التاريخ: أيار ٣٠, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
طريق اللاذقية - حلب في يد المعارضة
النظام السوري يفقد عملياً سيطرته على محافظة إدلب
عزز مقاتلو المعارضة السورية وجودهم العسكري قرب ريف اللاذقية معقل النظام بعد سيطرتهم على مدينة أريحا وعدد من القرى والمواقع العسكرية في ريفها، إضافة إلى أنهم أحكموا قطع الطريق الواصل بين اللاذقية وأحياء النظام في حلب، في وقت أقدم مقاتل سرياني على ذبح عنصر من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في شمال شرق البلاد. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على اللواء محمد محلا الرئيس الجديد لشعبة الاستخبارات العسكرية.

وكان «جيش الفتح» الذي يضم سبعة فصائل معارضة بينها «أحرار الشام» و «جبهة النصرة»، سيطر خلال معركة لم تتجاوز مدتها أربع ساعات على مدينة أريحا آخر المدن التي كانت خاضعة لسيطرة النظام في محافظة إدلب، بعد سيطرته على مدينتي إدلب وجسر الشغور قبل أسابيع، وأكمل مقاتلو «جيش الفتح» طريقهم الى قرى معترم وأورم الجوز وكفرشلايا لاستكمال السيطرة على قرية محمبل ونقاط عسكرية في القيسات وبسنقول وفريكا لربط مناطق المعارضة في أريحا وجسر الشغور. وقال «المرصد» إن مقاتلي المعارضة قتلوا 18 من القوات الحكومة والميلشيا الموالية لها في أريحا وقتلوا 13 آخرين بعيداً من مناطق القتال، كما بث نشطاء معارضون صوراً لجثث قتلى النظام في أريحا وقرب أورم الجوز، وشنت مقاتلاته ومروحياته غارات مكثفة على القرى التي سيطر عليها «جيش الفتح» في ريف إدلب.

ولم يبق للنظام في محافظة إدلب، سوى مطار أبو ضهور العسكري وقريتي الفوعة والفريكة اللتين تضمان شيعة موالين قرب بلدة بنش. وبذلك يعزز مقاتلو المعارضة وجودهم أكثر قرب ريف اللاذقية والقرداحة مسقط رأس أسرة الرئيس بشار الأسد.

وأوضح مصدر أمني سوري لوكالة «فرانس برس»، أن انسحاب الجيش من أريحا مرتبط بـ «تقلص هامش المناورة» المتاح أمام وحداته، قائلاً: «نتيجة لتقديرات عسكرية اتخذت قواتنا القرار بالانتقال إلى مواقع جديدة في محيط المدينة والتحضير للمرحلة المقبلة». وتحدث المصدر عن «اعتبارات» عدة أملت اتخاذ قرار الانسحاب، أبرزها «تجنيب المدنيين المعركة أو تعريض المدينة للدمار، ونقل القوات إلى وضعية تكون فيها قادرة بشكل أكبر على إتمام عملها».

في شمال شرقي البلاد، قال «المرصد» إن عنصراً من «المجلس العسكري السرياني» أسر عنصراً من تنظيم «الدولة الإسلامية» من جنسية غير سورية، في إحدى القرى الآشورية في محيط بلدة تل تمر في محافظة الحسكة، ثم أعدمه بفصل رأسه عن جسده بواسطة آلة حادة، ذلك في تكرار لأسلوب «داعش» في ذبح معارضيه.

وأعلنت «جبهة النصرة» استعدادها لمشاركة الفصائل العسكرية في حلب في الوقوف ضد ممارسات الميليشيا الكردية بحق المدنيين في حي الشيخ مقصود في حلب، وذلك بعدما أشارت إلى أن «وحدات حماية الشعب» الكردية «تقف إلى جانب النظام في التضييق على المدنيين».

في بروكسيل، أفادت الجريدة الرسمية الأوروبية بأن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على اللواء محمد محلا الذي عينه الأسد رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية خلفاً للواء رفيق شحادة الذي أقيل بعد مشاجرة مع رئيس جهاز الأمن السياسي اللواء رستم غزالي في آذار (مارس) الماضي. وأضافت أن محلا «مسؤول عن القمع والعنف ضد المدنيين» في سورية.

النظام السوري يفقد عملياً سيطرته على محافظة إدلب

أوشك النظام السوري على فقدان سيطرته على كامل محافظة إدلب في شمال غربي البلاد، بعد سيطرة مقاتلي المعارضة في «جيش الفتح» على مدينة أريحا، آخر المدن الكبرى في هذه المنطقة الحدودية مع تركيا.

وإذا استكمل النظام انسحابه من اخر المواقع المتبقية له للتركيز على حماية مناطقه الأكثر استراتيجية، تصبح ادلب المحافظة الثانية التي تخرج عن سيطرته بعد محافظة الرقة، معقل تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في شمال شرقي البلاد.

وتمكن مقاتلو الفصائل الإسلامية المنضوية في إطار «جيش الفتح» من السيطرة امس على مدينة اريحا في شكل كامل، اخر معاقل النظام في محافظة ادلب، وذلك بعد هجوم خاطف انتهى بانسحاب كثيف لقوات النظام وحلفائه عبر الجهة الغربية للمدينة.

ولم يستغرق الهجوم على اريحا إلا بضع ساعات على رغم تعزيزات النظام الكبيرة، وفق ما اكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وناشطون معارضون.

وقال مصدر امني سوري الجمعة لوكالة «فرانس برس» ان «المناطق الحيوية الأساسية بالنسبة الى النظام هي دمشق وحمص وحماة (وسط) والساحل. أما ادلب فلم تعد من ضمنها وهو ما يفسر انسحاب الجيش السريع من اريحا».

وبحسب «المرصد»، فإن الآلاف من قوات النظام بالإضافة الى مقاتلين إيرانيين ومن «حزب الله» اللبناني كانوا يتحصنون داخل اريحا.

وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن الجمعة لوكالة «فرانس برس» ان المدينة «لم تشهد اشتباكات حقيقية بين قوات النظام ومقاتلي النصرة وحلفائها، لأنه لم يعد بإمكان النظام تحمل المزيد من الخسائر البشرية». وأضاف: «حتى مع دعم إيران وحزب الله، لا يتمكن النظام من تعويض الخسائر في صفوف جنوده».

ويقدر «المرصد» وجود «سبعين ألف متخلف عن الخدمة العسكرية في أنحاء سورية، وتحديداً في معاقل النظام».

وتأتي خسارة قوات النظام لاريحا، بعد سيطرة الفصائل المنضوية في «جيش الفتح» خلال الأسابيع الأخيرة على مناطق عدة في محافظة ادلب، ابرزها مدينة ادلب، مركز المحافظة، وجسر الشغور ومعسكري القرميد والمسطومة.

ولا يزال النظام يحتفظ بمطار ابو الضهور العسكري الواقع على بعد اكثر من عشرين كيلومتراً جنوب غربي اريحا، وقريتي الفوعة وكفرية الشيعيتين، بالإضافة الى بعض البلدات الصغيرة والحواجز العسكرية.

وقال الناشط المعارض ابراهيم الادلبي لوكالة «فرانس برس» عبر الإنترنت ان المعارك بين الطرفين «تتركز حالياً في الريف الغربي للمدينة»، مضيفاً ان الفصائل المقاتلة «تريد استكمال السيطرة على مواقع النظام الأخيرة وأبرزها مطار أبو الضهور العسكري».

وتعرضت مناطق في اريحا الجمعة لقصف من الطيران الحربي التابع لقوات النظام، وفق «المرصد» الذي احصى مقتل 18 من قوات النظام والمسلحين الموالين على الأقل في معارك الريف الغربي لاريحا.

وتلقى النظام سلسلة خسائر ميدانية في الأسابيع الأخيرة بالاضافة الى ادلب، ابرزها في محافظة درعا (جنوب) وفي حمص (وسط)، حيث خسر مدينة تدمر الأثرية في 21 أيار (مايو) الجاري. ويقول محللون إن تقدم فصائل المعارضة مرتبط بتلقيها دعماً خارجياً.

وقال عبد الرحمن ان «أولوية النظام السوري في الوقت الحالي هي إنشاء خطوط دفاع لحماية محافظتي اللاذقية (غرب) وحماة (وسط)، ولم يعد ابدا في موقع الهجوم». واضاف: «اذا استمرت الامور على هذا النحو، فيمكن للنظام ان يخسر مدينة حلب» في شمال البلاد، التي تشهد منذ صيف 2012 اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وكتائب المعارضة اللتين تتقاسما السيطرة على أحيائها.

ويقول محللون إن النظام السوري قد يجد نفسه مضطراً للاكتفاء بتعزيز سيطرته على المناطق الممتدة من دمشق إلى الساحل السوري غرباً حيث يتمتع بنفوذ قوي، وذلك بعد أربعة أعوام من حرب أضعفت قواته ومؤسساته.

ويسيطر النظام عملياً على محافظات اللاذقية وطرطوس (غرب) والسويداء (جنوب) بالإضافة الى العاصمة، وعلى بعض المناطق في محافظات دير الزور (شرق) ودرعا (جنوب) والقنيطرة (الجنوب) والحسكة (شمال شرق) فيما يتقاسم السيطرة مع فصائل المعارضة على محافظة دمشق وحلب وحمص وحماة.

وبات تنظيم «الدولة الإسلامية» وفق «المرصد» يسيطر على نصف الأراضي السورية، وتحديداً في الشمال والشرق، ويعمل اليوم على تعزيز وجوده في وسط البلاد بعد سيطرته على مدينة تدمر.

وكانت «حركة أحرار الشام الإسلامية» أعلنت عن إلقاء مقاتليها القبض على العميد عبد الخالق منصور حيث وجدوه مختبئاً في الأراضي الزراعية بعد فراره من مستشفى جسر الشغور. ونشرت الحركة شريطاً مصوراً اظهر فيه العميد منصور بعد إلقاء القبض عليه، ووضعه في سيارة خاصة لنقله إلى جهة مجهولة. في حين أكد الناشط المعارض هادي العبد الله أن الحركة ألقت القبض عليه برفقة ضابطٍ آخر برتبة ملازم أول ويدعى علي سلطون، مشيراً إلى أن منصور هو ابن مدينة القصير في ريف حمص الغربي، كما طلب من الحركة بتسليمه لأمهات شهداء القصير للقصاص منه.

من جهته، قال «الائتلاف الوطني السوري» المعارض ان «تحرير مدينة أريحا بريف إدلب يأتي استمراراً لسلسلة من الانتصارات على طريق تحرير كامل التراب السوري، فارضة مستجدات لا بد للمجتمع الدولي والدول العربية وسائر الدول من أصدقاء الشعب السوري من التعاطي معها في شكل يمهد لانتقال سياسي كامل ومن ثم إعادة بناء سورية دولة مدنية تحقق تطلعات أبنائها جميعاً».

وأضاف في بيان: «بدأت علامات السقوط الحتمي للنظام بالتوضح، لكننا نحذر من التخبط وفوضى الانتقام التي يمكن أن يمارسها النظام ضد المدنيين، وارتكاب مزيد من القتل والتدمير الوحشي واليائس باستخدام الصواريخ والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية ومؤخراً استخدام الألغام البحرية وسياسة الأرض المحروقة، تطبيقاً لأسلوب النظام المعتمد على التدمير الوحشي الذي يستهدف بالدرجة الأولى إجهاض أي محاولة لإقامة مناطق مستقرة وآمنة تحت إدارة الثوار».