التاريخ: أيار ٢٤, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
الأردن: مخاوف من القبضة الأمنية بعد اختيار حمّاد وزيراً للداخلية
عمان- تامر الصمادي 
أثار قرار تعيين سلامة حمّاد وزيراً جديداً للداخلية في الأردن جدلاً واسعاً في أوساط النخب والشارع الأردني، لا سيما أن الأخير من مواليد 1944، وارتبط اسمه بملف تزوير الانتخابات البلدية عام 1995، وهي الفترة التي شغل فيها المنصب نفسه، في ظل خشية من تعزيز سياسة القبضة الأمنية.

وجاء حماد، الذي تلقى جزءاً من تعليمه في باريس، خلفاً للجنرال حسين المجالي، الذي غادر منصبه لاتهامه وأركان وزارته بالتقصير الأمني.

وكان حمّاد شغل مناصب رفيعة في وزارة الداخلية أثناء فترة الأحكام العرفية، وبعد التحول الديموقراطي عام 1989، كما تسلم حقيبة الداخلية مرتين في حكومة عبد السلام المجالي، في فترة 1993 وحتى 1996.

وينظر الى حماد باعتباره أحد رموز التيار الرسمي المحافظ، ويُحسب له قدرته على الإمساك جيداً بالأجهزة الأمنية، باستثناء جهاز المخابرات العامة الذي يحظى بنفوذ واسع.

وكان حماد من أبرز رجالات الدولة المعروفين بمواقفهم المتشددة تجاه جماعة «الإخوان المسلمين»، ونقل عنه مراراً دعوته الى حظر الجماعة، فيما يتهمه معارضوه، وهم كثر، بمعاداته الديموقراطية والتعددية والحريات العامة.

وفي حين رأى ساسة مستقلون أن اختيار حماد يعني مزيداً من القبضة الأمنية، خصوصاً بعد الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها محافظة معان الجنوبية، على خلفية مطاردة مطلوبين اتهموا بسرقة سيارة لجهاز المخابرات ورفع علم تنظيم «داعش» عليها ومن ثم حرقها في وضح النهار، رأى آخرون أن اختيار الرجل يهدف الى استعادة القانون وفرض هيبة الدولة.

وترافق تعيين حمّاد مع جرائم هزّت المجتمع الأردني واتهامات للأمن بتعذيب مواطنين.

وكان الرأي العام الأردني قد فجع قبل أيام بمقتل الطبيب محمد أبو ريشه، جراح الأطفال، في أحد المستشفيات الحكومية، بعدما طعنه أحد مراجعي المستشفى بسكين في صدره احتجاجاً على رفضه الوقوف في طابور المرضى لتلقي العلاج.

كما صدم الرأي العام أيضاً بوفاة الشاب عبد الله الزعبي، الذي قالت عائلته إنه قضى جراء التعذيب عندما كان رهن الاحتجاز في أحد المقرات الأمنية بمحافظة إربد شمال البلاد.

وكان حماد قال في أولى تصريحات له عقب توليه المنصب الجديد إن «تحقيق مصلحة الوطن والمواطن هي الهدف الأسمى الذي تسعى إليه وزارة الداخلية». وأضاف أن «توحيد الجهود وضمان أعلى درجات التنسيق في العمل الأمني والشرطي سيساهمان إلى حد كبير في تجاوز التحديات».

لكن مراقبين تساءلوا عن الحدود المأمولة من الوزير حماد، ومدى قدرته على الوفاء بمتطلبات المنصب الأمني، خصوصاً بعد تقدمه بالعمر، وتداعيات إقالة خلفه على الأداء المتوقع منه.

ورأى معارضون أن تعيين حماد «شكّل صدمة على المستوى النخبوي ومستوى العامة بالنظر إلى أنه تجاوز السبعين، وأن تعيينه يعني مزيداً من التشدد والقبضة الأمنية».

واعتبروا أن القرار «يعني أيضاً أن قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان لا تشكل في هذا الظرف الراهن، وربما نتيجة الظروف الإقليمية، أهمية حقيقية في منهجية الحكم».

لكن الناطق السابق باسم الحكومة الوزير سميح المعايطة كان له رأي مخالف في اختيار حمّاد، إذ اعتبر أن الرجل «يتمتع بخبرة طويلة في الداخلية، ولديه تجارب صعبة في فترة ما قبل الحياة الديموقراطية عام 1989». وقال إن «اختيار حماد يشي برغبة الدولة في تطبيق القانون وصونه، وهذه الرغبة لا تعني مزيداً من التشدد أو القبضة الأمنية».

وقلل المعايطة من أهمية تقدم حماد بالعمر، وقال «المقياس ليس العمر، وإنما القدرة على العطاء. ولا ننسى أن رئيس الوزراء الحالي (عبد الله النسور) أكبر سناً من الوزير الجديد».