية أشارت إلى مقتل 45 شخصاً.

وقتل 12 شخصاً في حي الشعار في شرق مدينة حلب الواقع تحت سيطرة مقاتلي المعارضة. وبين القتلى ثلاثة أطفال وأربع نساء، ثمانية قتلى من عائلة واحدة، بحسب «المرصد» الذي أشار إلى إصابة العشرات بجروح.

وبدت في شريط فيديو التقطه مصور لوكالة «فرانس برس» في حي الشعار، جثث ملقاة على رصيف ومغطاة بأغطية سوداء وملونة ظهرت من تحتها أطراف مدماة. بينما عملت جرافة صغيرة على إزاحة سيارة مدمرة بسبب القصف من الشارع لتتمكن من جرف كوم من الأتربة والركام تقفل الطريق.

وقال شحود حسين من الدفاع المدني لـ «فرانس برس»، إن الطائرات ألقت برميلين متفجرين «تسببا بدمار كبير في المباني واحتراق سيارات بينها سيارة أجرة». وأشار إلى أن المباني في المنطقة التي تعرضت مراراً لقصف جوي «باتت مهددة بالانهيار».

وبلغ عدد القتلى في مدينة الباب الواقعة تحت سيطرة «داعش» 59 رجلاً. وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، إن القصف في مدينة الباب «استهدف سوق الهال الشعبي في ساعة يتجمع فيها الناس لشراء حاجياتهم».

وتندر تنقلات النساء في الأماكن العامة في المناطق الخاضعة لتنظيم «الدولة الإسلامية».

ووصفت «الهيئة العامة للثورة السورية» الناشطة على الأرض استهداف المنطقتين بأنه «من أكبر المجازر التي ارتكبها طيران النظام منذ بداية العام 2015». وأشارت إلى أن عدداً من الجثث التي لم يتم التعرف على أصحابها في مدينة الباب نقلت «أشلاء» إلى أحد المستشفيات الميدانية.

وغالباً ما تتعرض المناطق الخارجية عن سيطرة النظام في حلب لقصف بـ «البراميل المتفجرة» ندد به العديد من المنظمات الدولية وغير الحكومية. و «البراميل المتفجرة» عبارة عن براميل بلاستيكية محشوة بالمتفجرات والمواد المعدنية ولا يمكن التحكم بدقة بأهدافها كونها غير مزودة بصواعق تفجير، وبالتالي تصيب العديد من المدنيين.

وأحصت «منظمة العفو الدولية» في العام 2014 مقتل ثلاثة آلاف مدني نتيجة القصف الجوي من طائرات النظام. وقتل المئات غيرهم منذ مطلع العام الجاري.

ويتقاسم مقاتلو المعارضة وقوات النظام السيطرة على أحياء مدينة حلب.

في المحافظة، تقتصر سيطرة النظام على بعض المناطق الواقعة جنوب وجنوب شرقي المدينة وقرب المدخل الشمالي لحلب، مع تواجد في بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين في الريف الشمالي ويسيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» في شكل شبه كامل على الريف الشرقي والشمالي الشرقي وصولاً الى الحدود التركية، باستثناء مدينة عين العرب الكردية ومحيطها، بينما تسيطر فصائل المعارضة على المناطق الممتدة شمال المدينة وغربها وجنوبها.

من جهة أخرى، قال «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، إن «هذه الهجمات الإجرامية في ظل الانهيارات المستمرة والمتلاحقة لجبهات النظام تأتي إيذاناً بسقوطه القريب بإذن الله، وفي محاولة انتقامية يائسة رغم فشل كل وسائل القتل والتدمير الوحشي التي استخدمها النظام بحق السوريين مستخدماً الصواريخ والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية ومؤخراً لجأ لاستخدام الألغام البحرية واعتماد سياسة الأرض المحروقة».

وأشار إلى حديث مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لتنسيق المساعدة الإنسانية فاليري آموس في تقريرها أول أمس، عن «جانب من الكارثة التي جرها نظام الأسد على سورية خلال السنوات الماضية» منتقدة مجلس الأمن الدولي «بسبب فشله في وضع حد للنزاع في سورية»، ومطالبتها بالعمل على «إصدار قرار أممي يهدد بمعاقبة المسؤولين عن الانتهاكات وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية»، الأمر الذي طالما نبهنا إلى المخاطر المترتبة على التأخير فيه.

وجدد «الائتلاف» تأكيد أن «كل جريمة تنفذها طائرات النظام هي نتيجة مباشرة لفشل المجتمع الدولي في فرض منطقة آمنة تلجم نظام الأسد»، مذكراً بـ «الضرورة القصوى لإعادة النظر في استراتيجية التحالف الدولي، وإصلاح الخلل الجوهري فيها بإدراج نظام الأسد على رأس أولوياتها باعتباره الراعي والمدير والمَصدر الرئيسي للإرهاب».

ويأتي هذا التصعيد الجوي من جانب النظام بعد يومين على خسارته مدينة أريحا في محافظة إدلب (شمال غرب)، ما يجعل كامل محافظة إدلب تقريبا خارج سيطرته. وهي المحافظة الثانية بعد الرقة (شمال).

وقال «المرصد السوري» أمس، إن الطيران المروحي قصف بـ «البراميل المتفجرة مناطق في جبل الأربعين بريف إدلب، كما دارت اشتباكات بين الفصائل الإسلامية من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر في محيط حاجز القياسات، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين».

في دمشق، قتل ستة عناصر من «قوات الدفاع الشعبي» الموالية للنظام مساء الجمعة وأصيب عشرة آخرون بجروح في انفجار استهدف أحد تجمعاتهم في حي التضامن (في جنوب دمشق) القريب من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.

وقال «المرصد»: «استشهد رجلان اثنان من عائلة واحدة، جراء إصابتهما برصاص مجهولين في منطقة الضمير صباح اليوم، بينما قصفت قوات النظام بقذائف الهاون أماكن في مدينة معضمية الشام، بالتزامن مع فتحها نيران رشاشاتها الثقيلة على أماكن في شرق المدينة، كذلك سقط صاروخان اثنان يُعتقد أنهما من نوع أرض- أرض أطلقتهما قوات النظام على مناطق في بلدة زبدين بالغوطة الشرقية، أعقبه اشتباكات في المنطقة بين مقاتلي الفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة، وقوات النظام مدعمة بمسلحين موالين لها من جهة أخرى».

تشكيل «درع الساحل» لحماية العلويين

ظهرت أمس دعوات في معقل النظام السوري لتشكيل «درع الساحل»، بهدف حماية مناطق العلويين من هجمات محتملة لمقاتلي المعارضة، بعد تعزيز تقدُّمهم في ريف إدلب المتاخم للاذقية في الأيام الأخيرة، في حين ارتكبت قوات النظام مجزرة في حلب شمالاً قُتِل فيها أكثر من سبعين مدنياً، وسط أنباء عن دعوات إلى حماية ثانية كبريات مدن سورية من هجوم تنظيم «داعش»، الذي شن أمس هجوماً على مدينة الحسكة شرق البلاد.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن «داعش» فجّر سجن تدمر، وبأن النظام «يعمل لتعويض الخسائر البشرية الفادحة منذ مطلع السنة، إذ وزّع (أمس) في الساحل السوري منشوراً في المدن والبلدات والقرى يدعو أهالي المنطقة الى الالتحاق بلواء درع الساحل لحماية مناطقهم». ولفت إلى أن هذه الحملة جاءت في ظل «وجود حالات كثيرة للتخلف عن الخدمة العسكرية الإلزامية وصلت إلى 70 ألف حالة». وركّز المنشور الذي وزّعته قوات النظام على «تسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية أو المطلوبين إلى صفوف الاحتياط»، إضافة الى تقديم رواتب مغرية.

وقتل 71 مدنياً في قصف جوّي بـ «البراميل المتفجرة» على حي الشّعار في مدينة حلب ومدينة الباب في ريفها، في أضخم حصيلة خلال الأشهر الماضية في المنطقة، وفق «المرصد»، فيما اعتبرت «الهيئة العامة للثورة السورية» أن استهداف المنطقتين يعدّ «من أكبر المجازر التي ارتكبها طيران النظام منذ بداية العام 2015». وجدّد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض تأكيده أن «كل جريمة تنفّذها طائرات النظام هي نتيجة مباشرة لفشل المجتمع الدولي في فرض منطقة آمنة تلجم نظام (الرئيس بشار) الأسد».

مصادر ديبلوماسية غربية قالت لـ «الحياة» أمس، إن دولاً غربية ستضغط في مؤتمر التحالف الدولي- العربي في باريس الثلثاء، لتوسيع مقاتلات التحالف غاراتها من أجل منع تنظيم «داعش» من السيطرة على حلب، وإقناع إدارة الرئيس باراك أوباما بأن تكون خطوط المواجهة بين «داعش» وفصائل «الجيش الحر» في ريف حلب، الجبهة الأولى التي ستنتشر فيها مجموعات المعارضة بعد تخرجها في معسكر التدريب في جنوب تركيا، بموجب برنامج التدريب والتسليح الأميركي.

في شمال شرقي سورية، أفاد «المرصد» بأن مقاتلات التحالف «نفّذت ضربة استهدفت حافلة تقل عناصر من داعش قرب حقل نفطي في بادية الدوير الواقعة جنوب شرقي الميادين وغرب البوكمال في الريف الشرقي لدير الزور، ما أسفر عن مقتل 24 عنصراً من التنظيم، غالبيتهم من جنسيات شرق آسيوية». وأشار إلى أن التنظيم شن هجوماً جديداً على مدينة الحسكة «ترافق مع تفجيره عربتين مفخّختين، ما أسفر عن مقتل وجرح «ما لا يقل عن 50 عنصراً من قوات النظام وقوات الدفاع الوطني وكتائب البعث والمسلحين الموالين».