|
|
التاريخ: تشرين الثاني ٨, ٢٠١٨ |
المصدر: جريدة النهار اللبنانية |
|
تأمين السكان ضد الإسكان - حمدي هاشم |
يأتي الأمان العمراني من التخطيط البيئي المواكب لاحتياجات المستقبل، مع دوام عملية التنظيم المكاني للعمران القائم، بأسس ومعايير بيئية تؤكد صحة وسلامة الإنسان والبيئة، وتحض على تفادي الكوارث البشرية في المباني بالصيانة الدورية الإلزامية، علاوة على الرقابة التشريعية والتنفيذية في سبيل الحفاظ على الثروة العقارية وتأمين السكان ضد مخاطر الإسكان.
ويرتبط تحقيق الأمان العمراني بنوعية السياسات الحكومية في إدارة الموارد الاقتصادية والبيئية، لإحداث التنمية الشاملة في البلاد على أساس العدالة المكانية في العمران والعدالة الاجتماعية بين السكان، أي عدالة توزيع الثروة بين كافة المناطق الجغرافية في البلاد.
وهناك من الأسباب والقضايا الهامة المسؤولة عن تشكيل صورة العمران، والمتصلة بمكافحة الفقر وإعادة توزيع الثروة، علاوة على أعباء الاتفاقيات الدولية لإبطاء معدلات تدهور وتلوث البيئة، ومنها ما يحتاج إلى التوافق مع البيئة المصرية كالتالي:
- التزايد السكاني وانتشار ظاهرة التحضر وارتفاع نسبة الحضرية في مقابل انحسار وتقلص دور الريف مع الاستخدام الجائر لعناصر البيئة الطبيعية (ماء، هواء، تربة، ثروات معدنية، مراعى.. الخ) وأثر ذلك على جودة البيئة والحياة.
- ظهور المجتمع المنقسم على نفسه بعيداً عن التكافل الاجتماعي، في ظل تكتلات اقتصادية عالمية منفتحة على نفسها داخلياً ومتعاونة بعضها مع بعض خارجياً، وليس من بين أهدافها مراعاة الاختلاف والخلل الاقتصادي بين الدول ولا سيما بين التي تعاني من الفقر.
- تعارض المصالح بين دول الشمال والجنوب، وتحكم جماعات الخضر بالضغط السياسي لإعادة توطين ما يعرف بالصناعات القذرة (شديدة الضرر بالبيئة) داخل حزام الدول الفقيرة، وحصول الدول الغنية على المنتج النهائي بدون دفع فاتورة أمراض التلوث الصناعي وتدهور صحة السكان والبيئة.
- تعثر التخطيط القومي أمام ظاهرة العشوائيات المفرطة وفوضى العمران، لعدم تحقيق تبادل المنفعة بين المدينة والقرية، وغياب الاقتصاد الذي يحترم العلاقة العضوية التبادلية بينهما، حيث تنمو معظم المدن في مصر على حساب ندرة الأرض المنزرعة، وزيادة الفجوة الغذائية.
- كهربة الريف وتغير المركب السكاني، وانتشار تبوير الأرض الزراعية وتحويلها لبناء المساكن، وخاصة في مناطق الأطراف بالظهير الزراعي حول المدن.
- تعثر قانون البيئة المصري بين التشريع والتطبيق، وعدم إدراكه استكمال المعنى وتقدير العقاب والثواب، وخروجه عن دائرة تفعيل النسق القيمي للأخلاقيات العامة باتجاه المحافظة على البيئة من التلوث وصيانتها من أجل الأجيال القادمة.
- تفشي الأمية البيئية وغياب السياسة الحكومية وتزايد الضغط السكاني على البيئة، وتعثر التنمية البشرية أمام متطلبات التغلب على مشكلات التعليم والفقر والتفاوت الاجتماعي، والدعوة لإصلاح التعليم وربطه بالهوية الثقافية والتنوع، في ظل تبني منظومة التعليم للتنمية المستديمة.
- أهم القضايا في إطار تقهقر دور الدولة هو أن التغيير والإصلاح المنشود في التعليم والبيئة والمجتمع لن يثمر عن نتائج ايجابية إلا في وجود إرادة سياسية واعية، ومشاركة فعلية من كافة فئات المجتمع المسؤولة جنباً إلى جنب مع الدستور في تقرير حق السكان في بيئة سليمة.
لذلك يجب تفعيل منظومة عمرانية متجانسة ترتكز على: (1) التخطيط الإقليمي في دراسة الموارد الطبيعية والبشرية لتحديد الإمكانيات المتاحة والكامنة لكل إقليم تنموي. (2) معالجة التشريعات والقوانين لتنظم حركة النمو العمراني البيئي. (3) إيجاد معايير وأسس فنية موحدة للتخطيط والتصميم البيئي في مصر. (4) خلق محفزات للعمران الأخضر من أجل تحقق الأمان والراحة المعيشية للإنسان. (5) توافق أساليب البناء والتشييد مع نوعية البيئات الجغرافية بالمجتمعات العمرانية.
ويدعو المشهد العمراني لضرورة إنشاء جهاز قومي لصيانة المباني، ومحاكم خاصة بالمخالفات العقارية، وتفعيل دور المحليات في هذا المشروع القومي.
باحث مصري |
|