قتل أربعة أشخاص وجرح عشرة على الأقل في انفجار غامض وقع في أحد مباني مدينة اللاذقية، وذلك بالتزامن مع تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) على طريق تدمر- دمشق وسيطرته على حقول للفوسفات في الوسط السوري. واثير جدل بسبب استخدام مقاتلين معارضين «مدفعا نازياً» في ريف ادلب. وأعلن وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو أن هناك اتفاقاً «مبدئياً» مع الإدارة الأميركية على ضرورة توفير «حماية جوية» لمقاتلي المعارضة لدى انتشارهم في الداخل السوري بعد إنهاء تدريبهم في معسكرات في دول مجاورة لسورية، من بينها تركيا.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن أربعة أشخاص بينهم طفلان وسيدة قتلوا وأصيب عشرة جراء انفجار هز اللاذقية. وذكر مراسل وكالة «فرانس برس» في المدينة أنه شاهد ألسنة نيران تندلع من طبقة في أحد المباني بعد سماع دوي انفجار في حي مار تقلا. ونقل عن سكان قولهم إن بين القتلى الأربعة رجلاً وطفليه، إضافة إلى سيدة أخرى. وأدى الانفجار إلى احتراق منزل العائلة والتسبب بانهيار جزئي لسقف المبنى. وأظهرت صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دخاناً برتقالي اللون يتصاعد من موقع الانفجار.
وتعد محافظة اللاذقية ذات الغالبية الموالية للنظام، معقل عائلة الرئيس بشار الأسد التي تتحدر من بلدة القرداحة. وتضاربت المعلومات في شأن أسباب الانفجار، فيما رفض مسؤولون محليون في المدينة التعليق على الموضوع. وقال «المرصد» إن الانفجار ناتج «عن استهداف زوارق حربية سورية متمركزة في ميناء اللاذقية، طائرةَ استطلاع لم تعرف هويتها»، فيما تحدث شهود عيان عن رؤيتهم صاروخين قادمين من جهة المرفأ. وأفادت شبكة «سورية مباشر» بأن صاروخين استهدفا اللاذقية، حيث إن «الأول منهما سقط مباشرة خلف مبنى الأوقاف، والثاني على تجمع سكني».
في الوسط، قال «المرصد» إن الطيران الحربي شن «15 غارة على أماكن في مدينة تدمر وقرب الحرم الأثري للمدينة» في محافظة حمص، لافتاً إلى أن «داعش» تقدم مجدداً على طريق دمشق– تدمر في ريف حمص الجنوبي الشرقي وسيطر على مناجم فوسفات ومساكن محاذية في منطقة خنيفيس ليتمكن بذلك من بسط سيطرته على مساحات جغرافية أوسع ذات أهمية اقتصادية كبيرة، منذ هجومه في 13 الشهر الجاري وسيطرته على مدينة تدمر» ومناطق أخرى قربها.
وبث نشطاء معارضون فيديو لمقاتلين من «حركة أحرار الاسلامية» يستخدمون في ريف ادلب، مدفعاً كان النازيون في المانيا يستخدمونه قبل نحو 80 سنة. وافادت مصادر اعلامية ان مقاتلي المعارضة «صادروا هذا المدفع من النظام الذي تلقاه من الاتحاد السوفياتي السابق بعد الاستيلاء عليه اثر الانتصار على النازيين».
في إسطنبول، قال وزير الخارجية التركي إن بلاده اتفقت مع الولايات المتحدة «من حيث المبدأ» على تقديم دعم جوي لبعض قوات المعارضة السورية التي سيتم تدريبها في معسكر في جنوب تركيا لمواجهة «داعش» وقوات النظام، ما يمكن أن يمثل في حال تأكده توسعاً في المشاركة الأميركية في الصراع. ولم يقدم شاويش أوغلو تفسيراً لعبارة «من حيث المبدأ» أو لنوع الدعم الجوي، لكنه أوضح لصحيفة «ديلي صباح» التركية المؤيدة للحكومة، أنه «يجب تقديم الدعم لهم (المعارضة السورية) من الجو. إذا لم توفر لهم الحماية أو الدعم الجوي فما هي الجدوى؟ هناك اتفاق مبدئي على تقديم الدعم الجوي. أما كيف سيقدم فهذه مسؤولية الجيش».
المعارضة لقطع إمداد حلب
حققت فصائل المعارضة السورية تقدماً أمس في حلب وريفها الجنوبي في شمال البلاد واقتربت من قطع خط إمداد رئيسي لقوات النظام، في وقت تواصلت المعارك على جبهة جبال القلمون على الحدود اللبنانية- السورية وأعلن «حزب الله» اللبناني أنه سيطر على تلال جديدة فيها وسط أنباء عن خسارته عدداً كبيراً من القتلى في صفوف مقاتليه.
وقالت مواقع معارضة إن «قوات الثوار سيطرت أمس على قريتي الشيخ محمد والرشادية قرب خناصر التي تُعتبر طريقاً أساسياً لمرور الدعم من وسط سورية إلى قوات النظام على جبهات جنوب حلب وشرقها». وعرضت مواقع معارضة صوراً لكميات من صواريخ «كورنيت» قالت إن المقاتلين استولوا عليها في الرشادية.
وجاء تقدم المعارضة جنوب حلب في وقت ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلين من حزب الله اللبناني من جهة، والكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية وجبهة النصرة من جهة أخرى، في حي الراموسة غرب حلب ومعلومات أولية عن تقدم للأخير (المعارضة) في المنطقة».
ونسفت كتائب «الجبهة الشامية» الأحد مبنى «الناظور» الذي كانت تتحصن بداخله قوات النظام في منطقة ميسلون في حلب القديمة، وسط أنباء عن مقتل قرابة 15 جندياً. ونقل موقع «كلنا شركاء» المعارض عن كتيبة «الصفوة الإسلامية» و «الفوج الأول»، إعلانهما السيطرة على عدد من المباني في عوجة الكيالي في حلب القديمة. وأضاف أن الكتيبة والفوج أعلنا أيضاً «السيطرة على العقدة الطرقية الواصلة بين الشيخ السعيد والراموسة جنوب مدينة حلب، حيث يطل هذا الطريق على الطريق الترابي الذي فتحه النظام كطريق وحيد لمدينة حلب».
وأشار «المرصد»، من جهته، إلى وقوع «اشتباكات بين الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية وجبهة أنصار الدين التي تضم (جيش المهاجرين والأنصار وحركة فجر الشام الإسلامية وحركة شام الإسلام) من جهة، وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني وعناصر من حزب الله اللبناني من جهة أخرى، في حي الشيخ سعيد جنوب حلب، وسط معلومات عن تقدم للمقاتلين في المنطقة». وأشار «المرصد» أيضاً إلى مقتل خمسة أشخاص جراء سقوط قذائف أطلقتها كتائب إسلامية على مناطق سيطرة قوات النظام في حي الحميدية وشارع النيال بمدينة حلب. وتابع أن الطيران الحربي للنظام نفّذ، من جهته، غارة على حي الصاخور بمدينة حلب فيما قصفت مدفعية النظام منطقة بني زيد وحي القاطرجي. وتابع «المرصد» أن ما لا يقل عن أربعة أشخاص قتلوا جراء قصف الطيران الحربي منطقة السوق في بلدة تل الضمان بريف حلب الجنوبي، كما استهدف الطيران المروحي ببرميلين متفجرين قرية حور بريف حلب الغربي. وأورد «المرصد» أيضاً معلومات عن سقوط قتيل وجرحى جراء قصف جوي تعرضت له منطقة دير حافر التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» بريف حلب الشرقي.
على صعيد آخر، تحدث «المرصد» عن استمرار الغموض في شأن ملابسات مقتل اللواء يونس إبراهيم نائب رئيس اللجنة الأمنية بحلب. ففي حين قال بعض المصادر إنه قُتل عندما اسقط تنظيم «الدولة» مروحيته في سماء منطقة مطار كويرس العسكري المحاصر في ريف حلب الشرقي، قالت مصادر أخرى إنه قتل جراء استهدافه على إحدى جبهات مدينة حلب.
إلى ذلك، أكد «المرصد» أن «جبهة النصرة» خطفت نحو 20 مواطناً من مدينة عفرين الكردية في شمال سورية، موضحاً أن الجبهة بررت خطفهم باختفاء أحد عناصرها في عفرين واتهامها قوات «الأسايش» الكردية باعتقاله.
وفي محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، قال «المرصد» إن «الكتائب الإسلامية استهدفت بصاروخ آلية لقوات النظام في منطقة جسر معترم غرب مدينة أريحا، ما أدى إلى تدميرها ومعلومات عن خسائر بشرية في صفوف قوات النظام، في حين استهدفت طائرات النظام عدة مستشفيات ومراكز طبية وإسعافية في ريفي إدلب وحماة، ما أدى إلى أضرار مادية كبيرة فيها وخروج أقسام كبيرة عن العمل، وبعضها خرج بشكل شبه كامل عن الخدمة».
وقال نشطاء معارضون إن عدداً من عناصر القوات النظامية وضباطها سلموا انفسهم إلى المعارضة في أريحا بعد انهيار قوات النظام في مدينتي جسر الشغور وإدلب اللتين سيطر عليها «جيش الفتح» قبل أسابيع.
وفي وسط البلاد، أشار «المرصد» إلى إلقاء الطيران المروحي برميلين متفجرين على قرية العمقية في سهل الغاب في حماة، فيما ألقى الطيران المروحي براميل متفجرة على مدينة تلبيسة، بينما دارت اشتباكات وصفت بالعنيفة بين مقاتلي الفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، في جبهة أم شرشوح بريف تلبيسة في ريف حمص الشمالي، وفق «المرصد».
«حزب الله» يتقدم في القلمون
وفي محافظة دمشق، اغتيل أحد مدراء أقسام مركز البحوث والدراسات العلمية بإطلاق النار عليه قرب منطقة برزة شمال العاصمة، في وقت قصفت قوات النظام بصاروخين يعتقد أنهما من نوع أرض- أرض بلدة زبدين بالغوطة الشرقية.
في غضون ذلك، نقلت «رويترز» عن قناة «المنار» التلفزيونية التابعة لـ «حزب الله»، أن مقاتلي الحزب انتزعوا السيطرة على مرتفعات القبع والنقار بالقرب من الحدود اللبنانية من ايدي «جبهة النصرة» وقتلوا العشرات من «مقاتلي العدو». أما «المرصد» فأورد من جهته أن «9 عناصر من حزب الله اللبناني بينهم قيادي لمجموعات من عناصر الحزب، قُتلوا (أمس) خلال استهدافهم من قبل مقاتلي جبهة النصرة والفصائل الإسلامية في جرود القلمون الذي يشهد اشتباكات بين حزب الله اللبناني مدعماً بقوات النظام وقوات الدفاع الوطني من جهة، وجبهة النصرة والفصائل الإسلامية من طرف آخر، تمكن فيها الأول من التقدم والسيطرة على تلال استراتيجية».
وكان زعيم الحزب حسن نصرالله قال الأحد، إن «حزب الله» مستعد لزيادة وجوده في سورية إذا دعت الحاجة، وأضاف أن المعركة جزء من استراتيجية أوسع لمنع جماعات مثل «جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية» من السيطرة على المنطقة.
وبث نشطاء معارضون فيديو أظهر نشوب حريق في مخيم للاجئين السوريين في البقاع. وقال «الائتلاف الوطني السوري» المعارض إنه «يستنكر الاعتداءات الصريحة والعلنية المتكررة من قبل الجيش اللبناني وقوى الأمن في لبنان تجاه اللاجئين السوريين بحجة أنهم مصدر للإرهاب في الداخل اللبناني». وأضاف في بيان أن «الإرهابي هو من يدخل دولة أخرى محتلاً بالسلاح، كما فعل حزب الله بدخوله سورية أمام مرأى الجيش اللبناني، وليس السوريون من القلمون وريف حمص الذين هربوا من إرهاب حزب الله واحتلاله أراضيهم ودخلوا لبنان نازحين عزلاً»، لافتاً إلى أنه «إذا كان الجيش اللبناني راغباً في تخفيف ضغط النزوح من الداخل السوري باتجاه لبنان، عليه منع حزب الله من اختراق الحدود بشكل لا شرعي ومنعه من الوصول إلى الأراضي السورية والمساهمة في قتل وتهجير أبناء سورية».
وتابع «الائتلاف» أن «ثوار القلمون أكدوا مرات عدة في بيانات رسمية أنهم يعتبرون الجيش اللبناني جيش جوار لسورية الحرة مستقبلاً، وأنهم تمركزوا في جرود القلمون بعد احتلال حزب الله أرضهم التي يعملون لاستعادتها وليس لدخول لبنان، كما يدعي حزب الله بهدف جر الجيش اللبناني إلى المعركة».
|