الرياض - أحمد غلاب وخالد العمري وعيسى الشاماني دخلت عملية «عاصفة الحزم» يومها الثالث أمس، وهي تُحقِّق الأهداف المرسومة لها كما أكدت وزارة الدفاع السعودية، التي شدّدت على أن القوات المتحالفة لا تزال تُحكِم السيطرة على كامل الأجواء اليمنية. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل ليل الجمعة- السبت بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجدد دعمه عملية «عاصفة الحزم».
وقال المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي العميد الركن أحمد عسيري في إيجازه الصحافي اليومي أمس، إن غارات اليوم الثالث استهدفت قواعد جوية ومراكز للقيادة والسيطرة، وبطاريات صواريخ باليستية، ومستودعات للذخيرة والأسلحة، وطاولت تحرُّكات عناصر الميليشيات الحوثية باتجاه الجنوب اليمني، خصوصاً عدن، ومن صعدة (شمالاً) باتجاه الحدود الجنوبية للسعودية. وأكد أن غارات التحالف دمّرت معظم الصواريخ التي في حوزة الحوثيين. وكرَّر أن الهجمات الجوية تحرص على مراعاة عدم استهداف المدنيين اليمنيين، الذين اتّهم الميليشيات الحوثية باستخدامهم دروعاً. وزاد أن مروحيات «أباتشي» السعودية والمدفعية ستواصل استهداف أي تجمُّع للحوثيين يتحرك باتجاه جنوب المملكة.
واتهم عسيري الحوثيين بتحصين ميليشياتهم في المساكن والمناطق المأهولة، إذ يضعون مضادات للطيران لاستدراج طائرات تحالف «عاصفة الحزم» لقصفها وإيقاع ضحايا مدنيين.
وأكد أن البحرية السعودية نفّذت عملية ناجحة لإجلاء 86 ديبلوماسياً وإعلامياً من 12 جنسية، بينهم سعوديون، من عدن. وزاد أنهم وصلوا إلى ميناء جدة (غرب السعودية)، موضحاً أن سفناً ومروحيات وقوات «كوماندوس» استُخدِمت في الإجلاء.
وفي شأن الحادثة التي تعرّضت لها مقاتلة سعودية من طراز «إف- 15» فوق خليج عدن، ذكر عسيري أن أحد طيارَيْها عاد لمزاولة مهماته، فيما أصيب الآخر في يده.
وفي شأن إصرار الميليشيات الحوثية على التحرك إلى عدن، قال المستشار العسكري السعودي إن قوات التحالف «تواجه ميليشيات بلا تشكيلات ميدانية كالتي لدى الجيوش النظامية، وتحديد الأهداف يتطلّب جهوداً وصبراً، لكننا سنحقق أهدافنا في الوقت المحدد». واتهم الحوثيين بإعاقة إجلاء موظفي الأمم المتحدة من اليمن، مكرراً أن تحالف «عاصفة الحزم» لن يسمح بإمدادات للحوثيين ونبّه إلى أن قدراتهم تضعُف يوماً بيوم، فيما الباب مفتوح أمام انضمام مزيد من الدول إلى التحالف.
ورداً على سؤال عن الكلفة المالية لـ «عاصفة الحزم»، قال عسيري: «أمن اليمن وسلامته أهم لدينا من فاتورة العمل العسكري» لحماية الشرعية. وأكد عدم وجود إصابات في صفوف الجنود السعوديين المشاركين في العمليات. ونفى مجدداً وجود أي خطة لشن هجوم بري، مؤكداً أن القوات السعودية والمتحالفة جاهزة لأي طارئ.
وكانت وكالة الأنباء السعودية ذكرت أن إجلاء الديبلوماسيين والإعلاميين من عدن نُفِّذ صباح الأربعاء، على متن سفينتي الملك «الدمام» و «ينبع»، بمشاركة طيران البحرية وعناصر من وحدات الأمن الخاصة. ووصل الأشخاص الذين أُجلوا إلى جدة صباح أمس.
وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن ديبلوماسي خليجي قوله أمس إن التحالف العربي كان يخطط في البداية لحملة تستمر شهراً، لكنها قد تستغرق بضعة أشهر. وحذّر من أن إيران الحليف الرئيسي للحوثيين سترد على الأرجح في شكل غير مباشر، من خلال تشجيع موالين لها على تنفيذ هجمات في دول عربية.
وشدد على أن ضربات التحالف ستتواصل الى ان يتمكن اليمن من استئناف عملية الانتقال السياسي. وذكر أن قلق دول الخليج العربية من نفوذ الحوثيين في اليمن تزايد في كانون الثاني (يناير) الماضي، حين أظهرت صور التُقِطت بالأقمار الاصطناعية نشر قواتهم صواريخ «سكود» في المناطق الشمالية القريبة من الحدود مع السعودية. ويتراوح مدى هذه الصواريخ بين 250 و650 كيلومتراً موجّهة شمالاً.
وتابع الديبلوماسي أن الجيش اليمني كان يمتلك نحو 300 صاروخ «سكود»، ويُعتقد بأن الجزء الأكبر منها بات في يد جماعة الحوثيين والوحدات العسكرية المتحالفة معهم، الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وأضاف أن حملة التحالف دمّرت 21 منها، مشيراً إلى أن الجماعة تتلقى التدريب والدعم على الأرض من حوالى 5 آلاف خبير من إيران وحلفائها في المنطقة، «حزب الله» في لبنان ومجموعات شيعية عراقية.
قاعدة الصواريخ
وفي شرم الشيخ، حيث تُعقد القمة العربية، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول يمني قوله أمس، إن عملية «عاصفة الحزم» استهدفت قاعدة نصب فيها الحوثيون صواريخ بعيدة المدى، ووجهوها صوب مدينة عدن ودول مجاورة. وأضاف أن السلطات اليمنية تلقّت معلومات تفيد بأن خبراء إيرانيين أحضروا قطع غيار للصواريخ في القاعدة الواقعة جنوب صنعاء.
طهران
وبثت «قناة العالم» أن ايران أعلنت استعدادها لإرسال مساعدات طبية وفرق طبّية إلى اليمن. وخلال اجتماع عُقِد الجمعة وضم وزير الصحة ورئيس جمعية «الهلال الأحمر» ومسؤولي القطاعات الصحية في إيران، أعلن استعداد الجمهورية الإسلامية لإرسال هذه المساعدات إلى اليمن. وأعلن عدد من مستشفيات طهران استعداده لمعالجة جرحى يمنيين.
فابيوس
في غضون ذلك (أ ف ب)، لفت وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مقابلة بثّتها قناة «فرانس 24» إلى عدم وجود رابط بين أحداث اليمن ومفاوضات الملف النووي الإيراني. لكنه لاحظ أن «إيران تعلن أنها قوة سلام، فيما نرى ما يحصل في اليمن. ليس مشروعاً أن تقدّم هذا الدعم (للحوثيين)، في حين هناك رئيس للبلد، لا يمكن طرده بهذه الطريقة». وزاد: «من الممكن أن يصل كل ذلك إلى مجلس الأمن، لذلك لا بد من إعادة الرئيس (عبدربه منصور هادي) الشرعي (إلى الحكم)، وإجراء محادثات من أجل إيجاد حل».
عشرات القتلى بانفجارات ضخمة في عدن ومواجهات شرسة في أبين ولحج
تابع اليمنيون بكل اتجاهاتهم القمة العربية في شرم الشيخ، على رغم تكثيف الضربات الجوية لعملية «عاصفة الحزم»، ومواصلة الحوثيين محاولاتهم تشديد الطوق حول عدن.
وينقسم اليمنيون بين متخوف من إطالة أمد العملية، وبين مؤيد لها على أمل أن تُسفر الضربات الجوية عن انهيار مواقع الحوثيين وإمكاناتهم العسكرية، وإخضاعهم للحوار لتسوية الأزمة وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني والاعتراف بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته. (للمزيد).
ولم تعطِ جماعة الحوثيين بعد، أي مؤشر إلى استعدادها للعودة إلى طاولة التفاوض، علماً أن المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بنعمر غادر صنعاء أمس برفقة بعثة الأمم المتحدة، بعد موافقة قيادة التحالف الخليجي- العربي على فتح الأجواء اليمنية لعبور خمس طائرات تجارية نقلت البعثات الدولية من صنعاء إلى جيبوتي وأثيوبيا.
وصَعّد الحوثيون خطابَهم السياسي والإعلامي ضد عملية «عاصفة الحزم»، وطالبوا كل الدول والمنظمات الدولية والإقليمية بالتدخل لوقفها. وتوعّدوا بالرد والمواجهة، و «الصمود أمام التحديات التي تستهدف اليمن وإرادة شعبه في الحرية والتغيير والسيادة الوطنية».
وكثّف التحالف الغارات الجوية أمس، وقصف مناطق في محافظة صعدة، كذلك مطارها ومحطة الغاز في منطقة سحار. كما تكثّفت الضربات الجوية على منطقة مطره والشعب في خولان بن عامر، ومنطقة العند المجاورة لمدينة صعدة. واعلن مساء عن قصف مقر الحرس الجمهوري في صنعاء.
وكانت العاصمة صنعاء وضواحيها شهدت ليل الجمعة- السبت أعنف الغارات منذ بدء عملية «عاصفة الحزم»، وطاول القصف معسكر الصواريخ في فج عطان وقاعدة الديلمي بمطار صنعاء، ومبنى كلية الطيران والدفاع الجوي المجاورة لمنزل الرئيس هادي في شارع الستين الغربي ومعسكر 48 التابع لقوات الاحتياط (الحرس الجمهوري).
انفجارات جبل حديد
إلى ذلك روى شهود في محافظة عدن أن المدينة تعيش حالاً من الفوضى الشاملة، في ظل غياب المؤسسات الأمنية ومؤسسات الدولة في شكل شبه كامل في معظم شوارع المدينة وضواحيها. وناشد محافظ عدن ومدير الشرطة المواطنين الحفاظ على الأمن، والتصدي لعمليات نهب المؤسسات العامة والخاصة، في حين دوّت ظهر أمس انفجارات ضخمة في مستودعات السلاح والتموين العسكري في جبل حديد وسط عدن، بعد دخول مئات من المواطنين لنهبها. وذكرت مصادر أن الانفجارات داخل مستودعات الذخائر والأسلحة كانت لا تزال مستمرة حتى مساء أمس، ورجّحت سقوط عشرات بين قتيل وجريح.
وقالت مصادر لـ «الحياة» إن قوات من الجيش يدعمها مسلحو الحوثيين سيطرت على عدد من المناطق والمواقع العسكرية والأمنية في محافظتي أبين ولحج (جنوب البلاد). وأشارت إلى أن هذه القوات تخوض مواجهات مع مسلحي «اللجان الشعبية» الجنوبية، وتحدّثت عن مواجهات شرسة مع مسلّحين يُعتقد بأنهم ينتمون إلى تنظيم «القاعدة» المتواجد في تلك المناطق.
من جهة أخرى بثت قناة «العربية» أمس ان أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس اليمني السابق، زار الرياض سراً قبل يومين من بدء عمليات «عاصفة الحزم» ونقل عرضاً من والده باستعداده للإنقلاب على الحوثيين وتحريك قوات لقتالهم في مقابل انهاء العقوبات ضده. وقالت ان وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان رفض عرض أحمد علي صالح، القائد السابق لقوات الحرس الجمهوري، وشدد على ضرورة التزام المبادرة الخليجية وعودة الرئيس هادي الى ممارسة صلاحياته كرئيس شرعي لليمن. |