التاريخ: آذار ٣٠, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
الحوار مستمر والقمة الروحية لانتخاب رئيس وسلام اليوم إلى الكويت: لبنان داعم للسعودية
توزع الاهتمام اللبناني في عطلة نهاية الاسبوع بين شرم الشيخ حيث انعقدت القمة العربية وتمكن لبنان من الخروج منها بموقف مؤيد للقرار العربي الموحد من غير ان ينعكس تفسخاً داخلياً للنسيج الحكومي، وبيروت حيث تفاعل سلباً الكلام الاخير للامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، واستدعى امس رداً مباشراً من السفير السعودي علي عواض العسيري، وربما أحرج حلفاء له قد يكون أبرزهم العماد ميشال عون الذي زار المملكة أخيراً، كما أثار مخاوف لبنانيين يتوزعون على دول الخليج العربي.

لكن المحصلة جاءت مرضية في جانب منها، ذلك انه على رغم التصعيد الكلامي، أكدت مصادر "المستقبل" و "حزب الله" مضي الجانبين في حوارهما برعاية الرئيس نبيه بري الذي نقل عنه زواره مساء امس "ان الحوار مستمر وهو ضرورة، والكل حريص عليه، والموعد الخميس المقبل".

وعلمت "النهار" انه خلال أعمال القمة وردت معلومات الى وزارة الخارجية اللبنانية نقلت الى الرئيس تمّام سلام مفادها أن الجاليات اللبنانية في الخليج وجمعياتها بعثت برسائل الى السلطات اللبنانية تبدي تخوفاً من إنعكاسات الكلام الاخير للسيد نصرالله على اللبنانيين هناك وضرورة القيام بتحركات رسمية لحماية مصالح هؤلاء.

وفيما لم يتوقف الزعماء العرب عند كلام نصرالله ضد السعودية وفي الموضوع اليمني ولم يتطرقوا اليه، استرعى الانتباه ان الامتعاض اقتصر على موقف وزير الخارجية جبران باسيل. وقد وفر كلام نصرالله فرصة لرئيس الوزراء لإخراج موقف لبناني واضح لا لبس فيه، اذ نجح سلام في تفسير التمايز بين تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية ولا سيما منها ما يتعلق باليمن وتأييده الاجماع العربي، وسياسة النأي بالنفس التي تنطبق حصراً على الملف السوري. وخلف موقف سلام ارتياحاً وترحيباً في الوسط الخليجي الذي كان أبدى امتعاضه من مسألة النأي بالنفس.

وصرّح الوزير سجعان قزي الذي كان في عداد الوفد الى القمة لـ"النهار" امس: "إن الموقف الذي أعلنه الرئيس سلام والمؤيد للموقف العربي من اليمن جاء بعد الخطاب الاخير للسيد نصرالله مما أكد أن موقف لبنان تعلنه حكومته وليس أي طرف هو جزء لا يتجزأ "من محور يزعزع إستقرار المنطقة".

في المقابل، لا يجد الرئيس سلام ما يبرر تحميل الحكومة تبعة مثل هذا الموقف، لان لبنان الرسمي تعامل مع الموضوع اليمني بما ينسجم مع الإجماع العربي في الدرجة الأولى، ومع المملكة العربية السعودية التي لم تقصر يوماً في احتضان لبنان ومساعدته، ولا بد للبنان ان يكون موجوداً وداعماً للمملكة عندما يقتضي الامر ذلك.

وعن اعمال القمة، علمت "النهار" ان الرئيس سلام اجتمع منفرداً مع وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل. أما باقي اللقاءات التي عقدها مع الرؤساء والامراء فشارك فيها سائر أعضاء الوفد المرافق له. كما علمت ان وزير المال علي حسن خليل كان في عداد الوفد الى القمة لكنه لم يشارك فيه لسبب قيل إنه حضوره المؤتمر العام الثالث عشر لحركة "أمل"الذي انعقد أمس.
 
مؤتمر المانحين
ويتوجه رئيس الوزراء الى الكويت مساء اليوم على رأس وفد يضم الوزراء نهاد المشنوق ورشيد درباس وأكرم شهيب للمشاركة في مؤتمر المانحين للدول والمجتمعات المضيفة للاجئين.

وصرح سلام لـ "النهار" بأنه يحمل الى المؤتمر رزمة متكاملة من المشاريع التي تم العمل عليها وتطوير معطياتها بقيمة مليار و٤٨ مليون دولار تغطي الكثير من حاجات لبنان وحاجات المجتمعات المضيفة في مختلف الميادين التربوية والصحية والإنمائية، كاشفاً انه تحدث مع أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح على هامش مؤتمر القمة في شرم الشيخ. وقال إن لبنان لم يكن راضياً عن نتائج المؤتمرات السابقة من حيث ترجمة الالتزامات، مشيراً الى انه سيسعى الى حض الدول المانحة على الوفاء بتعهداتها.
وكان الوزير باسيل كشف لـ "النهار" بعد عودته من نيويورك عن قرار أميركي برفد مؤتمر الكويت بمبلغ ٥٠٠ مليون دولار عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

السفير السعودي و "الجديد"
وفي بيروت، رد السفير السعودي على تهجمات السيد حسن نصرالله على المملكة، فقال إن خطابه عبّر عن ارتباك لدى الجهات التي يمثلها، وتضمن الكثير من الافتراء والتجني في حق المملكة، إضافة إلى الكثير من المغالطات التي تهدف إلى تحريف الحقائق وتضليل الرأي العام. وذكر العسيري نصرالله بأن اللبنانيين يحمّلون "حزب الله" وحلفاءه والجهات الاقليمية التي تدعمهم مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية.

من جهة اخرى، استرعى الانتباه الهجوم الذي شنه نجل السيد حسن نصرالله على تلفزيون "الجديد" والتزام الحزب الصمت حيال الامر تأكيداً او نفياً، في رسالة واضحة التزمت حيالها ادارة المحطة الصمت.
 
القمة الروحية
على صعيد آخر، تنعقد القمة الروحية في الصرح البطريركي في بكركي اليوم الاثنين بعدما أنجز القيمون عليها التحضيرات اللازمة لها، وأجروا اتصالات أكّدت حضور رؤساء الطوائف للبحث في مواضيع مهمة يعيشها اللبنانيون في ظل الظروف القاسية التي تفرض نفسها نتيجة تطورات الاوضاع وتداعيات الازمات الناتجة من الصراعات الدائرة في المنطقة.

والقمة، التي ستستمر نحو ساعة ونصف ساعة، ستصدر بياناً ختامياً وزع نصه على الجميع لوضع الملاحظات الاخيرة عليه واجراء التعديلات اللازمة. ومن ابرز النقاط تلك التي تتعلق بضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن، والنزوح السوري، ومستقبل المسيحيين العرب، وما يهم اللبنانيين، اضافة الى الوضع الاقليمي.

وفي معلومات لـ "النهار" ان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان سيثير موضوع متابعة التوصيات وخصوصاً بعد قرار سابق لم ينفذ بتشكيل وفد مشترك يجول على الدول العربية حاملاً مطالب لمساعدة لبنان تعبر عن كل مكونات المجتمع اللبناني. كذلك سيقترح تحويل القمة الروحية مؤسسة دائمة للتشاور فلا تكون ظرفية.

وسيقدم رؤساء الطوائف الاسلامية المعايدة لنظرائهم المسيحيين بأحد الشعانين وبعيد الفصح القريب. ويذكر ان المسيحيين الذين يعتمدون التقويم الغربي احتفلوا أمس بالشعانين، وأقيمت زياحات اللاجئين العراقيين والسوريين في عدد كبير من الكنائس تخللتها تراتيل بالكلدانية والاشورية والسريانية.


عسيري رأى افتراء ومغالطات في خطاب نصرالله: للتمثّل بحكمة المملكة بدل المتاجرة بقضايا الأمة

رأى السفير السعودي علي بن عواض عسيري أن الخطاب الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله "عبّر عن ارتباك لدى الجهات التي يمثلها، وتضمن الكثير من الافتراء والتجني في حق المملكة العربية السعودية، إضافة إلى الكثير من المغالطات التي تهدف إلى تحريف الحقائق وتضليل الرأي العام".

وقال في بيان: "ان المملكة العربية السعودية مشهود لها انها لا تتكلم لغتين، وقد أعلنت مرات عدة على لسان مسؤوليها ان الرئاسة اللبنانية شأن لبناني بحت، وهي لا تدخل في لعبة الأسماء والمرشحين بل تدعم كل ما ومن يتوافق عليه اللبنانيون، وتحميل السيد نصر الله المملكة بشخص وزير خارجيتها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل مسؤولية ما في هذا الملف، يهدف إلى ذر الرماد في العيون والهروب من تبعات تعطيل الانتخابات الرئاسية التي يحمّلها اللبنانيون لـ"حزب الله" وحلفائه والجهات الإقليمية التي تدعمهم".

وفي موضوع اليمن، أضاف: "إن ما قامت به حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - طوال المرحلة السابقة، بمواكبة من الأمم المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، خير شاهد على رغبتها الصادقة في المساعدة على التوصل إلى حل يمني - يمني يحفظ وحدة اليمن وسلامة شعبه، الا ان الجهات ذاتها التي تدعم السيد نصر الله وتحرك الحوثيين، لا تريد الخير لليمن وكانت وراء تعطيل كل الاتفاقات ودفع الوضع الأمني في البلاد نحو التصعيد والتدهور".

وفي الشأن الفلسطيني، لفت الى "أن لا السيد نصر الله ولا أي جهة أخرى يستطيعان المزايدة على المملكة في ما قدمته منذ عشرات السنين ولا تزال من دعم مختلف للشعب الفلسطيني الشقيق، وهي لا تمنن في ذلك لأن القضية الفلسطينية قضيتها، والقضية العربية المركزية، ولكن العجب العجاب في من يدعون نصرة القضية الفلسطينية ويتاجرون بها في أسواق السياسة، ويعملون من دون كلل من اجل تجزئة المنظمات والفصائل الفلسطينية وتأليبها ضد بعضها وضرب كل محاولة صادقة او اتفاق يصبّان في مصلحة الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية".

وأكد "أن مواقف المملكة واضحة وصادقة ولا تحتاج إلى شهادة من احد، وهي مواقف مقرونة بأفعال تقدرها الشعوب العربية والإسلامية. وحبذا لو يتمثل بعض الجهات بحكمة قادة المملكة وحرصهم على الأمتين العربية والإسلامية ونصرتهم للقضايا العربية والإسلامية، بدل السعي إلى ضرب الوحدة العربية وتضليل الشعوب والمتاجرة بقضايا الأمة".