الجزائر - عاطف قدادرة حضر وزير الدولة الفرنسي المكلف بشؤون قدامى المحاربين جان مارك توديسكيني في ولاية سطيف (300 كلم شرق الجزائر) مراسم إحياء ذكرى ضحايا مجزرة ارتكبها الاستعمار الفرنسي قبل 70 سنة وراح ضحيتها آلاف.
ووصف مراقبون هذه المشاركة الفريدة في ذكرى مجزرة 8 أيار (مايو) 1945، بأنها ترجمة لقرار ثنائي بـ «طي هذا الملف»، خصوصاً أن الوزير توديسكيني انتقل إلى سطيف برفقة وزير المجاهدين الجزائري الطيب زيتوني ووضع إكليلا من الزهور على قبر سعال بوزيد أول شهيد حزائري في المجزرة.
وقال توديسكيني إن زيارته للجزائر هي «اعتراف بالعذابات» التي عانى منها الجزائريون في تلك الفترة. وتكتفي الحكومة الفرنسية بالتعبير رسمياً عن «عذابات الجزائريين»، اقتداء بما قاله الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبل سنتين، أن الاستعمار الفرنسي «كان ظالماً»، ورحبت السلطات الجزائرية بهذه الخطوة الرمزية، غير أن ما يعرف بـ «الأسرة الثورية»، وتضم جمعيات متنفذة أعضاؤها مجاهدون في الثورة، لطالما انتقدت اقتصار الخطوة الفرنسية على هذه المصطلحات من دون إشارة الى «اعتراف بالجرائم أو الاعتذار عنها».
وقال الوزير الفرنسي في حديث الى وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية: «للمرة الأولى سيقرن الفعل بالقول، لترجمة التكريم الفرنسي للضحايا، وللاعتراف بالعذابات التي عانى منها الجزائريون»، معتبراً زيارته «حركة قوية» في هذا الإطار.
وشكل «ملف الذاكرة» أبرز نقاط الخلاف بين البلدين، ولم يتوان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن رفع مطلب الاعتراف والاعتذار عن الحقبة الاستعمارية، وفي كل مرة كانت تصل ردود فرنسية حادة، سواء من اليمين أو اليمين المتطرف الفرنسيين، لكن عهد فرنسوا هولاند شهد تحولاً نحو ما بات يسمى بـ «نظرة الى المستقبل»، وافق فيها البلدان على إخراج «ملف الذاكرة» من المباحثات الرسمية في مقابل بعث شراكة اقتصادية كبيرة بين الجانبين. ولم يسبق أن انتقل وزير فرنسي إلى الجزائر للمشاركة في ذكرى ضحايا سطيف، هذه النقطة السوداء في تاريخ العلاقة بين الجزائر وفرنسا.
وتابع توديسكيني في مقابلته، أن «زيارتي تندرج في إطار خطوة تنم عن الصداقة والاحترام وعلى الحرص على المضي في شحذ ذاكرتنا المشتركة بشكل هادئ، لنتمكن من التطلع بشكل أفضل نحو المستقبل».
وتمثل الذكرى تاريخ نزول آلاف الجزائريين في نهاية الحرب العالمية الثانية إلى الشوارع في سطيف وبلدات مجاورة وهم يحملون الأعلام الجزائرية مطالبين بالاستقلال. وأدى قمع المتظاهرين إلى استشهاد آلاف الجزائريين -45 ألفاً وفق التقديرات الرسمية- برصاص قوات الأمن الفرنسية إضافة إلى ميليشيات تابعة للمستوطنين الفرنسيين. كما قتل حوالى مئة أوروبي خلال أعمال شغب ترافقت مع هذه الأحداث.
على صعيد آخر، أعلنت الحكومة الجزائرية، أنها وسعت فريق الوساطة الدولية في مسار الحوار المالي، إلى الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وكشفت أيضاً أن حفل التوقيع على الاتفاق النهائي سيتم في 15 من أيار (مايو) المقبل في باماكو، والتزمت الجزائر بأنها «ستقوم بإخطار الهيئات الدولية المعنية بشأن كل سلوك أو عمل قد يعرض مسار السلام الجاري للخطر» كنوع من الضمانات لثلاث تنظيمات طارقية مسلحة ما تزال تتحفظ على الاتفاق.
|