التاريخ: آذار ١٩, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
مجزرة المتحف الوطني تُدمي ربيع تونس إرهابيون قتلوا 22 شخصاً بينهم 20 أجنبياً
هز تونس أمس اعتداء ارهابي أوقع 22 قتيلاً على الاقل وعشرات الجرحى، غالبيتهم أجانب، في أحد أسوأ الهجمات التي يشنها المتشددون في هذه الديموقراطية الفتية التي نجت الى حد كبير من الفوضى التي تسود المنطقة. وأثار الهجوم مخاوف من تمدد العنف الاسلامي الى الدولة التي تجهد لإبقاء العنف الاسلامي بعيدا من أراضيها، وخصوصاً بعدما انضم نحو ثلاثة آلاف من مواطنيها الى جماعات متشددة في العراق وسوريا. 
 
ولم تعرف هوية المهاجمين ولا دوافعهم. كما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية، الا أن الخبيرة في شؤون التطرف ريتا كاتس لفتت الى أن الحسابات القريبة من "الدولة الاسلامية" في موقع "تويتر" تشيد بالهجوم، وتناشد التونسيين أن يحذوا حذو إخوانهم.

ولم تشهد تونس منذ "ثورة الياسمين" هجمات كهذا، وإن تكن سجلت فيها اغتيالات سياسية. لذلك، يشكل هذا الهجوم اختباراً للدولة التي نجحت في عملية انتقال سلمي الى الديموقراطية ، باتمامها أخيرا انتخابات رئاسية ونيابية وتداولاً سلمياً للسلطة السياسية.

ونفذ الهجوم مسلحون يرتدون أزياء عسكرية في قلب المتحف الوطني قرب البرلمان التونسي، وقتلا بالرصاص 20 سائحا أجنبيا واثنين من التونسيين، الامر الذي أثار حالا من الذعر والفوضى في المكان.

وصرح ناطق باسم الحكومة بأن قوى الأمن دهمت المبنى بعد ذلك بساعتين تقريباً، وقتلت متشددين اثنين وأطلقت السياح الآخرين الذين كانوا محتجزين رهائن داخل المبنى. وقتل شرطي في العملية.

ولاحقاً، أفاد رئيس الوزراء حبيب الصيد أن الاجهزة المختصة تطارد اثنين أو ثلاثة مسلحين آخرين.
وتحدث مسؤولون عن احتمال أن يكون البرلمان الهدف الاساسي للمسلحين، فيما كان النواب يناقشون قانونا لمكافحة الارهاب.
ونددت الولايات المتحدة وباريس والاتحاد الاوروبي بشدة بالهجوم على المتحف.
وألقت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني تبعة الهجوم على "تنظيمات ارهابية".
وأعلنت السلطات المعنية في كل بلد مقتل ثلاثة ايطاليين واسبانيين اثنين وكولومبيين اثنين، بينما أشار رئيس مجلس النواب البولوني الى مقتل سبعة بولونيين على الأرجح.
وصرح الناطق باسم البيت الأبيض جوش ارنست ان الولايات المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة للسلطات التونسية في تحقيقاتها لكشف الفاعلين.

الرويسي
ويشكل الهجوم ضربة قوية للجهود التونسية لاعادة انعاش القطاع السياحي الحساس في تونس. وهو يأتي غداة اعلان مصادر أمنية أن القيادي التونسي البارز في "الدولة الاسلامية" أحمد الرويسي الذي يعد أبرز المطلوبين لدى السلطات التونسية قتل في اشتباكات مع القوات الليبية في معارك بسرت.
ويشير مقتل الرويسي، الذي انضم الى صفوف "الدولة الإسلامية" في ليبيا، إلى تعاظم دور المقاتلين الاجانب في الصراع الدائر هناك.
وهو كان قيادياً بارزاً في تنظيم "انصار الشريعة" المحظور في تونس. وتقول السلطات التونسية انه العقل المدبر لاغتيال اثنين من زعماء المعارضة التونسية، عام 2013 الأمر الذي زج بالبلاد في أتون أزمة.
وباتت تونس المصدر الاول للمقاتلين الاجانب في سوريا والعراق، ولكن في الآونة الاخيرة صارت غالبية الجهاديين التونسيين تسافر إلى ليبيا للمشاركة في القتال ضد القوات الحكومية.
 
ردود
وأثار الهجوم على المتحف تنديداً دولياً وعربياً واسعاً.
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي كان يتحدث في متحف اللوفر للدعوة الى الحفاظ على تراث العراق وسوريا من التدمير على أيدي المتطرفين، إنه أجرى اتصالاً مقتضباً بنظيره التونسي وأعرب له عن تضامنه معه. وجاء في بيان للاليزيه إن "الرئيس تحدث للتو مع الرئيس التونسي ليعبر له عن تضامن فرنسا معه شخصياً ومع الشعب التونسي في هذه اللحظة الاليمة".

كذلك، استنكر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس "باشد العبارات" الهجوم على متحف باردو، متحدثاً في الوقت نفسه عن عملية "احتجاز رهائن" جارية. وقال في مؤتمر صحافي عقده في بروكسيل إن "هناك احتجاز رهائن، وهناك من دون ادنى شك سياح اصيبوا أو قتلوا... الهجوم الارهابي... يظهر في شكل فاضح الاخطار التي نواجهها جميعنا في أوروبا وفي حوض المتوسط وفي العالم". وأضاف "ان فرنسا وتونس تعملان معاً بدعم من الاتحاد الاوروبي من اجل مكافحة الارهاب"، مشيراً الى ان مركز الازمات في وزارة الخارجية هو في حال "تعبئة تامة".

وفي بروكسيل، ألقت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني تبعة الهجوم على "التنظيمات الإرهابية".
وقالت في بيان: "بالهجوم الذي وقع في تونس اليوم تستهدف التنظيمات الإرهابية" مرة أخرى دول منطقة البحر المتوسط وشعوبها، وهو ما "يعزز تصميمنا على التعاون بقوة أكبر مع شركائنا للتصدي للتهديد الارهابي".

وندد وزير الخارجية الاميركي جون كيري بالهجوم، قائلاً إن اميركا تواصل دعم جهود الحكومة التونسية لتعزيز الأمن والديموقراطية.
ونددت كل من مصر والجزائر والاردن والامارات بالهجوم.