TUE 26 - 11 - 2024
 
Date: Jun 5, 2018
Source: جريدة الحياة
مآسي عفرين اليوم - شيرزاد اليزيدي
تتوإلى المشاهد المؤلمة من عفرين المحتلة. فالتعريب والتتريك المتداخلان على أشدهما، وعشرات بل مئات آلاف المستوطنين القادمين عبر الباصات الخضراء من الغوطة والقلمون وعموم ريف دمشق ومختلف المناطق السورية التي سيطر عليها النظام، يفدون إلى مناطق الشمال السوري، وخصوصاً عفرين التي تتعرض لعملية تغيير ديموغرافي وتطهير عرقي منظمة، عبر الاستيطان والسلب والاستيلاء على بيوت أهلها ومزارعهم وممتلكاتهم بعد قتل بعضهم وتشريدهم وتهجيرهم.

وفي سياق آلاف الصور والفيديوات المتداولة يوميا عن حجم الكارثة المحيقة بعفرين، تلك المدينة الجبلية الخضراء المزنرة بملايين أشجار الزيتون والفاكهة على اختلافها، نشرت صورة لأحد المحلات التجارية في المدينة التي استولى عليها مستوطن ليحولها إلى دكان لبيع اللحوم تحت مسمى ملحمة الغوطة لصاحبها أبو بلال الشامي، كما هو مدوّن في اليافطة المعلقة في واجهة المحل. ليس هذا وحسب، بل يظهر في الصورة عينها جمل حي مربوط أمام الملحمة ربما كان كناية عن أنها تبيع اللحم الطازج.

فالجمل معروف أنه حيوان صحراوي ولا يمكنه العيش في المناخات الباردة والمعتدلة كمناخ عفرين. وهكذا فمجرد وجوده وسط المدينة المدنسة بالاحتلال التركي- القاعدي مؤشر بسيط، لكنه بليغ، إلى أن ثمة خللاً فاضحاً يطال حتى قوانين البيئة وثوابتها وتلاعباً بطبيعة الأشياء، أضف إلى ذلك أن ربط حيوان ضخم الجثة كالجمل في وسط سوق المدينة، وبهذا الشكل، إنما ينم عن الإيغال في العبث بجماليات المدينة وقيمها. فالاستيطان يحاول، والحال هذه، نشر طرائق معاش وطقوس حياتية لا تمت للمدنية بصلة وتعبر عن عقلية قوامها الغزو والقتل والسلب تحت مسميات الجهاد والفتح والغنائم. أولم يطلق أردوغان حملة احتلال عفرين مع الإيعاز بتلاوة سورة «الفتح» في مختلف الجوامع التركية؟

والحال أن رمزية الجمل الحي وسط سوق عفرين تكثف طبيعة المشهد ككل. فنحن حيال احتلال واستيطان همجيين لا يردعهما رادع. فعفرين والعفرينيون وفق «المنطق» الاستيطاني مشاع وغنيمة فتح، وهي المكان الذي اصطفاه سلطانهم الجديد قائد الاحتلال رجب أردوغان كي يمارسوا فيه تقليدهم لجلادهم البعثي الأسدي في محاولة للتعويض الكاذب عن الهزيمة والاجتثاث من بيوتهم ومناطقهم، ليأتوا على بعد مئات الكيلومترات منها ويقتلوا أهل عفرين ويحتلوا بيوتهم ويستولوا على مصادر رزقهم ومعاشهم وتحت حراب المحتل التركي.

الضحية وهي تتمثل الجلاد وتتقمصه حتى النخاع... هذا ما تحكيه لنا وبلا لبس مشاهد استيطان القادمين من الغوطة وغير الغوطة إلى عفرين.

* كاتب كردي سوري

The views and opinions of authors expressed herein do not necessarily state or reflect those of the Arab Network for the Study of Democracy
 
Readers Comments (0)
Add your comment

Enter the security code below*

 Can't read this? Try Another.
 
Related News
Syrian army says Israel attacks areas around southern Damascus
Biden says US airstrikes in Syria told Iran: 'Be careful'
Israel and Syria swap prisoners in Russia-mediated deal
Israeli strikes in Syria kill 8 pro-Iran fighters
US to provide additional $720 million for Syria crisis response
Related Articles
Assad losing battle for food security
Seeking justice for Assad’s victims
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Trump on Syria: Knowledge-free foreign policy
Betrayal of Kurds sickens U.S. soldiers
Copyright 2024 . All rights reserved