التاريخ: أيار ٢٩, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
انتشار مفاجئ للجيش يُعطّل لُغم عرسال الاختبار الحاسم للحكومة اللبنانية في ملف التعيينات
السنيورة مُنهياً شهادته أمام بداية المحكمة: أتمسّك بقول الأسد: "سأكسّر لبنان على رأسك"
رحّل مجلس الوزراء تبايناته وخلافاته في شأن ملفين متوهجين هما ملف عرسال والتعيينات الامنية والعسكرية الى جلسة يعقدها الاثنين المقبل، أي عشية زيارة سيقوم بها رئيس الوزراء تمام سلام للمملكة العربية السعودية ليومين، الأمر الذي يضفي على الجلسة طابعاً استثنائياً يمكن ان يتحدد في ظله مصير الاختبار الحكومي وان تكن جلسة البارحة اعادت تثبيت قاعدة منع انهيار الحكومة أياً كان الثمن.

وقالت مصادر وزارية بارزة لـ"النهار" ان قضية عرسال "إنطفأت أو شبه إنطفأت بالمواقف السياسية التي سجّلت في الجلسة أمس وبالانتشار الميداني للجيش في البلدة، لكن ما بقيّ مشتعلا هو موضوع التعيينات الذي سيكون محور السخونة في الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء الاثنين المقبل". ورجحت أن يلجأ وزراء "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" الى الاعتكاف إذا لم يصلوا الى مرادهم في التعيينات الامنية بما يعني امكان شلّ عمل المجلس حتى إشعار آخر. وفي هذا السياق تحدثت مصادر مواكبة عن سيناريو تعطيل مشابه لذلك الذي إعتمد في مطلع عام 2011 عندما فرطت حكومة الرئيس سعد الحريري لدى زيارته للبيت الابيض في واشنطن، وهذه المرة ثمة إحتمال لإستهداف الرئيس سلام الذي سيبدأ الثلثاء المقبل زيارته للسعودية. لكن مصادر وزارية أخرى قالت لـ"النهار" انه من المبكر الحديث عن نتائج متشائمة لجلسة الاثنين وذلك بفعل الاتصالات التي بدأت قبل يوميّن لإيجاد مخارج للملفين الامني والتعيينات.

وبالنسبة الى وقائع جلسة أمس، علمت "النهار" أن وزير الخارجية جبران باسيل كرّر ما سبق له ان طرحه في الجلسات السابقة عن عرسال والتعيينات. ثم تلاه وزير الصناعة حسين الحاج حسن الذي حذر من مغبة عدم حسم موضوع جرود عرسال لئلا يتكرر ما حصل في الرمادي والموصل. ودعا الى إتخاذ قرار حاسم وحازم بمواجهة التكفيريين. عندئذ طلب رئيس الوزراءمن وزيريّ الدفاع سمير مقبل والداخلية نهاد المشنوق الادلاء بمعطياتهما عن عرسال والتعيينات، فقال الوزير مقبل أن الوضع في عرسال ليس دراماتيكياً بقدر ما قاله زميله الوزير الحاج حسن لأن الجيش مرتاح الى واقع عرسال ويسيطر على البلدة وتلالها، مشيراً الى أن غالبية الاهالي مع الدولة فيما هناك أقلية مع التكفيريين والتنظيمات الارهابية. وأوضح أن قيام الجيش بعملية أمنية في عرسال من شأنه أن يوقع ضحايا في صفوف المدنيين لكن الجيش سيقوم بما هو مناسب في الوقت المناسب. واضاف ان معارك القلمون أدت الى إنسحاب نحو 15 في المئة من المسلحين الى جرود عرسال لكن الجيش يحاصرهم. وعن التعيينات قال ان التشكيك في قائد الجيش مرفوض تماماً، لافتاً الى ان التمديد الاول له جاء من وزير دفاع ينتمي الى "تكتل التغيير والاصلاح" هو فايز غصن ولم يثر ذلك التمديد أي إعتراض أو طعن دستوري. وتساءل عن هدف الحملة الحالية على قيادة الجيش وسط المعارك المصيرية التي تخوضها اليوم؟ ورأى أن تعيين قائد للجيش منفصل تماماً عن تعيين مدير عام لقوى الامن الداخلي وأن هناك مهلة لقائد الجيش حتى أيلول المقبل "وعندما نصل اليها نصلي عليها".
 
المشنوق
أما الوزير المشنوق، فادلى بمداخلة اكتسبت اهمية كبيرة وجاء فيها ان موضوع عرسال يشتمل على ثلاثة أمور: البلدة، اللاجئين والجرود. وقال ان 95 في المئة من أهالي البلدة هم مع الدولة والجيش فهل نعاقبها من أجل خمسة في المئة فقط؟ وأضاف: أن الموضوع لا يتطلب معركة بل معالجة. وعن اللاجئين السوريين أفاد ان مخيماتهم في البلدة تضم 80 الف نسمة نصفهم مقاتلون، فيما هناك مخيم خارج البلدة على التلال يضم 20 ألف لاجئ غالبيتهم من المدنيين. لكن أوضاع هذه المخيمات يمسك بها الجيش الذي يمنع حصول توسع للمجموعات المسلحة التي باتت محاصرة والجيش هو الذي يقرر معالجة أوضاع الجرود. وقال: لقد كنت أنا من بدأ بالقول ان عرسال محتلة لكن تحريرها لا يعني القضاء على سكانها. وهذا الامر ناجم عن التورط في الحرب السورية. فحزب الله دخل سوريا على أساس حماية مقام السيدة زينب فإذا به اليوم يتحدث عن مواجهة إمارة تكفيرية. نحن لا نناقش الموضوع الذي لا نوافق عليه أصلا بل نريد حماية لبنان والخروج من المستنقع السوري الذي كدنا (فريقه السياسي) أن نتورط فيه لكننا انسحبنا منه ونتمنى عليكم (حزب الله) أن تتخذوا مثل هذه الخطوة. وأكد أن الانجازات الامنية التي حمت لبنان ليست معارك القلمون بل ما قامت وتقوم به الاجهزة الامنية من كشف للبؤر الامنية والقبض على شبكات الارهاب والقيام بعمليات إستباقية.

سلام
 
ثم كانت مداخلة للرئيس سلام رأى فيها أنه في ظل هذه الأجواء الايجابية لا يجوز الحديث عن تطيير الحكومة التي استطاعت حماية البلد منذ أكثر من سنة وأنجزت الكثير، مقترحاً إرجاء البحث الى الخميس المقبل. لكن وزراء أقترحوا تقديم الموعد الى الاثنين حرصاً على إيجاد مخرج لموضوع المدير العام لقوى الامن الداخلي، مع العلم أن هناك سبعة وزراء على لائحة طالبي الكلام. مع الاشارة الى ان جدول الاعمال إستغرقت مناقشته ثلاث ساعات ونصف ساعة، في حين ان الموضوع السياسي إستغرق بحثه فقط ثلاثة أرباع الساعة.
 
بري
في غضون ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره ان "البلد يسير بالمقلوب وعكس المنطق. في أكثر البلدان عندما تكون السياسة مستقرة ينعكس هذا الامر على الامن. اما الوضع في البلد فهو يشبه كوب ماء مقلوباً، حيث يوجد امن مستقر على عكس حال السياسة. ولولا الحوار القائم وضوابطه بين حزب الله وتيار المستقبل لما تحقق هذان الاستقرار والامن الموجودان في البلد".

وسئل هل يخشى تأثير التصعيد السياسي على حوار عين التينة؟ فأجاب: "لا احد يستطيع ايقاف الحوار الذي يحظى برعاية ايرانية وسعودية ولن يكون في امكان احد ان يعطله. الحوار في اختصار هو مسلمة المسلمات".
ولماذا لا تنعكس اجواء الحوار على مجلس الوزراء؟ اجاب: "لينعكس اولا على مجلس النواب. وتبقى المشكلة الاولى في الرأس وهو عدم القدرة حتى الان على انتخاب رئيس للجمهورية، حيث يجب ان تنصب كل الجهود لاتمام هذا الاستحقاق".
 
الجيش في عرسال
وتزامنت جلسة مجلس الوزراء مع تطور بارز في عرسال حيث اتخذت وحدات من اللواء الثامن في الجيش اجراءات امنية واسعة قوبلت بترحيب من اهاليها على مداخل البلدة ومخارجها واقامت حواجز تفتيش عند محلة المصيدة وحميد حيث تنتشر مخيمات النازحين السوريين. وصدرت بيانات في البلدة ترحب بدخول الجيش اليها وتؤكد ثقتها بالجيش وبقيادته.

وفي المقابل، برز موقف لافت لقائد الجيش العماد جان قهوجي لدى تفقده فوج المدفعية الاول في الكرنتينا، اذ قال: "اننا لن نسمح بأي تعمية أو تشويش أو تحريف للتضحيات الهائلة التي قدمها الجيش في المواجهات الشرسة التي يخوضها ضدّ هذا الإرهاب التكفيري منذ شهر آب الماضي، وقد قام الجيش بما لم تتمكن منه أقوى الجيوش التي واجهت وتواجه تنظيمات كهذه. وعلى رغم ذلك، نطمئن اللبنانيين إلى أنّ كل عوامل التخويف والتشكيك ساقطة أمام مناعة الجيش وجهوزيته وتفانيه، فجنودنا ورتباؤنا وضباطنا هم في أعلى درجات الجهوزية لمواجهة جميع التحديات، وللتعامل كما يلزم مع مختلف المستجدات والتطورات"، وأضاف: "نحن صبرنا وصمدنا وانتصرنا في أصعب الظروف وأشدّ المحن، وسنخرج من هذه المعركة منتصرين حتماً".


السنيورة مُنهياً شهادته أمام بداية المحكمة: أتمسّك بقول الأسد: "سأكسّر لبنان على رأسك"

كلوديت سركيس
انهت غرفة الدرجة الاولى في المحكمة الخاصة بلبنان، برئاسة القاضي ديفيد راي، سماع شهادة الرئيس فؤاد السنيورة بعدما قررت تطبيق تدابير الحماية على خمسة شهود. ورفعت الجلسة الى الثلثاء المقبل لبدء سماع ثلاثة شهود ادعاء جدد تباعا.
 
في المستهل أعلن راي ان الغرفة قررت تطبيق تدابير الحماية على خمسة شهود سيمثلون بين منتصف حزيران وتموز المقبلين وتمويه اصواتهم وصورتهم لدى مثولهم، ومنع وسائل الاعلام والصحافة من الكشف عن هوياتهم. ثم تابع المحامي انطوان قرقماز عن مصالح المتهم مصطفى بدر الدين الاستجواب المضاد للشاهد الذي كان اكد في مجلس النواب عام 2006 التزامه مضمون البيان الوزاري الذي نالت الحكومة الثقة على اساسه لجهة التزامها دور المقاومة الوطنية وتأكيده تسميتها مقاومة وطنية لبنانية ما دامت تقوم بهذا العمل. وقال السنيورة: "اتبنى هذا الكلام مدى الدهور الا اذا هم غيروا. وهم غيروا".

وتطرق قرقماز الى مقال للصحافي المتخصص في قضايا الشرق الاوسط فرنكلين لامب يشير الى قول للسفير الاميركي السابق جيفري فيلتمن اواخر 2010 انه عمل من اجل ان تقوم المحكمة الخاصة بلبنان باتهام عماد مغنية بأنه خطط لاغتيال الحريري. فاجاب الشاهد: "هذا مقال لصحافي اجهله"، نافيا سماعه هذه الفرضية. واشار ردا على سؤال عن مقال صحافي الكتروني آخر: "لم يعدني فيلتمان بهدية عيد الميلاد يوما لخروج اسرائيل من بلدة الغجر ولم تنفذ. والمعلومة الصحيحة ان اسرائيل لا تزال تحتل. ولم تنفذ القرار 1701 .ونعتقد ان القرار 1757 الذي انشأ المحكمة هو قرار صائب من اجل استعادة الحقوق والعدالة لاصحاب الحقوق، بحيث لا يبقى المجرمون بعيدين عن سلطة العدالة، ولكي لا تؤدي عدم متابعة هذا الامر الى تجرؤ القتلة والارهابيين على ارتكاب جرائمهم. ومتابعتنا هي لأجل ان تكون المحكمة الدولية أمراً صائباً أثبتته الاحداث من خلال ما تم كشفه من الاجهزة الامنية عما قام به (الوزير السابق) الارهابي ميشال سماحه وما كانت نتيجة قرار القضاء اللبناني في شأنه.

وردا على قرقماز قال السنيورة: "اتمسك حرفيا بالنص الذي ذكرته في افادتي عندما قال لي الحريري ان الاسد قال له "سيكسر لبنان على رأسه ان لم تكن كلمته هي الحاكمة في لبنان". وهي عبارة تستعمل عندما يتخاصم اثنان ويود احدهما ان يبدو شديدا وعنيفا. واعتقد ان الرئيس الاسد استعمل هذه العبارة لان الحريري ذكرها امامي مرات عدة.

وسألته المستشارة في الغرفة القاضية ميشلين بريدي هل كانت المرة الاولى يعتبر الحريري ان هذه التهديدات جدية؟. اجاب " ان ينطق رئيس جمهورية في اتجاه رئيس حكومة بلد ثان بهذه الطريقة فهذا امر ليس مستهجنا، بل هو خطير جدا لانه تهديد وجاهي وامر شديد الخطورة. واعتقد انه يعنيه. ولم يسبق ان سمعه الحريري لاعوام خلت"،مؤكدا ان "هذه العبارة تنطوي على تهديد جسدي". واضاف: "نعم، كان الحريري مهددا وانجازاته في البلد مهددة أيضاً، مكررا تمسكه بتلك العبارة. واشار الى ان الحريري اخبر الرئيس نبيه بري بما حصل معه في لقاء دمشق.

ورد كامرون على الاستجواب المضاد بسؤال الشاهد الذي أجاب: "لم تكن هناك اي اموال عامة في الموازنة المالية مخصصة لحزب الله كحزب هو يضطلع بدور المقاومة"، نافيا علمه بعديد الحزب او القوة الخاصة به او قوته العسكرية، "وليس هناك تخصيص مبالغ بالتحديد للحزب او لاي حزب آخر في لبنان، وقد تكون معونات عبر مؤسسات صحية وتعليمية واجتماعية.ولم يطلب احد مني خلال ولايتي في وزارة المال تخصيص اموال للجناح العسكري في حزب الله. وذكر انه اضطلع بدور كبير في اختيار وزراء حكومته عام 2005، وبذل الرئيس سعد الحريري الجهد الاكبر مع الحزب .

ورداً على المستشار في الغرفة القاضي نيكولا لاتييري ان كان الجناحان العسكري والسياسي في الحزب يتواصلان قال: "اعتقد ان ثمة مركزية شديدة في الحزب اي لا يتصرف فريق في الحزب بمعزل عن الآخر، وحتما الجناح العسكري له وزن كبير ان لم يكن هو الفريق الوازن".

وبانتهاء افادته عبّر السنيورة لقضاة المحكمة عن" تقديري وتقدير الكثرة الكاثرة من اللبنانيين للدور المهم الذي تقومون به وتتابعونه في جريمة العصر، جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذين كانوا معه، والجرائم السابقة واللاحقة. كما أشكر الذين كانوا وراء انشاء المحكمة التي اخذت على عاتقها اظهار حقيقة من ارتكبوا هذه الجريمة (...)".