اليمن «يتفتت» بين الحوثيين و«إمارات القاعدة» و«الحراك الجنوبي»في ظل تدهور الوضع الأمني يومياً في اليمن الذي بدأ يتفتت، وإصرار الحوثيين على المضي في مشروعهم الانقلابي على العملية الانتقالية التوافقية والسيطرة على السلطة بالقوة، أعلنت السعودية أمس تعليق العمل في سفارتها في صنعاء وإجلاء موظفيها. تزامن ذلك مع إجراء ألماني وإيطالي مماثل، بعدما أغلقت واشنطن وباريس ولندن هذا الأسبوع سفاراتها للأسباب ذاتها. وسيطر مسلحون قبليون يوالون «الحراك الجنوبي» المطالب بالانفصال، على مواقع للجيش في محافظة شبوة القريبة من حقول لإنتاج النفط، غداة سقوط أحد الألوية العسكرية في قبضة تنظيم «القاعدة» في المحافظة، وسط اشارات عن أن «القاعدة بدأت تشكل «امارات» في كل منطقة تستولي عليها.
وفيما يراوح الحوار الذي يديره في صنعاء مبعوث الأمم المتحدة جمال بنعمر بين القوى السياسية وجماعات الحوثيين عند نقطة البداية منذ خمسة أيام، جاءت التطورات الميدانية المتلاحقة بعد ساعات على فشل مجلس الأمن في إصدار بيان يدين تصعيد الحوثيين، نتيجة اعتراض روسي.
وأعلن مصدر مأذون له في وزارة الخارجية السعودية، تعليق عمل السفارة السعودية في صنعاء وسحب منتسبيها. ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن المصدر قوله: «نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في العاصمة اليمنية، علّقت المملكة العربية السعودية كل أعمال السفارة في صنعاء وأجْلت جميع منتسبيها الذين وصلوا إلى المملكة بخير».
وكانت ناطقة باسم الخارجية الألمانية أكدت أن بلادها قررت إغلاق سفارتها في صنعاء، وأن موظفيها غادروا في وقت سابق أمس «بسبب الوضع غير المستقر». كما أعلنت الخارجية الإيطالية أنها اتخذت إجراء مماثلاً، لتلتحق بألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
في الوقت ذاته، أكدت مصادر ديبلوماسية في العاصمة اليمنية أمس، أن مواطني دولة الإمارات في اليمن تلقوا رسائل نصية عبر الهاتف الخليوي تحضّهم على مغادرة اليمن، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المتدهورة.
وكان مصدر في الخارجية اليمنية أكد أن دول الاتحاد الأوروبي أبلغت اليمن قراراً بإغلاق سفاراتها وإبقاء مكاتبها في عدن مفتوحة، في وقت أغلقت الأمم المتحدة مكاتبها، وطلبت من موظفيها في اليمن مواصلة أعمالهم من منازلهم.
ويُعتقد بأن هدف إغلاق السفارات هو فرض عزلة ديبلوماسية واقتصادية على سلطة الحوثيين لإجبارهم على العودة إلى المسار الانتقالي والتراجع عن إعلانهم «الدستوري» الذي أصدروه الجمعة قبل الماضي.
على صعيد آخر، قالت مصادر قبلية لـ «الحياة» أمس، إن مسلحين قبليين موالين لـ «الحراك الجنوبي» الساعي للانفصال عن الشمال، سيطروا أمس على مواقع للجيش قريبة من حقول لإنتاج النفط في منطقتي عسيلان وبيحان، وسمحوا للجنود بمغادرة ثكنهم بأسلحتهم الشخصية.
وزادت أن المسلحين يسعون إلى «السيطرة على كل مواقع الجيش ومعسكراته في محافظة شبوة، ضمن محور عتق العسكري التابع لقيادة المنطقة العسكرية الخامسة المتمركزة في مأرب».
جاء ذلك غداة سيطرة تنظيم «القاعدة» على معسكر اللواء «19 مشاة» في بيحان، في ظل مخاوف متصاعدة من أن يستغل التنظيم حال الفراغ الرئاسي والحكومي لإقامة «إمارات» له في محافظات شبوة وحضرموت ومأرب، قد تتوسع لتشمل مناطق الجنوب والشرق كافة.
وأكدت وزارة الدفاع اليمنية أن شخصين يستقلان دراجة نارية اغتالا العقيد الطيار في اللواء الثامن محمود محمد سعيد النقيب بعد خروجه من منزله في حارة الحاو بمدينة الحوطة في محافظة لحج، وهو في طريقه لأداء صلاة الجمعة في المسجد.
وفي نيويورك كثف مجلس الأمن البحث في مستجدات الوضع في اليمن وبدأ مشاورات حول مشروع قرار أعدته دول مجلس التعاون الخليجي يحمل الحوثيين مسؤولية عرقلة العملية السياسية في اليمن ويدعوهم الى الانسحاب من صنعاء والمؤسسات الحكومية ويهدد باتخاذ إجراءات تصعيدية في حال عدم التقيد.
ووزع الأردن، العضو العربي في مجلس الأمن، مشروع القرار في المجلس في ظل توقعات بأن تعترض روسيا على مضمونه لا سيما أن المندوب الروسي فيتالي تشوركين كان رفض الجمعة الماضي توجيه إدانة للحوثيين في بيان لمجلس الأمن.
وقال ديبلوماسي غربي إن «النص المقترح من مجلس التعاون الخليجي سيتطلب بحثاً لأننا نعلم أن روسيا لن تقبل به» مشيراً الى أن «المشاورات لا تزال مستمرة لتحديد اللغة المناسبة» التي سيعتمدها مجلس الأمن في شأن اليمن.
وقدمت الدول الخليجية مقترحاً لمشروع قرار تحت الفصل السابع يتضمن لغة قوية ضد الحوثيين.
ويطلب من الحوثيين «الانسحاب فوراً ودون شروط من المؤسسات الحكومية والمناطق التي سيطروا عليها بما فيها العاصمة صنعاء، وإعادة المؤسسات الأمنية والحكومية الى السلطات اليمنية، وإطلاق المحتجزين قيد الإقامة الجبرية، ووقف كل الأنشطة المسلحة وتسليم الأسلحة التي سيطروا عليها والامتناع عن ارتكاب أعمال وحيدة الجانب قد تقوض عملية الانتقال السياسي وأمن اليمن».
ويدين مشروع القرار «بقوة الانقلاب الحوثي واستحواذهم غير القانوني على السلطة بما في ذلك استخدام العنف والسيطرة على كل المؤسسات الحكومية والبنى التحتية للدولة في اليمن».
ويؤكد «رفض مجلس الأمن كل الأعمال الوحيدة الجانب ومحاولات تغيير الوضع القائم بالقوة أو تغيير مكونات المجتمع اليمني وطبيعته». و»يدين اعتداءات الحوثيين ضد السكان ودور العبادة والمدارس والمراكز الصحية».
ويطلب من «كل الأطراف وخصوصاً الحوثيين التقيد بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني واتفاقية السلم والشراكة وملحقها الأمني». ويدعو الدول الى «الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يزيد حدة النزاع وزعزعة الاستقرار في اليمن، ودعم عملية الانتقال السياسي». ويطلب من الأمين العام تقديم تقرير عن الحالة في اليمن كل 15 يوماً.
ويؤكد «استعداده لاتخاذ خطوات إضافية في حال عدم الامتثال لهذا القرار وخصوصاً ما نص عليه» في شأن واجبات الحوثيين، أو «في حال عدم استئناف المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة بشكل فوري».
|