الوكالات بغداد - فاضل النشمي يكشف توقف زحف قطاعات الجيش العراقي والقوى المساندة لها في تطهير كامل مناطق محافظة صلاح الدين من عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية"، "داعش" سابقاً، عمق المشكلة التي تعانيها الحكومة العراقية وهي تتعامل مع ملف الحرب التي تتجاذبها القوتان المهيمنتان على العراق، الولايات المتحدة وايران. أضف أن قوة التنظيم وقدرته على الإرهاب لم تضعفا بدليل استخدامه الكلور في مواجهة المقاتلين البشمركة الأكراد ونزعه صلبان كنائس في شمال العراق. مثلما فوجئ المراقبون بالطريقة المتسرعة التي بدأت بها الحكومة العملية العسكرية، والانتصارات السريعة التي تلت في الدور والعلم على "داعش"، أثار التوقف المفاجئ للعمليات العسكرية منذ الجمعة ريبة كثيرين. وبدا ان مفهوم النصر الخاطف تراجع لمصلحة التريث ومراجعة الحسابات. وبعدما كانت التوقعات لمجريات المعركة التي انطلقت قبل أسبوعين تشير الى إمكان الحسم في غضون ايام، صار الاعلان عن توقف العمليات فترة قصيرة مدعاة لقلق عميق لدى المواطنين الذين دعموا العمليات ضد التنظيم المتشدد.
وعلى رغم التأكيدات المستمرة من العسكريين والسياسيين الكبار أن كثرة العبوات والمفخخات التي زرعها تنظيم "الدولة الإسلامية" في الشوارع والأبنية هي السبب وراء التريث في التقدم أكثر في تكريت، فإن أسباباً جوهرية أخرى حالت دون ذلك في نظر مراقبين للمعركة هناك.
وأبلغت مصادر أمنية مطلعة "النهار" أن "الذخيرة والقنابل نفدت لدى الطيران العراقي"، ويؤكد ذلك ما قالته مصادر صحافية على مشارف صلاح الدين لـ"النهار" عن عدم رصدها حركة للطيران العسكري في منطقة الصراع إلا في حدود ضيقة جداً. وتعزز ذلك تصريحات قائد عمليات صلاح الدين الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي عن حاجة العراق الى المساعدة الأميركية.
وكان الساعدي قال الأحد إنه طلب "منذ بداية العملية عبر وزارة الدفاع العراقية، توفير إسناد جوي من طيران الائتلاف (الدولي)، إلا ان ذلك لم يتم". وفي المقابل، تحدث الناطق باسم ميليشيات "الحشد الشعبي" كريم النوري عن "عدم حاجة العراق الى الدعم الأميركي في صلاح الدين".
وفي ظل هذين التصريحين يبرز حجم الضرر الذي يلحقه التقاطع الحاد بين الموقفين الأميركي والإيراني بالمعركة في صلاح الدين وغيرها. فالساعدي ينطلق من رؤية عسكرية مهنية محددة ترى ضرورة الاستعانة بالولايات المتحدة، وخصوصاً لامتلاكها طائرات "الأواكس"، بينما يرفض النوري الدعم الأميركي من رؤية "ايدولوجية" مناهضة للولايات المتحدة ومنحازة الى ايران، بدليل انتمائه الى منظمة "بدر" المقربة من ايران.
واسترعى الانتباه أن الساعدي يشير بطريقة واضحة الى التقاطعات الأميركية- الايرانية في حرب صلاح الدين، حين يعتقد أن اسباباً "سياسية" تقف خلف عدم طلب الحكومة المساعدة من قوات الائتلاف، وذلك يؤكد ان ايران، لا الولايات المتحدة، هي التي خططت وحددت التوقيت للحرب في صلاح الدين.
ويفيد بعض المصادر، أن قوات الجيش و"الحشد الشعبي" فشلت أكثر من مرة في اقتحام مدينة تكريت بعدما واجهت مقاومة شرسة من "الدولة الإسلامية". وفي ظل ضخامة المعارك وشراستها والتضحيات التي تقدمها القوات العراقية المشتركة، تبدو الحكومة العراقية كأنها تؤدي دور"المتفرج". ولاحظ كثيرون أنها لم تعين ناطقاً رسمياً ليقدم ايجازاً يومياً عن سير العمليات وحجم المكاسب والخسائر، الأمر الذي يوحي أنها لم تكن مستعدة لخوض الحرب أو انها لم تستمع للنصائح الأميركية التي كانت تتحدث عن أشهر طويلة لطرد "داعش" وفضّلت الاعتماد على النصائح الايرانية بالتعجيل في موعد الحرب.
وعلى الأرض، أوضحت مصادر أمنية عراقية أن المرحلة المقبلة من معركة تحرير تكريت ستتركز في منطقة القصور الرئاسية في حي القادسية. وكشف قائد شرطة محافظة ديالي الفريق الركن جميل الشمري أن معظم المسلحين المحاصرين هم من العرب والأجانب.
على صعيد آخر، دُمر ضريح الرئيس السابق الراحل صدام حسين نتيجة استهدافه في قرية العوجة التي صارت خاضعة للقوات العراقية. وأظهرت صور حديثة ما تبقى من ركام الضريح.
نزع صلبان وأجراس في غضون ذلك، جاء في بيان لوزارة الدفاع العراقية أن 81 مقاتلاً من "الدولة الإسلامية" قتلوا في عمليات عسكرية في مناطق متفرقة من محافظة الأنبار بغرب العراق. وفي نينوى بشمال العراق، نشر "الدولة الإسلامية" صوراً تظهر نزع صلبان كنائس وأجراسها وابداله برايته وتحطيمه صلبان شواهد ضرائح وتشويهه تمثالاً صغيراً للسيدة العذراء. وحمل التقرير عنوان "طمس الصلبان وإزالة مظاهر الشرك" في "ولاية نينوى"، وتداولته حسابات مؤيدة للجهاديين في مواقع التواصل الاجتماعي.
وظهر في إحدى الصور جرس كنيسة يهوي الى الأرض. وفي أخرى نُزعت صلبان عن باب من حديد وعن قبة، واستخدمت مطرقة لتشويه صليب أسود منقوش في الحجر. وُحطمت جداريات وايقونات. ورش عنصر في التنظيم المتشدد طلاء اسود على عبارة "يا مريم يا سلطانة السلام امنحي العراق السلام". ولم يُعرف عدد الكنائس التي تعرضت للتخريب أو متى تمّ ذلك.
وفي أربيل تحدث اللواء عزيز ويسي عن أدلة جديدة على أن "الدولة الإسلامية" استخدم الكلور كسلاح كيميائي ضد قوات البشمركة في ثلاثة هجمات مختلفة، في كانون الأول في منطقة سنجار، وفي هجومين آخرين غرب الموصل في كانون الثاني.
وفي زيارة لبغداد، أعلن المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية علاء العلواني أن اكثر من خمسة ملايين شخص يحتاجون الى الرعاية الصحية في العراق، بينما تشكو المنظمة من نقص بنحو 70 في المئة من التمويل اللازم لعملياتها.
|