سيتذكر اللبنانيون اليوم ازمة الفراغ الرئاسي من الباب "الرقمي" مع الجلسة الـ21 لمجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية والتي ستمر سريعاً بتحديد الموعد الـ22 من دون أي أفق ملموس لنهاية النفق. كما ان الجولة التاسعة للحوار بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" ستنعقد مساء في عين التينة وسط غموض يكتنف نتائجها، بعد المطبات العنيفة التي تعرض لها مناخ هذا الحوار في الأسبوعين الأخيرين على وقع الحملات الاعلامية والسياسية الحادة المتبادلة في شأن مواقف الفريقين من الأزمة اليمنية.
مع ذلك خرجت الحكومة أمس مزهوة بتجاوزها اعتراض "حزب الله" على كلمة رئيس الوزراء تمام سلام في القمة العربية الاخيرة في شرم الشيخ، والذي، وان اثار نقاشاً مستفيضاً في جلسة مجلس الوزراء، أفضى الى بلورة غالبية وزارية واسعة مؤيدة لموقف سلام ولو تمسك الحزب بموقفه المتحفظ عنه. ولخصت مصادر وزارية لـ"النهار" عناوين مناقشات جلسة مجلس الوزراء امس بالآتي:
- أثبتت نتائج مناقشات الجلسة أن جميع الأطراف متمسكون بالحكومة. - ظهر "حزب الله" معزولاً حتى عن حلفائه في حركة "أمل" و"التيار الوطني الحر". - لا أحد يزايد على الرئيس سلام في رئاسة الحكومة ورئيس الحكومة لا يستأذن أحداً ليعلن موقفه. وأفادت المصادر أن الرئيس سلام استهل الجلسة بمداخلة أكد فيها أن كلامه في قمة شرم الشيخ لم يأخذ في الاعتبار إلا مصلحة لبنان واللبنانيين وجاء موزوناً، وهو لا يقول ذلك دفاعا عن نفسه بل ليشرح الموقف الذي قصد عدم الاساءة الى أحد وتعزيز التضامن العربي الذي ظهر مجدداً. وشدد على علاقات لبنان الوثيقة مع المملكة العربية السعودية وأفضالها الكثيرة عليه وكذلك علاقات لبنان مع سائر دول الخليج حيث للبنان مصالح أساسية يجب صونها. وأضاف ان موقف لبنان كان متميزاً في قمة شرم الشيخ وفي مؤتمر الكويت بفضل وحدة الموقف الوزاري.
وكان أول طالبي الكلام بعد الرئيس سلام نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل الذي استغرب عدم ورود "إعلان بعبدا" في مقررات القمة العربية على رغم انه صار إعلانا رسميا ودولياً، مشيراً الى ان هناك ما يوحي بأن ثمة من غيّب الاعلان عن توصيات وزراء الخارجية العرب. وسارع وزير الخارجية جبران باسيل الى الرد، فقال إن "إعلان بعبدا" لم يكن مطروحا لكيّ يزال وتساءل لماذا لم يرد الإعلان في مقررات القمة العربية السابقة في الكويت عندما كان الرئيس ميشال سليمان لا يزال رئيسا للجمهورية؟ وعلم ان الوزير باسيل سيعقد ظهر اليوم مؤتمرا صحافياً يتحدث فيه عن هذا الموضوع.
بعد ذلك تكلّم وزير الزراعة حسين الحاج حسن، فاعتبر ان كلام الرئيس سلام في القمة العربية يعبّر عن قسم من اللبنانيين، لافتاً الى أن ما يجري في اليمن هو بين يمنيين ويمنيين وكلهم عرب. وقال انه كان على لبنان أن ينأى بنفسه عما يدور هناك وما أعلن من مواقف لا يعبّر عن موقف الحكومة مجتمعة. وعارض إنشاء القوة العربية المشتركة التي كان يجب أن تنشأ من أجل القضية الفلسطينية وليس من أجل اليمن. وعقب الوزير باسيل على كلام الوزير الحاج حسن بأن القوة العربية المقترحة جاءت من مصر وكانت فكرتها مطروحة قبل أحداث اليمن.
وتابع الوزير الحاج حسن كلامه فتطرق إلى ما وصفه بـ"الارهاب الوهابي" وسانده زميله الوزير محمد فنيش، فتدخّل وزير الداخلية نهاد المشنوق ليقول إن كل ما يقال ويشاع عن الموقف السعودي ينقل بالتواتر ولا أساس له، وان السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري دافع عن بلاده في مواجهة الاتهامات التي وجهت اليها، وشدد على انه من غير الجائز اتهام مذهب بالارهاب. ثم سأل الحاج حسن ما اذا كان يعرف ان القوة العربية المشتركة اتفق على انشائها من دون موافقة اميركا ولا اسرائيل، فهل انتم مع اميركا واسرائيل في هذا الموقف؟ وتلاه وزير العدل أشرف ريفي فقال ان الكلام على عدوان على اليمن هو إخفاء لحقيقة العدوان الايراني الذي حوّل الصراع من عربي - إسرائيلي وإسلامي - إسرائيلي الى صراع عربي - فارسي، رافضاً تصوير الامر وكأنه صراع سنيّ - شيعي. وحيّا الرئيس سلام وقال إن لبنان يرفض في نظامه ان يكون هناك مرشد للجمهورية.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ان الكلام على المذاهب لا يجوز، معتبرا ان الحديث عن هلال شيعي وعن هلال سنيّ سيرسم في النهاية نجمة داود.
بعد ذلك توالى على الكلام وزيرا الصحة والزراعة وائل أبو فاعور وأكرم شهيّب فدافعا عن الرئيس سلام وتبنّيا مواقفه، ورأى شهيب انه لا يجوز للحكومة بعدما احتوت مسألة سوريا التي هي في قلب البيت الا تتجاوز مسألة اليمن.
وقال وزير العمل سجعان قزي ان كلام الرئيس سلام في قمة شرم الشيخ لا يعبّر عن الحكومة فحسب بل عن دولة لبنان منذ العام 1943 وانضمامها الى جامعة الدول العربية والتزامها الوقوف مع العرب عندما يتفقون والحياد عندما يختلفون.
وشرح وزير الاعلام رمزي جريج مضمون المادة 64 في الدستور التي تعطي رئيس الحكومة صلاحية التحدث بإسم لبنان. وقد أجمل الرئيس سلام المناقشات، معرباً عن تمسكه بكلامه في قمة شرم الشيخ، واصفا إياه بالموزون والدقيق.وقال انه عدّل مرارا كلامه لئلا يسيء الى أحد، وهو بالتالي لن يأخذ إذنا من أحد ليعلن مواقفه. ووصف ما سمعه من ملاحظات بأنه مفيد لأخذه في الاعتبار في أي موقف جديد له. وفور إنتهاء الرئيس سلام من كلامه صفق الوزراء له.
ونظراً الى ضيق الوقت، صرف النظر عن النظر في جدول الأعمال في ما عدا بعض الامور وأبرزها تعيين السيد فؤاد فليفل امينا عاما لمجلس الوزراء ومحافظا لجبل لبنان بالوكالة. مسؤولان أميركيان على صعيد آخر، علمت "النهار" ان نائب وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن سيزور لبنان يوميّ الاحد والاثنين المقبلين لإجراء مشاورات تتناول تطورات المنطقة والعلاقات الثنائية. ومن المقرر أن يلتقي المسؤول الاميركي في زيارته رئيسيّ مجلس النواب والحكومة والبطريرك الراعي والمفتي دريان وقائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وكانت وصلت أمس الى بيروت مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون اللاجئين والهجرة انكلود ريتشارد بعد مشاركتها في مؤتمر المانحين في الكويت والتقت الرئيس سلام وستزور اليوم احدى المدارس في سد البوشرية التي تضم لاجئين سوريين حيث ستعلن تقديم مساعدة انسانية اضافية لازمة اللاجئين.
"انتفاضة" عرسال في غضون ذلك، بدت امس بلدة عرسال كأنها على مشارف "انتفاضة" اهلية على المجموعات المسلحة التي تختطف امن البلدة وتمعن فيها ترهيباً بممارسات الخطف والقتل والسرقة. واتخذت هذه الانتفاضة طابع مواجهة خطيرة بين الاهالي ومجموعات من النازحين السوريين المتعاونين مع المسلحين، الامر الذي يخشى معه ان تنفجر الاوضاع على نطاق واسع. وشهدت البلدة ظهوراً مسلحاً على خلفية خطف المواطن حسين سيف الدين واشتراط دفع فدية لاطلاقه، الأمر الذي قابله الاهالي باحتجاز عشرات السوريين من بلدة قارة السورية فيما عزز الجيش انتشاره على اطراف البلدة.
العسكرية حاكمت عمر فستق في ملفّين ورفعتهما إلى المرافعة ولفظ الحكم
كلوديت سركيس استفسر رئيس المحكمة العسكرية الدائمة العميد الركن الطيار خليل ابرهيم، في حضور ممثل النيابة العامة القاضي سامي صادر، من الشيخ عمر بكري فستق الموقوف مع ثلاثة آخرين بتهمة "تأليف عصابة مسلحة والانتماء اليها وحيازة واقتناء مواد متفجرة للقيام بأعمال ارهابية والقيام باعمال ارهابية بواسطة متفجرات "، عن علاقته بجماعات اصولية، فاقسم فستق، بنبرة هادئة، بعدم علاقته بأي مجموعات" والله شهيد ووكيل على كلامي". وبسؤاله "الا تريد مبايعة ابو بكر البغدادي وفقا لما ذكرته في الجلسة السابقة؟". أمسك فستق بنظارته في يديه طوال جلستين في ملفين حوكم بهما مع رفاقه وقال في حضور وكيله المحامي عبد الرحمن حيدر: "اجبت في حال رضي الرسول ارضى بمنظور ديني شرعي لاسباب اعتقادية. انا لا ابايع احدا، واجبتك انه اذا استحق ابو بكر البغدادي، أبايعه، ونحن نحب اهل البيت والصحابة،وإن اخطأ القاضي بالعفو افضل من ان يخطىء بالعقوبة". واضاف الموقوف، مرتديا لباسا رياضيا ومطلقاً لحية كثة: "انا احب كل شيء يدخل الى العقيدة والنظر بعين العدل والرحمة الى الامور".
ثم جرى الاستماع الى افادات اربعة شهود هم نبيل رحيم وجميل الزين وعمر حربة وابرهيم صبلوح. ونفوا علاقة الموقوفين فستق وشادي عدنان الزيلع وحسام عبد الله الصباغ والشيخ محمد بسام اسماعيل حمود بأي نشاط مع جماعات، فيما اعتبر المتهم حمود ان "كل شيء تركيب بتركيب، وكبر موضوع "القاعدة" لاسباب سياسية وامنية". وقال: "لا اعرف كيف يركب موضوع شقة لي وسلاح (في داخلها)، او ما الاسباب التي ادت الى كل هذه الامور المركبة".
وبالانتقال الى محاكمة فستق مع اثنين آخرين في ملف ثان بتهمة "تأليف تنظيم ارهابي مسلح يشكل امتدادا لجبهة "النصرة" من سوريا الى لبنان وانشاء معسكرات تدريب في مناطق لبنانية"، اشتدت نبرة صوته، واجاب غاضبا عندما سئل عن المتهمين معه في هذا الملف وبينهم الفلسطيني اسامة الشهابي المطلوب للعدالة في اكثر من ملف يتصل بـ"عصبة الانصار" وحركة"فتح الاسلام": انا لا اعرف الشهابي وابو مدين ولم اسمع بهما الا هنا امام القوس". واضاف: "اتصل شخص بي، وطلب مقابلتي. فارسلت له الطبيب (الموقوف) صديقي عبد الناصر الذي أقله شخص من الكولا في سيارته الى مخيم عين الحلوة. وابلغني انه اجتمع هناك بثلاثة. هو مقلب في حقي. وثمة من اراد ايقاعي في مقلب. وكل حديث عن امارة اسلامية في لبنان وعن "النصرة" هو في غير محله".
كلام فستق جاء بعد ما ورد في الملف عن تفاصيل تتعلق بالامارة ومعسكرات تدريب و"النصرة". وأفاد الطبيب أنه ذهب بتكليف من فستق، وأصر على ان الفلسطيني الموقوف الى جانبه صالح مرعي الحسن ليس هو "ابو مدين" الذي كان مقنعا خلال الاجتماع في المخيم. اما الحسن فذكر انه حضر من دبي الى لبنان لتجديد وثيقة بطاقته الفلسطينية واوقف بدهم منزله بناء على معلومات، مشيرا الى انه يعمل في مجال الطوارئ ممرضا مع طبيب لارسال ادوية الى غزة،ونافيا علاقته بالثورة في سوريا او بالمعارضة او ارسال اموال الى الاخيرة. وارجئت الجلسة للمرافعات في الثامن من ايار المقبل.
|