التاريخ: نيسان ٢١, ٢٠١٥
المصدر: جريدة الحياة
إياد السامرائي: ضعف «العراقية» وراء فشلنا والحزب الإسلامي هو الوسطي على الساحة السنية
بغداد - عبدالواحد طعمة  
وصف، إياد السامرائي، الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي (تنظيم جماعة الإخوان المسلمين العراقيين) حزبه بأنه التيار الإســـلامي الوســطي على الساحة السنية في البلاد، وأن داعش تمـــثل أقصى التطرف ولن تستمر طويلاً، وأكد أن ساحات الاعتصامات التي قامت نهاية 2013 لم تكن لها قيادة مركزية منظمة ما أدى إلى اختراقها من قبل البعثيين والقاعدة، وحمل في حديث مع «الحياة» كتلة «العراقية» التي كان يتزعمها إياد علاوي خلال فترة حكم رئيس الوزراء نوري المالكي الثانية مسؤولية تداعيات الوضع الحالي بسبب ضعفها وسوء إدارتها ملف تشكيل الحكومة عام 2010.

> من هي القوى الحقيقية المتصارعة في المنطقة؟

- هناك عدة محاور تتنازع المنطقة وتحديداً في العراق. الأول المحور الإيراني- الأميركي، وحتى أن ظهر في مرحلة ما يوحي بوجود حالة من التفاهم أو السكوت عنه لكنه مستمر في الخفاء وسيظهر في شكل أوسع.

كل جهة تمتلك أدواتها في هذا الصراع وبالتالي بعض ما يطفو على الساحة من قوى ما هي إلا هذه الأدوات. اليوم داعش على سبيل المثال هي أداة. أن تستخدم في شكل صحيح أو خاطئ هذا موضوع آخر وبعض الأحيان الأحزاب السياسية تتحول إلى أداة أيضاً.

مع الأسف الإرادة العراقية غير موحدة على رغم وجود التمنيات الوطنية لكنها لم تتحول إلى إرادة أو واقع يأتي بنتائج. اليوم هناك أوضاع أخرى في المنطقة تشبه وضعنا مثل الصراع في سورية وما يجري في البحرين وما يدور في اليمن. كلها من تداعيات المحاور المتصارعة وقد يتوسع الصراع إلى أكثر من هذا.

> إلى أي مدى يمكن أن تتوسع هذه التداعيات؟

- يمكن أن تنتقل هذه التداعيات إلى مناطق أخرى.

> هناك بؤر جديدة بعينها؟

- يصعب التكهن كون هذا النوع من الصراعات مثل الجرثومة إذا لم تكافح يمكنها نشر المرض وتوسعة نطاقه.

> لمن ستكون الغلبة برأيكم؟

- هذا النوع من الصراعات خاصة بعدما أصبح له بعد مسلح ابتعد عن الطريق التقليدي للحسم كون السلاح غالباً يفشل في إنهاء النزاع.

> والحل؟

- الحل الوحيد هو الجلوس إلى طاولة الحوار. قبل عشرين عاماً كانت بؤرة الصراع محدودة أما اليوم فقد انتشرت أكثر ولك أن تتصور الأمور بعد عشرة أو عشرين عاماً أخرى وإلى أين ستصل. قبل ثلاثين عاماً لم نكن نفكر إلا بالقضية الفلسطينية وحينها كانت هي محور الصراع الوحيد وكان هناك إجماع عربي- إسلامي.

> هل يحتاج التعايش في العراق وإدارة العملية السياسية إلى اجتراح فلسفة جديدة؟

- نعم نحتاج إلى فلسفة جديدة غير الحالية التي يتم التعامل بموجبها وفق صيغة إلغاء الآخر وعدم الاعتراف بمصالحه. ظرف العراق لا يسمح لجهة بأن تكون متفردة وصاحبة القرار في شكل كامل.

> كيف ترى واقع الحركات الإسلامية في ظل صراعات تتغذى على الإسلاموية؟

- لو تناولنا التيارات الإسلامية، هناك التيار المتمثل بالإسلامي الشيعي وله مدرسته الخاصة، والإسلامي السني: تيار الإخوان المسلمين على سبيل المثال هو مدرسة فكرية تكون منها عدد من الأحزاب على مستوى العالم الإسلامي، والتيار السلفي له تاريخ يمتد إلى الأمام أحمد بن حنبل وابن تيمية. هذه ثلاثة تيارات رئيسية أخذت تتفرع عنها تيارات أخرى حيث أصبح ضمن المدرسة الواحدة أكثر من اجتهاد فمثلاً التيار السلفي أخيراً بدأت تظهر منه السلفية الجهادية والسلفية التكفيرية حتى وصل إلى أربعة أو خمسة تيارات. إذا أتينا على التيار الذي نعتبر انفسنا جزءاً منه وننتمي إليه ونعده التيار الإسلامي الوسطي وهو الإخوان المسلمين، هي مدرسة انبثق منها عدد من التيارات والأحزاب يرتبط البعض تنظيميا بالجماعة وآخرين لا يرتبطون. هذا الفكر مر بمراحل متعددة فما كان يطرح عام 1928 عند بداية قيامه يختلف عما عليه اليوم وأصبح في شكله العام وبغالبيته منحازاً إلى الديموقراطية والتداول السلمي للسلطة وعدم اعتماد العنف في التغيير. لكن التيارات المنافسة لا تنظر إلى التطور الحاصل وتبقى رهينة الأساس أي مراحل التأسيس الأولى وما كان يطرح ومنه الخلافة الإسلامية. الممارسة قد تصاحبها أخطاء تولد جملة من المشكلات قد تصل إلى مستوى النكبات عند بعض الحركات في حين الممارسات الأكثر قرباً للواقع نجحت في البقاء والاستمرار. على سبيل المثال ما حصل في مصر ربما لم يكن هناك استيعاب حقيقي لواقع الجيش والمجتمع المصري والدولة العميقة في هذا المجتمع وبالتالي حصل الصدام وفي المغرب يبدو أن الحركة الإسلامية مستوعبة إلى حد بعيد دور الملك وبالتالي تحاشت التقاطع معه أما في الأردن تواجه الحركة أزمة مع الحكومة ومع الملك.

> وفي العراق؟

- في العراق التيار السياسي الشيعي موجود بقوة وهناك التيار السلفي ونحن (أي الإخوان المسلمين) مساحتنا محدودة في إطار المجتمع ونعمل في إطارها لذلك تجدنا اليوم أكثر تأكيداً على مبدأ التفاهم مع الآخرين وإيجاد شراكة مبنية على القيم المشتركة وما يجمع كل هذه التيارات على رغم اختلافاتها هي قيم الإسلام الأساسية التي لا تختلف وإذا تمكنا أن نجتمع عليها وأن نبني نمط علاقة بمقتضاها متجاوزين الخلافات السياسية يمكن أن نساعد بقدر كبير على استقرار البلاد.

> وداعش؟

- تمثل أقصى أنواع التطرف الفكري الذي يصل حد التكفير وهذا التيار وفكره في سنن الحياة والسنن الربانية لا يستمر وسوف ينتهي يوماً ما.

> كيف؟

- طريقة التعامل معه ستحدد كيف ينتهي إذ لا بد من مقابلته بفكر معتدل نحاربهم فيه والأمر الآخر هو أن يستشعر المجتمع بالعدل بما يجعله أكثر ثقة بالدولة ومؤسساتها. في غياب العدل يبحث الفرد عن طريقة لتحصيل الحقوق خارج إطار الدولة.

> تتهمون بالوقوف وراء ساحات الاعتصام وأنها أدت إلى ظهور داعش؟

- هذه الساحات ظهرت في الأنبار ابتداء نتيجة ما حصل مع رافع العيساوي وزير المال وقتها حيث تعرض مكتبه وأفراد حمايته إلى اعتداء من قبل وحدات أمنية وحصل اعتقال أدى إلى تفاقم الموقف وهذه لا علاقة للحزب فيها والعيساوي لم يكن من الحزب.

> كان ينتمي إلى جهة أخرى من الإخوان؟

- في فترة سابقة كان ينتمي إلى هذه المدرسة وكان جزءاً من الحزب الإسلامي ثم خرج وأعلن ابتعاده في أكثر من مجلس وحديث وأنه ليس من الحزب لا من بعيد أو قريب.

> علاقته بمنظمة حماس العراق؟

- لا أدري لماذا هذا الربط بين حماس ورافع. ليس لدي معلومات عن الموضوع وما جرى قد يدخل في إطار تشويه الصورة.

> نعود إلى ساحات الاعتصام؟

- النقاط التي أثيرت في الساحات كانت ضد ممارسات الأجهزة الأمنية لا سيما التي حركها العيساوي وتبنتها القوى السنية بالكامل بما فيها القوى السنية في البرلمان، وفي تقديري كل المطالب كان لها أساسها الدستوري والقانوني وجاءت بعد انحراف السلطة وعدم التزامها الدستور والقانون أو سوء استغلال السلطة.

> هل سجلتم أخطاء رافقت الاعتصامات؟

- كانت حركة جماهيرية ليس لها قائد وأية حركة بهذه الصورة توفر فرصة لكل من يحاول استغلالها. نحن في الحزب احترمنا إرادة الذين نهضوا بها وكنا داعمين.

> هل فقدتم السيطرة عليها؟

- هم شكلوا ما يسمى اللجان الشعبية وهي مجموعة أشخاص يقومون بتنظيمها لإدارة النشاط وتجنبنا الدخول في صلب القيادة، وبما أن الحركة تفتقد القيادة المركزية والمنظمة والحازمة لا تستطيع منع الاختراقات. حصلت بعض الاختراقات. البعثيون حاولوا اختراقها. القاعدة حاولت أن تخترقها. الدولة تعاملت في شكل سلبي معها ولو كانت اتخذت قراراً يحمي الاعتصامات من الاختراق أو الاعتداء وتترك الناس تعبر رأيها بكل حرية لكان الأمر اختلف.

> لكن قوات الأمن القريبة من ساحة الأنبار تعرضت إلى إطلاق نار وقتل عناصر منها؟

- نعم تعرضت لكن مٍن مًن؟ من الذين يريدون تخريب العلاقة.

> هل كانت لديكم رغبة في قيادة الاعتصامات؟

- الحكومة لم تكن لديها الرغبة.

> انتم كحزب إسلامي؟

- كنا نعتقد كحزب أننا نستطيع من خلال عناصرنا أن يكون لنا دور فعال في انضاج المسألة وإبعادها عن الانحراف والاختراقات لكن لا قادة الاعتصامات أرادوا التعاون معنا وقالوا إن الحزب يريد استثمارها لصالحه كنوع من الاستغلال السياسي، ولا الحكومة أرادت. أتذكر في حديث مع رئيس الوزراء في حينها قال لي انتم وراء الاعتصامات قلت له طيب إذا كنا وراءها فان المنطق يدعوكم إلى الجلوس معنا والتفاهم وامنحني الفرصة، لكن الحكومة ذهبت إلى جهات أخرى.

> لا بد من وجود ثغرة أو نقطة ضعف أدت إلى الفوضى الحالية في البلاد؟

- كنا نعتقد بوجود ضرورة إصلاح السلوك الحكومي في مجالات متعددة ونجد أن الحكومة التي تشكلت وساهمت فيها «العراقية «وهي الكتلة الكبيرة وتضم 91 نائباً كانت ضعيفة وتغلب على نوابها نزعات المصالح الشخصية وفشلت في إدارة مفاوضات تشكيل الحكومة وإدارة التحالفات.

> لو كانت قوية لتحاشى السنة ساحات الاعتصامات وما بعدها؟

- لو كانت قوية لأجادت التفاوض والتفاهم ولم يحصل هذا الشيء.