SUN 22 - 9 - 2024
 
Date: Aug 25, 2018
Source: جريدة الحياة
«حزب» روسيا اللبنانيّ - حازم صاغية
من موقع روسيّا الجديد في سوريّة يتمدّد الوعي الروسيّ إلى لبنان. إنّه وعي لا يملك أشكالاً تنظيميّة محدّدة لكنّه يخاطب أشكالاً كثيرة من الوعي ومن التنظيم. فسلحفاة موسكو الدؤوب والمواظبة تستفيد إلى أقصى الحدود من نوم أرنب واشنطن التافه. إنّها تملأ الفراغات بالعمل والجدّ تاركةً للمنافس السابق أوهامه وهذياناته. هي تلمّ الأجزاء الصغيرة من أملاكها القليلة لتخلق منها نفوذاً صاعداً، أمّا هو فيبدّد الأجزاء الكبيرة من أملاكه الكثيرة التي سبق أن شكّلت نفوذاً ضخماً.

والحال أنّ نقاط تماسٍّ عدّة ومتفاوتة تجمع موسكو بعديدين متفاوتين:

خرّيجو الاتّحاد السوفياتيّ السابق آلافٌ لا ينبغي التفريط بهم. إنّهم شركاء الماضي القريب وحَمَلة الدعوة «الحضاريّة». أعيان طائفة الروم الأرثوذكس أيضاً مهمّون. إنّهم شركاء الماضي الأبعد حين كان القيصر هو الحامي والراعي الصالح. رجال أعمال من الحقبتين الشيوعيّة، والتي تلتها تقودهم جيوبهم التي تضخّمت بسرعة نسبيّة إلى موسكو. مُعادون للولايات المتّحدة ومحبّون لبشّار الأسد يتباهون بشَعر روسيّ تشتهيه صلعتهم. شيوعيّون ما زالوا يعثرون على أطياف للينين وستالين وورثَتهما تتجوّل في أنحاء الكرملين. قوميّون سوريّون يستهويهم الزعيم، كلّ زعيم، خصوصاً متى كان أرثوذكسيّ المذهب. مسلمون سنّة يحبّون تركيّا ويظنّون أنّ بوتين استقرّت أموره على مصادقة أخيه أردوغان، وأرمن يكرهون تركيّا ويظنّون أنّ قوّة بوتين حدٌّ على قوّة أردوغان. راغبون في محاربة إسرائيل يتذكّرون صواريخ سام وينتظرون، للمرّة الألف، نجدة موسكو التي لا تصل. راغبون في الصلح مع إسرائيل متيقّنون من أنّ الروس مؤهّلون لنجاح لا يملك الأميركيّون شروطه. جنبلاطيّون يستعيدون، حسب الطلب، علاقات كمال جنبلاط بموسكو و «القارّات الثلاث» و «حركات التحرّر الوطنيّ». عونيّون يعوّلون على مسيحيّة روسيا التي تقيهم شيعيّة إيران من دون أن تخلّ بتحالفهم معها، فيما يراهنون على يد موسكو الطويلة في إعادة اللاجئين السوريّين، وربّما في فرض سلام مع إسرائيل لا يستطيع الحلفاء في طهران و «حزب الله» أن يرفضوه أو يخرّبوه. المولعون بالأقوياء، وفي عدادهم الجيوش والمخابرات، يخاطبهم بوتين بوصفه ذاك السوبرمان الناهد إلى المجد والعلى، وكذلك المولعون بالضعفاء ممّن يرون أنّ ما من قويّ أو إمبرياليّ سوى الولايات المتّحدة، وأن من حقّ الآخرين أن يقووا كي ينتزعوا منها حصريّة القوّة. «المشرقيّة» الأركيولوجيّة التي تكره اليهود، ومثلها الأقلّيّاتيّة التي تكره المسلمين السنّة، تنتهي بهما الدروب إلى موسكو... هذا جميعاً يحصل عند مفرق الزمن الموقّت أو المعلّق.

مع ذلك، يبقى الطيران الحربيّ والشرطة العسكريّة السلعتين الروسيّتين الوحيدتين القابلتين للتصدير. وهذا ما يقول عن تفاهة المستورد – حتّى لو كان في أهميّة السيّدين جبران باسيل وطلال أرسلان – بقدر ما يقول عن طبيعة المصدّر. فالمستورد، في آخر المطاف، قوى نافقة وأفكار نافقة يراد لها أن تفرش السجّادة الحمراء لبشّار الأسد ولانتصار الثورة المضادّة في سوريّة. بل هو مشاعر نافقة تعوّل على إمبراطوريّة لا بدّ أنّها، في وقت يطول أو يقصر، نافقة. والشيوعيّون والقوميّون السوريّون تحديداً ينبغي أن يكونوا أعرف العارفين بانهيار الأحزاب التي تستمدّ قوّتها من إمبراطوريّات نافقة، روسيّة كانت أم ألمانيّة.
 

The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Long-term recovery for Beirut hampered by lack of govt involvement
Lebanon to hold parliamentary by-elections by end of March
ISG urges Lebanese leaders to form govt, implement reforms
Lebanon: Sectarian tensions rise over forensic audit, election law proposals
Lebanon: Adib faces Christian representation problem in Cabinet bid
Related Articles
The smart mini-revolution to reopen Lebanon’s schools
Breaking the cycle: Proposing a new 'model'
The boat of death and the ‘Hunger Games’
Toward women-centered response to Beirut blast
Lebanon access to clean drinking water: A missing agenda
Copyright 2024 . All rights reserved