التاريخ: أيار ٣٠, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
الأزهر يدافع عن استقبال شيخه زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا
التقى شيخ الأزهر أحمد الطيب زعيمة حزب «الجبهة الوطنية» الفرنسي مارين لوبن المعروفة بمواقفها اليمينية المتشددة ضد المهاجرين، لا سيما المسلمين، في خطوة أثارت جدلاً داخل الأزهر نفسه، وبررها عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر محمود مهنى بأنها «في إطار التعريف بصحيح الدين، ومحو الصورة المغلوطة عند بعضهم».

لكن المشيخة بدت مرتبكة بعد المقابلة، فأصدرت بيانين عنها، استخدم ثانيهما لغة أكثر حدة في سرد ما تناولته المقابلة. وأشار البيان الأول إلى أن لوبن «أكدت احترامها الشديد للدين الإسلامي وسماحته»، فيما أوضح الثاني أن الطيب أكد لضيفته «تحفظه الشديد عن آرائها المعادية للإسلام».

وحرص الأزهر على تأكيد أن المقابلة تمت بناء على طلب لوبن، وأنها تمت «في إطار انفتاح الأزهر على الأطراف والتيارات الفكرية كافة بغرض الرد والتصدي لكل ما يسيء إلى الإسلام وسماحته وقبوله للآخر». وقال في بيانه الأول إن لوبن «أكدت احترامها الشديد للدين الإسلامي وسماحته، وأنها تفرق تماماً بين الإسلام بهذه الصورة وبين الإسلام السياسي المتطرف الذي يلقي بظلاله على كثير من مناطق العالم، وأنها حزينة لأن الشعب الفرنسي لا يستطيع أن يفرق بين هذا وذاك»، فعلق شيخ الأزهر بأنه «لا يوجد إسلام سياسي وإسلام متطرف. لكن هناك مسلمون معتدلون يفهمون صحيح الدين، وهم الغالبية، وآخرون متطرفون وهم أقلية أساؤوا فهم الدين».

وطلبت لوبن أن يكون الأزهر على تواصل مع المؤسسات الفرنسية «من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، نظراً إلى مكانة الأزهر وفكره المعتدل الذي يحترم الأديان والحضارات كافة وحقوق المرأة»، موضحة أنها «مع أن يعبر المسلمون الفرنسيون عن إسلامهم وأن يعيشوه بحرية مطلقة في فرنسا».

وأشار الطيب إلى أن «السبب الرئيس في ما يعاني منه العالم الآن يتحمل الغرب جزءاً كبيراً منه، خصوصاً أن الغرب احتضن كثيراً من الإرهابيين»، داعياً إلى «العمل على مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا في البلاد الغربية».

ونقل بيان لاحق عن الطيب تأكيده «تحفظه الشديد عن آراء مارين لوبن المعادية للإسلام والمسلمين بحسب ما تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، وأن هذه الآراء تحتاج إلى إعادة النظر والمراجعة والتصحيح». وذكر أن «شيخ الأزهر أكد لضيفته أنه ليس هناك شيء يسمى بالإسلام السياسي أو الإسلام المتطرف، فالإسلام واحد، وهناك مسلمون معتدلون وهم الغالبية وهناك قلة قليلة من المتشددين، ولا ينبغي أن نحاكم الدين بانحرافات المنتسبين إليه… إن فعلنا ذلك يمكن أن ندين المسيحية بما ارتكبته الحروب الصليبية من جرائم ضد الإنسانية، وبالمجازر التي ارتكبتها محاكم التفتيش في إسبانيا باسم المسيحية». وذكر البيان أن لوبن «أقرت صراحة أنه لا يجب الخلط بين الدين الإسلامي كدين وبين أعمال العنف التي يرتكبها بعض المنتسبين إليه».

وقال لـ «الحياة» عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر محمود مهنى إن «شيخ الأزهر هو المسؤول الأول عن الإسلام في العالم كله، لأنه يترأس المؤسسة الإسلامية الوسطية التي تنادي بالإسلام الصحيح الذي لا فرق فيه ولا جماعات، ومن ثم فهو يلتقي كل الأطياف في إطار مهمته».

وأضاف أن «المسلمين ينقسمون إلى قسمين: وسطي ومتطرف، القسم الوسطي هو الذي يفهم الإسلام فهماً علمياً مستقيماً وعلى رأسه الأزهر وشيخه، والقسم المتطرف هو الذين يفهم الإسلام فهماً عنيفاً من دون روية أو تدبر. وشيخ الأزهر باعتباره مسلماً وسطياً مسؤول عن أن يقابل كل الناس، من يدينون بالإسلام ومن لا يدينون به اقتداء بفعل النبي صلي الله عليه وسلم الذي التقى باليهود في المدينة وعقد معهم معاهدة مكونة من أكثر من 40 بنداً وتركهم على دينهم واحترمهم، كما استقبل نصارى نجران القادمين من اليمن في مسجده الشريف... شيخ الأزهر ينفذ تعاليم الإسلام التي تأمرنا بأن نبر ونقسط ونعدل مع غيرنا ممن لا يدين بديننا».

وأشار إلى أن «الديانة الثانية في فرنسا هي الإسلام، لكن بعضهم يريد أن يعكر الصفو بين الفرنسيين وبين المسلمين الفرنسيين. مسلمو فرنسا قوم مسلمون وسطيون تابعون للأزهر الشريف، ومن هنا فإن فرنسا ممثلة في رئيسها طلبت من شيخ الأزهر أن يمدها بالعلماء وأن يزور هو شخصياً فرنسا ليرى الإسلام والمسلمين هناك».

وأضاف مهنى: «حتى إن كان بعضهم معادياً لنا، فنحن على استعداد لأن نجلس معه وأن نبين له وجهة ديننا وأننا لا نعتدي على أحد ولا نحتقر أحداً ولا نجبر أحداً على اعتناق الدين».