التاريخ: أيار ٣٠, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
النظام يوشك أن يخسر كل إدلب وآموس ترسم صورة مروّعة لوحشيّة الحرب السورية
يوشك النظام السوري ان يفقد سيطرته على محافظة ادلب كاملها في شمال غرب البلاد، بعد سيطرة مقاتلي "جبهة النصرة" والفصائل الاسلامية على اريحا، آخر المدن الكبرى في هذه المنطقة الحدودية مع تركيا.

اذا استكمل النظام انسحابه من اخر المواقع المتبقية له للتركيز على حماية مناطقه الاكثر استراتيجية، تصير ادلب المحافظة الثانية تخرج عن سيطرته بعد الرقة، معقل تنظيم "الدولة الاسلامية" في شمال سوريا.

وتمكن مقاتلو "جبهة النصرة" والفصائل الاسلامية المنضوية في اطار "جيش الفتح" من السيطرة الخميس على مدينة اريحا، آخر معاقل النظام في محافظة ادلب، وذلك بعد هجوم خاطف انتهى بانسحاب كثيف لقوات النظام وحلفائه عبر الجهة الغربية للمدينة.

وأفاد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مكانا له وناشطون أن الهجوم على اريحا لم يستغرق سوى بضع ساعات على رغم التعزيزات الكبيرة للنظام.

وقال مصدر أمني سوري إن "المناطق الحيوية الاساسية بالنسبة الى النظام هي دمشق وحمص وحماه والساحل. اما ادلب، فلم تعد ضمنها، وهو ما يفسر الانسحاب السريع للجيش من اريحا".
وأفاد المرصد أن الآلاف من قوات النظام، الى مقاتلين ايرانيين ومن "حزب الله"، كانوا يتحصنون داخل اريحا.

واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن المدينة "لم تشهد اشتباكات حقيقية بين قوات النظام ومقاتلي النصرة وحلفائها، لانه لم يعد في إمكان النظام تحمل المزيد من الخسائر البشرية"، وملاحظا انه "حتى مع دعم ايران وحزب الله، لا يتمكن النظام من تعويض الخسائر في صفوف جنوده". ويقدر المرصد بـ70 الفاً عدد المتخلفين عن الخدمة العسكرية في انحاء سوريا، و"تحديدا في معاقل النظام".

وتأتي خسارة قوات النظام أريحا، بعد سيطرة الفصائل المنضوية في "جيش الفتح" خلال الاسابيع الاخيرة على مناطق عدة من محافظة ادلب، ابرزها مدينة ادلب، مركز المحافظة، وجسر الشغور ومعسكرا القرميد والمسطومة.

ولا يزال النظام يحتفظ بمطار أبو الضهور العسكري الواقع على مسافة اكثر من 20 كيلومترا جنوب غرب اريحا، وقريتي الفوعة وكفرية الشيعيتين، الى بعض البلدات الصغيرة والحواجز العسكرية.

وقال الناشط المعارض ابرهيم الادلبي عبر الانترنت ان المعارك بين الطرفين "تتركز حاليا في الريف الغربي للمدينة"، وان الفصائل المقاتلة "تريد استكمال السيطرة على المواقع الاخيرة للنظام وابرزها مطار ابو الضهور العسكري".

وتعرضت مناطق في أريحا أمس لغارات للطائرات الحربية للنظام، وأحصى المرصد مقتل 18 من جنود النظام والمسلحين الموالين له على الاقل في معارك الريف الغربي لاريحا، كما تحدث عن اعدام "جبهة النصرة" وحلفائها 13 من المسلحين الموالين للنظام داخل اريحا الخميس.

ونشرت صحيفة "جمهوريت" التركية صورا ومقاطع فيديو قالت انها لشحنات اسلحة ارسلت الى المعارضة السورية المسلحة مطلع 2014، مما يدعم اتهامات نفتها حكومة انقرة الاسلامية المحافظة بشدة. وقال عبد الرحمن ان "اولوية النظام السوري حالياً هي انشاء خطوط دفاع لحماية محافظتي اللاذقية وحماه، ولم يعد إطلاقا في موقع الهجوم". واضاف انه "اذا استمرت الامور على هذا النحو، يمكن النظام ان يخسر مدينة حلب" في شمال البلاد، التي تشهد منذ صيف 2012 اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وكتائب المعارضة التي تتقاسم السيطرة على احيائها.

ويرى محللون ان النظام السوري قد يجد نفسه مضطرا الى الاكتفاء بتعزيز سيطرته على المناطق الممتدة من دمشق الى الساحل السوري غربا حيث يتمتع بنفوذ قوي، وذلك بعد اربع سنوات من حرب اضعفت قواته ومؤسساته.

ويسيطر النظام عمليا على محافظات اللاذقية وطرطوس في غرب سوريا والسويداء في جنوبها الى العاصمة، وعلى بعض المناطق في محافظات دير الزور في الشرق ودرعا والقنيطرة في الجنوب والحسكة في الشمال الشرقي، فيما يتقاسم السيطرة مع فصائل المعارضة على محافظة دمشق وحلب وحمص وحماه.

آموس
على صعيد آخر، وفي آخر كلماتها الرسمية أمام مجلس الأمن، رسمت منسقة الامم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس صورة مروعة لوحشية الحرب السورية، ودعت إلى عمل جماعي لإنهائها.

وقالت الخميس في كلمتها الأخيرة أمام المجلس قبل أن ينتقل المنصب إلى البريطاني ستيفن أوبراين: "طوال أكثر من أربع سنوات شهدنا سوريا تنزلق إلى أعماق سحيقة من اليأس تتجاوز حتى ما تصوره أكثر المراقبين قنوطا... وفي الأسابيع الاخيرة، شهدنا المزيد والمزيد من الأفعال الشنيعة. رجال ونساء وأطفال أبرياء يقتلون ويشوهون ويشردون ويعانون وحشية يجب ألا يتحملها بشر".