صنعاء - أبو بكر عبدالله أفضت تجاذبات تسبق مؤتمرا للقوى السياسية اليمنية من المقرر تنظيمه في الرياض للبحث في حلول للأزمة، إلى توسع خطير لأعمال العنف وسط تحذيرات عبرت عنها أكثر القوى السياسية اليمنية من امكان فتحها الطريق لتنظيم "داعش" الذي أعلن أمس مسؤوليته عن هجومين انتحاريين استهدفا مسجدين في صنعاء واسفرا عن مقتل 142 مدنيا وإصابة 351. وتزامنت هجمات صنعاء مع سيطرة الجيش واللجان الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي على مواقع للقوات الخاصة في محافظة لحج وسيطرة مسلحي "القاعدة" على اجزاء واسعة من هذه المحافظة التي سجلت أعمال نهب وسلب واسعة لمستودعات السلاح التابعة للجيش فيها. وأعدم مسلحو "القاعدة" 29 جندياً من القوات الخاصة بعد سيطرتهم على بعض المرافق الحكومية في المحافظة، مما أثار ردود فعل غاضبة.
وتوعد الحوثيون باجراءات رادعة رداً على هجمات صنعاء وصعدة والتي صرح الناطق الرسمي باسم الحوثيين بأنها تزامنت مع تحرك الرئيس هادي في عدن لاستهداف الجيش وتهريب العشرات من سجناء "القاعدة".
وعادت الطائرات الحربية اليمنية الى التحليق فوق مدينة عدن وتصدت لها المضادات الأرضية، فيما تحدى الرئيس هادي المخاوف الأمنية وظهر في احد مساجد عدن مؤديا صلاة الجمعة.
وندد هادي بـ"الهجمات الإرهابية "، مشيرا إلى أن مرتكبيها يسعون "لزعزعزة استقرار اليمن وجره إلى اتون الفوضى والاقتتال". واكد أن " التطرف الشيعي الذي تمثله ميليشيات الحوثي المسلحة والتطرف السني الذي تمثله القاعدة كلاهما وجهان لعملة واحدة ويحاولان جر اليمن إلى حرب طائفية في صنعاء وحرب أهلية في عدن".
ودعا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر الاطراف السياسيين إلى "وقف فوري للاقتتال من دون شروط"، معتبرا ارتفاع وتيرة العنف بما في ذلك الغارات التي استهدفت القصر الرئاسي بعدن تصعيد يهدد "بجر اليمن إلى مواجهة شاملة".
وبثت قناة "الميادين" التي تتخذ بيروت مقراً لها ان القوات الاميركية انسحبت من قاعدة العند في اليمن في ضوء التطورات الامنية في البلاد. وفي واشنطن، أفاد البيت الأبيض أنه لا أدلة على تورط تنظيم "داعش" في سلسلة الهجمات التي هزت صنعاء. وصرح الناطق باسمه جوش إرنست: "إن واشنطن لا تزال تحقق في مزاعم إعلان فرع تنظيم داعش باليمن مسؤوليته عن الهجمات". وقال إن واشنطن تبحث في ما إذا كان لـ"داعش" مركز للقيادة والتحكم باليمن يمكنه من التنسيق وشن هذا الهجوم. وأوضح أن "داعش" يعلن عادة عن مسؤوليته عن الهجمات بشكل واضح لأهداف دعائية بحتة، لافتا إلى أن الهجوم يشير إلى أن الجميع في المنطقة، بمن فيهم المسلمون، يهددهم التنظيم المتطرف. ولمح إلى أن لا أدلة واضحة على إعلان "داعش" مسؤوليته عن الهجمات الأخيرة في تونس والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 20 شخصا من الأجانب.
المهاجمون تنكّروا في شكل معوقين و"داعش" أعلن المسؤولية
في تصاعد خطير لوتيرة العنف في اليمن، قتل 142 مدنيا وأصيب 351 آخرون في هجمات استهدفت مسجدين بصنعاء يؤمهما حوثيون ونفذها أربعة انتحاريين. وتبنى تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) هذه الهجمات التي تعتبر الاقسى من نوعها على الحوثيين منذ اقتحامهم العاصمة في ايلول من العام الماضي.
أبلغ خبراء جنائيون ضمن فريق التحقيق "النهار" ان أربعة انتحاريين نفذوا هجمات صنعاء بعدما تنكروا في شكل معوقين، مشيرين إلى أن الانتحاري الأول فجر نفسه داخل جامع بدر في حي الصافية بعدما تسلل إلى الصفوف الأولى، فيما فجر انتحاري آخر حزاما ناسفا في باحة المسجد موقعين عشرات القتلى والجرحى بينهم امام جامع بدر الدكتور المرتضى زيد المحطوري.
وفي منطقة الجراف التي تعد من اهم مراكز تجمع الحوثيين بصنعاء، فجر انتحاري ثالث حزاما ناسفا في بوابة جامع الحشوش بعدما اوقفته الحراسة الامنية خلال خطبة الجمعة، وتلاه تفجير ثان نفذه انتحاري رابع تمكن من التسلل إلى داخل الجامع بعد دقائق من الهجوم الأول وفجر الحزام الناسف عقب أداء الصلاة مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.
ورجح أطباء ارتفاع عدد الضحايا نظرا الى وجود أكثر من 200 مدني مصابين جراء الهجمات ، فيما وجهت وزارة الصحة العامة نداءالى المواطنين للتوجه إلى مستشفيات العسكري والمؤيد والشرطة والكويت بالعاصمة للتبرع بالدم نتيجة ارتفاع عدد المصابين. وأكد قادة في جماعة الحوثيين إن القيادي في الجماعة طه المتوكل، وهو عضو في اللجنة الثورية العليا التي تتولى مهمات رئيس الجمهورية الانتقالي بناء على "الاعلان الدستوري" للحوثيين، أصيب في هذا الهجوم كما أصيب القيادي في الجماعة خالد المداني.
احباط هجوم في صعدة وفي محافظة صعدة أحبط مسلحو اللجان الشعبية التابعة للحوثيين هجوما كان انتحاري يعتزم تنفيذه بواسطة حزام ناسف أخفاه في احدى قدميه وغطاه بمادة الجبس وعثر عليه بعد دخوله جامع الإمام الهادي. وقال قادة في اللجان الشعبية إن مقاتلي اللجان اشتبهوا في الانتحاري واقتادوه إلى إدارة المباحث الجنائية للتحقيق معه، غير أنه فجر العبوة الناسفة هناك مما أدى إلى مقتل جندي.
وإذ أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن تدبير هجمات صنعاء، صرح الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثيين محمد عبد السلام " بأن "العناصر الإجرامية لما يسمى القاعدة تحركت في ظل نشاط ودعم الأجهزة الامنية والعسكرية المدعومة أميركيا، وفي حين تحرك (الرئيس اليمني) عبد ربه منصور هادي في عدن بعد حشد طويل من مختلف الجهات لاستهداف جزء من المؤسسة العسكرية والامنية وفي المساء يقوم بتهريب عناصر القاعدة من السجن في تصرف واضح وجلي يكشف أن هذه العناصر أدوات للاجهزة المخابراتية الاميركية والمحلية". وتزامنت التفجيرات مع بدء اعلان اللجنة الثورية العليا التابعة للحوثيين الحداد وتنكيس الأعلام في العاصمة وبعض المحافظات ثلاثة أيام تعبيرا عن الحزن وتنديدا بعملية اغتيال الصحافي والسياسي المقرب من جماعة الحوثيين عبد الكريم الخيواني.
هادي وفي محافظة عدن، تحدى هادي المخاوف الامنية من استهدافه وخرج إلى العلن مؤديا صلاة الجمعة بين المواطنين في جماع الخير بمديرية خورمكسر بمحافظة عدن التي كانت الخميس مسرحا لمواجهات عنيفة بين قوات الجيش واللجان الشعبية الموالية للرئيس وقوات الامن الخاص المتهمة بالولاء للنظام السابق والحوثيين. وتصدت المضادات الأرضية التابعة لقوات الحماية الرئاسية في عدن لمقاتلة من سلاح الجو اليمني حلقت فوق محافظة عدن من غير أن تشن غارات جديدة.
وفرضت قوات الجيش واللجان الشعبية الجنوبية الموالية لهادي سيطرة كاملة على معسكرات القوات الخاصة المتهمة بالولاء للرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد استسلام أكثر قواتها سلمياً، فيما شن مسلحون يعتقد أنهم من جماعة "أنصار الشريعة" الذراع اليمنية لتنظيم "القاعدة" هجمات استهدفت مبنى المحافظة وعدداً من المرافق الحكومية بما فيها مقر قوات شرطة النجدة بمدينة الحوطة. وقال مسؤولون إن قوات من حرس المنشآت العسكرية تصدت لهجمات مسلحي "القاعدة" واشتبكت معهم ساعات وسط أنباء عن تعرض عدد من المرافق الحكومية لعمليات سلب ونهب.
|