التاريخ: شباط ٢٨, ٢٠١١
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
روما تعلّق معاهدة الصداقة وتعتبر رحيل القذافي محتوماً ولندن تلغي حصانته في أراضيها وتجمّد أرصدته

بعد التوافق في مجلس الأمن على فرض عقوبات على النظام الليبي، قررت بريطانيا رفع الحصانة عن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في أراضيها وجمدت أرصدته، وعلقت روما معاهدة الصداقة مع طرابلس بعدما وصلت الأمور إلى "نقطة اللاعودة"، على حد قول وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني الذي شدد على ان نهاية حكم القذافي صارت "محتومة". ومع فرار مئة ألف شخص من ليبيا، تواصلت عمليات الإجلاء، ومنها ما تم بعمليتين عسكريتين، بريطانية وألمانية.


 وفي مقابلة مع تلفزيون "سكاي إيطاليا"، صرّح فراتيني بأن معاهدة الصداقة والتعاون الموقعة عام 2008 "علقت فعلاً"، وأن ذلك "تم بحكم الأمر الواقع، وحتى من دون الإعلان عنه". ويذكر ان المعاهدة نصّت على تقديم تعويضات عن الماضي الاستعماري لإيطاليا في ليبيا، ولكن أيضاً تعهد الجانبين "عدم اللجوء إلى التهديد أو استخدام العنف"، وعدم سماح إيطاليا باستخدام أراضيها في "أي عمل عدائي" ضد ليبيا. وبتعليقها تكون روما تحررت من عائق قانوني أمام المشاركة في أي مهمة عسكرية أو عملية لحفظ السلام في ليبيا، أو القبول باستخدام قواعدها العسكرية أو تلك التابعة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أراضيها لهذه الغاية.


وقال: "على ما أعتقد، وصلنا إلى نقطة اللاعودة". وسئل هل يجب على القذافي ان يتنحى، فأجاب: "هذا أمر محتوم". ورأى ان قرار مجلس الأمن يمثل نقطة تحول مهمة، إذ "يتيح لنا القول إن المجتمع الدولي على اقتناع راسخ بأن النظام لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يواصل تنفيذ هذه الأعمال التي أودت بحياة الآلاف من الأبرياء". وعن إمكان إقامة منطقة لحظر الطيران في ليبيا، قال إنه "خيار مهم جداً لمنع الاعمال الانتقامية من خلال القصف الجوي". لكنه "خيار من شأنه أن يؤدي حقاً إلى تصعيد بتدخل من شأنه أن يكون عسكرياً في ليبيا، وهذا هو السبب في ان ثمة حاجة الى مزيد من الوقت للتفكير فيه".

بريطانيا وأوروبا
ودعا وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ القذافي إلى الرحيل، مشيراً إلى أن ذلك "أفضل امل يمكن ان نتمناه لليبيا" التي "تغرق في الحرب الأهلية وسط مشاهد مروعة يقتل فيها المتظاهرون، وحكومة تشن حرباً على شعبها، لقد حان الوقت ليرحل العقيد القذافي". وأضاف: "وقعت الليلة الماضية مرسوماً يرفع حصانته الديبلوماسية في بريطانيا وكذلك حصانة أبنائه وعائلته واقاربه"، معتبراً ان "ذلك يوضح موقفنا منه كرئيس دولة".    
وفي وقت لاحق أعلن وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن تجميد أرصدة القذافي وأربعة من أبنائه وابنته عائشة "كي لا تُستخدم ضد مصالح الشعب الليبي".    
وفي برلين، رأت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل ان "الوقت حان منذ فترة طويلة لرحيله". وقالت ان "القرار الذي اتخذه مجلس الامن بالإجماع هو رسالة قوية للقذافي وسواه من الاستبداديين بأنه لن يتم التغاضي عن انتهاكات حقوق الانسان".


وأفادت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كاثرين آشتون ان الاتحاد الأوروبي "يصادق تماماً على قرار مجلس الأمن، وسينفذ الإجراءات التقييدية كأمر ملح". وأضافت ان التبني الرسمي للعقوبات الأوروبية "سيتم في أسرع وقت ممكن لضمان تنفيذ كامل وفوري لها".
في غضون ذلك، قال مصدر ديبلوماسى فرنسي ان باريس اتفقت مع روسيا على ان تمثل مصالحها في ليبيا، وذلك بعدما قررت تعليق عمل سفارتها في طرابلس لتدهور الوضع الأمني.
وكانت سفارات بريطانيا وبلجيكا والجمهورية التشيكية وكندا واليابان اتخذت إجراء مماثلاً.

دول أخرى
وأعرب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عن رفض بلاده أي عمل اجنبي عسكري ضد اي دولة عربية، ودعا "السلطات الليبية إلى أن تمنع العنف وأن تسعى الى التوصل الى تسوية فورية على الأرض مع القوى المعارضة التى تثبت قدرتها وفاعليتها".
وناشدت اليابان القذافي الوقف الفوري لأعمال "العنف والقمع ضد المحتجين".
وأعلن وزير الخارجية الاوسترالي كيفن رود ان بلاده ستفرض عقوبات تشمل حظراً على التعاملات المالية مع 22 فرداً، بينهم القذافي ومقربون منه، وحظراً على دخول الاراضي الاوسترالية.
وطالب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجى عبد الرحمن العطية المجتمع الدولي بـ"وقف حمام الدم ومحاسبة المتورطين في الأحداث الدامية التي تشهدها ليبيا".
وعزا رئيس نيكاراغوا دانيال اورتيغا، وهو احد الداعمين القلائل لنظام القذافي، الاحتجاجات في ليبيا الى "حملة شرسة" لـ"الاستيلاء" على الثروات النفطية للبلاد.

عمليات عسكرية للإجلاء
ومع تواصل عمليات ترحيل الأجانب جواً وبراً وبحراً، اتجهت الأنظار إلى عمليتين عسكريتين بريطانية وألمانية.
وفي لندن أكد هيغ ان حكومة بلاده لا تزال تعمل "حثيثاً" لانقاذ البريطانيين في ليبيا. وكانت طائرتان عسكريتان بريطانيتان أجلتا ليل السبت - الاحد أكثر من 150 مدنياً من عمال النفط كانوا عالقين في مخيمات في الصحراء الليبية. وأشار إلى ان العملية تمت بسرية من دون الحصول الى اذن من طرابلس، ولم يستبعد ان تليها عمليات أخرى.
وفي برلين صرّح وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله أن طائرتين عسكريتين ألمانيتين من طراز "ترانسال سي 160" حطتا السبت على مدرج تابع لشركة "فيسترهال" الألمانية، وقد نقلتا 132 شخصاً، بينهم 22 ألمانياً، إلى جزيرة كريت. ولم يحدد موقع المدرج وما إذا كانت المنطقة التي يقوم فيها في قبضة الثوار، مكتفياً بالقول إن المهمة كانت سرية وأن مئة ألماني لا يزالون في ليبيا.
ويذكر أن العمليات العسكرية الألمانية في الخارج تحتاج الى موافقة البرلمان، وقد اتصل فيسترفيله برؤساء جميع الكتل لهذه الغاية. كما قال إن 18 ألمانياً أجلوا في العملية العسكرية البريطانية.

مئة ألف شخص
وفي جنيف، اعلن المفوض السامي للأمم المتحدة للاجئين انطونيو غوتيريس ان "نحو مئة ألف شخص، معظمهم عمال مهاجرون، فروا من ليبيا هذا الأسبوع". ودعا إلى تأليف فرق طوارئ لمساعدة النازحين. وكان الهلال الاحمر التونسي تحدث في وقت سابق عن "أزمة انسانية" عند معبر رأس الجدير، وطلب المساعدة.
وتحدثت وزارة الخارجية الصينية عن إجلاء أكثر من 20 ألفاً من مواطنيها. وأرسلت موسكو طائرة إضافية وعبارة لنقل رعاياها. وتسير شركة مصر للطيران 35 رحلة جوية الى ليبيا وتونس. وواصلت الأردن والهند واندونيسيا وكوريا الجنوبية عمليات الإجلاء.
ولم تكن حال المسافرين جواً من طريق مطار طرابلس الدولي أفضل، إذ احتشد الآلاف في خيام خارج القاعة الرئيسية بالمطار. وتخوّف مسافرون على حياتهم، خصوصاً أن رجال الأمن في المكان لا يزالون موالين للقذافي. وقال مدير مطار طرابلس الدولي العميد يوسف الجربي ان "اكثر من 51 الف شخص من مختلف الجنسيات رحلوا منذ يوم 21 شباط".
(و ص ف، رويترز، أ ب، ي ب أ، أ ش أ)