التاريخ: أيار ١٥, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
ضربة مزدوجة من المعارضة السورية لحوار جنيف والائتلاف يراهن على مؤتمر الرياض "لمرحلة ما بعد الأسد"
جنيف – موسى عاصي
كان حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا منذ بدء حوار جنيف في 5 ايار الجاري حيال قدرة هذا الحوار على التوصل الى حل سياسي في محله، فقد تلقى المسعى الاممي ضربة ستؤثر على المسار المحدد حتى نهاية حزيران المقبل بمقاطعة "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" هذا الحوار ودعوته دو ميستورا الى اسطنبول "اذا اراد استكمال الحوار" على رغم اعلان المبعوث الاممي مرارا ان هدفه هو الاطلاع على وجهات نظر الاطراف فقط "وليس له اي طابع تفاوضي".
 
وتقاطع موقف الائتلاف الذي سلم مبعوثه هيثم المالح بعد ظهر أمس رسالة الى دو ميستورا في جنيف، مع موقف 30 من الفصائل المسلحة التي عزت مقاطعتها الى "وقوف دو ميستورا الى جانب طرف دون الآخر". وجاء في بيان لهذه الفصائل ان مواقف دو ميستورا وبياناته ولا سيما منها "تصريحاتك بأن بشار الأسد جزء من الحل في سوريا أظهرت لنا وأعطتنا انطباعا واضحا عن لا مبالاتك بالمذابح التي يرتكبها النظام".

وأوردت الفصائل المسلحة اسباباً عدة لرفضها دعوة دو ميستورا منها "استمرار المبعوث الدولي في العمل مع النظام على رغم فقدانه كل أشكال الشرعية، وافتقار الامم المتحدة إلى أي أساس واضح أو وسيلة للوصول إلى نتائج حقيقية، وعدم اشارة دو ميستورا بوضوح إلى رحيل الأسد ونظامه مع كل رموزه وأركانه، وهو الأساس الضروري لأي عملية تسوية مفترضة".
كما رفض بيان هذه الفصائل قرار دو ميستورا دعوة إيران للمشاركة في عملية التشاور، وقال إن "ايران تحتل سوريا وتحاول تقويض هويتها العربية والإسلامية وتنتهك حقوق الإنسان وترتكب جرائم في حق الإنسانية"، ودعت الى مقاضاة ايران "لا دعوتها إلى اجتماعات ومؤتمرات تشاور".

المالح
وأفاد المالح أن الرسالة التي سلمها الى دو ميستورا تقول إن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" هو الممثل الشرعي للشعب السوري "ولا يجوز تجاوز ممثل الشعب السوري المعترف به من قبل 117 دولة في الامم المتحدة ومن قبل الجامعة العربية، وبينت له الخطأ الذي ارتكبه من خلال تجاوزه الائتلاف، اذ كان عليه التنسيق والتشاور معه في كيفية توجيه الدعوة ولا يجوز التفكير في اعادة تعويم بشار الاسد كما بينت له خطأ دعوته ايران الى الحوار لأن ايران تساهم في قتل الشعب السوري".

وعن التقاطع بين موقفي الائتلاف والفصائل العسكرية، قال المالح إن الائتلاف السوري التقى في اسطنبول أخيراً معظم الفصائل العسكرية و"لدينا بيان مشترك يتضمن فحوى رسالة الائتلاف الى دو ميستورا ولا اتصور خروج هذه الفاصائل عن هذا البيان".
 
مؤتمر الرياض
ويأتي موقف الائتلاف بعد ارتباك واضح وتغيير متكرر في التعامل مع مسألة المشاركة في حوار جنيف، قبل أن يستقر القرار على ايفاد المالح وحيدا مع رسالة توضح سبب مقاطعة النقاش "لا مقاطعة الموفد الدولي أو الامم المتحدة" كما قال المالح. وعزت أوساط سورية معارضة في جنيف هذه التغييرات الى "عدم وضوح الرؤية لدى قادة الائتلاف بداية أي قبل تبدل الموقف الميداني في جسر الشغور وادلب واستعادة زمام المبادرة العسكرية من الفصائل المسلحة في هذه المنطقة".

وقالت هذه الاوساط إن الائتلاف السوري اتخذ قرارا بحصر تحركه على المستوى السياسي في التحضير لمؤتمر الرياض الذي ستنظمه السعودية مطلع الشهر المقبل تحت عنوان "التحضير لمرحلة ما بعد الاسد"، ودعت اليه الائتلاف السوري بشكل اساسي ومعارضين من خارج الائتلاف "في محاولة لاستنهاض المعارضة السورية السياسية تحت مظلة الائتلاف بعد توسيعه وضم شخصيات معارضة من خارجه ليتحول الى المرجعية السياسية للفصائل العسكرية التي تجمعت أخيرا تحت مسمى جيش الفتح".

في هذه الاثناء، يستمر حوار جنيف. وصرحت جيسي شاهين الناطقة باسم دو ميستورا بأن "المشاورات مستمرة وما زلنا على اتصال بجميع الأطراف المعنيين ومنهم الفصائل المسلحة التي تلعب دورا مهما في الصراع الحالي في سوريا". وقد التقى دو ميستورا الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف أليكسي بورودافكين. وقالت اوساط البعثة الروسية إن اللقاء كان ايجابيا وإن المندوب الروسي شرح لدو ميستورا وجهة نظر موسكو القائمة "على اساس حل سياسي من طريق التفاوض". كما التقى وفدا من المملكة المتحدة برئاسة المدير السياسي في وزارة الخارجية والكومنولث سايمون غاس.

وكان دو ميستورا قد التقى ايضا وفداً من "هيئة التنسيق" السورية برئاسة رئيس الهيئة في سوريا حسن عبد العظيم. وقال عضو الوفد عبد الحميد حمو لـ"النهار" ان الوفد أبلغ الى المبعوث الدولي ضرورة العمل من أجل عقد "جنيف3 " وتنفيذ ما اتفق عليه في بيان "جنيف1" "ولا بد من أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الاخلاقية لتخليص سوريا من هذه المحنة من أجل مصلحة الشعب السوري وشعوب المنطقة". وأكد ان الرهان على الحل العسكري أو تعديل ميزان القوى على الارض هو "وهم يدفع الشعب السوري ثمنه الباهظ".
كما التقى رئيسة حركة المجتمع التعددي رندة قسيس التي انتقدت مقاطعة الائتلاف السوري لحوار جنيف ودعت الى حل تدريجي يمهد لـ"جنيف 3".