التاريخ: شباط ١٧, ٢٠١١
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
مقتل متظاهرَين يؤجّج الاحتجاجات والمعارضة لملكية دستورية في البحرين

في اليوم الثالث للاحتجاجات، امتلأ "دوار اللؤلؤة" في وسط المنامة بالمتظاهرين الذين خيّموا فيه، بينما انسحب رجال الأمن لتهدئة التوتر، وخصوصاً بعد مقتل شابين بالرصاص. ولم تنجح تعهدات الملك حمد بن عيسى آل خليفة في احتواء الأزمة، وخصوصاً مع ارتفاع سقف المطالب وتعليق نواب جمعية "الوفاق الوطني"، وهم 18 من أصل 40 عضواً في مجلس النواب، عضويتهم الى أن تحوّل البلاد "ملكية دستورية" ذات حكومة منتخبة.


وشارك أكثر من ألف شخص في تشييع فاضل المتروك الذي قتل بالرصاص الثلثاء، عندما نشب قتال خلال دفن محتج آخر. وانسحب رجال الأمن من المكان بينما ظلت طائرات هليكوبتر تابعة للشرطة تحلق في الأجواء.


واعتصم نحو ألفي شخص في "دوار اللؤلؤة" في استعادة لمشهد ميدان التحرير في القاهرة. حتى أن البعض ردد الهتاف الشهير الذي استخدمه المحتجون المصريون طوال 18 يوماً، وهو "الشعب يريد إسقاط النظام". كما أقيمت منصة للخطباء في المكان. وناشد إمام المصلين البقاء في المكان "حتى لا يأخذ النظام البلاد من أيديكم. وإذا كان لا بد أن نغادر بالأكفان، فنحن مستعدون".
ومع حلول مساء أمس، بقي كثيرون في الدوار، يحتسون الشاي ويتناولون الطعام الذي قدمه متبرعون، وأحضر بعضهم نراجيل. وجلست النساء في زاوية منفصلة.


كذلك شهدت المواقع الاجتماعية على شبكة الانترنت تبادلاً للاتهامات بين أنصار التظاهر والموالين للحكومة الذين وصمومهم بالخيانة والعمالة لإيران. وقال جاسم جواد (23 سنة): "أنا لست سياسياً، أنا موسيقي، لكنني أريد فرصة لتسمية رئيس الوزراء. كيف يعقل ان يبقى رئيس وزراء في الحكم 39 سنة (في إشارة إلى رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، عم عاهل البحرين)". وقال الموظف حسين عطية (29 سنة): "نمت هنا، وسأنام الليلة المقبلة حتى تحقيق المطالب"، وخصوصاً "استقالة رئيس الوزراء".


وكان ملك البحرين قدم تعازيه لعائلتي القتيلين وأمر بتأليف لجنة تحقيق في ظروف مقتلهما. ووعدت وزارة الداخلية باتخاذ إجراءات قانونية إذا تبين أن الشرطة استخدمت القوة على نحو غير مبرر. وأعلن وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة اعتقال المشتبه في أنهم وراء مقتل المتظاهرين.
وفي بلدة ريفا ذات الغالبية السنية التي يقيم فيها كثير من أفراد العائلة المالكة، لوح ما لا يقل عن ألف بصور الملك حمد في تظاهرة دعم.

"ملكية دستورية"
وأكد زعيم المعارضة الشيعية الشيخ علي سلمان عدم وجود مطالب باقامة حكم إسلامي، وقال: "لا نسعى إلى حكومة دينية مثلما هي الحال في إيران. نريد حكومة مدنية" تمثل الشيعة والسنة. ذلك ان البحرين "لا مكان فيها لولاية الفقيه"، والشعب يطلب "دولة مدنية ديموقراطية على النمط المعروف في العالم... في ظل مملكة دستورية ينتخب فيها الشعب الحكومة".
وأشار إلى ان نواب جمعية "الوفاق الوطني" التي يتزعمها لن يعودوا عن مقاطعة جلسات البرلمان، قبل التحول الى "ملكية دستورية". وأوضح ان هذه "الملكية الدستورية يكون فيها الشعب مصدر السلطات، وتكون فيها الحكومة منتخبة من الشعب، ويكون للشعب الحق في محاسبتها إذا فشلت في تحقيق اهدافها وانتخاب حكومة غيرها". وشدد على انه لا يطلب "إسقاط النظام الملكي". أما "شعارات اسقاط النظام فقد انطلقت من الشباب في الدوار بعد سقوط ضحايا، وهذا أمر طبيعي".


ووصف سلمان مبادرة العاهل البحريني تأليف لجنة تحقيق، بأنها "ايجابية"، وإن تكن "خلت من الأفق السياسي الذي ينتظره الشعب عن الاصلاح السياسي والتداول السلمي للسلطة".
وسئل عن الوقت الذي يتطلبه تحقيق ذلك، فأجاب ان "في الإمكان الإعلان عن التزام هذا، وفي الإمكان تحديد فترة زمنية للتحول، وفي الإمكان تعيين حكومة انتقالية تأخذ على عاتقها إنجاز التغيير الدستوري والترتيب لانتخابات عامة حرة ونزيهة". وعن انعكاس ذلك على دول الخليج الأخرى، قال إن "الملكية الدستورية في البحرين ستبقى هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق الاستقرار في اطار المنظومة الخليجية واحترام جميع دول العالم".
وشدّد ان "سبع جمعيات سياسية تدعم مطالب المعتصمين في دوار اللؤلؤة"، وهي ستنظم مسيرة كبيرة السبت.


وطالب نواب "الوفاق" بدستور جديد. ورد وزير العدل البحريني الشيخ خالد بن علي آل خليفة بأن الحكومة مستعدة لمناقشة المسألة فقط في حال طرحها في البرلمان.
وصرح الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني: "ان الرئيس (الأميركي باراك اوباما) يعتقد ان البحرين، مثل كل دول المنطقة، يجب ان تحترم الحقوق العالمية لمواطنيها في التظاهر وإسماع معاناتهم. على الطرفين ان يمتنعا عن اللجوء الى العنف. ونحن بالتأكيد نتابع عن كثب الوضع في البحرين وفي كل المنطقة".
وندد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط وافريقيا اليستير بيرت بـ"الاستخدام المفرط للقوة من الشرطة خلال تظاهرات ادت الى مقتل اثنين من المتظاهرين".
و ص ف، رويترز، أ ب