التاريخ: آذار ٢٢, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
مانيفست لخلاص لبنان: ما العمل؟ التطبيق والمتابعة - انطوان مسرة
"يفقد لبنان مبرر وجوده اذا لم يكن رسول رسالته"
غسان تويني، 2001

تُستخلص من العدد الخاص، "مانيفست لخلاص لبنان: ضمان استمرار لبنان والاستثمار في شبابه"، بالشركة بين "النهار" والجامعة الأميركية في بيروت ("النهار"، 2018/9/27، ص 52) مجموعة توجهات تطبيقية في سبيل:

- تصحيح أداء المؤسسات.

- مقاومة التدهور.

- النهوض بلبنان الى مستوى الدور والرسالة.

شارك في الكتابة 121 من الفاعلين في المؤسسات العامة والمجتمع، اقترحوا "حلولاً علاجية موضوعية بحيث يمكن اعتبار هذا الجهد بمثابة وصية تاريخية"، كما يقول رئيس تحرير العدد الدكتور فضلو خوري، رئيس الجامعة الأميركية في بيروت. من أهداف هذا الجهد:

- مقاومة "التصدع في بنيان الدولة" (ص 34)

- مواجهة "مرحلة حرجة تدفع نحو حافة الانهيار" (ص 50)

- "استعادة الثقة بالنهوض" (ص 36)

- "الاستفادة من فرصة سانحة" (ص 38)

- "توفير رؤية للمستقبل من خلال تخطيط في المدى المتوسط والطويل" (ص 50).

يمكن تصنيف الأفكار والمقترحات التطبيقية في أربعة محاور:

أولاً: المؤسسات: تطبيق الدستور والقوانين والعدول عن السجالات والتأويلات

التي لا طائل منها.

1. الدولة: العمل على استكمال الأوصاف الأساسية للدولة في لبنان في ممارستها أربع وظائف ملازمة للدولة ومُسمّاة ملكية droits régaliens، وعدم الهروب من خلال أوصاف أخرى رديفة. الأوصاف الأربعة الأساسية الملازمة للدولة هي: احتكار القوة المنظمة، فرض الضرائب وجبايتها، حصرية إدارتها للعلاقات الديبلوماسية، ووضع السياسات العامة. الأوصاف الأخرى المتداولة في لبنان (دولة، مدنية، علمانية...) هي رديفة أو إيديولوجية، هروباً من البديهيات.

2. تطبيق الدستور والعدول عن السجالات والتأويلات التي لا طائل منها: الدستور اللبناني برلماني الطابع، ما يعني: مسؤولية الحكومة تجاه مجلس النواب، فلا تكون الحكومة برلماناً مصغراً، تضامن وزاري، وتوفر معارضة خارج الحكم. خارج هذا السياق لا يمكن قيام المحاسبة والمساءلة وتطبيق مبدأ الفصل بين السلطات.

تتصف غالباً مقاربة الميثاق والدستور اللبناني، كما يرد في بعض الكتابات، بفقدان مرجعية علمية. يرد التباس وتناقض وغموض أو اغتراب ثقافي، في ادراك إدارة التنوّع الديني والثقافي من خلال الخبرة اللبنانية والدراسات الحقوقية المقارنة. يتطلب ذلك تعميم الدراسات المقارنة وتأصيل الخبرة اللبنانية. يتبيّن من بعض النصوص فقدان المرجعية العلمية في التحليل والتشخيص والمعالجة.

3. آلية القرار: تُحدد المادة 65 من الدستور مفهوم "التوافق"، وآلية التقرير بالتصويت، وبالأكثرية الموصوفة في بعض الحالات. تكون الحكومات في لبنان فاعلة وقادرة على صياغة سياسات عامة، من خلال التقيّد بهذا السياق.

4. لا للتضخم التشريعي بل لتطبيق القوانين: قد تُستَغل رمزية القانون في سبيل ايهام الناس بالإصلاح. تكمن أهمية القوانين في تطبيقها. أكثر القوانين في لبنان غير مُطَبّقة، بدءاً من قانون التدخين الصادر حديثا. أما التعديلات في ما يتعلق بإدارة التعددية الدينية والثقافية وسبل التحديث، فمرجعيتها العلمية والتطبيقية نظرية التعددية الحقوقية pluralisme juridique.

5. المعايير الوظيفية: لا علاقة لما يُسمّى "المحاصصة" و"المحسوبية" بأصول النظام الدستوري اللبناني. تخضع قاعدة التمييز الإيجابي أو الكوتا لمعايير حقوقية في التطبيق ضماناً للكفاءة والمساواة والمصلحة العامة.

6. المعهد الوطني للإدارة: يجب إحياء هذا المعهد الذي يتمتع بالاستقلالية في قانون انشائه والذي جرى استتباعه خلافاً لمبادئ الوصاية الإدارية. كان من المنتظر من المعهد تأهيل موظفين للادارات العامة خارج التوظيف السياسي.

ثانياً: بناء السياسات العامة

7. حكومة اختصاص فاعلة: يتطلب بناء السياسات العامة، على المدى المتوسط والطويل، حكومات تتميّز بالاختصاص، وقيادات إدارية ذات كفاءة. تشمل السياسات العامة مختلف القطاعات: التربية، الصحة، الاقتصاد، الطاقة، السكن، البيئة... وتتضمن كل سياسة عامة ليس مجرد توصيات، بل ثلاثة عناصر على الأقل: تحديد الأهداف المتوخاة، خطة زمنية في التنفيذ، توفير الإمكانات المالية والإدارية والبيئة الاجتماعية الملائمة في التطبيق.

8. بناء سياسات شبابية: الحاجة الى بناء سياسات شبابية لجيل لم يعش الفترات الإيجابية من تاريخ لبنان ولا يجد له أفقاً في لبنان ويشكو من أزمة ثقة بالمستقبل.

ثالثاً: الثقافة وتراث لبنان الثقافي

9. إحياء خطة النهوض التربوي بخاصة في مجالي التربية المدنية والتاريخ: تكمن جذور الانحطاط في الممارسة الديموقراطية والمواطنية، في البنيات الذهنية ولأسباب لبنانية تاريخية، بخاصة في ما يتعلق بثلاثة أمور جوهرية: الثقافة الحقوقية، المجال العام العابر اساساً للطوائف والانتماءات، الذاكرة الجماعية المشتركة. الحاجة الى إعادة إحياء خطة النهوض التربوي استنادا الى منطلقاتها وروحيتها وبقيادة الذين شاركوا في وضع أسسها المبدئية والتطبيقية.

10. متابعة تنمية الشراكة بين الجامعات الكبرى في لبنان وكبرى الجامعات في العالم.

11. تمتين التواصل بين الجامعة والمجتمع.

12. انتاج الجامعات في لبنان فكراً مبدعاً ومتميّزاً وخارج السجالات المتداولة.

13. الافتتاح الفعلي للمكتبة الوطنية حفاظاً على عراقة التراث اللبناني والذاكرة الجماعية وتطلعاً نحو مستقبل الثقافة.

رابعاً: المجتمع الأهلي

14. إحياء الحركة النقابية: سلبيات استتباع الحركة النقابية في لبنان أربع: الاخلال بالتوازن بين القوى الحزبية وقوى المجتمع، غياب النقاش العام، غياب هيئات تأطير المطالب، تراجع السياسات العامة التي تعني في مختلف قطاعاتها مختلف النقابات. لا يقتصر دور النقابات على الدفاع عن مصالح أعضائها.

15. صياغة السياسات العامة وتفعيلها على المستويين الوطني والمحلي وبخاصة من خلال البلديات.

16. استعادة المجتمع المدني طابعه المدني بالضغط على القرار السياسي، في حين ان المعارضة تنتهج وسائل أخرى.

ما يُثبت في العدد، التلازمَ بين العمل الدستوري والمؤسسي والتشريعي والسياسات العامة وبين الثقافة، ما يورده في الملف أحد منظّمي حملة معالجة أزمة النفايات: "فجأة رأيت وسط المتظاهرين رجلاً يشرب من قنينة مياه بلاستيكية ثم يرميها على الأرض، وما لبثت أن أدركت أن كثراً يفعلون الشيء نفسه. هل أصبحنا متآلفين جداً مع المطالبة بالتغيير الى درجة أننا نسينا كيف نصنع التغيير بأنفسنا؟ هل بتنا جزءاً من المشكلة؟" (حبيب حداد، ص 38).

الوسائل الفضلى للتطبيق والمتابعة ثلاث للسنوات 2019-2021:

1. "النهار" – AUB: استمرار التعاون بين "النهار" والجامعة الأميركية في بيروت.

2. التعميم: تعميم الخلاصة التطبيقية من خلال النشر ولقاءات جامعية وفي المناطق ومشاركة بعض الذين ساهموا في التحرير.

3. انشاء مرصد متابعة تطبيقية: رصد الأعمال التطبيقية الميدانية التي تثير التماثل والاقتداء والتمكين في البنود الأربعة الواردة فيها والتي تؤثر في السلوك والممارسة ونشرها في ملحق "النهار" – AUB في نهاية 2019، ونهاية 2020، ونهاية 2021، مع تجنب التوصيات والمنحى الدعائي. تعمل اللجان التي تألفت على اثر صدور ملف "النهار" – AUB على هذا الرصد في البنود الأربعة.