| | التاريخ: شباط ١٩, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | تحليل: لماذا ترفض أوروبا استرداد المقاتلين الأجانب المسجونين في سوريا؟ | موناليزا فريحة
يضغط الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحلفاء الأوروبيين، وتحديداً فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا، لاستعادة أكثر من 800 من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين أسروا في سوريا وإحالتهم على المحاكمة، غير أن الدول الأوروبية غير متحمسة لخطوة كهذه، خوفاً من الخبرات القتالية الكبيرة التي اكتسبها هؤلاء في سوريا وأساليب العنف التي لجؤوا اليها خلال السنوات الأربع الأخيرة، وخصوصاً أن لا شيء يوحي بأن الفكر المتشدد للتنظيم قد اندثر مع الخلافة المزعومة.
وتأتي دعوة ترامب وسط توقعات أن تعلن قوات سوريا الديموقراطية "قسد"، رسمياً القضاء على "داعش" في شرق البلاد خلال أيام، بعد محاصرة فلول التنظيم في منطقة لاتتجاوز مساحتها 700 متر مربع في قرية باغوز. وتطالب الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا الدول المعنية بتسلم مقاتليها وإخراجهم من مخيمات الاعتقال في المناطق الكردية، بحجة أنها تعاني من تكاليف هذه العائلات على المستوى المادي والأمني، في ظل غياب المؤسسات الدولية التي ترعاها.
وازدادت أعباء الادارة الذاتية مع استسلام عدد متزايد من مقاتلي "داعش" منذ بدء الهجوم على آخر معاقل التنظيم. وتقول "قسد" إن لديها 3 آلاف من معتقلي التنظيم، بينهم 700 يحملون جنسيات أجنبية.
وكتب ترامب في تغريدة السبت أن "الولايات المتحدة تطلب من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والحلفاء الأوروبيين الآخرين استعادة أكثر من 800 مقاتل أسرناهم في سوريا من أجل محاكمتهم"، مضيفاً أن "الخلافة على وشك أن تسقط. البديل لن يكون جيداً لأننا سنضطر للإفراج عنهم".
بالنسبة الى الدول الاوروبية، ليست استعادة مواطنين لها حاربوا مع "داعش" بالسهولة التي يتصورها ترامب. وتعتبر عودة المقاتلين الأجانب وعائلاتهم هاجساً أمنياً رئيسياً لأجهزة مكافحة الإرهاب فى أوروبا التي تخشى موجة ثانية من العائدين ينقلون المعركة من الشرق إلى الغرب، وذلك انتقاماً للهزائم التي تعرض لها تنظيمهم في الشرق الأوسط. وهي تتحسب للخطر الذي يمثله العائدون وتحاول أن تتفاداه بشتى السبل عسكرياً وأمنياً واستخبارياً.
خبرات قتالية
ويقول رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات الدكتور جاسم محمد لـ"النهار" إن أجهزة الاستخبارات الاوروبية تعتقد أن عودة المقاتلين يشكل تهديداً للأمن القومي لدولها، بحجة أن هؤلاء حصلوا على الخبرات القتالية في المتفجرات وحمل الاسلحة وتنفيذ عمليات ارهابية وتطرف، وهو ما من شأنه أن ينشر التطرف والارهاب في عواصم ارهابية.
ولا تعتمد الدول الاوروبية موقفاً موحداً من احتمال عودة المقاتلين. ورفضت فرنسا وألمانيا والدنمارك طلب ترامب.
ويشكل الجهاديون الفرنسيون الكتيبة الكبرى من المجندين الاوروبيين. ويبدي المسؤولون الاوروبيون قلقهم حيال استعادتهم لأنه في عامي 2015 و2016، عبرت خلية من المقاتلين الفرنسيين والبلجيكيين الى تركيا من سوريا ونجحت لاحقاً في تنفيذ سلسلة هجمقاتلين الفرنسيين والبلجيكيين الى تركيا من سوريا ونجحت لاحقاً في تنفيذ سلقاتلين الفرنسيين والبلجيكيين الى تركيا من سوريا ونجحت لاحقاً في تنفيذ سلات في باريس وبروكسيل.
وقالت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه اليوم إن "هناك وضعاً جيوسياسياً جديداً في ظل الإنسحاب الأميركي...لكننا لن نغير سياستنا في الوقت الحالي".
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أشار في وقت سابق إلى أن سياسة بلاده تقضي برفض استعادة المقاتلين وزوجاتهم رفضاً قاطعاً، باعتبارهم "أعداء الأمة" الذين يجب أن يمثلوا أمام العدالة سواء في سوريا أو العراق.
وفي لندن، حذر وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد من أنه سيمنع عودة البريطانيين الذين سافروا إلى الشرق الأوسط للانضمام إلى "داعش".
ويستمر الجدل في بريطانيا في شأن الطالبة شميمة بيغوم، التي هربت للانضمام إلى المتطرفين عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها. وقالت بيغوم، وهي حامل في شهرها التاسع، لصحيفة "التايمس" البريطانية، إنها تريد العودة إلى الوطن.
ولا يختلف الموقف في كوبنهاغن، إذ صرح الناطق باسم رئيس الوزراء الدنماركي ميشائيل استروب ينسن، بأن "المسألة تتعلق ببعض أخطر الأشخاص في العالم وينبغي علينا ألا نستردهم".
وأثاردت دعوة ترامب سجالاً في ألمانيا. ففي حوار تلفزيوني على القناة الأولى في التلفزيون الألماني، اعتبر وزير الخارجية هايكو ماس أن الطلب الأميركي "يصعب تحقيقه"، قبل أن يشدد على أن "العودة ممكنة فقط إذا تم التأكد من أن هؤلاء الأشخاص سيتم إحضارهم على الفور وتقديمهم للمحاكمة، ولهذا يحتاج المرء أولا إلى المعلومات والتحقيقات الأولية، وهذا غير مضمون حاليا".
وفي المقابل، أعلن حزبا الخضر واليسار عن "تفهمهما" لطلب ترامب.
وكان مركز دراسة التطرف في جامعة كينغز كولدج-لندن أحصى وجود 5904 داعشي من أوروبا الغربية في سوريا، بينهم 1023 امرأة و1502 رجل.
وينسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات الى أجهزة الاستخبارات الاوروبية أن بين المقاتلين الاجانب ألفاً من بريطانيا و2000 من فرنسا وألف من ألمانيا و200 من هولندا و250 من بروكسيل و150 من هولندا. ويقدر الإنتربول بأن 30 في المئة من هؤلاء عادوا أصلاً، و10 في المئة قتلوا.
وفي مقابل التشدد الأوروبي الرسمي حيال عودة هؤلاء، ترتفع هنا وهناك أصوات مطالبة بالرأفة بهم، واستعادتهم وتقديم الدعم النفسي والرعاية الاجتماعية لهم فضلاً عن تطبيق أحكام القانون عليهم.
ويقول جاسم محمد إن الاتحاد الاوروبي يجري مراجعة للسياسات الاوروبية حيال العائدين، ولكن لا تغيير محتملاً. الا انه أبرز التعاطف السائد في دول أوروبية حيال القاصرين دون العشر سنوات، على أن يتم التدقيق في وثائقهم ، ويخضعون لفحص "دي أن إي" ويودع القاصرون في مراكز خاصة أو لدى أقارب لهم في أوروبا. | |
|