أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في العاصمة الليبية طرابلس، توقيف حوالى 400 مهاجر غير شرعي كانوا يستعدون للإبحار نحو السواحل الأوروبية أمس، وذلك مع بدء تطبيق خطة أمنية تهدف إلى ملاحقة المهربين.
في الوقت ذاته، أفادت وكالة الأنباء الليبية الرسمية، بأن شباناً كانوا عائدين من رحلة صيد، أنقذوا عدداً من المهاجرين غير الشرعيين قبالة سواحل العاصمة، بعد تعطل مركب انطلقوا به في اتجاه الشواطئ الأوروبية.
وقال محمد عبد السلام القويري مدير مكتب الإعلام في جهاز مكافحة الهجرة التابع لحكومة الإنقاذ (في طرابلس) أن 400 مهاجر أوقفوا فجر أمس، فيما كانوا يستعدون للصعود على متن مراكب والإبحار نحو السواحل الأوروبية في منطقة تاجوراء شرق طرابلس، موضحاً أن معظم المهاجرين «أتوا من الصومال وأثيوبيا وبينهم نساء بعضهن حوامل».
وقال مسؤول أمني بارز في الجهاز إن عملية التوقيف «تأتي مع انطلاق خطة أمنية أطلق عليها اسم عملية الحسم تستهدف ملاحقة المهربين». وأضاف أن الخطة «تستند إلى معلومات وتحريات وتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية من أجل ملاحقة المهربين في جميع المناطق الليبية».
وشاهد مصور «فرانس برس» عشرات المهاجرين وهم يصلون تباعاً في سيارات نقل مكشوفة إلى مركز إيواء في وسط طرابلس، وجرى جمعهم في ساحة كبيرة وتقديم الطعام والماء إليهم فور وصولهم إلى المركز.
وقالت مهاجرة من النيجر للوكالة إن زوجها سبقها إلى أوروبا لكنها لا تعلم مصيره بعد، فيما أشار مهاجر من الصومال إلى أنه دفع 2800 دولار نصفها ليأتي إلى طرابلس والنصف الآخر للسفر إلى إيطاليا.
وتوفر الفوضى الأمنية الناتجة عن النزاع العسكري، أرضاً خصبة للهجرة غير الشرعية عبر سواحل ليبيا التي تفتقد الرقابة الفاعلة في ظل الإمكانات المحدودة لقوات خفر السواحل وانشغال السلطات بالحرب، مع ساحل طوله ألف و770 كلم. ولا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي تشهد سنوياً وصول آلاف المهاجرين غير الشرعيين.
وبدأت السلطات في طرابلس أخيراً إبراز جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر الإعلان عن عمليات التوقيف لمراكب مهاجرين، واصطحاب الصحافيين الى مراكز الإيواء التي تضم آلاف المهاجرين الذين اعتقلوا خلال محاولتهم الهجرة.
ويؤكد جهاز خفر السواحل التابع لهذه السلطة، وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية المرتبط بوزارة الداخلية في حكومة طرابلس، أن السلطات الحاكمة في العاصمة تفتقد إلى الإمكانات للحد من محاولات الهجرة إلى أوروبا والتي تشمل آلاف الأشخاص أسبوعياً.
وقال المسؤول الأمني في الجهاز: «ليبيا تتلقى اللوم كله وحدها. دول الجوار التي تسمح بعبور المهاجرين لأراضيها نحو ليبيا لا تتعاون معنا، والاتحاد الأوروبي يرفض مساعدتنا عبر تقديم أي معدات أو التنسيق معنا، فكيف يمكن أن نوقف الهجرة في ظل كل هذا؟».
الى ذلك، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمجموعة من شباب طرابلس وهم ينقذون مهاجرين غير شرعيين بعد غرق مركبهم. وأفادت تقارير بأن الشباب الذين قاموا بعملية الإنقاذ كانوا عائدين من رحلة صيد عندما وجدوا الأمواج البحر تتقاذف المهاجرين بعد تعطل مركبهم.
وأفادت وكالة الأنباء الليبية بأنه على رغم عمليات الرصد والمتابعة التي تقوم بها الجهات الأمنية ورجال خفر السواحل الليبي وعلى طول امتداد الساحل الليبي وخلجانه، فإن عمليات التهريب لم تتوقف من قبل العصابات التي تقوم باستغلال وتهريب البشر في مراكب متهالكة نحو السواحل الجنوبية لإيطاليا. وخلال الشهر الماضي، غرقت سفينة تقل مهاجرين غير شرعيين ما أسفر عن مقتل أكثر من 800 شخص، ما أثار ضغوطاً على الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات مثل تعزيز عمليات البحث والإنقاذ في جنوب المتوسط. وتفيد توقعات وزارة الداخلية الإيطالية بأن إجمالي عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين سيصلون إيطاليا هذا العام، سيرتفع إلى 200 ألف بزيادة قدرها 30 ألفاً عن العام الماضي. ووصل حوالى 617 لاجئا إلى ميناء ريجيو كالابريا في إيطاليا على متن سفينة تابعة للبحرية الإيطالية السبت. وجرى إنقاذ هؤلاء المهاجرين يومي الأربعاء والخميس الماضيين. وأنقذ 3600 شخص من قوارب مكتظة خلال اليومين الماضيين أثناء محاولتهم الوصول لأوروبا قادمين من شمال أفريقيا.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى نظام للرقابة على الحدود ووسيلة لتوزيع طالبي اللجوء بين دول الاتحاد الأوروبي بشكل أكثر عدلاً.
وعززت قوات شرطة الحدود الفرنسية الرقابة على الطرق السريعة والقطارات والحافلات ونقاط التفتيش المختلفة لإيقاف المهاجرين، وذلك كما أعلن فالس خلال زيارة لبلدة مينتون في الريفييرا على بعد بضعة كيلومترات فقط من الحدود الإيطالية.
وقال فالس: «نحتاج الى إنشاء نظام أوروبي للرقابة على الحدود». وأضاف إن فرنسا ستقدم اقتراحات ملموسة لبروكسيل في هذا الشأن. وزاد: «لا بد من توزيع طالبي اللجوء بشكل أكثر عدلاً بين دول الاتحاد الأوروبي». ودعا إلى تجديد الحملات على الشبكات الإجرامية التي تربح من تسفير اللاجئين.
الاتحاد الأوروبي يطلق عملية بحرية ضد مهربي المهاجرين في البحر المتوسط
سيقر الاتحاد الأوروبي اليوم (الإثنين) عملية بحرية للتصدي لأنشطة المهربين الذين يستغلون يأس المهاجرين المستعدين للقيام بأي شيء من أجل عبور المتوسط أملاً في الوصول إلى أوروبا، بعد شهر على حادث غرق مأساوي.
وتقتضي هذه المهمة غير المسبوقة، بنشر سفن حربية وطائرات مراقبة تابعة للجيوش الأوروبية قبالة سواحل ليبيا التي باتت المركز الرئيس لحركة تهريب المهاجرين.
وتتطلب العملية موافقة الأمم المتحدة، ولن يتم إطلاقها فعلياً إلاّ في حزيران (يونيو)، غير أنه سيتم إقرارها رسمياً اليوم من قبل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الـ 28، بعد اجتماع مع نظرائهم من وزارات الدفاع.
ويخضع الاتحاد الأوروبي، المتهم بعدم الاكتراث حيال مشكلة الهجرة غير الشرعية، إلى ضغوط شديدة مع تعاقب الحوادث المأساوية في البحر المتوسط.
ودفعت الكارثة التي وقعت ليل 18 نيسان (أبريل) وراح ضحيتها 800 شخص بقي معظمهم عالقين في قعر المركب عند غرقه قبالة سواحل ليبيا، قادة الاتحاد الأوروبي إلى التحرك للقضاء على الهجرة غير الشرعية.
ودعا قادة الاتحاد خلال اجتماع طارئ في 23 نيسان (أبريل) الماضي إلى تنفيذ عملية تقضي بـ «ضبط وتدمير مراكب المهربين القادمة من ليبيا قبل ان يتم استخدامها»، وقرروا أيضاً تعزيز إمكانات عمليتي «ترايتون» و«بوسيدون» القاضية بالمراقبة والإنقاذ في البحر المتوسط واللتين عهد بهما إلى «وكالة فرونتكس» المكلفة ضبط الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وأجمعت المنظمات غير الحكومية على التنديد بالمهمة البحرية، معتبرة أنها ستؤدي فقط إلى تغيير الطرق التي يسلكها مهربو المهاجرين.
وشكك المدعي العام الإيطالي جيوفاني سالفي، الذي يتصدر حملة مكافحة الهجرة غير الشرعية، في العملية محذراً من أن تدمير زوارق صيادي السمك الليبيين من شأنه أن يضع السكان في موقع معاد للأوروبيين.
وأوضح ديبلوماسي أوروبي أن «العملية التي تحمل اسم نافور ميد، ستتخذ مقراً عاماً لها في روما وستكون بقيادة الأميرال الإيطالي أنريكو كريدندينو».
وبحسب مصادر ديبلوماسية، فإن كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وعدت بتوفير سفن، فيما ستؤمن بولندا وسلوفينيا طائرات مراقبة أو مروحيات.
وأكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن «من غير المطروح القيام بعمليات عسكرية على الأراضي الليبية».
وتقضي المهمة بتعقب السفن التي يستخدمها مهربو المهاجرين، لجر المراكب المتهالكة المحملة بمئات المهاجرين إلى عرض البحر قبل أن يتخلى المهربون عنهم ويتركونهم لمصيرهم. إضافة إلى منع المهربين لاحقاً من استعادة المراكب.
ولم يتردد المهربون في فتح النار على خفر السواحل الإيطالي لاسترجاع مراكب كان احتجزها.
ويطالب الأوروبيون، حرصاً منهم على احترام القانون الدولي، بصدور قرار من مجلس الأمن يدعم تحركهم، وأعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الخميس الماضي عن تفاؤله في شأن الحصول على هذا الضوء الأخضر من المجلس.
وبعد أن كانت روسيا متمنعة في بادئ الأمر، تبدو اليوم على استعداد لتأييد نص في مجلس الأمن، لا يشير تحديداً إلى تدمير السفن غير أنه من غير المتوقع أن يتم إقراره قبل نهاية الأسبوع.
وسيطلب الوزراء اليوم من «الجهاز الديبلوماسي الأوروبي» و«اللجنة العسكرية» الشروع فوراً في التحضير للعملية.
ومن الممكن البدء بتشديد المراقبة على السواحل وشبكات تهريب المهاجرين، واعتراض سفن لا تحمل علم أي بلد من دون انتظار إطلاق العملية. غير أنه ما زال يتحتم تسوية عدد من المشكلات الصعبة، لا سيما الاتفاق على دول استقبال للمهاجرين الذين سيتم إنقاذهم بموجب العملية.
|