التاريخ: آب ١٢, ٢٠١٤
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
ليلة الانقلاب على المالكي تستنفر بغداد ومعصوم كلّف العبادي بمباركة أميركية
واشنطن - هشام ملحم - بغداد - فاضل النشمي
كلف الرئيس العراقي فؤاد معصوم امس النائب الاول لرئيس مجلس النواب حيدر العبادي تأليف حكومة جديدة لينهي ثماني سنوات أمضاها نوري المالكي في السلطة، لكن الزعيم المخضرم رفض تسليم السلطة، مع نشر ميليشيات وقوات خاصة في الشوارع، معتبراً قرار الرئيس العراقي بمثابة "انتهاك خطير" للدستور.
 
وسارعت الولايات المتحدة الى الترحيب بتكليف العبادي، وجددت التزامها توفير الدعم الكامل لحكومة جديدة تمثل مختلف الاطياف السياسية، وتحديدا لمواجهة خطر تنظيم "الدولة الاسلامية"، بينما حذرت المالكي من عرقلة هذه العملية، او كما قال وزير الخارجية جون كيري من مغبة "تعكير المياه"، وذلك بعد ليل طويل راقب خلاله المسؤولون الاميركيون التطورات الميدانية في بغداد ومحيطها بما في ذلك نشر قوات عسكرية وامنية في المنطقة الخضراء التي تضم السفارة الاميركية، الأمر الذي رأى فيها المسؤولون محاولة اخيرة ويائسة من المالكي للتصدي لمحاولات التخلص منه.

واسترعت الانتباه السرعة التي رحبت بها واشنطن والامم المتحدة والعواصم الغربية بتعيين العبادي خلفا للمالكي، الذي لا يزال من غير الواضح كيف سيتعامل مع هذا التحدي الكبير بعدما وجد انه فقد الغطاء الخارجي، وحتى جزءا مهماً من الغطاء الشيعي في الداخل.

وقال رئيس الوزراء في كلمة متلفزة ومن حوله حلفاؤه السياسيون، إن قرار الرئيس العراقي تعيين العبادي ليخلفه في رئاسة الوزراء "خرق خطير" للدستور بدعم اميركي. واضاف: "سنصحح الخطأ حتما". وخاطب أفراد الجيش وقوى الأمن قائلاً إنهم يشاركون في حرب مقدسة ضد مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي اجتاح مناطق واسعة في شمال العراق وغربه.

وصرح حسين المالكي صهر المالكي لـ"رويترز" بأن معسكره سيقاتل القرار "غير القانوني" وأن مؤيدي المالكي لن يقفوا صامتين وسيلجأون للمحكمة الاتحادية للاعتراض عليه.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون بما وصفه بأنه "تحرك الى الامام نحو تأليف حكومة في العراق"، مشيدا بقرار الرئيس العراقي بتكليف العبادي تأليفها.

ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند العبادي الى تأليف حكومة وحدة وطنية بسرعة.
وجاء في بيان لمكتبه انه خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي المنتخب رجب طيب اردوغان، اعرب كلاهما عن "املهما في ان يؤلف رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي سريعا حكومة وحدة وطنية". وأضاف انهما "اكدا ضرورة ايجاد الظروف السياسية في العراق التي تسمح بقتال فعال ضد تنظيم الدولة الاسلامية كما تستجيب لتطلعات العراقيين".

الى ذلك، ايد الفاتيكان الغارات الاميركية على تنظيم "الدولة الاسلامية" لحماية الاقليات في العراق، معللا ذلك بوجود خطر جسيم استثنائي.

إبطاء وليس إضعافاً
في غضون ذلك، أفادت الشرطة العراقية إن المتشددين استولوا على بلدة جلولاء على مسافة 115 كيلومترا شمال شرق بغداد بعد طرد القوات التابعة لحكومة اقليم كردستان العراق منها.

وقالت مصادر قريبة من تفكير ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما ان واشنطن، حتى في حال تأليف حكومة عراقية جديدة، لا تعتزم تصعيد عملياتها العسكرية في العراق جذرياً، كما لا تعتزم توجيه أي ضربات جوية الى قوات "الدولة الاسلامية" في سوريا. وحذرت من خطأ اعتبار الاجراءات العسكرية الاميركية المحدودة بانها تمثل بداية تحول نوعي في موقف الرئيس اوباما من استخدام القوة في العراق او ان يكون ذلك بمثابة تغيير في استراتيجيته الحذرة في التعامل مع الازمتين السورية والعراقية. ولفتت الى ان اهم ما قاله اوباما في الايام الأخيرة هو تأكيده عندما اعلن عن اول عمل عسكري ضد "الدولة الاسلامية" انه لن يسمح "بجر الولايات المتحدة الى الدخول في حرب اخرى في العراق"، وانه لا يزال يرى ان المسؤولية الاساسية عن انقاذ العراق تقع على عاتق العراقيين الذين يحظون بالدعم الخارجي.

وأوضح المسؤول الرفيع المستوى في وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون" الليفتنانت جنرال وليم ميفيل أن الغارات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة في الايام الاخيرة عطلت موقتاً تقدم "الدولة الإسلامية" نحو أربيل عاصمة إقليم كردستان العراقي ولكن من المستبعد أن تكون قد أثرت على عمليات التنظيم في أجزاء أخرى من العراق أو سوريا.

وقال إن التنظيم الاصولي لا يزال قويا وأنه "لا يزال يركز على تأمين الأراضي التي سيطر عليها واكتساب أراض إضافية في انحاء العراق وسيواصل هجماته على القوات العراقية والكردية ومواقعها إلى استهداف الايزيديين والمسيحيين والاقليات الاخرى".


المحكمة الاتحادية
ونفت المحكمة الاتحادية العراقية في بيان ان تكون اصدرت قرارا يبت الخلاف بين معصوم والمالكي.
وسبق لتلفزيون "العراقية" الحكومي ان بث في خبر عاجل ان "المحكمة الاتحادية اصدرت قرارا تؤكد فيه ان دولة القانون هي الكتلة البرلمانية الاكبر".
الا ان بيان المحكمة الذي اورده موقعها الالكتروني الرسمي وهو رد على رسالة من رئيس الجمهورية، يكتفي بالتذكير بقرار المحكمة الصادر في اذار 2010.

وهذا القرار يؤكد ان الكتلة البرلمانية الاكثر عددا تعني اما "الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات ومن خلال قائمة انتخابية واحدة حازت اكثر عدد من المقاعد" واما "الكتلة التي تشكلت من قائمتين او اكثر من القوائم الانتخابية التي دخلت الانتخابات ثم شكلت كتلة واحدة ذات كيان واحد في مجلس النواب".
وذكر البيان بأنه بموجب المادة 76 من الدستور يتولى رئيس الجمهورية تكليف الكتلة التي باتت مقاعدها النيابية في الجلسة الاولى اكثر عددا من الكتل الاخرى.

وكان المالكي قد ظهر في التلفزيون الرسمي منتصف ليل الاحد - الاثنين وتلا بيانا جاء فيه: "اليوم سوف اقدم شكوى امام المحكمة الاتحادية ضد الرئيس". واتهم معصوم بانتهاك الدستور مرتين لعدم تكليفه رئيس وزراء معينا مهمة تأليف حكومة جديدة. ومعلوم ان "دولة القانون" بزعامة المالكي جزء من التحالف الوطني اكبر مكونات مجلس النواب.
 
تحذير أميركي
وبعد دعم واشنطن لمحاولات معصوم انهاء الجمود الذي استمر ثلاثة أشهر بعد الانتخابات النيابية وأضعف رد بغداد على هجوم "الدولة الاسلامية"، دعا وزير الخارجية الاميركي جون كيري المالكي لعدم اللجوء الى القوة وعدم "اثارة القلاقل" لدى بحث العراقيين عن رئيس وزراء جديد.

وفي تصريحات محددة موجهة الى المالكي، قال إن "عملية تأليف الحكومة مهمة لتحقيق الاستقرار والهدوء في العراق وأملنا هو ألا يثير السيد المالكي القلاقل". وأضاف: "شيء واحد يحتاج كل العراقيين الى معرفته وهو أنه سيكون هناك القليل من الدعم الدولي من أي نوع كان لأي شيء يحيد عن العملية الدستورية الشرعية القائمة ويجري العمل عليها الآن".

وبينما كانت قوات من الشرطة ووحدات من قوات النخبة المسلحة والتي تلقى الكثير منها التسليح والتدريب على يد الولايات المتحدة تقفل شوارع العاصمة، قال كيري: "يجب عدم استخدام القوة أو الدفع بقوات أو ميليشيات في هذه اللحظة من الديموقراطية من أجل العراق".

وأشاد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بمعصوم خلال اتصال هاتفي لاختياره رئيسا جديدا للوزراء بدلا من المالكي وحض على أن تؤلف في الوقت الملائم حكومة لا تقصي أحدا.

وافاد البيت الأبيض في بيان أن بايدن ومعصوم ناقشا مسألة ترشيح العبادي رئيسا للوزراء. وقال: "أشاد نائب الرئيس بمعصوم لانجاز هذه الخطوة الأساسية وأكد مجددا المطالب المتكررة للرئيس أوباما بتأليف حكومة جديدة اكثر شمولا في توقيت مناسب تكون قادرة على التصدي للمخاوف المشروعة لجميع العراقيين... أكد ايضا نائب الرئيس بايدن رغبة الرئيس أوباما في تعزيز التنسيق مع الحكومة العراقية الجديدة وقوى الأمن العراقية لاستعادة المكاسب التي حققتها الدولة الإسلامية في العراق والشام". واشار الى إن بايدن كرر أيضا دعم الولايات المتحدة لمعصوم كضامن للدستور العراقي.
 
مساعدات عسكرية
في غضون ذلك، اعلنت الشرطة ان المتشددين استولوا على بلدة جلولاء على مسافة 115 كيلومترا شمال شرق بغداد بعد طرد القوات التابعة لحكومة اقليم كردستان العراق منها.
وقالت وزارة الخارجية الاميركية الاثنين ان الولايات المتحدة بدأت على عجل تسليم اسلحة وذخائر الى القوات الكردية التي تقاتل تنظيم "الدولة الاسلامية" في شمال العراق.