في انطلاقة قوية للمؤتمر الدولي لمصر في شرم الشيخ، تعهدت الكويت والسعودية والامارات العربية تقديم مساعدات واستثمارات مجموعها 12 مليار دولار، مع سعي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الى تسويق خطة طموحة لجذب استثمارات عالمية والنهوض بالاقتصاد المتداعي لبلاده.
أعلنت أولى المساعدات لمصر بلسان امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وولي عهد السعودية الامير مقرن بن عبد العزيز ونائب رئيس دولة الامارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد المكتوم في كلمات القوها في مستهل المؤتمر الدولي في منتجع شرم الشيخ على البحر الاحمر المنعقد تحت عنوان "دعم وتنمية الاقتصاد المصري: مصر المستقبل".
والقاهرة التي أعلنت مشاركة 80 دولة و23 مجموعة او هيئة دولية، تأمل في ان يساعد هذا المؤتمر في النهوض باقتصادها المتداعي جراء الاضطرابات السياسية منذ اطاحة الرئيس المصري السابق حسني مبارك قبل أربع سنوات، الى التحديات الامنية التي تواجهها في ظل الخطر الجهادي.
واستهل كلمات ضيوف المؤتمر امير الكويت، فقال: "يسرني الاعلان عن قيام الاجهزة الاستثمارية في دولة الكويت بتوجيه اربعة مليارات دولار من استثماراتها في قطاعات الاقتصاد المصري المختلفة ومن خلال الادوات الاستثمارية المتنوعة".
واعلنت السعودية والامارات تقديم مساعدات مماثلة باربعة مليارات دولار لكل منها، لكنها تشمل ايداع مبالغ المصرف المركزي المصري. وقال ولي العهد السعودي: "يسرني تقديم المملكة العربية السعودية لحزمة من المساعدات بمبلغ أربعة مليارات دولار اميركي منها مليار دولار وديعة في البنك المركزي المصري... الباقي سيوزع على مساعدات تنموية من خلال الصندوق السعودي للتنمية واستثمارات في المشاريع المختلفة من القطاع الخاص السعودي".
وتحدث نائب رئيس دولة الامارات حاكم دبي عن "دعم دولة الامارات العربية لدولة مصر العربية بقيمة أربعة مليارات دولار بحيث يتم ايداع ملياري دولار كوديعة في البنك المركزي المصري ويتم توظيف ملياري دولار اخرى لتنشيط الاقتصاد المصري عبر مجموعة من المبادرات"، موضحا ان "اجمالي ما قدمته الامارات خلال العامين الماضيين لمصر بلغ 14 مليار دولار".
وقال رئيس مجلس الدولة العماني ممثل السلطان قابوس بن سعيد يحيى بن محفوظ في كلمة أمام المؤتمر: "اسمحوا لي في هذا المقام أن أعلن عن تخصيص معونة مالية بمقدار 500 مليون دولار أميركي... تصرف هذه المساهمة على مدى خمس سنوات قادمة بموجب 250 مليونا كمنحة لدعم السيولة المالية و250 مليونا في شكل استثمارات في عدد من المشاريع الاستثمارية".
السيسي وكان السيسي افتتح المؤتمر بالترحيب بضيوفه الذين سماهم "شركاء التنمية لمصر الجديدة". وقال: "أرحب بشركاء التنمية لمصر الجديدة من توافقت رؤاهم على ضرورة العمل معاً من أجل رخاء وتقدم الإنسانية. من أرادوا أن يجتمعوا من أجل أن يكون لهم دور في توفير الاستقرار والازدهار لشعب طامح في التنمية وساع نحو الرخاء". وكان رئيس الوزراء المصري ابرهيم محلب أبلغ الصحافيين أنه "ستكون هناك عقود موقعة بقيمة اكثر من 20 مليار دولار" خلال المؤتمر.
وتعاني مصر وضعاً اقتصادياً على شفا الانهيار مع انحسار الاستثمارات الاجنبية وتراجع السياحة وتضاؤل الاحتياط الاجنبي في المصرف المركزي الى قرابة 15,5 مليار دولار اميركي في شباط الماضي، من نحو 36 مليار دولار اميركي قبيل اطاحة مبارك في شباط 2011.
ويهدف المؤتمر أيضاً الى ارساء سلطة السيسي، الذي يواجه انتقادات على صعيد حقوق الانسان، لكنه يطرح نفسه في مقدم الحرب على "الارهاب" في المنطقة.
وتعزز مشاركة وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والبريطاني فيليب هاموند في المؤتمر الفكرة القائلة بأن السيسي، القائد السابق للجيش الذي عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي عام 2013 والذي يمارس قمعا عنيفا للمعارضة، بات حليفاً لا يمكن الاستغناء عنه في العالم العربي، وقت يحرز تنظيم "الدولة الاسلامية" تقدماً في مصر وليبيا بعد سيطرته على اراض في سوريا والعراق. وقدم كيري، الذي حضر افتتاح المؤتمر، دعماً للقاهرة، قائلا إن بلاده التي استثمرت ملياري دولار في مصر العام الماضي، مستعدة للمساعدة. وأبلغ رجال اعمال في شرم الشيخ ان "هذا الجزء من العالم محظوظ بهذا الحجم من القدرات التجارية".
لكن ديبلوماسياً يرافقه في رحلته قال للصحافيين انه لم يتخذ قرار بصرف نحو 650 مليون دولار اميركي مجمدة من المساعدات العسكرية الاميركية لمصر.
عملية السلام والتقى كيري السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس والملك عبد الله الثاني بن الحسين في اجتماع رباعي في منتجع شرم الشيخ تناول سبل معاودة عملية السلام في الشرق الاوسط. وقالت الرئاسة المصرية في بيان ان السيسي شدد في الاجتماع على ان مصر "ستظل على موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، ومساندتها لخيارات الشعب الفلسطيني ووقوفها الكامل إلى جانبه حتى تتم إقامة دولته المستقلة". وفي وقت سابق، اوضحت الخارجية الاميركية ان كيري سيبحث مع السيسي خصوصا في مسألة مكافحة تنظيم "الدولة الاسلامية" وتمدده في ليبيا، علماً أن الرئيس المصري هو أحد ابرز القادة العرب الداعين الى تأليف قوة عربية مشتركة للتصدي للجهاديين.
وأفاد ديبلوماسي غربي أن "تسليط الضوء على مستوى تمثيل الدول الغربية يعكس رغبة مصر في اظهار انها تعود بقوة الى الساحة الدولية"، وان السيسي يريد ان يعطي صورة سلطة قوية تمكنت من فرض الامن والاستقرار.
وانتشر الخميس جنود ملثمون من الحرس الرئاسي في قاعة المؤتمرات بشرم الشيخ والمنطقة المحيطة بها، ونشرت مدرعات على قمة التلال الصحراوية المطلة على المدينة، كما أقيمت حواجز عدة للتدقيق في أي سيارة تعبر. ومساء الخميس انفجرت ثلاث قنابل محدودة الاثر في حي المعادي الراقي بالقاهرة من غير ان توقع اضرارا بشرية او مادية.
وأصدر السيسي الخميس قانونا يسهل الاستثمارات ويزيل العقبات التي يشكو منها المستثمرون ويقدم مزايا تحفيزية لهم، وقت تأمل السلطات في تحقيق نسبة نمو لا تقل عن 4,3 في المئة خلال السنة المالية 2015 – 2016، في حين ان المعدل السنوي للنمو خلال السنوات الاربع التي اعقبت سقوط مبارك راوح حول نسبة 2 في المئة.
وامس، اعلنت شركة "جنرال الكتريك" الاميركية انها ستستثمر 200 مليون دولار اميركي لانشاء مركز للتدريب والتصنيع في مدينة السويس المصرية على قناة السويس. ومن الشركات والمصارف الاخرى المشاركة في المؤتمر "يونيلفر" و"بريتيش بتروليوم" و"ايني" و"اتش اس بي سي". |