التاريخ: تشرين الثاني ٢١, ٢٠١٠
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
الانتخابات المصرية: العنف بدأ والتلاسن مع الحليف الأميركي اشتعل

القاهرة - من جمال فهمي:

الأحد 21 نوفمبر 2010


العنف المفرط الذي توقع الكثيرون في مصر ان يميز الانتخابات التشريعية الأكثر اثارة للجدل منذ عقود، لم يتأخر ولم ينتظر نهاية عطلة عيد الاضحى، بل تفجر على جبهة واسعة شملت محافظات عدة.
غير أن اسوأ الصدامات وقعت مساء الجمعة في محافظة الاسكندرية وتحديدا في دائرة الرمل حيث ينافس مرشح جماعة "الاخوان المسلمين" صبحي صالح وزير التنمية المحلية اللواء عبد السلام المحجوب، اذ اندلعت مواجهات بين انصار الجماعة وقوات ضخمة من الشرطة عندما تصدت الاخيرة لمسيرة انتخابية لصالح مستخدمة القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاط، مما أدى الى اصابة اكثر عدد من الاشخاص بجروح وكسور واعتقال العشرات. كما شهدت محافظتا الغربية والشرقية صدامات  واعتقالات رفعت عدد الموقوفين من الجماعة خلال اليومين الماضيين الى نحو 200 شخص.


وعلى رغم ان "الاخوان المسلمين" يستأثرون بالنسبة الأكبر من المضايقات والملاحقات الأمنية التي يتعرض لها مرشحوها البالغ عددهم نحو 130 بعدما استبعدت السلطات سبعة مرشحين آخرين، إلا ان احزاب المعارضة الرسمية -التي رفضت القبول بدعوات مقاطعة اول انتخابات برلمانية تجرى في غياب الاشراف القضائي على لجان الاقتراع ـ بدأت هي الأخرى تجهر بالشكاوى المرّة من العنف وانعدام الشفافية و"الاخلال الفاضح" بتكافؤ الفرص بين مرشحيها ومرشحي الحزب الوطني الحاكم خصوصا لجهة استخدام امكانات الدولة واجهزتها ومؤسساتها المختلفة بما فيها وسائل الاعلام  لدعم المرشحين الحكوميين.


ويبدو نظام الرئيس حسني مبارك (82 سنة) وكأنه مقبل على اختبار قاس يتعلق بالصورة التي سيُخرج بها الانتخابات المقرر اجراؤها الاحد المقبل، وما اذا كان قادرا على توفير قدر من المعقولية تنقذ سمعة إجراءاتها  (في الخارج خصوصا) حتى وإن لم تغير في نتائجها المتوقعة والمعروفة سلفا وهي استمرار الهيمنة المطلقة للحزب الحاكم على السلطة الاشتراعية في البلاد، ويزيد من حرج وقسوة هذا الاختبار أنه يسبق ويمهد للإنتخابات الرئاسية في 2011.


وكانت هذه الانتخابات التي تعرضت قبل ان تبدأ لحملة تشهير وتشكيك داخلية واسعة النطاق، سبباً في عودة اجواء التوتر (الظاهري على الاقل) في العلاقة بين الولايات المتحدة ونظام الرئيس مبارك الذي يعد من اهم حلفائها في المنطقة، ففي اقل من اسبوع تبادلت القاهرة وواشنطن تلاسنا حادا مرتين، الاولى بعدما دعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاثنين الماضي على لسان الناطق باسم وزارتها فيليب كراولي، الحكومة المصرية الى اجراء انتخابات "شفافة وحرة" وتمكين "مراقبين دوليين" من متابعة سير عمليات الاقتراع و"رفع القيود" التي فرضت اخيرا على وسائل الاعلام المستقلة وغير الحكومية، وردت وزارة الخارجية المصرية ببيان شديد اللهجة اتهمت فيه الحليف الاميركي بممارسة "الوصاية والتدخل في شؤون السيادة" المصرية.


وامس عادت واشنطن الى مرمى نيران غضب القاهرة، فقد هاجم بيان اصدرته وزارة الخارجية المصرية الجزء الخاص بمصر في تقرير الحريات الدينية الذي اذاعته وزارة الخارجية الاميركية الاربعاء الماضي وتضمن انتقادات لـ "تمييز" قال التقرير ان المواطنين المصريين المسيحيين والبهائيين يعانون منه، كما  لم ينس التقرير الاميركي ما سماه "الاعتقالات والضغوط المتعسفة" التي تمارسها الحكومة المصرية على جماعة "الاخوان المسلمين".
وقال البيان المصري ان التقرير الاميركي "غير متوازن ومرفوض من حيث المبدأ"، واضاف "نرفض قيام (الولايات المتحدة) بتنصيب نفسها وصيا على أداء دول مستقلة ذات سيادة".