التاريخ: أيار ٢٣, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
22% من الأرض فقط في يد النظام السوري وهولاند يدعو إلى تحريك جنيف
مشفى جسر الشغور في قبضة "النصرة" وحلفائها وفرار المحاصرين
عزز تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) قبضته على مساحة واسعة من الاراضي الممتدة على جانبي الحدود العراقية والسورية بعد سيطرته على نقطة التنف في البادية، آخر معبر حدودي بين البلدين، غداة الاستيلاء على مدينة تدمر التاريخية الاثرية في وسط سوريا.

وبعد نحو شهر من سيطرتهم على مدينة جسر الشغور في محافظة ادلب، سيطر مقاتلو "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" وكتائب اسلامية على المشفى الوطني حيث كان يتحصن 150 جنديا ومسلحا مواليا للنظام. 

وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقراً له ان "سيطرة داعش على نصف مساحة سوريا تعني ان النظام لا يمسك إلا بـ22 في المئة من المساحة المتبقية"، فيما تخضع المناطق الاخرى لسيطرة فصائل المعارضة أو "جبهة النصرة" والكتائب الاسلامية المتحالفة معها.

وأعلنت الجمعية الكاثوليكية الفرنسية لمساعدة مسيحيي الشرق ان ثلاثة مسلحين مقنعين خطفوا الخميس الاب جاك مراد، وهو رئيس دير في بلدة القريتين قرب تدمر، واحد معاونيه. وقالت انه خطف "فيما كان ينظم الاستعدادات لاستقبال نازحين من تدمر".

تحريك الديبلوماسية
ويبدو ان التطورات الامنية المتسارعة حركت مجدداً المبادرات الديبلوماسية. فدعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على هامش قمة للاتحاد الاوروبي في لاتفيا "الى الاعداد لقمة جديدة في جنيف" من أجل محاولة ايجاد حل للنزاع السوري.

وأعربت وزارة الخارجية الروسية قلقها البالغ مما حققه "داعش" من مكاسب عسكرية في العراق وسوريا، معتبرة إقدام التنظيم على تدمير مدينة تدمر الأثرية السورية عملاً إجرامياً لا يغتفر.

ونقلت قناة "روسيا اليوم" عن الناطق باسم الوزارة ألكسندر لوكاشيفيتش أن عمليات قوات الائتلاف الدولي المناهض لـ"داعش" في العراق وسوريا الذي تقوده الولايات المتحدة، لم تؤثر حتى الآن على قدرات التنظيم على الأرض.

جنيف
وفي جنيف، صرّحت جيسي شاهين الناطقة باسم المبعوث الأممي للأزمة السورية ستيفان دو ميستورا، بأن الأخير واصل مشاوراته، فالتقى الداعية الإسلامي محمد حبش للبحث في طرق وأساليب التوصل إلى حل سلمي للنزاع على أساس وجهات النظر والتقاليد الدينية. وقالت في بيان رسمي إن دو ميستورا التقى أيضا، هند كباوات وأسماء كفتارو من منظّمة "تستقيل" التابعة للمجتمع المدني، وناقشوا معاناة الشعب السوري غير المقبولة، والحاجة الملحة الى إنهاء العنف والتوصل إلى حل سياسي.

كما استقبل دو مستورا وفداً من المجلس الوطني الكردي الذي شاطره وجهات النظر في سبل إنهاء الصراع القائم، مع وجوب احترام التنوع السوري والحفاظ على سيادة الأراضي السوريّة ووحدتها.

وناقش المبعوث الأممي مع ممثلة لبنان الدائمة لدى المقر الاوروبي للأمم المتحدة نجلاء رياشي عساكر سبل دعم سوريا في إطلاق العملية السياسية، فضلاً عن الحاجة الملحة الى التخفيف من المعاناة الإنسانية، وتأثيرها على الدول المجاورة.

وأفاد دو ميستورا - في بيانه بعد نهاية اللقاءات - أنه لا أجوبة بسيطة لهذا الصراع الذي لا يرحم في سوريا، وأن أفضل حل إنساني لإنهاء هذه المعاناة هو التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب، وأن غياب اتفاق سياسي سيساهم في إنماء التأثير الإقليمي لهذه الكارثة الإنسانية.

النظام يخسر آخر معابره مع العراق بسيطرة "داعش" على الوليد 

عزز تنظيم "الدولة الاسلامية" قبضته على مساحة واسعة من الاراضي الممتدة على جانبي الحدود العراقية والسورية بعد سيطرته على آخر معبر حدودي بين البلدين غداة الاستيلاء على مدينة تدمر التاريخية الاثرية في وسط سوريا، فيما سيطرت "جبهة النصرة" وحلفاؤها تماماً على مشفى جسر الشغور في مدينة ادلب بشمال غرب سوريا.

خسرت قوات النظام آخر المعابر مع العراق بعد سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية" مساء الخميس على معبر الوليد الحدودي المعروف بمعبر التنف في البادية السورية.
وأوضح "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له ان هذه السيطرة تمت "عقب انسحاب قوات النظام منه".

وبذلك، باتت كل المعابر الحدودية مع العراق خارج سلطة النظام، اذ يخضع معبر البوكمال في ريف دير الزور بشرق سوريا والذي يربط مدينتي البوكمال السورية والقائم العراقية لسيطرة التنظيم ايضا، فيما يخضع معبر اليعربية في تل كوجر بمحافظة الحسكة في شمال شرق البلاد والذي يربط بلدتي اليعربية السورية وربيعة العراقية لسيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية.
وكان النظام خسر مطلع نيسان معبر نصيب الحدودي مع الاردن في محافظة درعا الجنوبية بعد سيطرة مقاتلي "جبهة النصرة" وكتائب اسلامية على المنطقة.

وفتحت سيطرة التنظيم الجهادي الخميس على مدينة تدمر الاثرية المدرجة على لائحة التراث العالمي والواقعة في محافظة حمص بوسط البلاد، الطريق نحو البادية وصولا الى الحدود العراقية حيث معبر تنف. وقد تمكن من الاستيلاء على عدد من النقاط والمواقع العسكرية في المنطقة.

وقال المرصد في بريد الكتروني إن "تنظيم الدولة الإسلامية سيطر على محطة "ت 3" الواقعة في ريف تدمر، عقب انسحاب قوات النظام والمسلحين الموالين لها منها".
ويستخدم فوج من حرس الحدود هذه المحطة المخصصة أساساً لضخ النفط على خط كركوك - بانياس كمقر عسكري.

وتشهد منطقة تدمر اشتباكات بين قوات النظام والجهاديين منذ 13 أيار. وسيطر تنظيم "الدولة الاسلامية" قبل وصوله الى تدمر على بلدة السخنة وعلى حقلي الهيل والأرك للغاز وقرية العامرية.
وأكد المرصد سيطرة التنظيم أيضاً على حقل جزل للغاز قرب حقل شاعر في ريف حمص الشرقي، وذلك بعد اشتباكات استمرت ثلاثة ايام وتسببت بمقتل 48 رجلاً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
ويشكل حقل جزل امتداداً لحقل شاعر الذي لا يزال خاضعاً لسيطرة قوات النظام، استناداً إلى المرصد.
وبات التنظيم يسيطر على الغالبية الساحقة من حقول النفط والغاز في سوريا، فيما تسيطر "وحدات حماية الشعب" الكردية على حقول رميلان في ريف الحسكة.
كذلك يسيطر على أكثر من 95 ألف كيلومتر مربع من المساحة الجغرافية لسوريا، اي ما يوازي نصف مساحة البلاد، وان تكن هذه المساحة لا تضم الغالبية السكانية.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "سيطرة التنظيم على نصف مساحة سوريا تعني ان النظام لا يمسك الا بـ22 في المئة فقط من المساحة المتبقية"، فيما تخضع المناطق الاخرى لسيطرة فصائل المعارضة او "جبهة النصرة" والكتائب الاسلامية المتحالفة معها، موضحاً أنه "بالنسبة الى التنظيم، حتى لو استولى على مناطق قليلة الكثافة السكانية، لكن ذلك يعني انه بات يسيطر اليوم على مساحة جغرافية مهمة تمكنه من تهديد عمق سوريا كحمص ودمشق" اللتين تعدان من ابرز معاقل النظام.

وفي رأي مدير مركز "آي اتش اس جاينز" للبحوث حول الارهاب وحركات التمرد ماثيو هنمان أنه يمكن تنظيم "الدولة الاسلامية" ان يستخدم مدينة تدمر "لشن هجمات على حمص ودمشق".

مشفى جسر الشغور في قبضة "النصرة" وحلفائها وفرار المحاصرين
في شمال غرب سوريا، سيطرت "جبهة النصرة" وفصائل إسلامية تماماً على المشفى الوطني عند الأطراف الجنوبية الغربية لمدينة جسر الشغور، بعد اشتباكات عنيفة مع عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها الذين كانوا محاصرين في الداخل منذ سقوط المدينة قبل شهر.
وأفاد عبد الرحمن ان "العشرات من المحاصرين تمكنوا من الفرار، بينما قتل عدد من عناصر قوات النظام داخل المشفى وخارجه، وأسر غيرهم، ولم يعرف مصير الآخرين".

ونقل التلفزيون السوري من جهته عن مصدر عسكري قوله إن جنوده تمكنوا من "فك الطوق" عن المشفى، "بعدما سطروا أروع ملاحم البطولات والصمود"، مشيراً الى ان "ابطال مشفى جسر الشغور" تمكنوا من "الوصول بامان الى اماكن تمركز قواتنا".

وأورد حساب رسمي لـ"جبهة النصرة" في موقع "تويتر" صورة للمشفى، وقد بدا مدمرا ومهجورا، بينما مسلحون يدخلونه. وجاء في التعليق: "فرار جنود الجيش النصيري من مشفى جسر الشغور، والمجاهدون الآن يطاردونهم وينصبون لهم الكمائن".

وفي روما، كشفت الجمعية الكاثوليكية الفرنسية لمساعدة مسيحيي الشرق "لوفر دوريان" ان مسلحين خطفوا الأب جاك مراد، وهو رئيس دير في بلدة القريتين في حمص، وأحد معاونيه. وقالت إن "الكاهن خطفه ثلاثة أشخاص مقنعين بعيد الظهر من ديره مار اليان في القريتين، فيما كان ينظم الاستعدادات لاستقبال وفود نازحين من تدمر".
وخطف كذلك راهب آخر يتحدر من حلب هو بطرس حنا وكان يرافقه لمساعدته، فيما تقترب قوات تنظيم "الدولة الاسلامية" من المنطقة.
وأكد المرصد السوري خطف مسلحين رجلين احدهما على الاقل راهب قرب القريتين في محافظة حمص.

"لا بديل من الاسد"
وفي موسكو، صرح مبعوث الرئيس الروسي لشؤون الشرق الاوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف أن الولايات المتحدة أدركت أن لا بديل من الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته.
ونقلت عنه وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء: "أدرك زملاؤنا الأميركيون أن لا بديل الآن من بشار الأسد وحكومته السورية"، و"إذا حصل معهم شيء ما، فإن السلطة والأراضي السورية كاملة سيأخذها المتطرفون والإرهابيون من داعش، وستكون صومال ثانية وليبيا ثانية"، محذرا من "سيناريو خطير للغاية". وقال إن الحكومة السورية غير مهتمة بالمشاركة في المشاورات السورية - السورية في أستانا عاصمة قازاقستان، و"الانطباع أن المشاورات في قازاقستان ستقتصر على لقاء مجموعة صغيرة نسبياً من المعارضة السورية ستأتي غالباً من أوروبا".