FRI 29 - 11 - 2024
Declarations
Date:
Sep 1, 2018
Source:
جريدة الحياة
بوتين الإدلبي - حازم صاغية
حين يُسمّى كبير اللصوص رئيس مخفر الشرطة فهذا يضعنا أمام خيار معروف: إسباغ الشرعيّة على السرقة، بعد إسباغها على السارق. لكنْ هناك احتمال آخر، هو أن يتظاهر رئيس المخفر الجديد بالتوبة ويفتعل التكفير عن ذنبه، فيبالغ في التبرّوء من ماضيه عبر المبالغة في الاقتصاص من رفاقه السارقين. الحفاظ على الأمن، في هذه الحال، قد يأخذ شكلاً قاسياً وعديم الرحمة يراه ضحاياه برهاناً على «قلّة الوفاء» عند زعيم العصابة السابق.
الخياران مطروحان اليوم على روسيا – فلاديمير بوتين، عشيّة الحدث الجلل المتوقّع: مذبحة في مدينة إدلب ومحيطها بما يعيدهما إلى بيت الطاعة الأسديّ. والخياران مطروحان معاً على طريقة «لكلّ مقام مقال».
فالسارق، الذي بات رئيس مخفر الشرطة، يُسبغ الشرعيّة على سرقاته من خلال بعض ما نراه ونسمعه حاليّاً: الأمّ تيريزا التي تفيض حماسة لإعادة تعمير سوريّة بعد المساهمة النشطة في تدميرها، ولإرجاع اللاجئين والنازحين السوريّين إلى بلادهم بعد المساهمة النشطة، بمعيّة الحلفاء، في دفعهم إلى النزوح. واللبنانيّون، في هذا السيناريو، هم الأشدّ تصديقاً وتهليلاً. إنّهم يرفضون أن يلاحظوا أنّ هذه التوقّعات، التي تنضح بالتفاؤل، يتخلّلها التوقّع الرهيب عن مذبحة في إدلب، وعن حشود عسكريّة غير مسبوقة في البحار والمحيطات، وعن احتمالات الاستخدام لأسلحة محرّمة دوليّاً (هذا ما يقال على الأقلّ).
لكنّ السارق، الذي يتظاهر بأنّه تاب وتغيّر، قد يُدفع إلى تأديب الحلفاء الأتراك والإيرانيّين، ممّن لا يملكون خيارات عدّة سوى الرضا بالتأديب. هكذا يؤدّب الأوّلين في الشمال الغربيّ، انطلاقاً من إدلب، ويؤدّب الآخرين في الجنوب، انطلاقاً من درعا.
في الحالات كافّة نحن مع فلاديمير بوتين وسلطته الشعبويّة وأعمالهما (احتلال، أرض محروقة، اغتيال، تسميم...) حيال تناقض تصعب معالجته: نظام لا يعيش تعريفاً إلاّ بافتعال المشكلات والأزمات وإدامة الاستثنائيّ والطارىء. مع هذا فإنّه يقدّم نفسه، بالاستفادة من وضع دوليّ رثّ، نظاماً لحلّ المشكلات وتطبيع حياة البلدان وسكّانها. هكذا تؤلّف موسكو لغة بائسة وهزيلة وجهنّميّة في آن معاً، كأنْ تنسب إلى المعارضة السوريّة القدرة على توجيه ضربات كيماويّة، لن يلبث أن يليها اتّهام النظام السوريّ بها، وبعد ذاك تعاقب واشنطن هذا النظام بضربات موجعة!.
وما يتيح لبوتين أن يمضي، متعايشاً مع تناقضه الكبير وناسجاً لغته الغثّة، أنّه لا يملك من الصدقيّة ما يخاف أن يخسره، و «طول ما أنت أقرع ما حدّش يقدر يمسّ شَعرا منّك»، كما يقول مثل شعبيّ مصريّ. لكنْ إذا أمكن للبوتينيّة، على رغم كلّ شيء، أن تمضي في إقلاعها ومراكمة انتصاراتها، قبل إدلب وبعدها، فإنّ سنوات من العتم سوف تجد طريقها إلى ربوعنا في المشرق العربيّ، وهي سنوات سوف تبزّ كلّ ما شهدناه من عتم حتّى اليوم.
The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
Readers Comments (0)
Add your comment
Enter the security code below
*
Can't read this?
Try Another.
Related News
Syrian army says Israel attacks areas around southern Damascus
Biden says US airstrikes in Syria told Iran: 'Be careful'
Israel and Syria swap prisoners in Russia-mediated deal
Israeli strikes in Syria kill 8 pro-Iran fighters
US to provide additional $720 million for Syria crisis response
Related Articles
Assad losing battle for food security
Seeking justice for Assad’s victims
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Trump on Syria: Knowledge-free foreign policy
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Copyright 2024 . All rights reserved