جنيف – موسى عاصي حوار روسي – أميركي جدي هذه المرة في شأن الملف السوري، الى ما اعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن احراز بعض التقدم مع واشنطن في هذا الملف، يعكس واقعاً فعلياً وجديداً في علاقات ما بعد أزمة اوكرانيا، رسم معالمه وزيرا خارجية البلدين خلال لقائهما في سوتشي في 12 ايار الجاري، ويتابعه مباشرة مذذاك المسؤول عن الملف السوري في وزارة الخارجية الاميركية دانيال روبنستاين مع المسؤولين الروس الذين يلتقيهم في موسكو أو في جنيف.
وأفادت أوساط ديبلوماسية في جنيف، أن الطرفين يبحثان عن تسوية تأخذ في الاعتبار مصالح الاطراف الاقليميين والدوليين، وخصوصاً القوتين الأكثر تدخلاً في الميدان السوري، تركيا وايران، وفي الدرجة الثانية بعض دول الخليج، من غير ان يعني ذلك "الاستكانة فقط الى هذا المسار وانتظار نتائجه أو على الأقل وضع الأزمة السورية على مسار الحل السياسي". فبالتزامن مع هذا الحوار، أو ربما لتحسين الوضع التفاوضي لكل طرف، يحاول كل منهما وضع ما أمكن من أوراق الميدان الرابحة في جيبه. وفي مقابل الاعلانات المتكررة للولايات المتحدة عن نيتها تدريب مقاتلين من "المعارضة المعتدلة" وتوسيع نطاق هذا التدريب ليشمل نقطتي الانطلاق نحو الداخل السوري الحدود التركية – السورية والحدود الاردنية – السورية، يسرب الروس منذ أيام أنهم، بالتحالف مع ايران واستطراداً "حزب الله" اللبناني والنظام السوري، في مرحلة وضع استراتيجية عسكرية جديدة لمواجهة تطورات الميدان الأخيرة، وأن موسكو ستضاعف انخراطها العسكري وبقوة "بعد سقوط خطوط كانت تعتبرها موسكو حتى الامس القريب حمراء وضعتها تفاهمات دولية سابقة".
وترى موسكو، استناداً الى مصادر ديبلوماسية، أن التفاهمات الدولية السابقة قد تم تجاوزها اعتباراً من معركة ادلب مطلع نيسان الماضي، عندما سقطت المدينة في يد "جيش الفتح" وقوته الاساسية "جبهة النصرة" بفعل "الاندفاع الضخم للمسلحين ودخول العتاد المتطور ولا سيما منه الصواريخ المضادة للدروع من نوع "تاو" عبر الحدود التركية"، وما تبع ذلك من هزائم متتالية للقوات النظامية في محافظة ادلب مع سقوط مدينتي جسر الشغور وأريحا ومعظم انحاء المحافظة.
ويبدو أن الخطر الارهابي ليس الوحيد الذي دفع كلاً من موسكو وواشنطن للجلوس الى طاولة الحوار. فثمة شعور لدى الطرفين بأن القوى الاقليمية باتت تتصرف في الملف السوري بمنأى عن رغبات القوى الكبرى ومصالحها. ويظهر الخلاف في وجهات النظر بين واشنطن وأنقرة على المنطقة العازلة في الشمال السوري الذي تصر عليه تركيا على رغم رفض واشنطن. وتحاول أنقرة اليوم فرضه بقوة الميدان بعد فشلها في تحقيقه بالوسائل الأخرى.
وتقول الاوساط الديبلوماسية المتابعة للملف السوري في جنيف، إن المعارك الأخيرة في ادلب ودفع الآلاف من المسلحين والعتاد المتطور الى هذه المحافظة المحاذية للساحل السوري، الذي يعتبر منطقة نفوذ الرئيس بشار الأسد، كانت في صلب المسعى التركي لتحويل أجزاء من الشمال منطقة عازلة، وأن هدف الاندفاع نحو ادلب هو دفع النظام السوري الى سحب قسم من قواته الموجودة في حلب للدفاع عن ادلب. لكن القوات النظامية السورية "وبنصائح خارجية" فضلت الخسارة في ادلب على خسارة حلب. وتوقعت هذه الاوساط تصاعد الضغط العسكري على النظام وخصوصا في الشمال خلال الاسابيع المقبلة.
دو ميستورا ويراهن المبعوث الدولي لحل الازمة السورية ستيفان دو ميستورا على نتائج الحوار الروسي - الاميركي من أجل وضع نتائج مشاوراته في سياقها الصحيح أي اطلاق الدعوة الى جنيف 3. وفي معلومات استقتها "النهار" من بعض من التقاهم دو ميستورا كان حوار موسكو - واشنطن هو اساس خطة المبعوث الدولي التي تقوم بداية على جمع آراء الاطراف السوريين ورؤيتهم للحل، ومن ثم جمع استنتاجاته في ورقة نقاش اساسها وثيقة جنيف 1، تتحول لاحقاً مادة نقاش فعلي في مفاوضات جنيف 3، ويعتبر المبعوث الدولي أن شرط الاعلان عن انطلاق جنيف 3 ونجاحه هو الاتفاق المسبق بين موسكو وواشنطن، وأنه لا يقف كثيرا عند التغييرات الميدانية على اساس أن الحرب في سوريا هي "كر وفر" وأن لا حل ينهي الأزمة سوى الحوار السياسي.
ويواصل دو ميستورا لقاءاته في جنيف، وأوضحت المتحدثة باسمه جيسي شاهين لـ"النهار" أن المبعوث الدولي سيزور اسطنبول الاسبوع المقبل تلبية لدعوة من الائتلاف السوري المعارض حيث سيجري حواراً مع عدد من أعضائه هناك. وأشارت الى أن هذا اللقاء يندرج في اطار الحوار الذي بدأه دو ميستورا في 5 ايار الجاري، ويذكر أن الائتلاف السوري رفض لقاء دو ميستورا في جنيف وأوفد عضو الهيئة السياسية هيثم المالح لتسليمه رسالة تشرح أسباب مقاطعته الحوار. |