| | التاريخ: كانون ثاني ١٦, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة الحياة | | أين تركيا من «غزوة» النصرة ؟ - خورشيد دلي | الإقتتال بين الفصائل المسلحة في الشمال السوري ليس بجديد، ولكن الجديد هذه المرة، هو اكتساح هيئة تحرير الشام ( النصرة سابقا ) لمناطق واسعة في أرياف محافظات حلب وأدلب وحماة، والقضاء على فصيل الزنكي خلال أيام قليلة وحل حركة احرار الشام نفسها، إلى درجة ان مناطق سيطرة النصرة باتت ترسم خريطة جديدة في الشمال السوري.
ثمة أسئلة كثيرة، تطرح عن تحرك النصرة في هذا التوقيت، وعن سرعة سيطرتها على قرى ومناطق من دون مقاومة تذكر، وعن مواقف الدول المعنية بالأزمة السورية وتحديدا تركيا من توسع النصرة بهذا الشكل الدراماتيكي، والأهم، ما هي السيناريوهات المنتظرة من وراء كل ذلك ؟ يرى كثيرون أن النصرة وجدت في إنتقال آلاف من عناصر الفصائل المسلحة من محافظة أدلب إلى المناطق الموازية لشرق الفرات ومنبج، في إطار العملية العسكرية التي تعدها تركيا هناك، فرصة ذهبية للتحرك على الأرض، لكن يبقى الأهم لها، هو كيفية التعامل مع استحقاق الاتفاق الروسي - التركي بشأن أدلب، حيث تدرك جيدا، انها المستهدف الأول من هذا الاتفاق، وعليه ثمة من يرى أن تحرك النصرة جاء استباقا لهذا الاستحقاق، وبغية فرض نفسها كأمر واقع.
أبعد من تحرك النصرة، ثمة أسئلة عن عدم تحرك تركيا لمساعدة الفصائل الدائرة في فلكها، بل ولماذا لم تتحرك فصائل ( درع الفرات ) و (غصن الزيتون ) ضدها لمؤازاة الزنكي؟
مع غياب إجابة واقعية وحقيقية عن هذا السؤال، ثمة من يرى أن أولوية تركيا في هذه المرحلة، ليست محاربة النصرة، بل الكرد وتحديدا وحدات حماية الشعب الكردية في شرقي الفرات، وعليه لم تتحرك تركيا أو الفصائل التابعة لها ضد النصرة، دون أن يعني ما سبق ان احتمال المواجهة غير واردة إذا ما تقدمت النصرة أكثر فأكثر.
لكن ما سبق، لا يلغي أهمية تلك التحليلات، التي تقول إن ما يجري مدروس، وفي إطار جهود إقليمية، تقودها كل من موسكو وأنقرة، لكيفية ترتيب المشهد في الشمال السوري، إذ ان قضية التخلص من النصرة، ليست سهلة كما يتوقع البعض في ظل إمتلاكها لأسلحة هائلة، وأعداد كبيرة من المقاتلين، تقدر بنحو ستة عشر آلف مسلح.
في الواقع، في الحديث عن ( غزوة ) النصرة المسكوت عنها إقليميا، ثمة من يضع الأمور في إطار سيناريوين. الأول: إن تركيا التي تجد صعوبة بالغة في تنفيذ اتفاق سوتشي بشأن أدلب ومحاربة النصرة المصنفة في قائمة الإرهاب، قد ترى في سيطرة الأخيرة على منطقة جغرافية محددة، أفضل طريقة للتخلص منها لاحقا، من خلال عملية عسكرية مشتركة تقودها روسيا بمشاركة الجيش السوري وحليفيه «حزب الله» وإيران، وهو ما يعني ان الطائرت الحربية الروسية هي التي ستحسم هذه المعركة من الجو، قبل أي تقدم على الأرض.
السيناريو الثاني، يقوم على ان تركيا لا تقدم أي شيء بالمجان في الشمال السوري، وان السيناريو الأول لا بد ان يتضمن الثاني، وهو السماح لروسيا والنظام وايران بضرب النصرة واستعادة المناطق التي تسيطر عليها، مقابل موافقة روسية على عملية تركية في منبج ومناطق حدودية محددة في شرق الفرات بعد ان تأجلت هذه العملية، انطلاقا من الحسابات الإقليمية والمواقف الدولية. ولعل ما يرجح مثل هذا السيناريو، هو ان تركيا ومنذ معركة حلب كانت أكثر اللاعبين في جعل مبدأ الصفقات السمة المميزة للأزمة السورية، من معركة غوطة دمشق مرورا بدرعا، وصولا إلى ما يجري اليوم في الشمال السوري.
* كاتب سوري. | |
|