| | التاريخ: أيار ٢٦, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة الحياة | | أكراد سورية بين الانقسام والوحدة - خورشيد دلي | تتصاعد دعوات القوى والأحزاب الكردية السورية إلى توحيد الصف، وتشكيل مرجعية واحدة، لترتيب الساحة الداخلية، وصوغ رؤية مشتركة للتطلعات الكردية، ووضع أسس للتعايش مع الآخر والمحيط الجغرافي. ولعل آخر هذه الدعوات، الميثاق المشترك الذي أعلنه حزبا "الوحدة الديموقراطي" و"الديموقراطي التقدمي"، إذ وضع هذا الميثاق ما يشبه خريطة طريق للوضع الداخلي الكردي، والشأن الوطني السوري العام، والبعد القومي لعلاقة أكراد سورية بالأكراد في كل من تركيا وإيران والعراق، مؤكدا على خيار الحوار مع دمشق، ومشدداً على ضرورة عقد مؤتمر وطني سوري عام لحل الأزمة السورية.
الميثاق المشترك للحزبين، جاء في ظل مؤشرات ومعطيات وعوامل ومتغيرات، توحي بإمكان تحريك المياه الراكدة في ساحة توحيد الصف الكردي. ذلك أن تصريحات زعيم "حزب العمال الكردستاني" المعتقل في إيمرالي التركية عبدالله أوجلان، حول الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وأخذ حساسية تركيا بعين الاعتبار، أثارت مناخاً إيجابياً، وفي ذات الوقت نوهت إلى إمكان انتهاج "حزب الاتحاد الديموقراطي" سياسة تتواءم ومقتضيات الساحة الكردية السورية وليست وفق أجندة قنديل، على رغم صعوبة ذلك، بسبب الارتباط العضوي بين الطرفين. وفي الأساس، فإن مرحلة ما بعد سيطرة "قسد" (قوات سورية الديموقراطية) على الباغوز، آخر معقل لتنظيم "داعش" الإرهابي شرق الفرات، فرض على "قسد" الاهتمام بالساحة الداخلية والتواصل مع الأطراف الأخرى لترتيبها. ولعل الزيارة غير المعلنة التي قامت بها رئيسة "مجلس سورية الديموقراطية" ("مسد") إلهام أحمد إلى أربيل، وكشفها وجود اتصالات مع أحزاب "المجلس الوطني الكردي" المنضوي في "ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية"، للتوصل إلى تفاهمات، تصب في هذا الإطار، فيما توجه دعوات إلى أحزاب "المجلس الوطني" للانسحاب من الائتلاف والانخراط في أجندة كردية سورية. ويبرر هؤلاء دعوتهم، بأنها نابعة من أن أحزاب المجلس لم تحقق أي من المطالب الكردية في إطار الائتلاف، فضلاً عن أن التأثير التركي واضح على المجلس، كما تجلى في قضية عفرين، إلى درجة أن قيادات أحزاب المجلس لا يستطيعون حتى زيارة عفرين أو القيام بدور هناك.
هذه المعطيات، وإن بدت نظرية حتى الآن، إلا أنها تبث مناخاً مشجعاً للحوار والمراجعة وإمكان التوصل إلى تفاهمات، فالقناعة الداخلية لدى الأطراف الكردية السورية، تتجه نحو الحد من تأثير الأحزاب الكردية في العراق وتركيا (أربيل وقنديل) والبحث عن مرجعية مشتركة لترتيب البيت الداخلي والتحاور مع الأطراف السورية على أساس الاعتراف بالهوية الكردية كقومية ثانية في البلاد، والمشاركة في الجهود الإقليمية والدولية.
ثمة من يرى أن الطريق إلى ترتيب البيت الكردي السوري، وإيجاد مرجعية مشتركة يمر عبر عقد مؤتمر قومي كردي. ولكن، كيف الطريق إلى عقد هذا المؤتمر؟ وأين سيعقد؟ هل في القامشلي أم في أربيل التي رعت سابقا عددا من التفاهمات بين الأطراف الكردية السورية ولم تجد طريقها إلى التنفيذ؟ وقبيل عقد هذا المؤتمر، هل تملك الأحزاب الكردية السورية استقلالية المشاركة وتقديم أطروحاتها في هكذا مؤتمر، بعيداً من تأثيرات قنديل وأربيل؟ أسئلة تصعب الإجابة عنها في ظل المواقف المعلنة لكل طرف، إلا أن ضرورة عقد مثل هذا المؤتمر باتت ملحة، لا للتخلص من الانقسام فحسب، بل لطرح مطالب مقبولة، تسهم في وضع تصور لعلاقة أكراد سورية بباقي مكونات الشعب السوري.
* كاتب سوري. | |
|