هنادي الخطيب مخيم اليرموك اليوم: «داعش» و «النصرة» معاً، النظام السوري والجوع والبراميل، 640 يوماً من الحصار الكامل، 722 يوماً بلا كهرباء، مع 176 ضحية جوع.
«حرفياً لا يوجد إنسان خارج بيته في المخيم، ويفضل من لا يزال على قيد الحياة في مخيم اليرموك الموت داخل جدران منزله جوعاً أو تحت الركام من أن يخرج لأنه سيموت حينها برصاص قناص أو سكين داعشي»، هذا ملخص لوصف قصير وفق «قصي» الشاب الفلسطيني السوري ابن مخيم اليرموك. كيف دخل «داعش» إلى المخيم، وما هو دور «جبهة النصرة» في ذلك الدخول، وكيف بقيت «أكناف بيت المقدس» وحدها في وجه «داعش والنصرة»، وبراميل الأسد العشوائية تتساقط على بقايا المخيم.
قبل الدخول في تفاصيل سيطرة تنظيم الدولة على مخيم اليرموك، فإن اجتماع مجلس الأمن في 7/4/2015 لنجدة المخيم على أثر دخول «داعش»، تأخر قرابة العامين فقط.
فمخيم اليرموك تلقى قصف طائرات الميغ التابعة للنظام السوري لأول مرة في 16 كانون الأول (ديسمبر) 2012 في منطقة مسجد عبدالقادر الحسيني وقتل العشرات يومها، وعلى مدى عامين فشلت كل جهود المنظمات الدولية الإنسانية في إدخال أي مساعدة للعالقين داخل الحصار بسبب رفض النظام إدخال قوافل المساعدات، ويقول السوريون اليوم «فشلنا بإدخال رغيف خبز إلى مخيم اليرموك... ونجح تنظيم كامل بعدته ورجاله بالدخول»، لتبقى سرايا أكناف بيت المقدس شبه وحيدة في التصدي للنظام سابقاً وللنظام ولـ «داعش» و «النصرة» اليوم.
«داعش» في المخيم
في 1/4/2015 دخل «داعش» مخيم اليرموك، وقال نشطاء من المخيم أن «جبهة النصرة» ساعدته على الدخول من جهة الحجر الأسود، إلا أن «النصرة» أصدرت بياناً يوم 4/4/2015 نفت فيه أي علاقة لها بدخول الدولة الإسلامية اليرموك، وأكدت في بيانها أنها وقفت وستقف على الحياد في ما يخص معركة المخيم ما بين الدولة الإسلامية وكتائب «أكناف بيت المقدس».
وما بين تأكيدات التحالف (النصرة- داعش) ونفي التحالف، يؤكد «قصي» أن تلك المساعدة تمت فعلاً، ويقول أن «داعش دخل المخيم بتسهيل كامل من النصرة، من جهة الحجر الأسود أي مناطق سيطرة النصرة، وكان الدخول سريعاً ومفاجئاً»، وأما عن ماهية تلك المساعدة، فكانت بعدم الاشتباك ما بين «النصرة» و «داعش»، والأهم وربما الملفت للنظر أن الدولة الإسلامية رفعت أعلام جبهة النصرة في بعض الشوارع. وحتى ذلك الوقت أي إلى 1/4 لم تكن كتائب «أكناف بيت المقدس» حسمت أمرها بما يخص قتال جبهة النصرة، خصوصاً وأن «الأكناف» كانت قليلة التواجد داخل حارات المخيم، بينما تكثف وجودها على الأطراف لقتال النظام ومنع تقدمه، وهو ما جعل دخول «داعش» أمراً مفاجئاً لـ «الأكناف»، وما يفسر أيضاً التقدم السريع واللافت لداعش، إذ إنه سرعان ما حصرت «الأكناف» في المربع الأمني «شارع لوبية القريب من قوات النظام مكانياً»، لتصبح السيطرة في مخيم اليرموك بشكل تقريبي «60 في المئة داعش والنصرة، 10 في المئة كتائب أكناف بيت المقدس».
يقول قصي أنه لولا بعض الدعم الذي وصل لكتائب «أكناف بيت المقدس» لتم القضاء عليها سريعاً، ووصلت تلك المساعدة من شباب فلسطينيين خارج المخيم، لتعلن قوى الإصلاح في يلدا وببيلا القتال إلى جانب «الأكناف».
قطع رؤوس
نشر تنظيم الدولة الإسلامية في 4/4/2015 صوراً لرأسين قال أنه تم قطعهما لأنهما من «المرابطين»، وهو ما أكده «قصي» وقال أنه تم قطع رأسيهما في حي العروبة في المخيم، وتهمتهما كانت «الانتماء إلى جيش التحرير»، وأشــار قصي إلى حالات اختطاف تتم في الشوارع ومنها اختطاف «لينا محمود»، ويصعب أن يجرؤ أي أحد على الخروج من منزله أو حتى محاولة الإطلالة من شباك لمعرفة وضع الشوارع.
وأصدر «جيش الإسلام» في 2/4/2015 بياناً طلب فيه من «جبهة النصرة» قتال تنظيم الدولة الإسلامية، ولكنه لم يأت على ذكر «أكناف بيت المقدس».
وأكد نشطاء أنه وبمجرد دخول تنظيم الدولة إلى المخيم نشر القناصة على أسطح الأبنية، وقام بالإعلان عن طريق مكبرات الصوت من المساجد أن كل من يبقى مع «أكناف المقدس» سيتم قتله، كما أن «جبهة النصرة» قامت بمنع محاولات دخول شباب من خارج المخيم – وفق النشطاء- من الدخول إليه لمساندة «الأكناف».
تلقى مخيم اليرموك خلال الأيام الماضية 44 برميلاً متـــفجراً، ووفق نشــطاء في المخيم فإن حوالى 35 في المـــئة من أبنية المخيم أضحت ركاماً.
وأما النزوح الجماعي فإنه جرى باتجاه يلدا وببيلا، القريبتين من المخيم والبعيدتين عن الأمن والأمان كلياً، وتكاد حركة النزوح أن تصبح شبه معدومة مع خطر الخروج من المنزل للبحث عن طعام وبشكل فردي فكيف الأمر بمن يحاول إخراج عائلته، وهو ما حدث مع ناصر أحمد عباس الذي تم قتله برصاصة قناص قبل يومين حين خرج للبحث عن طعام لعائلته.
يوجد في مخيم اليرموك اليوم حوالى 18000 إنسان ما بين أطفال ونساء وعجائز وشباب، معرضين جميعهم لإبادة جماعية من مختلف الأطراف.
«أبو مجاهد» هو الاسم المتداول في المخيم لما يسمى أمير «داعش» هناك، وأما قائد كتائب «أكناف بيت المقدس» فإن اسمه «أبو همام» وهي كتائب كانت تتبع لحركة «حماس».
حلول عسكرية... والمخيم يباد
لا يزال مخيم اليرموك قيد الإبادة الجماعية، ولا يزال النظام يقصفه بالبراميل، وفي الوقت ذاته أعلن وزير المصالحة الوطنية السوري علي حيدر أن الوضع الراهن في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق يستدعي «حلاً عسكرياً» فرضه على الحكومة دخول تنظيم «الدولة الإسلامية»، جاء تصريح حيدر بعد اجتماعه مع عضو اللجنة المركزية في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني في دمشق، وكما أثار هجوم داعش على اليرموك مخاوف النظام، فإنه أيضاً أخاف مسؤولين فلسطينيين، فعقد ممثلو 14 فصيلاً فلسطينياً اجتماعاً في حضور مجدلاني ليخرج حيدر بالقول: «العمل العسكري بدأ بكل الأحوال وهناك إنجازات للجيش والقوى التي تقاتل معه».
ومن المعروف أن بعض الفصائل الفلسطينية تقـــاتل إلى جــانب النظام في المخـــيمات ذات الغالبية الفلســـطينية أبرزها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة» بقيادة أحمد جبريل. |