| | التاريخ: حزيران ٢, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | سمير قصير... عدم المؤاخذة ! - نبيل بومنصف | قبل ايام قليلة من حلول الذكرى ال14 لاستشهاد سمير قصير صادف ان جمع “زمن سمير فرنجية” الكتاب السيرة الذي وضعه محمد حسين شمس الدين وأصدره حديثا جمعا من اصدقاء “السميرين” في الجامعة اليسوعية بما أثار شجون كثيرين حيال زمن الكرامة الذي نخشى ان تكون موجات الحنين اليه نذير أفوله .
نقول زمن الكرامة ولا نعني فقط استعادة سيرة سمير قصير للمرة الرابعة عشرة منذ جندلته متفجرة الاجرام في طلائع حرب الاغتيالات بل نقف عند ذكراه وكأننا في ازمة ضمير أو عقدة قصور امام ما يحمله تثاقل السنين وتراكمها سنة عقب سنة في استعادات الشهداء وزمنهم .
لا ترانا نخطئ الاعتقاد ان أسوأ ما يطالعنا في ذكرى اغتيال من كان من ابرز العقول المخططة لانتفاضة 14آذار واحد واضعي ايديولوجيتها وفكرها ومبادئها مع صديقه الاقرب والأحب سمير فرتجية هو ضحالة الدولة وتفككها او نذير انهيارها بعد تلك النكبة الهائلة التي ضربت مسار القوى السيادية في السنوات الثلاث الاخيرة .
جاء توقيت اغتيال سمير قصير في مسار المواقيت الاجرامية مبكرا وادرج على بنك الاهداف الدموية في المراحل الاولى من احدى أشنع الحروب التي شنت على السياديين في لبنان عقب الانتفاضة الاستقلالية الثانية .
لا نذكر بذلك على سبيل إنعاش ذاكرة لم تشف من صدمات باتت تشكل في ذاتها تاريخا لا يمحى من تاريخ لبنان الحديث والقديم ، وانما لان التوقيت تعاينه الذاكرة بعد مرور زمن طويل بغير النظرة نفسها التي تهيمن على صاحبها في ذروة المأساة .
سمير قصير يمكن ان تتخيله اليوم مفجوعاً ليس بتفكك اصدقاء الامس والرفاق وحلفاء درب الثورة على الاحتلال السوري وعلى الطغاة المتحكمين بالشعوب العربية ولا ايضا بالعمق المأسوي المقيم في قضية فلسطين ، إنما نخاله يسأل مذعورا وهو الذي لم يرف جفن خوف له امام قتلته عن استحالة حقيقية لقيامة شيء من تلك المسماة دولة في لبنان .
بماذا يمكن تبرير هذا التفكك التصاعدي لنذر يسير مما كان بعضهم يسميه جمهورية او دولة او مشروع دولة على الاقل فيما نشهد راهنا من مآسي تفكك الجمهورية برمتها ما لم يخطر ببال اشد اصحاب النزعات سوداوية ؟
ايا تكن سوداوية الواقع لن نبلغ حدود ما ذهب اليه البعض من الترحم ولو من باب السخرية المرة على زمن الوالي والوصي السوري .
ولكن نتساءل اي مصير هذا يدفع بالبلاد نحو الانزلاق بقوة جارفة نحو فوضى لم تعرف مثيلا لها حتى في الحرب وزمن الانشطارات والانقسامات والميليشيات والاحتلالات ؟
مثيرون للشفقة هؤلاء الذين يتشدقون عند كل هبة سجال داخلي او تفجر جولة تحارب كلامي او تشاتم مقذع بنكء جراح الماضي انطلاقا من تعيير الخصوم بانهم تحدروا الى السياسة من زمن الميليشيات كما لو انهم هم أقاموا جمهورية لبنان الفاضلة على أطلال ذاك الزمن او كأن ما يشهده لبنان تحت وطأة هذا الزمن الحالي تحديدا هو افضل من زمن ميليشيوي .
اول من سدد سهام النقد للحركة الاستقلالية والقيمين عليها غداة الموجات الاولى منها كان سمير قصير ولم يسدد سهامه حتى لاعداء 14 آذار آنذاك .
ما كان سمير قصير في زمننا هذا ليكون اقل تشددا في محاكمة كل السياديين اولا وغير السياديين ايضا في ملف واحد إحد هو اجهاض الحد الادنى من دولة تثبت بان شهادات الشهداء لم تكن على الاقل لكي يعود زمن السيادة والاستقلال المزعومين الى زمن النص نص سيادة وزمن باهت بلا صفة وبلا هوية وزمن انحطاط المعايير .
ماذا ترانا نقول له : عدم المؤاخذة ... عجزنا ! | |
|